المحرر موضوع: اشكالية النفط بين اقليم كردستان والحكومة المركزية  (زيارة 6974 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قدوري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 148
    • مشاهدة الملف الشخصي
اشكالية النفط بين اقليم كردستان والحكومة المركزية
[/color]

د.صباح قدوري

بعد سقوط النظام الديكتاتوري، بدأ الحفر في اول بئر اكتشافية في اقليم كردستان العراق. وان الشركة النرويجية(دي ان او) هي احدى ابرز شركات النفط الاجنبية في اقليم كردستان التي تقوم بهذا المشروع وتمكنت من تحقيق النجاحات والعثور على النفط في بئر زاخو ، وبذلك اصبح الأن بئرا انتاجيا
تشير التقديرات الأولية الى ان الطاقة الأنتاجية لهذا البئر قد تبلغ بحدود 5000 برميل نفط الخام يوميا. وعلى ضوء التطورات الجارية في الأكتشافات الناجحة للنفط في هذه المنطقة والمناطق الأخرى منها حقلي توكي وطق طق من الأقليم ، بادرت الأدارة الفيدرالية باعداد مسودة قانون النفط لأقليم كردستان، ولم تقدم رسمياً الى البرلمان الكردي بعد، والتي تاكد بان الكورد لا يرغبون أن يكون الإنتاج مركزيا في مناطق كوردستان كما كان سابقا ، ولا يرغبون أيضا أن تجري عمليات استكشاف في الأراضي الكوردية ، بل يقدمون سياسة أخرى في الاستكشاف والتطويرغير التي كانت متبعة سابقا. وهي وجوب التركيز في المرحلة القادمة على خلق حالة من التوازن في عمليات الاستكشاف والتطوير، والتي تنتهي بتطوير حقول في المناطق التي لم يتم التطوير فيها سابقا لأسباب السياسية والقومية ، ومن ثم يتم تفعيل سياسة الإنتاج بإدارة الأقاليم بالتعاون مع المركز، وهذا ما أكدت عليه المادة الدستورية109. بمعنى اخر ان الية ابرام عقود الأستكشاف والتطوير والأنتاج في مجال السياسة النفطية هي من حق واختصاصات الأدارة الفيدرالية، باعتبار النفط الموجود في المنطقة يعتبر ملكا للأقليم والتصرف به على اساس العمل والتنسيق المشترك مع المركز.أقر الدستور العراقي أن النفط أينما كان في العراق هو ملك للشعب العراقي عموما.ان النفط  المتدفق في بئر زاخو هو عراقي كما هو أيضا لكوردستان، فيجب معاملته على اساس صياغة قانون النفط العراقي الجديد، تكرس فيه فقرات دستورية، تؤكد ملكية النفط والغاز تحت الأرض للشعب العراقي إضافة إلى ملكية البنى التحتية للصناعة الاستخراجية ،إضافة على تشريع قوانين خاصة بحماية الثروة النفطية من الهدر وضمان حسن استثمارها للصالح العام . تنظيم الأشكاليات التي تحدث في هذا القطاع الأقتصادي الهام ، واخذ واقع الحالة الأدارية الموجودة في فيدرالية كردستان وافاق تطورها المستقبلي بنظر الأعتبار، وعدم تدويلها سياسيا اوقوميا ، واعتبارها كمقدمات لنزعات الأنفصالية من قبل الأكراد ، كما يبرر ذلك البعض في الحكومة والأواسط الحزبية. كما هو معروف ان العلأقة بين القيادة الكردية في ادارة الفيدرالية والمركز دخلت الأن في دورة السبات ، بالقياس الى تلك التي كانت  في السنوات الثلاث التي أعقبت زوال النظام العراقي السابق وتميزة بدأب وحماس في المسارالسياسي العراقي.
هناك عدة اسباب ادت الى هذه الحالة، والتي تتعلق بظاهرة المماطلة في تطبيق البنود الخاصة بالحقوق الكردية في الدستور(دون الدخول في التفاصيل) التأخير الحاصل في التنفيذ الحكومي لبرامج التطبيع الخاصة بمدينة كركوك النفطية المتنازع عليها ، التلاعب الحاصل في الميزانية المالية المخصصة للمنطقة الكردية من عائدات النفط العراقي وتقليص نسبتها المتفق عليها وهى 17 في المئة المخصصة للأقليم الحالى من عائدات النفط العراقي الى 8 في المائة ،التشكيك في فهم ممارسة الأكراد للفيدرالية واتهامهم بانهم يهدفون الى النزعة الأنفصلية التي تؤدي في نهاية المطاف الى تمزيق وحدة العراق شعبا ووطنا ، هذا بالأضافة الى النقاش الذي تثيره وزارة النفط العراقية، حول عدم شرعية العقود التي توقعها حكومة إقليم كردستان العراق مع شركات أجنبية لاستخراج النفط في مناطق غير مستثمرة في كردستان. في هذا الإطار، تؤكد السلطات الكردية أن وزارة النفط في بغداد تعرقل، من جهة، حق السلطات الكردية في التوقيع على عقود نفطية يجيزها الدستور. وفي هذا السياق، أقر نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح المكلف برئاسة لجنة صياغة قانون النفط العراقي الجديد، بوجود "مشاكل" فيما يتعلق بمسودة قانون النفط لاقليم كردستان. وقال في اتصال مع (الشرق الأوسط) انه «على الرغم من المشاكل الحالية، انني واثق بأن ارادة الخيرين ستتغلب على هذه المشاكل وسنأتي بقانون يضمن تطوير الثروة والاستفادة من الاستثمارات الخاصة بما يؤمن مصالح كل الاطراف».من جهته، أكد الناطق باسم حكومة اقليم كردستان خالد صالح ايضا لـ(الشرق الأوسط) عزم الحكومة الكردية على المضي قدماً بتطبيق قانونها، موضحاً: "القانون يتماشى مع الدستور العراقي الذي يقر بوضوح تفوق قانون الاقليم (على قانون الحكومة الفيدرالية) في هذه المسألة". ويذكر ان مسودة القانون تعتمد على المادة 115 من الدستور العراقي التي تنص على ان "كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما".
