المحرر موضوع: المؤهل جامعية .. والمهنة راقصة شرقية  (زيارة 3098 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل samir latif kallow

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 50554
    • MSN مسنجر - samirlati8f@live.dk
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


المؤهل جامعية .. والمهنة راقصة شرقية



أحمد عبدالمنعم
 
 

--------------------------------------------------------------------------------
 


                           


أحمد عبد المنعم : قبل خمس سنوات تقدمت خمس فتيات للجهات الرقابية المسؤولة بغية الحصول على تصريح للعمل كراقصات في الملاهي الليلية . اندهش الموظف الموكل اليه انهاء مثل تلك الاجراءات لا لشيء الا أنه باطلاعه على الأوراق الخاصة بهن اذ اكتشف أن فتاتين منهن تحملن درجة البكالوريوس في الهندسة بينما تحمل الباقيات الدرجة العلمية نفسها ولكن فى تخصص الطب البشري .

ظن الموظف أن الفتيات يمزحن أو أنهن من هواة المغامرة واكتشاف المجهول فطلب منهن الانصراف رافضا منحهن التصريح اللازم .رفضن الانصراف ما جعل الموظف يصعد الأمر الى رئيسه المباشر الذي أبدى نفس القدر من الدهشة وفعل الشيء نفسه بتصعيد الطلب الى رئيسه المباشر وهكذا الى أن وصل الطلب الى رئيس الجهة .. ورغم ابداء الأخير امتعاضه من الطلب الا أنه لم يكن يملك سوى الموافقة خاصة وأن جميع الأوراق المطلوبة مستوفاة .

تلك الواقعة التى أثارت امتعاض بعض الموظفين تسربت بتفاصيلها الكاملة الى وسائل الاعلام المصرية التي وجدت فيها وجبة دسمة يمكن التهامها لحين تلقفها وجبة أخرى .. تعاطت وسائل الاعلام المصرية مع الواقعة باعتبارها كارثة قومية ومؤشر واضح على انهيار تعليمي وأخلاقي في المجتمع و أفردت الصحف والمجلات المصرية صفحات كاملة لمتابعة الحدث واجراء الحوارات مع هؤلاء الفتيات اللواتي  تعاملن مع الأمر باعتباره نوع من الدعاية المجانية حتى وان كانت الدعاية قائمة في الأساس على فكرة الهجوم الشرس عليهن وانتقاد ما أقدمن عليه من سلوك شاذ خارج عن الأعراف .

 بالفعل كن اكثر المستفيدات من تلك الحملة الشعواء على قرارهن وأثبتت الأيام أنهن كن ثاقبات الرؤية بعدم الامتعاض من هجوم الصحف المصرية عليهن،  فسرعان ما انتهى الهجوم والتفتت وسائل الاعلام الى وجبة أخرى وبدأت في التهامها لتنسى قضية الجامعيات اللواتي لجأن الى الرقص الشرقي .. هدأت العاصفة وبدأ الجميع يتعامل مع الخطوة باعتبارها أمرا واقعا ما شجع العديد من الجامعيات على السير فى الطريق نفسه . فماذا بعد أن فضلت الطبيبة والمهندسة الرقص الشرقي، فمن الأجدى أن تسرع في هذا الطريق خريجة الآداب والتجارة والحقوق .على الأقل خرجة الطب والهندسة يمكنها أن تحصل على عمل في مجال تخصصها خلافا لغيرها من خريجات الكليات الأخرى .

 تسابقت الجامعيات فى مصر على استخراج تراخيص للعمل بالرقص الشرقي وبات الموظف المختص يتعامل معهن بدرجة أقل من الامتعاض بعد أن غابت مشاعر الدهشة التي سيطرت عليه في المرة الأولى . الدهشة التي زالت عن الموظف المختص زالت تدريجيا عن نسبة ليست قليلة من المصريين الذين نظروا الى الأمر باعتباره  مجرد نقطة سوداء في بحر ميت . وان اختفت مشاعر الدهشة لدى بعضهم فمشاعر الامتعاض والغضب لم تعرف الزوال حيث ظلت تتأجج فى نفوسهم كلما تطرق أحدهم الى هذا الأمر وأخذ كل منهم يكيل الاتهامات لمن يراه السبب في الظاهرة ..

