المحرر موضوع: مؤتمر قومي في القوش.. فخذوا العبرة منها  (زيارة 1594 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سيزار هوزايا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 358
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مؤتمر قومي في القوش.. فخذوا العبرة منها

بخجل.. وهمسٍ ضاع في فضاءات الاحداث المتسارعة، تناقل البعض من مسؤولي مؤسساتنا السياسية وكتاب مواقعنا الالكترونية افكارا عن مؤتمر قومي عام كان من المزمع عقده في نهاية العام المنصرم. لم تحدد ملامحه من زمان ومكان وعنوان.  ولم يعرف عنه من الداعين اليه، سوى طموحين، الاول هو التمويل (الذاتي)، والثاني ضرورة عقده..
 
وإيمانا منا بضرورة التوافق والعمل الجماعي المشترك (وضرورة تجسيد هذه المصطلحات على ارض الواقع كي لا تصبح كلمات عابرة ومستهلكة ينفر منها ابناء شعبنا)، فأننا مع عقد هذا المؤتمر ان كان سيخرج بصيغ فعالة، مواكبة للتحديات التي يواجهها شعبنا الكلداني الاشوري السرياني في الوطن. على ان لا يكون مؤتمرنا مشابها في حيثياته ونتائجه لمؤتمرات القمة العربية وذيولها من مؤتمرات لوزراء الخارحية العرب، والإعلام العرب، والتجارة العرب، والنفط العرب..والبيئة العرب. والخ..من مؤتمرات الوزراء العرب، والتي لا تتعدى كونها انفاقا لدولارات شعوب العرب، وإستهلاكا لكل تصريفات الفعل العربي من " اتفق، هدد، توعد، قاطع، استبسل، دافع" وكل ما يمت لـ"افعال" البطولة، والشهامة التي يتغنى بها العرب بعد ان "يتسلطنوا" على مواويلهم. و"يتسلطنوا" على "شعوبهم".


خذوا العبرة من القوش.

ان النسيج الذي تزينت به القوش عبر تاريخنا منذ بداياته في تلك البلدة وليومنا هذا هو بحق مدعاة فخر لابناءها، ولنا، نحن الذين سحرنا نسيجها الزاهي هذا.. وهو ما قد جعلنا نعتقد انها بما تجمعه في نسيجها وعبق تاريخها،  قد تكون ارضا دافئة لتحتضن ابناء شعبنا في مؤتمرهم المزمع عقده (يوما).

فألقوش هي البلدة الاشورية القديمة، المتألقة في اوج عصور الامبراطورية الاشورية، فهي تزهو بموقع "شيرو ملكثا" ومعبد الاله سين، وكل ما قد تكتشفه التنقيبات يوما عن تاريخٍ سحيق يؤكد على نقاء تربتها ، وعلى كونها مدينة استوطنها ابناءها ولا يزالون رغم مرور الاف السنين.
والقوش هي ذاتها، البلدة المسيحية العريقة، التي انتشر فيها ومن خلالها ومن خلال ابناءها ايمان كنيسة المشرق، فهي حاضنة الكرسي البطريركي للكنيسة النسطورية لثلاثة قرون (السادس عشر الى التاسع عشر)، وهي ايضا حاضنة دير الربان هرمزد، الذي منه تخرجت اعداد هائلة من الرهبان والكهنة، والاساقفة والبطاركة الذين قدموا عطاءا وفيرا لكنيسة المشرق بفرعيها الكلدانية والاثورية على حد سواء، قبل"الانفصال عن المذهب النسطوري" او بصيغة اخرى  "قبل الاتحاد مع كنيسة روما"، وبعده. فذاك هو بيت ابونا تحديدا قدم مفتخرا لكنيسة المشرق 12 بطريركا.

القوش ، او يمد مثوثا كما يحب ان يتغزل بها ابناءها،هي البلدة التي قدمت الكثير للغة السريانية والتراث القومي والايمان المسيحي وللخط السرياني وفنه من خلال مدرستها او مدارسها التي تعاقبت على مر العصور ، فهي تحديدا قد تميزت بكثرة الخطاطين البارعين فيها في رسم الخط السرياني وكتابته واشهرهم اسرائيل الالقوشي، حفيد القس اسرائيل هرمز شكوانا. واخرين من بيت شكوانا و هومو ممن برعوا في نسخ الخط السرياني وتطوير رسمه وكتابته.
 
