المحرر موضوع: مصر: من أجل الديمقراطية؛ حينما تعني اللاء (نعم)...!؟  (زيارة 1123 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي


مصر: من أجل الديمقراطية؛ حينما تعني اللاء (نعم)...!؟

باقر الفضلي

لأول مرة في تأريخ الحياة السياسية المصرية الحديثة،  يذهب الشعب المصري غداً ليختار بين [اللاء وبين النعم]، وهما مفردتان لهما في اللغة معنيان متعاكسان، وتفسيران متعارضان، فهما يتراوحان بين القبول والرفض، وفي السياسة يبنى عليهما في الحالين، تداعيات ونتائج، إن لم يستشعرها الأنسان اليوم، فالأجيال القادمة، هي وحدها من سيحصد تلك النتائج سلباً كانت أم إيجاباً في جميع الأحوال..! 


غداً سيذهب الشعب المصري ليقول كلمته الفاصلة حول مشروع الدستور، الذي طرحه الرئيس المصري السيد مرسي، وطلب الإستفتاء عليه على مرحلتين، ثانيتهما ستكون يوم غد السبت، رغم النتائج المتواضعة للإستفاء في مرحلته الأولى قبل إسبوع، ورغم كل ما قيل وما يقال بشأن صلاحية المشروع الدستورية وطبيعة التوافق الإجتماعي بشأنه من قبل رجال القانون والسياسة..!؟


فالإستقطاب السياسي الذي عكسته نتائج الدورة الأولى للإستفتاء، قد أظهر إنقساماً حاداً على المستوى الإجتماعي، وهذا وحده كاف لأن يبعث على الحذر والتحوط في القول، من إستباق النتائج النهائية للإستفتاء، بعد أن قرر الشعب المنقسم على نفسه، المضي في إستخدام آليات الديمقراطية وقول كلمته النهائية في رفض أو قبول مشروع الدستور، بالتصويت ب(لا) للمشروع، أو الجري وراء أصحاب المشروع وقول (نعم) للوصول به الى "الشرعية" التي يسعى لها أصحابه ..!؟


فالحكم بين (لا) وبين (نعم) وأيهما الأقرب لقول الحقيقة، أو أي من المفردتين سوف يمنح لمشروع الدستور المصري أهليته ليصبح ( دستوراً) توافقياً على صعيد المجتمع ، مؤهلاً بإغلبية شعبية تعكس حقيقة ذلك التوافق المنشود، وهو ما تمتاز به أغلب دساتير العالم، إنما يتحدد بمقدار ما يلبي أي مشروع دستور طموح وأماني أوسع فئات الشعب دون تمييز، ويرسخ أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية، بمقدار ما يثبته بين دفتيه، من أسس النهج الديمقراطي، ومن مباديء الحقوق السياسية والإجتماعية لمساواة المرأة بالرجل، وما يعزز ويصون الحريات الفردية، وإحترام حرية التعبير والإعلام، وكل ما يعكسه من توافق وإنسجام مع القوانين والشرائع الدولية، في مجال حقوق الإنسان، وأمام كل ذلك أن يكون مثل هذا الدستور قد أخذ بالإعتبار مصالح كافة طبقات وفئات المجتمع بدون تمييزفي العرق والجنس..الخ..!


إلا ان المهم في أمر مسألة الإستفتاء ليوم غد، هو أن المواطن المصري سوف لا يكون أمام خيار من خيارين وفق ما إعتاد عليه في إستفتاءات شبيهة، إنما الأمر ومن حيث الواقع، فإن الداعين الى التصويت ب (لا) على مشروع الدستور، سيكون دافعهم لذلك، إنما يتمحور حول لا شرعية الدستور نفسه لبطلانه من حيث الأساس ولعدم دستوريته لبطلان دستورية الهيئة التي كتبته شرعا، وبالتالي فإن التصويت ب (لا) على المشروع من حيث المبدأ، سوف يكون رداً شعبياً لمشروع الدستور نفسه، بغض النظر عن كل ما تضمنه من نصوص وأحكام، وذلك جرياً مع منطوق القاعدة الفقهية التي تقول؛ " كل ما بني عل باطل فهو باطل.." وهو ما أجمعت عليه تقريباً كل القوى السياسية الرافضة لمشروع الدستور،  والتي إهابت بالمواطنين الذهاب الى الصناديق والتصويت ب (لا) على مشروع الدستور جملة وتفصيلا، بسبب ما يرون فيه من بطلان المشروع نفسه، إرتباطاً ببطلان الإعلان الدستوري في 22/11/2012، ومن هنا فإن التصويت ب (لا) إنما يكرس ويعكس موقفاً إيجابياً من الديمقراطية كنهج ينبغي الإلتزام به لمصلحة المجتمع، أو بمعنى آخر وطبقاً لهذا المفهوم، فإن ما تعنيه (لا) الرفض في هذه الحالة، إنما يعبر عن (نعم) للديمقراطية..!؟


وبعكسه وتشبثاً بمشروع الدستور والإصرار على طرحه للإستفتاء رغم جميع الملاحظات التي وردت بشأنه وحول ظروف الإنفراد في كتابته،  وما آل اليه من إستقطاب سياسي وإنقسام إجتماعي، فإن (نعم) هنا وبكل ما لها من مدلولات سياسية إفتراضية بالنسبة للداعين اليها، إنما هي ومن حيث النتائج وما سوف يترتب عليها من تداعيات، فإنها من حيث الواقع وموضوعياً، إنما تعني(لا) للديمقراطية ، بكل ما للكلمة من معنى، وهي تفسر موقفاً معاكساً لدلالة ما عكسته (لا) للدستور بإعتبارها (نعم) للديمقراطية..!؟
باقر الفضلي/22/12/2012
___________________________________________