ان الخلأفات والمشاكل الموجودة في مسودة قانون النفط لأقليم كردستان مع المركز ، يمكن حصرها في النقاط التالية:-
1- مشكلة توزيع الثروة :بالرغم من ان مسودة سابقة لقانون النفط العراقي حدد 3 اشهر لحل الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة اربيل حول القانون الكردي منذ تاريخ اقراره، إلا ان المسودة الاخيرة لا تحدد فترة زمنية لذلك. ويوضح البند 24 من مسودة القانون انه في حال عدم التوصل الى اتفاق بين حكومة العراق وحكومة الاقليم لاتفاق حول تقاسم الثروات وإدارة النفط، فان حكومة الاقليم ستسير كلياً على العمليات النفطية، بما فيها السيطرة على الايرادات النفطية.لأ يوجد لحد الأن اي قانون في كيفية تنفيذ بنود الدستور بخصوص نسبة تقاسم الثروة بين الأقليم والمركز، إلا ان مسودة القانون حددت بأن 10 في المائة من جميع الايرادات ستوزع سنوياً على (كل مواطن في اقليم كردستان)، بالإضافة الى تخصيص 7 في المائة لـ(صندوق استثمارللاجيال القادمة من مواطني إقليم كردستان)، بالإضافة الى تخصيص ما لا يقل عن 1.5 في المائة من ايرادات النفط لـ(مواطني اقليم كردستان الذين عانوا أو ما زالوا يعانون من مصاعب بسبب سياسات النظام العراقي السابق). وبالنسبة الى الضرائب المستحقة للعمليات المتعلقة بالصناعة النفطية، ينص الجزء الخامس من البند 49 لمسودة القانون الكردي، على ان (ضرائب الحكومة الاقليمية ستكون الضرائب الوحيدة) المطبقة على العمليات النفطية.وفي هذا الأطار قال برهم صالح ل (البيان الأماراتية)
"ان عوائد النفط حيوية لاقتصاد العراق الذي يضم ثالث أكبر احتياطيات من النفط الخام في العالم وان  طريقة توزيع تلك العوائد في البلاد هي التي ستحدد هل ستبقى البلاد موحدة او تتفكك تحت وطأة العنف".
2- حق منح العقود للشركات: قال وكيل وزير المالية الاميركي روبرت كيميت لـ(الشرق الاوسط) في وقت سابق، "ان الجدل بين بغداد واربيل ليس حول توزيع الثروات، وانما على الحق في منح العقود للشركات الدولية للتنقيب واستخراج النفط في اقليم كردستان". وأضاف: "هناك اتفاق عام على توزيع الايرادات، ولكن ما زالت هناك بعض النقاشات على مسؤولية الحكومة والاقليم حول العقود واية شركات دولية تنقب وتستكشف آبار النفط". ورأى ان هذه المناقشات "تأتي في سياق المناقشات العامة حول الفيدرالية في العراق". ويؤكد الجزء الثاني من البند السابع لمسودة القانون الكردي، ان وزير اقليم كردستان هو المسؤول عن التفاوض والموافقة على اية اتفاقات نفطية، وتنفيذها. كما تنص المادة 80 من المسودة انه يجب مراجعة اية اتفاقات من قبل الحكومة العراقية تتعلق بالنفط في اقليم كردستان، وانه يجب (ادخال هذه الاتفاقات تحت سيطرة الحكومة الاقليمية).
