المحرر موضوع: (إلى روح المطران ميخائيل الجميل)  (زيارة 1030 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل bassamsharm

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 102
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سيّدي.. ميخائيل الجميل   
             
وعدالله ايليا
(إلى روح المطران ميخائيل الجميل)

مُذْ عرفْتُكَ.. قرأتُكَ هكذا
عزيز النفس وشامخ الجبين
تُحبُّ الكبير والصغير
كُلُّ شيٍ فيكَ رائعٌ وجميل
يا ابن بغديدا البار
أيُّها الخديدي الأصيل
لن أقول لك وداعاً
لأنني لن أُفارقكَ أبداً
علّمتني كيف أوقظُ غيوم روحي
علّمتني كيف شعاع الموت يستحيل
كيف أغلب الصعاب والضباب
مثل أجدادي الخديديين
الذين قهروا الظلم والظلام
ووصلوا (استانة واسطنبول)
علّمتني بأن أجدادي هؤلاء
برموزهم وأعلامهم وأبطالهم
سريانيون حدَّ النخاع
حملوا نبراس العراق
أنشدوا للسهل والجبل والنخيل
سيّدي.. ميخائيل الجميل
علّمتني كيف أقتحم أسوار الوَجَلْ
وأتجذّر بالأرض وأبقى فوق هذا التراب
علّمتني كيف أقطف ثمار الحُبِّ
من فراديس الجليل
سيدي.. ميخائيل الجميل
كيف أصبر على فراقكَ
ودموع الصبرِ  نشفت في أحداقي؟
لقد علّمتني أسرار القداسة والتبجيل
ونشيد الوفاء لبلدتي (اثروديل.. اثروديل)
كُنْتَ تسافر من الشرق إلى الغربِ
تتسامى في الغيوم وفي روحك نور الإنجيل
لا تهاب الريح.. لا تعرف المستحيل
تدعو ربك بتواضعٍ وخشوع
تؤثث تراتيل المحبة بين شقوق الحجارة
تطوف أرجاء المعمورةِ.. تضيء الدرب الطويل
سيدي.. ميخائيل الجميل
ماذا أكتبُ اليوم عنكَ؟
فراقك أشعل الحرائق بدمي
لقد رحلتَ قبل الموعدِ
فمَنْ يا تُرى بعدك يرتقي القِمَمْ
ويرفع راية الأيمان
ويقرع أجراس الدنيا
إذا غابت الشمسُ
وأظلمت خدود البرتقال؟
يا وردةً خديديةً مخضّلةً
كل الميمات باسمكَ نطقت
وكُلُّ الورودِ بنعشكَ تعطّرت
أنت لم تشكُ يوماً إلى أحد
يا زهو بغديدى وسحرها الأول
يا ابن محلة (مرحانا)
رغم الفراقِ وزحام الزمان
سأزرعك بين ضلوعي
وأغرق في طوفانِ حبك الأبدي
أُعِدُّ الرغيف لحنطتهِ
أعشق وجه الشمس
أصون العهد والوفاء
سيّدي.. ميخائيل الجميل
مَنْ ذا الذي قال إنّكَ رحلت؟
لازلتَ نائماً تحلم من جديد
غارقاً في صمتك كي تُكمل النشيد
اليوم دقَّ باب السماء
النجوم شدّت رحالها
لم أعرف أنكَ أنتَ المسافر
لماذا قطعتَ تذكرة الرحيل
في هذا الوقت المشلول
واخترقتَ بهدوء نوافذ الأبدية
لتكمل وصاياك في مأدبة السماء
وتعانق جيد المجد السرمدي..؟!
سيدي.. ميخائيل الجميل
لازال الشاي فوق النار
والخبزُ في التنور..
كيف امتد الموتُ إليكَ
وأطفأ عينيكَ الجميلتين
أنتَ لم تحقق أحلامكَ
ولم تُكمِلْ أبجدية عشقِكَ؟!
تُرى.. مَنْ كسر الزجاج الأبيض
وخالف الموعِدَ والحساب والمقاييس؟
كيف تجرّأ الردى ومَنْ المسؤول
عن خطفِ أجمل ما فيكَ
يا صاحب النُبلِ والخُلق الرفيع؟
تُرى.. مِنْ بعد رحيلكَ
مَنْ يرسم ضوء البنفسج
حين يغرق السفرجل والياسمين
ومَنْ يختارُ لجنة القديسين
ويزرعُ الوردَ في مشاتل الفاتيكان؟!
اسمكَ باقٍ يا ابن بغديدا في الأعماق
سأحملهُ على جواد الأمل
أكتبهُ بماء الورد على الأوراق
مثلُ الكُحلِ على الأحداق
كُلَّ عامٍ وأنت جميل
سيدي.. ميخائيل الجميل
أيُّ أُسْقُفٍ أنتَ.. وأيُّ وفاءٍ أنتَ؟!
الرهبان والفتيان على حُبّكَ ثابتين
الشباب والشيوخُ على عهدكَ باقين
هذه أرضُ بغديدا تُنادي
طالما تشرق الشمسُ
سنظل على فراقكَ صابرين
ما أجمل وأقدس زرعِكَ
سنقدم لكَ القرابين
نحن أبناؤكَ الذين طلعنا
من عظام الآراميين
براءتُنا من براءةِ زرقة السماء
وقداستُنا من قداسة الورد والياسمين
من قامةِ كلكامش وقامتُكَ الهيفاء
يغتسِلُ بماء النهرين كُلّ الطوباويين
من حكمتِكَ وطهارة ماءكَ المقدّس
يشرب الفقراء المنسيين
وكلُّ الأيتام والمشرّدين
من صلاتكَ وصومكَ وحُبّكَ
يخضرُّ الآسُ والسوسنُ والنسرين
يخضرُّ حتى الترابُ والطين..!!
 
[/size]