هي ذاتها القوش ، ذاك القلب الدافئ الذي فتح ابوابه على مصراعيه ليحتضن ابناء الامة ممن استطاعوا الهرب من الموت في مذابح سميل التي استهدفت شعبنا.. وهي قلعة المناضل توما توماس، الذي خدم ودافع عن ابناء شعبه ببسالة، ودون تفرقة، ورفض المساومة مرارا في كل المحاولات التي قام بها معارضوه من اجل تغيير هوية شعبه.

وهي ايضا البوتقة التي انصهرت فيها العديد من العوائل التي انحدرت اليها من قرى وقصبات اخرى منذ مئات السنين،  من اعالي جيلو، واشيثا، وتخوما، واقرور، وشيوز، ومانكيش وباز،وتلكيف وتللسقف ومعلثايا.. وسكنوا فيها وتكاثروا فيها وتعلموا فيها ودافعوا عنها ..فهم كلهم اليوم القوشيون يتحدثون بلكنتهم الجميلة اللذيذة التي تعشقها الاذن.
 
القوش هي قلب الادارة الذاتية او الحكم الذاتي، او سهل نينوى، مهما تنوعت تسميات ذاك المشروع.
القوش هي افضل مثال على ان شعبنا واحد لا يقبل القسمة على مصالح البعض. فهي لاتزال واقفة شامخة، كلدانية سريانية اشورية..سمها ما شئت، تتحدث السريانية متلألأةً..  وهي تستحق لكل ما ذكرناه اعلاه ان تكون حاضنة المؤتمر القومي المزمع عقده، بل لمؤتمرات وسنهادوسات كنسية مستقبلية علها تخرج بمقررات ونتائج اصيلة، اصالة تربة القوش.


والمؤتمر؟

مع كل شهر يمر، تزداد التحديات التي يواجهها شعبنا في الوطن، والمهجر ايضا.. فالهجرة لاتزال متسارعة الخطى، لا تبطئ..ولا تتوقف.. ومحاولات التغيير الديموغرافي لاتزال مستمرة على قدم وساق مخفيين حينا، ومكشوفين احيانا اخرى كثيرة. فلما التخفي..وممن الخوف؟ ان كانت التحديات والقضايا المصيرية لشعب بلا رادع  قد اصبحت بالعشرات؟

فمؤسساتنا السياسية، لاتزال في مرحلة الرومانسية والمغازلة، التي تسبق الخطوبة والزواج..حيث التمعن في السماء "الصافية" رغم تلبدها بغيومها الماطرة هجرة وهجرانا.. وهي لم تتمكن من ان تضع لها موطئ قدم للتمثيل الصحيح لشعبنا من خلال ممارساتها- لحد الان على الاقل-. فهي لا تزال تجتمع ببعضها من اجل عقد الاجتماعات، ونشر الصور، واصدار البيانات  ليس الا..فنحن لم نلمس انجازا محسوبا لها منذ سنين ليست بالقصيرة، فالهم القومي والوطني اصبح مدرجا على الهامش، والصراعات الداخلية في كل مؤسسة، وهموم اعضاءها في التسلط على تلك المؤسسة، والانشقاق والتأييد والانضمام والطرد والابعاد والتزلف والتشبث وتجميد العضوية والصعود على اكتاف الغير هي شغلها الشاغل. وكل هذا بحد ذاته كفيل بان توضع المسالة القومية ومصير الشعب لدى الكثير منهم على الرف المغبر.

نحن لا نطالب مؤسساتنا بان تصنع العجائب في وطن المحسوبية والمنسوبية وحصة الاسد والكثافة العددية والطائفية المقيتة.. لا.. لكنا نطالبهم ان "يفعلوا" لا ان "يقرروا"  فقط. هم سياسيون ماهرون في الكلام، لكنهم عكس ذلك في الفعل، فلا موقف (تجاوز مرحلة الادلاء به الى مرحلة العمل عليه وتحقيقه) يحسب لهم -على الاقل في غضون السنوات الاخيرة التي تلت الانتخابات البرلمانية-!! ، لذا فمن حقنا نحن الذين ائتمناهم على وجودنا في الوطن، ان نطالبهم بتحسس واقع شعبهم ومتطلباته وهمومه، وان يعملوا على حل ما يمكن حله.. وتفعيل ما يمكن فعله (وهو الكثير لمن له اذان للسمع). لا العكس!!


