المحرر موضوع: فساد الاخلاق اشد فتكًا بالإنسان من اي مرض  (زيارة 1142 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جورج ايشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 421
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
فساد الاخلاق اشد فتكًا بالإنسان من اي مرض

 حينما يُحْدر الانسان بإرادته الحرة، بأخلاقهِ وقيمه الى قاع الظلمة، فانه حتمًا سوف يتحول اما الى انسان مجنون لا يستطيع التميز بين أفعال الخير والشر، او الى انسان اشبه بالحيوانات الشرسة، فاقدًا مميزات الطبيعة البشرية المثالية التي لطالما حضت على صراع السلوك السيء والذي يدفع بالأخلاق الى الانحطاط. وعندما يفقد الانسان اخلاقه، وبالأخص ذو الطبقة النبيلة، لا ينحرف عن مسار الصلاح بنفسه وحسب، بل يسعى جاهدًا لإيقاع بأنفس بائسة كي تكون بمثابة الوان مختلفة تبدد شواذ سواده في المجتمع، تحيطه كحاشية الملوك، تتملق له وقتما يشاء، تغطي افعاله التعيسة والشنيعة التي يقشعر بدن المرء منها ساعة ذكرها. وهذا الامر(فساد الاخلاق)  قد يكون غير مهم وغير مؤثر ان كان يخص اناس غير معروفين، لا يتبوؤون مكانة مرموقة في المجتمع سواء في الحياة العلمانية او الروحية، لكن بالحري الوضع سوف يكون مختلف ان كان يخص اناس معروفين، لهم مكانتهم في المجتمع، ويكون ذا تأثير كبير ان كان اولئك ذوي سلطة علمانية او دينية مؤثرة في المحيط الاجتماعي والسياسي معًا.

الافعال التي يقوم بها هؤلاء المساكين لن تحتسب لهم خيرا إلا إذا حققت لهم منافع شخصية لتشبع غرائز بواطنهم الشهوانية، اذ انهم دائما يطلبون ما تبتغيه انفسهم رغم معرفتهم ببشاعة تلك الامور التي  تدور في فكرهم المضطرب. والغريب في الامر انهم لا يتقون لعبة الاخفاء، فما يفعلونه في الليل ينادى به في النهار. ليظهر بذلك فحاشة الافكار العميقة التي يتحفظون بها في قعرهم، لتنكشف نواياهم الشنيعة امام الجميع. ليلجؤوا بعد ذلك الى لعبة تصنع العفة.  ففساد اخلاقهم المنكشف يحاولون بالجهد تغطيته بلباس العفة، ليوهموا اصحاب العقول البسيطة بل حتى النيرة انهم ابرياء من كل ما قيل وقال. ليزيدوا بذلك الطينة بلة، فبدل الاعتراف بالخطأ وطلب المسامحة، تجدهم يلبسون طبيعة الحيوانات الشرسة التي تدافع عن صيدها، هم ايضا يدافعون عن غرائزهم الشهوانية بطريقة استفزازية، لتتجلى صورتهم الوهمية كأناس صالحون لم يصنعوا شيءً طالحاً، رغم فواح رائحة افعالهم النتنة والتي اصبحت عسر على المرء تحملها.    

وهذا بعينه قمة الاستفزاز، تراهم امام عيونك يتظاهرون بالعفة غير ان اعمالهم المشمئزة كفيلة لإخراجهم الى الظلمة البرانية وانزال اشد العقاب بهم. لكن مع كل الاسف، عفتهم المزيفة تلك غسلت واخضعت ادمغةَ كثيرة، جعلتهم ينقادون الى اعمالهم الطالحة ليكون هم ايضا شركاء في الافعال وشهود زورًا في الاقوال. ولا اعلم أي عقلاً هذا يختارُ بمحض ارادته طريقً يؤدي الى الهلاك؟ واي عقلاً هذا يبني بجهد من اجل التدمير؟ و يا ليتهم يستريحون بما هم فاعلون، بل انا على يقين تام ان ضمائرهم دائمًا تؤنبهم حيال ما يقمون به تجاه اسيادهم. وهؤلاء الاسياد البؤساء الذين يصنعون مثل هكذا اناس، لا يهمهم في الامر شيء بل حتى لا يهمهم مصير اولئك الناس الذين اغُتسلتْ ادمغتهم واستـُبدوا، طالما انهم يلعبون دورهم بشكل جيد في تزيف الحقائق لخداع بعض الناس لبعض الوقت. متناسون ان خداعهم ذاك لن يطول على كل الناس في كل الوقت.

 اشخاصٌ كثر استطاعوا ان يغيروا اتجاهاتهم وان يتنازلوا عن ممتلكاتهم  وعن مكانتهم المرموقة حينما اقتضى الامر ذلك. وهذا ما طالعناه في بعض الكتب وما اختبرناه في حياتنا المعاصرة من بعض الابطال الذين غيروا اتجاهاتهم وتنازلوا عن كل شيء ثمين يخصهم من اجل تيسير امور الاخرين او من اجل المصلحة العامة. غير ان الذين فسدت اخلاقهم لا يفكرون الا بأنفسهم، كل همهم ينصب في كيفية خداع الناس بشخصيتهم النرجسية تلك، ليسوقوا اناس هذا عددهم كالعبيد باتجاه أهدافهم ومصالحهم ومبادئهم المريضة التي تضمن ديمومة بقائهم على ما هم عليه من هوان.

اذن، الم يحن الوقت لنقلْ لهؤلاء المساكين اننا ضقنا درعًا من افعالكم وافعال من يحيطونكم؟ الم يحن الوقت لنقلْ لهؤلاء الاشخاص ان فساد اخلاقكم هو اشد فتكًا من أي مرض قد يصيب جسدكم وانه يجب عليكم علاجه في اسرع وقت ممكن؟ لأنه لا يمكن لكم الاحتماء طويلاً تحت الحجاب او القيام بمهزلة تحت القناع، لان حبل الكذب دائما قصير، الامور المخفية لابد ان يأتي يوم وتتجلى امام الجميع، وفي ذلك الوقت، ساعة مثولكم امام القضاة، لن ينفعكم الكلام المدهن ولن يحرركم الندم، الا الاختفاء في عمق الارض سيكون حلكم الوحيد، وهذا بالحقيقة ما لا نرجوه لكم، بل ما نرجوه منكم هو التعقل والحياد عن الباطل والعودة الى جادة الصواب من اجل مصلحة الجميع.    

الشماس جورج ايشو