المحرر موضوع: ⚔ مسألة وضع الدّستور المصري .. تتأزّم !!! ⚔  (زيارة 498 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نادر البغـــدادي

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 12144
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني



  بقلم : صـلاح ســليمان :
 بشكل درامي راحت أزمة أختيار لجنة وضع الدستور المصري تتفاقم وتحتد
 يوماً بعد يوم ، تحديداً حول من من هم الأشخاص المعتبرين الذين يتوجب
 أختيارهم لهذا العمل السامي والمحترم ، حيث سيتم وضع معالم قانون
 الدولة التي عليه ستسير في حقبة الجمهورية الجديدة وسط آمال عريضة
 للمصريين في مستقبل ديمقراطي مشرق بعد أن أسقطت الثورة المصرية
 النظام الطاغي القديم . لكن قرار مجلس الشعب المصري الذي يفتقر الى
 العدالة الشعبية في إختيار لجنة وضع الدستور، أدى الي توتر الساحة       
 السياسية المصرية ، فقد إستأثر بنصف عدد أعضاء اللجنة ، مصوتاً بأغلبيته
 الإسلامية الساحقة علي أحقيته في الإستحواذ علي ذلك النصف الذي
 سيتشكل لهذا الغرض ، وهو الأمر الذي جعل النخبة في المجتمع المصري
 تغلي وتثور ، فقد أشعل ذلك فتيل أزمة جديدة ، جعلت الكثيرين يتشككون
 في مصداقية الإخوان التي طالما ( أكدوا ) فيها علي أنهم لا يسعون
 ولا يطمحون في السيطرة على كل المناصب القيادية في الدولة ، غير أن
 ماعزز أخيراً تلك الشكوك هو استعداد الجماعة لإعلان مرشحها للرئاسة
 القادمة ، وهو على الأغلب سيكون المهندس خيري الشاطر أحد قيادات
 الإخوان ، عندئذ سيكون ذلك تراجعاً كبيراً فيما اعلنته من قبل أمام الرأي
 العام المصري ، وهو بلا شك أمر جديد يؤكد التشكك في المصداقية
 ولا يدعو علي التفاؤل ، بل والأخطر من ذلك انه يعيدنا الى ديكتاتورية
 الحزب الوطني المنحل ، ويجعل المصريين لايشعرون بأن ثمة تغير ما
 قد حدث بعد الثورة ! لاشك ان هذا الوضع المتأزم في مصر يعكس
 الكثير من سلبيات الممارسة السياسية المصرية الخاطئة في الوقت
 الراهن والتي فاجأت الجميع بعد الثورة ،
 فأغلب من هم في صدارة المشهد الآن لايجيدون فنون السياسة العالية
 التي تبحث في مصالح الوطن ، لذلك تخرج القرارت ميته مفتقدة الى
 الخبرة والدراية وأصبحت في شكلها العام عقيمة تصيب الناس في كل
 مرة بالإحباط وخيبة الأمل ، ثم بعد ذلك تثبت الأيام فشلها وإفتقارها
 الكبير الي ذلك الطراز من السياسين القادرين علي اتخاذ قرارات مناسبة
 في أوقات مناسبة ، يستطيعون بها تطويق تلك الأزمات التي تتفاقم في
 ظل هذا التخبط السياسي العشوائي ، وفي ظل هذا العجز والشلل في
 اتخاذ قرارات ثورية تنقل مصر الي وضع أفضل يتناسب مع متطلبات الثورة .
 إن إصرار برلمان ما بعد الثورة في إسناد الأمر الي نفسه في وضعية
 الدستورالجديد ، بحجة الأغلبية البرلمانية ، فإن هذا تغييب للحقائق ،
 فدستور الدولة هو اسمي من كل الطوائف والجميع يجب أن يشتركوا
 في وضعه ، كل طوائف الشعب بلا تمييز .. لا ان تنفرد به أغلبية الإخوان
 والسلفيين حتي يأتي حاملاً ملامح توجهاتهم ، بل من المهم أختيار من
 هم الأفضل والأقدر بدلاً من تلك المناورات والنظرة الحزبية الضيقة التي
 تحسب عليهم وليس لهم . ليس ثمة وضع الدستور المصري هو ذلك
 الفشل الوحيد الذي تتخبط فيه الحكومة والمجلس العسكري ومجلس
 الشعب المصري مجتمعين ، إنما مسلسل الأزمات يتواصل ويحتد ويتعقد ،
 حتي يكاد أن يعصف بالوضع القائم في مصر
 منذراً بثورة ثانية لايعرف نتائجها احد .
 لم ينجح أي من هؤلاء الثلاثة في إخراج البلاد من المأزق الذي تعيش فيه
 فالأزمات تطال الأن أي شئ وكل شئ ، فمن أزمة الدستور الي أزمة الخبز
 مروراً بأزمة أنابيب البوتجاز، وأزمات الإعتصامات الفئوية والإضرابات
 المتواصلة ثم تأتي بعد ذلك الأزمة الأم في سلسلة هذه الأزمات
 وهي الأزمة الأمنية والتي بسببها أصبحت مصر الهادئة الوديعة تتحول
 تدريجيا الى بلد للعصابات المسلحة وأعمال البلطجة والسرقة بالإكراه .
 إن غياب الرؤية والحنكة السياسية واتخاذ القرارت الحاسمة للتخلص
 من فساد إرث مبارك ، هو أمر لم يكن أحد يتوقع حدوثه وهو الذي
 ساعد علي خنق مصر بالأزمات وساعد علي العودة التدريجية للفلول ،
 ويرجع البعض الأمر الي ان من بيدهم الأمور الأن لم يصنعوا الثورة ،
 ولم يشاركوا فيها ، بل فيهم من تآمـــرعلى احباطها مقابل الدخول
 في صفقات مع المجلس العسكري ، وفيها من سرقوا الثورة وقفزوا
 عليها ، وهذا هو الذي يجعل الأمور تسير بهذا الشكل المنحط سياسيا .
 بل أكثر من ذلك فإن المصريين يعرفون أن هناك تياراً قوياً موالي للنظام
 السابق يحاول قلب المائدة والعودة بالبلاد الي ماقبل الثورة ، وأن عدم
 التصدي له والتستر عليه يؤكد أن الثورة لم يتأتّـى أكلها بعد ، بل هي
 بالفعل قد تم خطفها وتقطيع اوصالها ،  ومن ثم عقدت الصفقات في
 الغرف المغلقة وتـمّ تحييد الثوار وتوزيع المغانم ، واليوم يتأكد المصريون
 يوماً بعد الآخر أن كل الوجوه الني آعتلت الساحة السياسية
 لاسيما الأخوان المسلمين لازال المنهج الديكتاتوري الإحتكاري
 يتملك رؤيتهم في مستقبل مصر وهي نظرة انانية تضع مصالح الوطن
 في المرتبة الثانية بعد مصالحهم الحزبية .