نقطة تثير الاسغراب ..حقا..

حين كان الخلاف (او لنقل الاختلاف في وجهات النظر كي نكون اكثر ايجابيين مع الذين يحبون الايجابية ويفضلونها) بين الحركة والمجلس على اوجه، كانت شعارات الحكم الذاتي والادارة الذاتية وحقوقنا في سهل نينوى تملأ فضاءات المسؤولين وتصريحاتهم من كلا الجانبين فلا يفوتوا مناسبة  دون "المناداة" بضرورة دعم المشروع وتحقيقه بما يتلائم وسياستهم.  اما اليوم فسهل نينوى والحكم الذاتي والادارة الذاتية ليسوا سوى "نقاط"  في قصاصة المسؤول التي يضعها امامه حين يلتقينا نحن ابناء المهجر في "سفرته السياحية" والتي يقيمها (بحسب وسائل اعلامه)  للوقوف على احوال ابناء شعبنا في المهجر!!

حين كان الخلاف على اشده بين مؤسساتنا، كان نزيف الهجرة "يلطخ" بدلات المسؤولين واربطتهم، اما اليوم وبعد الوفاق والاتفاق وبعد الجلوس على "طاولة واحدة" "عالية"، ما عاد النزيف يتطاير ولا عاد يلطخ بدلات المسؤولين..كيف ذا و"نزيف" الهجرة يسيل على الارض فقط فلا يلطخ حتى الحذاء!!

حين كان الخلاف على اشده، كانت الاعمال الخيرية وانجازات الاعمار والاسكان، وبناء القرى ومحطات الكهرباء، ومشاريع تشييد الجامعات والمدارس تملأ وسائل الاعلام، اما اليوم وبعد الوئام والسلام، فقد اصبحت هذه المشاريع ديباجة في كتاب، ولا يستبعد ان اصبح ترتيبها في"ورقة العمل" الخاصة بإجتماعات مؤسسات شعبنا السياسية يأتي بعد

•   ذكر الانجازات منذ تاريخ تاسيس المؤسسة.
•   ذكر الفضائل التي يتميز بها مسؤول المؤسسة الاول.
•   ذكر الرذائل التي يتصف بها معارضوا مسؤول المؤسسة الاول.
•   تأييد المتزلفين.
•   معاقبة المعارضين.
•   تغيير المواقع والمناصب في المؤسسة ان دعت الحاجة اليها من اجل "الواجهة الحضارية" للمؤسسة وضرورة الحفاظ على صورة "الديمقراطية" فيها. مع اهمال تلك "الواجهة" وتلك "الضرورة" في حالات استثنائية غالبا ما تكون "طويلة الأمد".
•   وأخيرا.. التطرق الى المسائل القومية المكررة كالهجرة ونزيفها..الخ (مع ضرورة احترام وقت المجتمعين).


المؤتمر القادم..

في اثناء التحضيرلأحد احتفالات اكيتو في ملبورن وقبل سنون مضت، ابديت رايا لبعض العاملين في اللجنة التحضيرية للاحتفال حول رسائل الدعوة الموجهة لبقية المؤسسات الخاصة بشعبنا في ملبورن، واقترحت تغيير صيغة الدعوة من ندعوكم لحضور الاحتفال، الى ندعوكم للمشاركة في التحضير للاحتفال.

