المحرر موضوع: رئاسة إقليـم كوردستان ولغة التفاوض الدبلوماسي  (زيارة 570 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامان سوراني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 294
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رئاسة إقليـم كوردستان ولغة التفاوض الدبلوماسي

من المعلوم بأن التفاوض الدبلوماسي هو وسيلة من  وسائل تسوية النزاعات بهدف صياغة إتفاق مشترك بين أطراف النزاع في إطار رعاية المصالح المتبادلة سواء علی المستوی الداخلي، الإقليمي أو الدولي.
و هناك فرق بين الحوار و المفاوضة. فالحوار يسبق التفاوض و يمهد له الطريق و تلعب الثقة المتبادلة دور مهم في توفير فرص جيدة لحل الخلافات  بشكل جذري بعيداً عن حشد القوات العسكرية و ذلك من أجل تعزيز التوافق.
لقد آمن رئاسة إقليم كوردستان بنظام توزيع السلطات و مؤسسات دستورية تمارس الحكم الديمقراطي في العراق، لكي‌ تبتعد بغداد عن الشمولية في الحكم. وما الفدرالية، التي ينادي بها الإقليم إلا حق ثابت لشعب كوردستان. ذلك الشعب الذي عانی الكثير من الويلات بسبب الحكم المركزي، الفردي و حكم الحزب الواحد، بعد أن غاب الدستور والقانون و صارت حقوق الإنسان مفردة ممنوعة و بعد أن أصبحت لغة الحرب، اللغة الوحيدة والسائدة لعقود من الزمن في العراق. 
لقد مضی وقت طغت علی الخطاب السياسي في العراق مصطلحات عروبية كالوحدة والحرية والإشتراكية، لا من خلال تصور تعددي و إختلافي، بل في سبيل تهميش و إقصاء و لغو الآخر المختلف وتطبيق نظريات الإصطفاء العقائدي والفرز العنصري و التطهير العرقي.
فلكي لا تعني السياسة في العراق من اليوم فصاعداً السيطرة علی قول و أعمال الآخرين، بسبب تعارض الإتجاهات حول قضايا مهمة، و لكي لا تكثر التهديدات و تحشد و تجند و تنحصر إمكانات الدولة في سبيل الهجوم علی الآخر المختلف، علی الحکومة الإتحادية العمل في سبيل توظيف طاقات هذا البلد البشرية نحو البناء و التنمية الإقتصادية والإجتماعية المنتجة و القيام بنبذ فلسفة عسكرة المجتمع و الإسراع في إيقاف إستقدام ضباط الاركان والحركات في الجيش العراقي السابق، الذين يتمتعون بخبرات عسكرية نجومية في مجال حروب فاشلة مضت، لدفعهم في حروب مستقبلية فاشلة أيضاً، تخطط لها في السر و العلانية.
سياسة الإقليم تؤمن بأن المؤسسة العسكرية يجب أن تستخدم للأغراض الدفاعية فقط، لا الهجومية و تری بأن إنخراط العسكر في العمل السياسي والحزبي هو تهديد علی النظام الديمقراطي الفدرالي التعددي. وما الإقرار بحقوق الشعب الكوردستاني المشروعة في الاتحاد الفيدرالي إلا السعي لتلبية المطالب الدستورية لهذا الشعب والإلتزام بالمادة 140 من الدستور تطبيقاً لحقه في تقرير مصيره، بعد أن صار شعب كوردستان عامل الاستقرار في العراق و المنطقة.
علی الحكومة الإتحادية أن تعرف بأن التصورات والنماذج والخيارات و الرهانات تتعدد و لا وجود لحل واحد من قبل الجهة الإتحادية و إن الأفراد والجماعات مختلفون في أذواقهم و ميولهم و بيئاتهم و رغباتهم و مشاريعهم و إن زمن إستخدام آليات التمايز والتفاوت و إستراتيجيات التوسع والسيطرة أو ممارسات العنف والتوحش ووسائل الحجب والآليات التمويه أو التلاعب قد ولّی وإنّ الآمال والأحلام الجماعية لم تنتج سوی قطعان بشرية و أنتجت أنظمة تعمل علی قهر البشر و جعلهم رهينة المشاريع المستحيلة والأحلام المدمرة.
فالمفهوم الإختلافي يتيح قيام وحدة مركبة تجمع المفترق وتؤلف بين المختلف، أما المفهوم الأحادي فلا ينتج سوی الإختلاف والشرذمة، بل هو ينتج وحدة مجتمعية مفخخة تنتظر دوماً لحظة الإنفجار.  وعلی هذا الأساس قام وفد إقليم كوردستان بزيارة بغداد، حاملاً معه منهاج عمل تحريري حدد فيه خطط و أسس العمل المشترك مع وفد الحكومة الإتحادية و الذي أكد خلال لقاءه بالوفد الإتحادي بأنه من الضروري تنفيذ نقاط هذا المنهاج، للوصول الی  إنهاء السياسات الإستفزازية ضد إقليم كوردستان، التي مورست وللأسف من قبل السيد رئيس وزراء العراق الإتحادي، لکن كيف لنا أن نؤمن اليوم بأن الحكومة الإتحادية تعمل علی التعديل من سياستها التصعيدية، إذا لم تتسرع في سحب قوات دجلة اللادستورية من محافظة كركوك و مناطق كوردستانية أخری خارج الإقليم، لكي نطمئن و يطمئن معنا شعب كوردستان بأنها مع المبادرة السلمية.
الرهان أمام الحكومة الإتحادية هو الإنتقال من سياسة الإستثمار في التجهيزات و المعدات العسكرية و الحروب و سفك الدماء و تخريب العمران، للإستثمار في الموارد والطاقات، بخلق ما يحتاج اليه الإنماء والبناء والتقدم والإزدهار، من النماذج و الصيغ والوسائل والأدوات، بعد محاربة الفساد و لجم الأهواء والنزوات. فلا يمكن للحكومة الإتحادية أن تسحق أمال شعب كوردستان مهما طال أمدها أو تقف كحجر عثرة أمام قرار شعب كوردستان في المناطق الكوردستانية خارج الإقليم الی مالا نهاية. 
وختاماً: لا أحد يستطيع تحرير سواه. إذ الحرية هي أن يخلق كل فرد من أفراد المجتمع عالمه و مداه، لكي يظهر إبداعه و يمارس حضوره، أو لكي يلعب لعبته و يُشكّل سلطته."
الدكتور سامان سوراني