المحرر موضوع: سر نجاح اختيار البطريرك القادم \الاب سمير الخوري  (زيارة 1024 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لجنة محلية صبنا الكلدانية

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 106
    • مشاهدة الملف الشخصي
                                                   رسالة موجهة الى الأساقفة الأجلاء ،
                                        والشعب المؤمن في الكنيسة جمعاء، للتأمل بكلام الرب
                                    جواب الرب يسوع لبطرس هو سر نجاح اختيار البطريرك القادم

 إن مشهد الحوار الذي دار بين الرب يسوع والرسول بطرس، غني بالمعاني والإرشادات لكل مدعو وبالأخص السادة الأساقفة في هذه الأيام ليلهمهم ويساعدهم على الاختيار. إنه لسؤال أساسي الذي وجهه الرب لمن أراده أن يكون الراعي " يا بطرس أتحبني أكثر من هؤلاء؟ سؤال مرتكز على كلمة " أتحبني" ولكن أكثر من... ؟. لقد تبع بطرس الرب يسوع لأنه يحبهُ ، لذلك يجيب: " أنت تعلم يا رب أني أحبك كثيراً". ولكنه كان  مندفعاً ومتحمساً  وغيوراً، لأجل هذا أراد يسوع أن يعيده الى الواقع ، لكي يُنضج حبه له. أن سؤال الرب" أتحبني أكثر من هؤلاء " دعوة للنضوج  والخروج من نطاق الحب البشري إلى الإلهي، الذي يتجاوز أفكار البشر، ومحسوبيتهم . أي يا بطرس محبتك لي يجب أن تكون أكثر من محبتك لنفسك، ولكرامتك ، ولكبريائك، ولمن يُحابونك، ويتفقون معك، لأن من ستعاونني في رعياتهم هم خرافي، فمحبتك لي هي الأساس. إن عصا الرعايا يا بطرس تُعطى لمن يحبني أنا، وبذلك سيكون أهلاً وقادراً أن يحب شعبي وكنيستي. لا يكفي أن تُعلن لي بصيغة إيمان " أنت المسيح أبن الله الحي "كي تكون الصخرة القوية التي لا تقوى عليها قوى الشر،وتستطيع أن ترعى الجميع: الخراف والنعاج، القريبين والبعيدين، الموالين والمعارضين، المجاملين والمنتقدين ، الصالحين والطالحين"، بل يجب أن تُحبني فوق كل أعتبار، وتحب كلامي وتُصغي الى روحي لا الى روح العالم .
ومن هذه الأفكارأتوجه بالدعاء الى الأقتداء بالرب يسوع الذي هو من دعا التلاميذ الأولين، ومن ثم اعطاعم السلطة والحق بأن يختاروا من بعده رعاة وأساقفة. وهنا نفهم ما قصده الرب بكلامه " لستم أنتم الذين أخترتموني ، بل أنا أخترتكم" أي عندما نختار يجب أن نختار بحسب روحه وفكره. لقد أعطانا ربنا درساً بالأختيار ، فلم يختار التلميذ الذي كان يحبه " يوحنا " ، لكي يعلمنا أنه ليس من يُحبنا ونحبه فقط يصلح أن يكون راعياً، ولم يختار شخصاً متعلقا به لكي يكون رسولاً للأمم، بل أختاربولس الذي كان يضطهده، لكي يؤكد لنا أن الله يُظهر قدرته في ضعف الرسول. أنها لدعوة صادقة من قلب الرب أن يضعوا جميع الأساقفة محبتهم له نصب أعينهم وفوق كل أعتبار وأن يُحبوه فوق كل شيء، ولا يعطوا مجالا لفكر بشري، بل لتكن محبتهم للمسيح وكنيسته أساس أختيارهم.
 فيا أسقف الرب ، قد يكون شخصاً لا يُعجبك، وأعذرني بالقول: لا تُحبه أو لا تتفق معه أنسانياً، ولكن في قرارة نفسك وأذا طردت الأفكار التي تحملها مسبقاً وقبلت فكر الرب فستجده هو الشخص المناسب لرعاية الكنيسة في هذه الظروف الصعبة. فلا ننسى ما يقوله الرب:" اذا أحببت شخصاً يُحبك ، فأي فضلاً لك ، الأشرار أيضاً يفعلون ذلك". وعلى العكس قد يكون شخصاً تُحبه، يجاملك، وتقبله نفسياً وقريب منك ولكنه ليس الشخص المناسب لرعاية الكنيسة. لقد سأل يوما بطرس الرب حول الغفران: " كم مرة نغفر لمن أخطأ الينا؟أسبع مرات" أجابه الرب : " سبيعن مرة سبع مرات" ، أنا واثق أن بطرس حينها في قرارة نفسه لم يستوعب هذا الجواب، ولكن أنا مؤمن أنه فهم جيداً وأستوعب هذا الغفران والرحمة الألهية اللامحدودة عندما نكر الرب يسوع وبعد القيامة لم يريه الرب إلا عين الرحمة والغفران، ولم يحكم عليه على ما مضى ، ولم يركز على ضعفه ، بل على محبته له . لنركز هذه الأيام على محبتنا للمسيح، لا على ضعفنا، لكي نعرف أن نختار.
