المحرر موضوع: منطقة سهل نينوى - نقاش هاديء  (زيارة 1483 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
منطقة سهل نينوى - نقاش هاديء

قفزت اليوم هذه المنطقة إلى واجهة الأحداث لدى شريحة معينة من العراقيين، وفجأة للبعض وبتخطيط مسبق من آخرين لغايات معينة وأهداف محددة من قبلهم، وبدأت المواقع تكتب عنه ومنهم من يريده جزءا من كردستان ومنهم من يريد أن يكون منطقة آمنة لأهله والمسيحيين منهم خاصة ومنهم من يعمل ليبقى عربيا كما هو... أو إن أصبح تحت المظلة الكردية أن يكون بحكم ذاتي مسيحي... ولكل من هؤلاء أسبابه ومبرراته.

ومنطقة آمنة قد سيكون أسما جيدا يرتاح له من يسمعه لأنه يتحدث عن الأمن وعن المنطقة التي يسودها هذا الأمن، لكن السؤال من يحدد أو يحقق هذا الأمن في هذه المنطقة؟ خاصة في هذا الوضع المعقد الذي يعيشه بلدنا وفي ظل القهر وسلب الإرادة التي يعيشها شعبنا فيها وفي هذه المنطقة، فكيف لهذا الشعب أن يحقق الأمان في منطقته ويعيش آمنا دون تضحيات، أليس أولا عليه أن يكون مستعدا للتضحية في سبيل الحرية ليكون ذلك فاتحة للأمن المنشود وفي المنطقة المنشودة؟ وإن كان شعبنا يختار الهزيمة دائما أمام أي خطر يواجهه فذلك أمر لا يبشر بالخير مطلقا لأننا سنترك الأرض لمن يضطهدنا ونبحث عن ملاذ آمن يحققه لنا غيرنا، وهذا موضوع بحاجة كبيرة للدراسة والتمحيص قبل طرح الفكرة موضع التنفيذ. وفي حالة مطالبتنا بها هكذا علينا أن لا ننسى وجود جزء مهم وحيوي من أهلنا خارج هذه المنطقة؛ منهم في كردستان ومنهم في أرض العراق الأخرى وآخرون في أرض الله الواسعة!!! فهؤلاء ماذا سيكون مصيرهم وما هو محلهم عند تطبيق الفكرة؟

أما إن تكلمنا عن حكم ذاتي للمسيحيين في الأرض التي يشكلون فيها الأغلبية... فهذا يتطلب منا أمورا أخرى كثيرة أيضا، ومفهوم الحكم الذاتي وفهمه مطلوب أيضا ليكون الجميع على علم ودراية به ويساهمون في إنجاحه ويتفاعلون من خلاله مع الإنسانية والشعوب المحيطة لتحقيق الخير الأشمل ليس للمسيحيين فقط وإنما للذين يشاركونهم الأرض أولا والآخرين المحيطين بهم لكي لا يكون هذا الحكم سَلبا لحقوق الآخرين وغبنها. والحكم الذاتي يتطلب أدوات وإرادة وأحزاب متآخية تأخذ على عاتقها العمل السياسي لكي ينجح الحكم وينطلق إلى امام، وكيف لنا أن ننجح إذا لم تكن لدينا الإرادة الصلبة في مواجهة الأحداث بل تطويقها لصالح المنطقة والحكم وشعبنا نجده يسلك طرقات الهجرة ويطرق أبواب السفارات ويؤلف الكثير من القصص منها الواقعية ومنها الخيالية بغية الفوز بفرصة اللجوء لأول بلد يقتنع بقصته ويعيش آمنا حتى لو كان ذلك بعيدا عن أرض الآباء والأجداد. أما أحزابنا التي تقع عليها المسؤولية الكبرى في إدارة مثل هكذا حكم، فنجد فيها العجب العجاب، فغالبا ما نجد لديها القصور في النظرة؛ فنجد الآشوري أو الكلداني أو السرياني، هؤلاء الذين يتخذون هذه التسمية المحددة أي أنها حددت مسبقا ميدان عملها من خلال الاسم الذي اتخذته، فالحزب الكلداني مثلا اتخذ الساحة الكلدانية هدفا لتشاطه وهكذا الآشوري والسرياني اللذان حددا الآشورية والسريانية على التوالي منطقة لعملهم رغم ما ينضح من هذا وذاك أو من الجميع هدفهم الأسمى الذي هو العمل على الساحة القومية جمعاء أي تلك التي تضم (الكلدان ... السريان ... الآثوريون) وعندما يُذكر الأسم نجدهم يحاربون حرف (الواو) الذي يفصل هذه الأسماء، كونه يشير إليهم كشعوب متعددة وليس شعبا واحد!!! إنها حقا سخرية القدر أو سخرية التسميات، فإن كانت هذه الأحزاب تنشد الوحدة؟ فما بالها تتخذ أسما مفردا لجانب معين من الشعب لنفسها؟ وإن قلنا لنضع هذه الواو فيما بين الأسماء ونحل المشكلة ونجد الأرضية العملية للتسميات التي اتخذها أحزابنا، نجد من لا يرضى ويقبل لأن الواو تفرق!!! فيا أيها الأخوة الأحباء ألسنا حقا متفرقين؟  وهل هذه الواو هي التي ستفرقنا أو رفعها سيوحدنا؟ فإن توفرت النيات لدى أحزابنا ويكون لها هدفا نبيلا فحقا هذه (الواو) لا تقدم ولا تؤخر وإلا لماذا أتخذ البعض أسما آشوريا والآخر كلدانيا والثالث سريانيا؟!!! إن كانت النيات خالصة وتحب الاتحاد، وإن كنا هكذا فكيف سننجح ونُنجح الحكم الذاتي؟ ومن سيدير هذا الحكم؟ هل نضع في كل موقع ثلاث مسؤولين لكي نحقق الوحدة (الكلدانية .. الآثورية .. السريانية) أم نعمل استفتاء في كل قرية ومدينة لنرى من هم الأغلبية فيها ليتم انتخاب حاكم لها!!! فمشكلات الحكم الذاتي أيضا ليست بالسهلة وممكن تذليلها ببساطة.