3- نقل النفط وتصديره: بالنسبة الى تصدير النفط من اقليم كردستان، انه يجب نقل النفط عبر انابيب النفط العراقية، وحتى تصديره عبر الشاحنات بكميات قليلة يجب ان يكون بالتعاون مع دول الجوار. لفتت فالري مارسيل المختصة بشؤون النفط في (المعهد الملكي للشؤون الدولية) في بريطانيا لجريدة (الشرق الأوسط)، الى ان "نقطة القوة الاكبر للحكومة العراقية في مفاوضاتها مع حكومة اقليم كردستان هي سبل نقل النفط". وشرحت ان "نقل النفط لتصديره سيتم اما عبر الاراضي العراقية (خارج اقليم كردستان) أو عبر تركيا (الى ميناء جيهان)، وكلا الطرفين له مصلحة في تأخير استقلال الاقليم، ولذلك قد يعرقلان تصدير النفط اذا لم يتم بالاتفاق معهما". وقالت مارسيل ان هناك "عدة نقاط تثير الخلافات" حول النفط في العراق. وقالت ان أولى تلك النقاط هي "عن الحقول الحالية والحقول المستقبلية، فالتفسير الدستوري للحقول الحالية والمستقبلية غير واضح". وأضافت: "من الممكن حل مشكلة آلية تقاسم الايرادات، ولكن المشكلة هي اية ايرادات بالضبط ستعود الى أي طرف".
4- سعر النفط : من المعروف ان سعر برميل النفط يتحدد عالميا على ضوء عوامل كثيرة. ان منظمة الدول المصدرة للنفط"اوبك" تلعب دورا كبيرا في تحديد كمية الأنتاج والتسويق واسعار النفط . بما ان العراق عضوا في هذه المنظمة ، فعليه ان مسالة انتاج وتسويق واسعار النفط العراقي يتم مركزيا من قبل الحكومة العراقية التي تتعامل معها "اوبك". لذلك ستواجه الأدارة الفيدرالية في الأقليم مشاكل وصعوبات في السعر كالتي تواجهها في عملية تسويق وتصدير النفط،، ويجب ان يتم عبر الحكومة المركزية في بغداد.

في سياق هذه الأشكاليات بخصوص النفط ، اود ان ابين بان العقود المبرمة بين الأدارة الفيدرالية والشركة النرويجية المعنية تشكل اجحافا كبيرا بالجانب العراقي والكردي. وفق بعض البيانات الأولية، أن هذه العقود تمنح الشركة المذكورة حصة تبلغ أربعين بالمئة من النفط المستخرج بكلفة زهيدة لهذه الشركة مقابل تطوير الحقل المشاراليه في زاخو، فلو أرادت حكومة كوردستان تطوير حقول النفط  بإنتاج نصف مليون برميل يوميا المعلن عنه من قبل الشركة، وهذا ما ذكرته الكثير من المصادر، فإن هذه الشركات سوف تستثمر ما قيمته مليارين ونصف مليار دولار خلال ثلاث أو أربع سنوات، وذلك وفق أعلى التقديرات العالمية، لكن الشركات سوف تحصل على كميات نفط مقدارها مائتي ألف برميل يوميا، أي تجني من خلال هذا التوظيف بعد ثلاث سنوات من الآن ما مقداره خمسة مليارات ومئة مليون دولار سنويا، أي أنها سوف تسترجع في السنة الأولى ضعف ما أنفقته على عمليات التطوير، وسوف تبقى الشركات تجني ما مقدراه خمسة مليارات سنويا لمدة أربعين عاما متواصلة، أو ما مقداره مئتي مليار دولار فترة التعاقد التي رشحت عن هذه العقود المجحفة وذلك فيما لو بقيت أسعار النفط على ما هي عليه الآن، لذا أدعو حكومة كوردستان مراجعة هذه العقود والتوقف عن التعاقد بهذه الطريقة التي تعتبر بكل المقاييس نهبا غير مشروع لثروات الشعب.
عندما نتحدث عن النفط في اقليم كردستان العراق، لأبد ان نميز بين مرحلة اكتشاف وتنقيب واستخراج النفط وبين مرحلة صناعته بعد الأنتاج . ارتباطا بالوضع العراق الحالى وكذلك لخصوصية الوضع في كردستان ،ارى انه من الضروري بالنسبة لأدارة الأقليم التنسيق التام مع المركز في المرحلةالأولى بغية الوصول الى صياغة بقانون يضمن تطوير الثروة والاستفادة من الاستثمارات الخاصة بما يؤمن مصالح كل الاطراف. وعلى ان تنصرف في المرحلة الثانية لتشجيع توسيع الأستثمارات في مجال صناعة النفط وبناء المصافي  والمستودعات والتوزيع والتكرير وما الى ذلك من الأنشطة المتعلقة بالقطاع النفطي، ومن خلأل ادخال مساهمات الراسمال الوطني والأجنبي فيها، على ضوء قانون الأستثمارالجديد المقر من قبل البرلمان الكردستاني، توفيرالكوادر المحلية المختصة لهذه الصناعة ، والأستفادة من التكنلوجيا المتقدمة في هذا النشاط الأقتصادي.ان تطوير هذه الصناعة في الأقليم،بالتاكيد ستساهم في حل معضلة البطالة وتوفير فرص العمل للعاطلين، كما تساهم في عملية البناء التحتي التي بحاجة اليها الأقليم لتطوير وتيرة اقتصاده في الأمد المنظور[/b].