المحرر موضوع: مصر: الطريق الى الديمقراطية..!  (زيارة 860 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي

مصر: الطريق الى الديمقراطية..!

باقر الفضلي

لقد أثبتت مسارات العامين 2011 و2012 ، على صعيد الحراك اليومي بأن معركة الديمقراطية، هي من أصعب وأعقد المعارك التي تخوضها الشعوب في سبيل حريتها وخلاصها من نير الإستبداد، كما وأثبتت جميع الوقائع الميدانية، بأن معركة الديمقراطية، أو بمعنى آخر [الديمقراطية] نفسها، هي سلاح ذو حدين، فبقدر ما هي نتاج طبيعي للتطور الإقتصاإجتماعي لشعوب البلدان المختلفة، بقدر ما هي وسيلة وواسطة يمكن إستخدامها وركوبها للوصول الى الأهداف والغايات التي ينشدها كل من له مصالح تدفعه الى التحكم بشؤون ومصالح الآخرين، وتقنينها بالشكل الذي تصب فيه في النهاية، في مستودع مصالحه الخاصة، سواء برضى الآخرين جهلاً، أم بإذعانهم قسراً من خلال التشريع والقانون..!؟


فمصر الدولة العربية التي كانت وما تزال، تقف في مقدمة الدول العربية بكونها قد سبقت الجميع في المنطقة، في ترسيخها لأسس وقواعد الدولة المدنية الحديثة بمؤسساتها الرصينة وتقاليدها الثابته، وهي من تعتبر في طليعة دول المنطقة في تصدرها للتنوع الثقافي والعلمي، ناهيك عما تتمتع به من سمات حضارية عريقة، أوما تتميز به من موقع جغرافي ذي تأثير دولي، ومن قدرات وإمكانات بشرية كبيرة؛


إن دولة مصر، وبكل جبروتها وعظمتها التأريخية، تتعرض اليوم الى عاصفة " الربيع العربي" الخريفية، التي باتت أوراقها الصفراء تغطي وتنتشر فوق مساحات واسعة من السهب المصري الأخضر الفسيح؛  فعلى حين غرة، إنقلبت كل حسابات الملايين التي هزت كيان الهيكل الحكومي المصري القديم، وأنزلت رأس الهرم من عرشه، لتجد هذه الملايين من كادحي ومثقفي الشعب المصري ونخبه السياسية التي تطلعت وبكل شغف الى حصاد ربيعها الحقيقي في شباط 2011، أن هذا الحصاد قد إستأثرت به جماعة من هذا الشعب، هي أبعد ما تكون في تطلعاتها ومبادئها عن تطلعات ومباديء أغلبية الشعب الساحقة، ممن أرخصت دمائها في سبيل الخلاص من عنت وجبروت الإستبداد..!؟


لقد تمكنت تلك الجماعة السياسية، وعن طريق إستخدام سلاح "الديمقراطية"، لا بمفهومه كنتاجٍ وحصيلةٍ لجهد قرون من الكدح والمثابرة للشعب المصري ولتطوره الإقتصاإجتماعي، أو كونه وفي أقل الإحتمالات، نهجاً راسخاً في عقيدة ومباديء تلك الجماعة السياسية، بل وعلى العكس من ذلك، إنما جرى إستخدامه، ك "حصان طروادة" من أجل التسلل الى مراكز السلطة، ومن ثم الهيمنة على كافة مؤسسات الدولة القائمة، وتسخيرها لأهداف تلك الجماعة السياسية، بعد تفريغها من مضامينها الديمقراطية، في الإستقلال والحيادية، وإسباغ الصفة القانونية الشرعية عليها كأمر واقع..!؟


فلا وجه للغرابة أن تلجأ الجماعة الإسلامية المذكورة وحلفائها من الجماعات السلفية الأخرى، الى الدين والى الشعارات الإسلامية، بإعتبارها الوسيلة والطريق الأكثر تأثيراً على جموع المواطنين، من الكادحين ومن بسطاء الناس، لكونهم يمثلون الأغلبية الكاسحة من المجتمع المصري، والتي في العادة، يكون إيمانها أقرب للفطرة منه الى الإكتساب، ومحاولة التقرب اليها من خلال ما يشبع إحتياجات أبنائها اليومية من وسائل العيش والحياة، بهدف ضمان أصواتهم الإنتخابية في صناديق الإنتخابات، حتى لو شكل مثل ذلك السلوك جريمة سياسية بالمعنى القانوني للكلمة..!؟


فالإجراءات المتلاحقة التي أقدمت عليها السلطات الجديدة بعد إكتسابها للشرعية القانونية عن طريق الصناديق الإنتخابية، وبالوسائل والطرق التي أشرنا الى بعضها فيما تقدم، لا تخرج عن كونها في الحقيقة، إلا إنعكاساً لتطلعات تلك السلطات، في  الوصول الى السلطة وإحتكارها، وفرض أحكامها وشرائعها، التي لا تخدم في جوهرها مصالح ملايين الكادحين من عمال وفلاحي وعموم شغيلة مصر، بل وفيها الكثير مما يغلق كل آفاق النهج الديمقراطي في الحياة السياسية العامة، ويفرغ مؤسسات الدولة من مضامينها الديمقراطية وتحويلها الى توابع تأتمر بأمر الحاكم بأمره ، وتسدل ستاراً معتماً من الإنعزال والتقوقع على أية تطلعات نيرة وحضارية للمرأة المصرية، بل وتجعلها رهينة عادات وتقاليد قديمة قد تجاوزتها المرأة المصرية منذ عهد بعيد..!!؟


إن مشروع الدستور الجديد، التي أقرت السلطات الجديدة أن تجري الإستفتاء عليه السبت القادم، والذي قوبل بالرفض من قبل أغلب النخب والأحزاب السياسية المصرية المعارضة، لبطلان شرعيته والمقترنة ببطلان شرعية الجمعية التأسيسية التي كتبت نصوصه، وحده كاف لتأكيد ما أشرنا اليه فيما تقدم عن إستخدام سلاح "الديمقراطية" كإحدى الوسائل للإستئثار بالسلطة، وإفراغ مؤسسات الدولة، من كل ما له علاقة بمضامينها الديمقراطية الحقيقية، وهذا ما سبق وأن جرى تناوله في مقالة سابقة..!(*)
باقر الفضلي 13/12/2012
_________________________________________________     
(*)http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=333714