المحرر موضوع: ليلة الميلاد ...... ينبت الحب  (زيارة 775 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خالد شعيا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 95
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                  ليلة الميلاد ...... ينبت الحب
لست مستاءا من رسالة بعث بها احد اساقفتنا الاجلاء الى السيد المسيح يشكو قيها همه وهم شعبه في هذه الايام العصيبة التي يمر بها شعبه ويقول في رسالته , كيف له ولشعبه استقبال ميلاد ومجيء السيد المسيح والجثث متناثرة هنا وهناك ورائحة الموت واصوات الرصاص تكاد تسمع في كل مكان وغيرها من عبارات الحزن والالم, وقد وجدتها رسالة جميلة ومعبرة عن ايمان ورجاء في قلب كل فرد من افراد شعبه وفي نفس الوقت فقد وجدتها فرصة مناسبة للتنويه والتذكير فقط الى ما لحق بالشعب العراقي كل هذه السنين ومعاناته وتشريده في كل بقاع العالم واذا كان اسقفنا الجليل يرى في هذه الايام الالم والتشريد لشعبه فاننا نقول له بان شعبنا في العراق لم يرى طعم الامن والامان منذ ولادته فما كنا نسمعه من ابائنا واجدادنا من قتل وتدمير والاضطرار للانتقال من مكان الى اخر في الوطن الواحد الى ان عاصرنا حربا ضروسا في بداية سبعينات القرن الماضي وهي التي كانت تسمى بحرب الشمال راح فيها الالاف من ابناء شعبنا دون ان يكون لهم فيها اي دور سوى انهم يعيشون بين الطرفين المتحاربين وما ان وضعت تلك الحرب اوزارها حتى ابتداءت حربا اشد ضراوة وقتلا استمرت لفترة الثمانينات  والتي كانت تسمى بالحرب العراقية الايرانية ولا اعرف ان كنا نتذكرها ام نسيناها لان ما جاء بعدها كان اسوء بكثير وكان شعبنا في هذين الحربين رغم كل احزانها والامها يستقبل ميلاد المسيح بدموع مختلطة بين الفرح والحزن ولكنهم كانوا دائما يخفون حزنهم وراء دموع فرحهم بميلاد المسيح ولانهم تعودوا بان قدوم الميلاد هو قدوم للامل والرجاء بكل معانيه الروحية.
منذ بداية تسعينات القرن الماضي وبداية الالفية الثالثة والى الان والكل يعلم ما الذي جرى ويجري بحق شعبنا  وما زال من كل انواع القتل والتشريد والحصار لا اعتقد ان هناك اي شعب في العالم يستطيع تحمل ما تحمله شعبنا في العراق ولسنوات طويلة ولاجيال  متعاقبة نمت وترعرعت على رائحة الموت والرصاص والخوف وانقطاع الماء والكهرباء الضروريان للحياة  ولسنوات وسنوات كما قلنا , نمت وترعرعت على البؤس والحرمان والتهميش , نمت وترعرعت على القبول بالعقاب دون ما تتسبب بالخطاء, ولكنها ايضا  نمت وترعرعت بالحب والتفائل بميلاد المسيح وميلاد البشرى التي ستغير من واقعهم المريرالذي يعيشونه دون تذمر او شكوى بل عاى العكس من ذلك فقد كانوا فرحين ومسرورين والى الان من يعيش منهم في الوطن , فكل اطلالة لشهر كانون الاول تعم الفرحة والسرور قلوب الاطفال منهم والكبار متناسين كل الامهم ومأسيهم ومهيئين انفسهم لاستقبال طفل المغارة بفرح مفعم بايمان عميق بان كل الامهم وتضحياتهم انما هي اقل بكثير من الم المسيح وتضحياته من اجلنا والذي كان يساعدهم ويجسد هذه القيم والمفاهيم في عقولهم هم كهنتنا الافاضل واساقفتنا الاجلاء , فعلى مدى كل هذه السنين وكل هذه الويلات التي مرت ومازال الكثير منها باقيا الى اليوم لم نشاهد كاهن او اسقف قلل من عزيمتنا او عمق جراحاتنا بل العكس من ذلك فقد كانوا دائما يزرعون الامل والرجاء ويخفون قلقهم وهواجسهم وراء فرحهم ولم نسمع او نشاهد اي شكوى اوتذمر من هنا اوهناك بل كنا كشعب مؤمن بارادة الله ومشيئته نعكس قوة المسيح ومجيئه فينا وكانت كنائسنا وما زالت تلبس حللها الجميلة وتزين كل ركن من اركانها مع ترك مكان مميز وجميل للمغارة التي تعودوا عليها  وكانت ايضا وما زالت واحة خضراء ( رغم ما عانته هي وكهنتها من العدوان والتدمير كان بعضه اقسى بكثير من من معانات شعبها ) ومنبع ماء صافي يرتوي منها الضمأن وملجأ أمن روحيا لمن تزعزع روحيا وهكذا مضت السنين ومضت معها الامها واحزانها بقوة الميلاد وفرحته الذي كان يمنحنا جرعة  ايمانية منشطة لاستقبال عام جديد فان كان احسن من الذي مضى فهذا حسن وان لم يكن كذلك فكنا نرفع ايادينا الى الرب وطفل المغارة لنقول سوية ( لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض ) نعم ايها الرب اننا فرحين جدا بقدومك وميلادك متناسين ما هو على الارض الزائل بكل تفاصيله وتقلباته ومتذكرين دائما كلامك عندما قلت ( من لا ياخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني ..متى 38:10 ) وها ان شعبك  من ارض العراق قد حمله كل هذه السنين دون شكوى اوتذمر ليكون مثالا للشعوب التي تعاني حاليا والتي نتمنى من كل قلوبنا ونترجى ان لا تعاني وتتحمل وتمر عليها اياما مثل ايام العراق وان تكون ازماتها ومعاناتها قصيرة المدى ليعود الامن والامان اليها وعند ذاك ربما سنسمع رسائل من اساقفتنا الاجلاء اوكهنتنا هناك تحمل في طياتها رجاء وامل وتفائل اكثر واستعدادا للفرح والسرور بميلاد طفل المغارة, طفل الامل, طفل الرجاء, طفل الخلاص الذي به تتحقق السعادة التي نصبوا اليها وعند ذاك اذا ما سمعنا اصوات قنابل او غيرها من شواهد الخوف والقلق فالنرنم جميعا ( المجد لله في العلا وعلى الارض السلام ) نعم السلام الذي لا ياتي الا بالصوم والصلاة  لتنقية الروح والجسد وليس بغيرهما والاستعداد لميلاد جديد يجدد فينا معنى الخلاص والفرح.
فلنكن اذا مستعدين لاستقبال الفرح بالميلاد الجديد دون النظر الى الازمات والويلات التي تحدق بنا لاننا سبب مباشر لها ولانها من صنعة ايدينا ولان قلوبنا مقفولة بمفاتيح ضائعة, فلنبحث عن هذه المفاتيح ونحاول فتح قلوبنا وتنقيتها وتهيئتها لاستقبال طفل المغارة ومن كان منا غافلا فاجراس الكنائس التي تدق عاليا هذه الايام كفيلة بايقاضه واعادته الى حيث يجب ان يكون فرعا من فروع تلك الشجرة الصالحة المثمرة التي تليق بمجد الرب.
انه الميلاد فهل نحن مستعدين له؟
                                        عيد سعيد ............. وميلاد مجيد
                           كل عام وانتم بخير

                                                                                           خالد شعيا
                                                                                    ساسكاتون   -   كندا