 بعضهم ألقى باللائمة على الحكومة باعتبارها المسؤولة عن تردي  الوضع الاقتصادي الذي دفع هؤلاء الفتيات الى العمل في مجال الرقص الشرقي بينما حمل آخرون النظام التعليمي الفاشل الذي يقذف بآلآف الخريجيين سنويا دون أن يمتلكوا الحد الأدنى من المهارة لاقتحام سوق العمل ما جعل البديل الوحيد أمامهم التنازل عن المؤهل الجامعي واختيار مهنة لا تحتاج سوى مؤهلات جسدية وموهبة فطرية تولد الفتاة المصرية وهي تتمتع بها وان بدرجات متفاوتة وعليها تنميتها وصولا الى درجة الاحتراف .

 البعض الآخر يكيل الاتهامات للفتاه نفسها وأسرتها بالطبع باعتبار أن الغاية لا تبرر الوسيلة وحاجة الأسرة الى المال لا يبرر السماح لابنتهم بالعمل في الملاهي الليلية . أخريات لم يملكن هذا القدر من الجرأة خوفا من نظرة المجتمع ففضلن العمل فى تلك المهنة سرا  وفى الملاهي  الليلية الأكثر رقيا لتضمن ألا يلتقيها أحد الجيران أو المعارف بالمصادفة ، بل وفى كثير من الأحيان تخفي الفتاة طبيعة عملها عن أسرتها مبررة خروجها في أوقات متأخرة من الليل بالعمل في مطعم أو فندق أو حتى مستشفى
ولا تعر السرة الأمر اهتماما طالما كانت الفتاة تعود آخر الليل حاملة ما يحتاجون اليه من مال !.

بعض الجامعيين ينظرون بنوع من الغبطة والحسد الى زميلاتهم الجامعيات على اعتبار أنهن أسعد حظا منهم وكان متاحا لهن الحصول على عمل آخر بعيدا عن المؤهل الجامعي بينما كان عليهم الجلوس فى البيت عاطلين عن العمل أو في أفضل الأحوال القبول بأعمال دونية لا يجنون منها سوى خروجهم من قائمة العاطلين .

حتى وقت قريب كانت الأسرة المصرية تنظر الى الأبناء باعتبارهم الاستثمار المضمون الذى ينفقون عليه دون بخل وصولا الى الشهادة الجامعية حتى وان أتت تلك الشهادة على حساب الادخار فى المأكل والمشرب ، فالمؤهل الجامعي هو السبيل الوحيد للرقي الطبقي وبطريقة مشروعة ومقبولة اجتماعيا .لكن  تحطم هذا الحلم على صخرة البطالة أحدث شرخا عميق فى نفوس المصريين الذين فقدوا الأمل الوحيد في التمتع بحياة كريمة ولم يعد أمامهم سوى البحث عن بدائل فكان اقبال بعض الجامعيات على امتهان الرقص الشرقي باعتباره أحد البدائل المتاحة بينما فضلت أخريات البقاء فى المنزل انتظارا للفرج الذي يتمثل فى عمل أو عريس وبالطبع الاحتمال الأخير يكون الأكبر .

واذا كانت الفتاة قد وجدت بديلا عن الرقص في البقاء فى المنزل فالشاب بالطبع لا يمكنه القيام بالامر نفسها لأنه رفاهية لا يملكها ذلك المسكين الذى ضحت أسرته بالغالي والرخيص  ليحمل المؤهل الجامعي وبالتالي ليس من المقبول بعد كل تلك التضحيات من أسرته أن يقبع في المنزل حتى وان كان ذلك أوفر ماديا من قبوله بعمل لا يدر عليه ما يكفي لتوفير مصروفاته اليومية . حتى قبوله بهذا الوضع لا يعني  استسلامه بشكل نهائي .. سيبقى حلم الهجرة يراوده باعتباره الأمل الوحيد بعد أن كان ذلك الأمل هو الشهادة الجامعية .

بعض الفتيات وجدن في مكسب الرقص الشرقي عوضا عن سنوات الدراسة والتعليم التي أرهقتهن حتى وان كان الثمن هو نظرة المجتمع القاسية بينما لم يجد الشباب ذلك العوض اللهم الا بالهروب من وطنهم الى بلاد النفط أو البحث عن وطن جديد حيث أرض بعيدة وأناس مختلفين !!





moneimjet@hotmail.com

http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphGuys/2006/11/189533.htm

 
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphGuys/2006/11/189533.htm
مرحبا بك في منتديات



www.ankawa.com