أحبتي وسادتي وآبائي الأساقفة أكتب إليكم ولا أخفي عنكم أني كنت مترددا في الكتابة خوفاً من أن أكون سبباً لانزعاجكم ولا سامح الله لحزنكم، وأن حدث هذا فأطلب مسامحتكم، ولكن ما دعاني للكتابة هو محبتي للمسيح وكنيسته فوق كل شيء. وكما يقول مار بولس " لقد كتبت إليكم وبي همٌ وضيق صدر ولا أريد بذلك أن أنزل بكم غماً، بل أريد أن تعلموا مدى محبتي لكم". وعبر الانترنيت لأني أعرف أنكم ستقرءونه، فغالباً ما تجد الرسائل المرسلة كتابة طريقها إلى سلة المهملات، لأنه لم يقرأها الناس. أحبتي أن هذا التأمل بكلام الرب لهو لسان حال كل مسيحي وفي وجدان كل مؤمن ، وكاهن وراهبة وحتى في قلبكم الكبير، الذي أختبر ويختبر يومياً محبة ورحمة الله اللامحدودة ، الذي أختاركم لسبب واحد أنه يُحبكم وأنتم تُحبونه. دُعائنا أن تختاروا شخصاً بحسب روح الرب،  يكون كالصخرة ويقود الكنيسة الكلدانية الى الحالة التي لن يقوى عليها الشر والأظطهادات، ويعرف أن يرعى شعبه ويجمع شمله ويضع حد لخروجه من حضرة القطيع وأرضه. أحبتي الأساقفة أذا ذهبتم الى السينودس " لكي تكونوا معاً"وتختاروا بطريركاً وروح العالم مسيطر عليكم وأنتم منقسمين، متعصبين،متحزبين، ومسيطرة عليكم رغبات بشرية ومصالح ضيقة ونفسيات وتصورات مسبقة، فستختارون شخصاً سيقود الكنيسة الى حيث لن تكون كالصخرة وستقوى عليها أبواب الجحيم.
لقد قضيتُ في حضن الكنيسة 25 سنة تقريبا سيمنيريا وكاهناً، وأنا واعي ككثيرين للحالة التي وصلت إليها مؤسستنا الكنسية الكلدانية، وفي أي منعطف خطر نحن, وانتم أكثر الكل واعين ومدركين لما أقول: إن السينودس القادم إما سيكون سينودس الوئام والاتفاق، أو سينودس الانقسام والخلاف وما سيليه سيكون التسونامي .. إن دعوة قداسة البابا لكل كنيسة مشرقية تمر بأزمة مؤسساتية للمجيء إلى روما لاختيار بطريرك جديداً، ما هو إلا دعوة من خليفة بطرس بالقرب من قبر بطرس الرسول حيث ستكونون مجتمعين، إلى أن تسمعوا صدى سؤال الرب للرسول فكروا بكل هذا وسر نجاحكم في الاختيار هو أن يسمع كل أسقف منكم سؤال الرب موجه إليه شخصياً قبل أن يجيب ويكتب أسم من أختاره: " يا...أتحبني أكثر من كل هؤلاء ، أتفكر بخير كنيستي وشعبي، أأنت مستعد أن تتنازل عن أمور كثيرة ومخططات وتصورات لأجلي ..." عندها فليكن اختيارك للاسم هو الجواب: " يا رب أنت تعلم أني أحبك فوق كل شيء". إن كل مصلحة فئوية ورغبة بشرية لا تساوي شيئاً أمام محبة المسيح ونتائجها العظيمة .
لمن الغريب أن لا يُوجه هذا السؤال على كل كاهن أواسقف يوم رسامته أو تنصيبه بطريركاً ..بعد أن يُعلن قانون إيمانه. على كل حال محبتنا للمسيح هي في أساس كل صلاة.
إن جواب بطرس يدل على ثقة وتواضع وأجوبة الرب يسوع " أرعى خرافي ، أرعى نعاجي" تدل على أن الخراف تبقى للمسيح. فيجب أن يُدرك كل أسقف وبطريرك حالما يُعطى عصا الرعايا: بأن الراعي الصالح والراعي الأوحد للقطيع هو يسوع المسيح"، وهم معاونيه وهو يعرف كيف سيهتم بهم. في سفر أعمال الرسل نقرأ : "فتنبهوا لأنفسكم ولجميع القطيع الذي جعلكم الروح القدس حُراساً له لتسهروا على كنيسة الله التي آكتسبها بدمه. وانا أعلم أن سيدخل فيكم بعد رحيلي ذئاب خاطفة لا تُبقي على القطيع ويقوم من بينكم أنفسكم أناسٌ يتكلمون بالضلال ليحملوا التلاميذ على أتباعهم.." أع 28:20-33" . أتمنى لو يُقرأ هذا النص أيضاً ايام السينودس قراءة شخصية:"..وأسأله أن يؤيدكم بروحه ..ليقوي فيكم الإنسان الباطن ، وأن يُقيم المسيح في قلوبكم ..حتى إذا تأصلتم في المحبة وأسستم عليها أمكنكم أن تدركوا ما هو العرض والطول ..(حكمة الله في تدبيره) ، وتعرفوا محبة المسيح التي تفوق كل معرفة "، " فانشادكم أن تسيروا سيرة ملؤها التواضع والوداعة والصبر. فاحتملوا بعضكم بعضاً بمحبة المسيح وأجتهدوا في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام"أفسس15:3-16:4. فكلمة الله وحدها قادرة أن تشفي الجراح وتشيد البنيان وتجعلنا ندرك مدى جسامة المسألة وخطورتها على مصير المؤمنيين الموكلة للأساقفة رعياتهم.

يقول مار بولس " المسيح هو سلامنا ومحبتنا وقوتنا" .فليكن سلام المسيح ومحبته ومحبتنا معكم وصلاواتنا ترافقكم.

                                                                                        الأب سمير الخوري