المحرر موضوع: لا يجوز أن يترك المحامين في محنتهم  (زيارة 1177 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. خالد عيسى

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 127
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لا يجوز أن يترك المحامين في محنتهم
[/color]
    خالد عيسى طه
    رئيس نقابة محامين بلا حدود
   ونائب رئيس جمعية المحامين العراقيين في بريطانيا



يجوز أن بعض المحامين البعثيين العراقيين قد استفادوا من النظام السابق لكن لم يكن هذا على حساب زملائهم الآخرين بالنسبة لما ينظمه قانون المحاماة العراقي في آخر تشريعاته الذي ليس فيه نص في امكانية تشكيل شركة محاماة مع آخرين من الزملاء وأن تكون هذه الشركة خاضعة للإشراف النقابي مع كفالة ضامنة لحسن أداء المحامي في مهنته كما هو الحال في بريطانيا، كما أن طريقة احتساب الأتعاب في العراق تختلف عنها في بريطانيا ، إذ أن في بريطانيا تحتسب على الساعات المصروفة على القضية مع الاتفاق على سعر الساعة في حين أن في العراق كما في امريكا يتفق على نسبة معقولة لا تقل عن 10% من المبلغ المدعى به ، أما في القضايا الجزائية فيصار اتفاق خاص عن كل دعوى حسب أهميتها وما يستوجب الصرف عليها من وقت واستماع واهتمام.
للأسف الشديد أن بعض الأنظمة لا تنظر الى المحامي نظرة احترام سيّما في الدول ذات الولاء الماركسي حيث ان الاتحاد السوفيتي ينظر الى المهنة باعتبارها مهنة انتهازية فرصوية يستفيد المحامي فيها من التناقض الاجتماعي والمصلحي وهو طفيلي (parasite).
إن الحديث كثير جداً عن هذه المهنة ولكنها برأيي في الواقع هي مهنة شريفة ومقدسة وأن المحامي هو القضاء الواقف في سوح المحاكم وقاعات العدالة. كنا في زمن الملكية لنا وزن كمحامين في مهنتنا وتأثيرنا على القضاء جنوحاً للعدالة ، ولنا وزن في السياسة والوزنين يجتمعان ليكون المحامي مرموقاً في مجتمعه وكم من محامين كثر تبوؤوا أهم المراكز القضائية والسياسية والبرلمانية وحتى الوزارات وكان يعلو طيف النقابة تيارٌ سياسي وطني ديمقراطي يعارض المدرسة السعيدية وكانت النقابة رأس حربة للطلائع الوطنية تشهد لها الساحات السياسية  بالمواقف المؤيدة للشعب والعدالة والوقوف ضد تجاوزات السلطة التنفيذية. كان المحامين في ذلك الوقت شاغلي الدنيا ومزعجي النظام الملكي رغم أن بعضهم كان من أتباع النظام الملكي ومؤيديه مثال ذلك نجيب الراوي وخليل الكنة وآخرون من زملائهم كانوا قوى معارضة شرسة مثال ذيبان الغبّان وعبد الرزاق الشيخلي وعبد الوهاب محمود وعزيز شريف وتوفيق منير سواء أكانوا قوميين أو شيوعيين. هذا التلاحم بين محامي المعارضة ومحامي التأييد للسلطة لم يمنع الطيفين من التودد والاحترام في أداء مهنتهم المقدسة كان الود كل الود يسود غرف المحاماة يجمع بين القومي والشيوعي والديمقراطي تحت ظل نقابة محامين أسست في الثلاثينيات وكان تأسيسها ينصب على أن كل شيء في الحياة فيه شيء من القانون ولولا سيادة القانون لحصلت الفوضى كما هي حاصلة الآن. وحرصت هذه النقابة على ضم المحامين الأساتذة الذين يفهمون واجباتهم ويتطلبون من القضاء مساعدتهم لإعطاء هذه المهنة هيبتها واحترامها في تناغم رائع كانت الأيام فيها تمر بسلاسة ترضي الجميع.
إن عقلي وفكري لا يقويان على تحمل رؤية مجرمين يغتالون محامياً سواء أكان هؤلاء المجرمين في ظل فئة سياسية أو من مجموعة تخريبية أو إرهابية أو حتى أفراد في دوائر مخابرات رسمية لا لسبب إلا لأنه محامي .. ولا لسبب إلا بسبب عمله كمحامي . أيسمح المجتمع العراقي أن يحاسب المحامي على جرائم موكله أيعقل أن يحاسب محامي صدام عن جرائم صدام حسين وكذا طارق عزيز وكذا غيره وأن يوضع هذا المحامي في قفص الاتهام مع موكله ليحاكما معاً أيعقل هذا في أي بلد في العالم ليتقبله العراق وشعب العراق هذا ليس إجراما فقط ولكن قمة التخلف والإجرام.
إن حادثة اغتيال محامين زملاء لي أحن عليهم رغم بعد المسافة ، شيء مؤلم والأكثر إيلاماً أنهم ذهبوا في وجود الاحتلال الذي جاء باسم الحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة فإذا كان المحامي لا يملك الحماية ترى من يستطيع أن ينعم بالحماية وإذا كان المحامي يقتل بجريمة موكله فهذا ما يجب علينا مع جميع المحامين ليس في العراق فقط وإنما في العالم أجمع أن يقفوا ويصرخوا "ماتت العدالة وذهب القضاء وسحقت الحرية وانتهت كل الأسس الحضارية: أين كنا من قناعتنا بأن عليه ويجب عليه أن يتوكل عن أي إنسان يطلب معونة القضاء القانونية ، عليه أن يتوكل حتى عن المومس وعلى القاتل المتلبس بالجريمة ، هذه المهنة تتطلب أن تكون بلا حدود في تقديم المساعدة لا يضبطها إلا ضوابط مهنية فقط تعود لصلاحيات النقابة فقط. إن القوانين التي توجب الحرص على شرف مهنة المحاماة .