اذا ما شاءت (النوايا) عقد مؤتمر قومي في المستقبل القريب، نتمنى ان تكون اللجنة المنظمة اولا والتحضيرية ثانيا مستقلة استقلالا تاما عن المؤسسات السياسية. لنا من المؤمنين بقضيتنا القومية، الكثير ممن فضلوا الحياد والوقوف على مسافة واحدة من جميع التيارات. ممن يستطيعون العمل مع ممثلي القوى السياسية.  حينها فقط يمكننا التمني من تلك اللجنة ان تكون  فعالة في طرح القضايا الخاصة بشعبنا، ان تخاطب المؤتمرين بلغة جديدة، وصياغة جديدة، بعيدة كل البعد عن التشنج والتشفي والانتقام والتذليل وفتح ما عتق من الملفات.. ان تعي ان مسؤوليتها تكمن في وضع (خطة عمل) مع وضع خطين تحت كلمة عمل.. ان لا تيأس مما ستجابهه من مواقف وتخرصات البعض. ان تكون (مؤمنة) بهذه القضية وهذه المسؤولية، ان تضع كل العراقيل المحتملة وسبل تجاوزها قبل البدء بعملها بالاستفادة من المؤتمرات السابقة. على ان تدرك في ذات الوقت ان مؤتمرها ليس سوى محطة في مشوار الشعب، محطة قد تكون نقطة جديدة للانطلاق.

المؤتمر القادم بحاجة ماسة الى لجنة عمل تدرك انها ليست بحاجة لأن تصرف عشرات ان لم يكن مئات الالاف من الدولارات كي يلتقي ابناء الشعب الواحد في مكان، لسنا بحاجة الى صالات فخمة في فنادق محصنة لنجتمع فيها ونجمع فيها وسائل الاعلام كيما نبدي لهم (مستوى) مؤتمراتنا.  نتمنى ان لا تكون كل تلك المسائل سببا في عرقلة التنظيم لمؤتمر قادم، مؤتمر يكون فيه الانسان الكلداني السرياني الاشوري هو الدعامة، هو الاعلام الذي نبغى رضاه، هو الممول، وهو الحامي، وهو المقرر.


ما يحتاجه مسؤولي مؤسساتنا السياسية..

المسالة ليست انشائية أو مثالية أو رومانسية من رومانسيات مؤسساتنا السياسية التي ذكرناها، لكنها فقط تحتاج الى ايمان، ايمان بضرورة عقد مؤتمر (فعال)، بأن قضايانا لا تحتاج الى (خلاف) داخلي كي نتشبث بها ونثيرها ونعمل على تحقيقها (نكاية بالغير).. المسالة تحتاج الى ايمان بان هناك لغة اخرى وصيغة اخرى، قد تكون اكثر (فعالية) يمكن من خلالها التخاطب والتفاعل، لغة تحتاج الى ان يعطى من يتقنها فينا فرصة لنشرها،  ايمان بأن (التمويل الذاتي) (ومكان عقد المؤتمر) و(حماية المؤتمرين) كلها قضايا تتبخر على ارض كأرض ألقوش، فأنتم اعزائي المسؤولين بحاجة لأرض تعيدكم الى بساطتكم، الى حقيقة شعبكم وواقعه، الى جذوركم، الى مدرسة عوضا عن فندق راق، الى دير تتأملون فيه في مستقبل شعبكم عوضا عن منتجع، الى التواجد بين الاخوة عوضا عن رجال الحراسات والامن. انتم بحاجة الى ارض تنامون عليها وتأكلون منها، وتشربون من ماءها، لتتذكروا اعزائي (المسؤولين) انكم مسؤولين عن تلك الارض وذاك الشعب الذي رضي بأن تمثلوه.. انكم بحاجة الى ان تنتجوا جهدا اخويا تجاه شعبكم،  بدلا عن صور تذكارية ولقطات تلفزيونية،  انتم بحاجة عوضا عن بوفيه مفتوح وجلسة عشاء ومأدبة غداء في باحة الفندق، الى ضيافة اناس القوش، فهم بالأمس في وقت الضيق وتحديدا قبل 79 عاما استقبلوا بتلك الضيافة وذاك الحب الاخوي من نجا من مذبحة سميل..

أ ولن يستقبلوكم اليوم ان (عزمتم) على انقاذ ما يمكن انقاذه، حفاظا على الوجود اولا، وماء الوجه ثانيا؟؟


سيزار هوزايا
تشرين تريانا 2012
ملبورن - استراليا
sizarhozaya@hotmail.com