وفي الجانب الآخر نجد من يفكر أن تصبح هذه المنطقة جزءا من كردستان بغية استثمار النجاح الذي تحقق في منطقة كردستان في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة وحجرها صحيا بعيدا عن أرض العراق الملتهبة بالعنف والقتل والدمار، وهذا الجانب أيضا فيه الكثير من المساويء ودائما نتكلم عن المساويء لأن المحاسن معروفة ولا تحتاج لكتابتها لأنها تحصيل حاصل، فهنا سيتركز المسيحيون وستزداد نسبتهم في الإقليم وسيحضون بحماية كردية بمقابل أن يكونوا سببا في اقتطاع جزء من أرض عراقية يعتبرها الأغلبية جزء من أرض العرب لألحاقها بأرض أقليم كردستان، فرغم أن أرض الأقليم أيضا هي عراقية لكن للخصوصيات العرقية أمور كثيرة علينا يتوجب تحديدها ودراستها حتى لا نصل يوما لنجد أنفسنا وقد خسرنا كل شيء وحتى سهل نينوى!!! لأننا في هذا الاحتمال سنكون قد سلّمنا أرضنا ومدننا وقرانا للأكراد ولم نحصل لأي مكسب مقابله، أي علينا أن نثبت كل الأمور في دستور الأقليم وبوضوح قبل أن نقدم على مثل هكذا خطوة، وأن تكون لنا ضمانات دولية كي لا يستفرد بنا هذا الطرف أو ذاك بجعلنا شعب موقعه الأرض الحرام ما بين الأكراد والعرب، وقضية كركوك شاخصة أمامنا جليا وتدعونا للاستفادة منها قبل حزم أمرنا واتخاذ قرارنا المناسب. وهذا القرار يجب أن لا يتخذه من يجلس في أمريكا أو أوربا أو أستراليا لأن جميع هؤلاء لو كانت الأرض عزيزة عليهم لما تركوها واستقروا بعيدا عنها آلاف الكيلومترات، ويقررون مصيرنا نحن الذين نعيش في أتون النار ونراقب الأحداث عن كثب، ويجب أن لا نقارن أنفسنا مع الشعب الكردي لأن هذا ضحى كثيرا وقاتل وقدم الآلاف من الضحايا في سبيل قضيته بينما نحن نركض سريعا لكي ننال ملاذ آمن في دولة لا نسمع فيها صوت النار والمشاكل.

ويبقى هنا أن نبحث عن الأسلوب الذي سنتخذ القرار فيه ويكون قرارا مناسبا، هل بالاستفتاء العام لأبناء شعبنا؟ أم بقرار من أحزابنا السياسية التي تضع قدما واحدة للأمام وتعود قدمين إلى الخلف!!! وموقفنا من صناديق الاقتراع واضح والتلاعب بها واضح وصريح أيضا حيث لا تبشر التجربة بخير ممكن أن نأمل حصوله، إنما تأتي النتائج حسبما يشتهي أولياء الأمور والطرف الأقوى سواء بالترغيب أم بالترهيب وستكون النتيجة واحدة.

فهل سيكون المسيحي مرحب به في كردستان إن جاء إليها من بغداد ؟ وهل ستفتح الأبواب له بحرية؟ الجواب على الأغلب ليس أيجابيا وهذا ما حصل فعلا معي وللكثيرين ويبقى مرهونا بمعرفة المسيحي باللغة الكردية وبالكيفية التي يقنع بها منافذ الدخول، وإلا سيكون مصيره العودة من حيث أتى خائبا حتى لو أقسم اليمين أنه أو أهله أو أصدقاءه هم في الأقليم!!!

كل ذلك يجعلني أن أوجه الدعوة لدراسة الموضوع جيدا ونضع اختلافاتنا جانبا ونصبح شعبا واحدا ولو فقط لحل هذه المسألة كونها مصيرية وتاريخية لأن الدعوات كثيرة وكلها بحاجة لمن يتحمل المسؤولية ويقود الشعب لشاطيء الأمان ولو لمرة واحدة!!! ولا أريد أن أقول أن الأيام كفيلة بأن ترينا ما سيحدث لأنني أرغب بأن يكون من يقرر نحن وليس غيرنا ونجني ثمن هذا القرار. [/b]