أولا: قانون تشكيل المحكمة الخاصة. إذ أن للمحكمة الحق في أن تكلف أي محامٍ للدفاع عن أي متهمٍ يقف في قفص الاتهام أمامها وليس أدبياً أن يعتذر هذا المحامي إلا لسبب وجيه.
ثانياً: قانون المحاماة النافذ يحرص على تكليف المحامي في التوكل في أي قضية يعتقد أن حضوره فيها سيكون مفيداً وأن دوره في المرافعة سيكون مهماً وأنه سيكون مناراً للعدالة المفروضة وأهم من هذين الشرطين وهو أقواهم وهو ليس مكتوباً ، هو روح الشعب الشهامة العراقية التي تجنح دائماً لمساعدة الذين يحتاجون إليها حتى ولو كانوا من أعدائهم وبرأيي أن من الشجاعة كل الشجاعة أن ينبري للدفاع عن متهم مثل صدام حسين مهما كانت جرائمه ومهما طالبت أكثرية الشعب النيل والقصاص منه. هذا هو معنى نصرة العدالة ، أنا لا أريد أن أجرم أحدهم أو أبريء الآخر فإن أدلة الإثبات معروفة يزيد وزنها عن أربعة أطنان وأنا واثق أن بعضهم سوف لا ينكر التهم الموجهة إليه وخاصة صدام في مجزرة الدجيل..! ولكن العدالة تتطلب إعطاء المتهم فرصة للدفاع عن نفسه شخصياً أو بواسطة محامي ، هذه حضارة وخلق عراق الحضارة التصقت به ، لا تقترب منها ولا تستسلم للطائفية والعنصرية أو عوامل الإرهاب.
أيمر بالعراق جهاز إرهابي مثل المخابرات العراقية أيام صدام حسين ومع ذلك كانت هذه الدوائر إذا امتعضت من تصرف محامي لأنه توكل عن الغير المعادي لا تقوم بقتله وهي أكفأ في القتل والتصفيات الجسدية من الزمرة الحالية بل تودعه السجن كما حدث مع زمرة من بعض المحامين وهم بعثيين مثل فيصل حبيب الخيزران وآخرون يوم لم ترتاح أجهزة المخابرات من تصرفاتهم المهنية لم تقدم على قتلهم بل أودعتهم السجون وكانت "جرة إذن" هل العراق الآن وهو تحت شعارات الحرية عدالة القضاء يكون أسوأ من عهد صدام الإرهابي ..!!!! أترك الجواب للذين دبروا قتل المحاميين الزميلين العزيزين قرب دورهم في حي المحامين بالعامرية.
إني أتوجه إلى رئيس وزرائنا إبراهيم الجعفري واستميحه عذراً لأطلب منه بتواضع أن يخصص بعض من يقوم بحراسته وهو يسكن المنطقة الخضراء ليكونوا حماة للمحامين الجريئين الذين يؤدون واجباتهم ويثبتون شرف المهنة وعلوّها حضارياً وأن لا يسمح باغتيالهم بيد غادرة وعليه أن يوفر الحراسة لا للمحامين فقط وإن كانوا أكثر المحتاجين للحماية ولكن لكل العراقيين الذين هم تحت مسؤولية رئاسته للوزراء التي هي الأمن والأمان والاستقرار وألف ألف عذر إلى رئيس الجمهورية الزميل العزيز جلال الطالباني ونعاتبه كيف يسمح بأن يهدر دم زملائه وهو محامي قبل أن يكون رئيساً للجمهورية ، أنا لا أعتب على المحتل والاحتلال، مفهوم الاحتلال وسبب وجوده معروف وعلينا أن نتعامل معه بالطريق الممكنة ولكن العتب كل العتب على حكومة تقول أنها جاءت بإرادة 15 مليون عراقي عن طريق صناديق الانتخابات وهي لا تملك القدرة على حماية محاميين اثنين قد يكونا من المصوتين في الانتخابات لترفرف أعلام الديمقراطية على جثث شهدائنا ومنهم زميلي العزيزين وليبقى المحتل يتشدق بنغمة الحرية والعدالة ، والشعب ونحن مستمرون في الذهاب إلى المقابر يومياً لندفن موتانا أو ندفن نحن من الأحياء.
منهم من ذهب برصاص الارهاب..
ومنهم من ذهب بالحس الطائفي والتطرف الديني..
ومنهم من كان هدف المحتل من أجل فرض سيطرته ..
ومنهم من ينتظر ..
إن العدالة التي نحرص عليها جميعاً سوف لن تذهب ولن تموت وإن الشعب الذي يمهل هذه الحالة لا يهملها ، سيبقى هذا الشعب صامداً والروح النقابية متألقة ، وجلادة وشجاعة المحامين وخاصة الذين استشهدوا ستبقى نبراساً لكل مهنة حرة وأشرفها المحاماة وستبقى هذه المفاهيم يتداولها اخوتنا في المهنة جيلاً بعد جيل. هؤلاء هم الشعب ومثل هذا الشعب لا يموت.
                                                                                            أبو خلود
                                                                                  لندن 15/11/2005[/b]