المحرر موضوع: تونس: شكري بلعيد يتهم..!!؟(*)  (زيارة 1561 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي

تونس: شكري بلعيد يتهم..!!؟(*)

باقر الفضلي

كل القرائن تشير بأنها لم تك رصاصات طائشة..؛ فالمغدور الشهيد بلعيد نفسه، كان يعلم بحسه المرهف، وحدسه المبني على وقائع ملموسة، وليس على مجرد تكهنات أو تصورات وتهيؤات خيالية، مصدر تلك الرصاصات، بل وكأني به يعلم أيضا، أهدافها وما تخفيه وراءها من أجندات ومخططات، لا تستهدف شخصه بالذات بقدر ما أنها مصوبة لإستهداف تونس شعباً ودولة، ومع كل ذلك وما قد دار بحسبانه من توقعات، إلا أنه وكما يبدو، قد أخذ كل ذلك من منطلق حسن النية، ولن يحسب لتهيؤاته تلك أي حساب، تاركاً أمر كل ما دار في خلده، أو ورد على لسانه، وقبل ساعات من حديثه الى الإعلام، حول توقعاته بما سوف تقدم عليه أياد الجريمة، ومخططات "الإغتيال السياسي"، تاركاً ذلك كله الى من يهمه أمر مستقبل المسيرة السياسية في تونس، من سلطات حاكمة متنفذة، أو قوى سياسية يهمها أمر ذلك المستقبل، ليكون إغتياله " بمثابة افتتاح لطور عنف في البلاد. " على حد قول المحلل السياسي التونسي السيد محمد بو عود الى قناة الفضائية العربية..!؟


  فأصابع الإتهام وقبل يوم من إستشهاده، كان قد وجهها الفقيد الى جهات محددة في العملية السياسية في تونس، ليضفي في حديثه عن الجريمة، التي كان هو من أوائل ضحاياها، بعداً سياسياً وليضعها  في إطار جرائم [ الإغتيال السياسي ]، الذي بات يهدد أي صوت ديمقراطي يفكر بتوجيه النقد أو معارضة الإجراءات اللاديمقراطية التي تقدم عليها السلطات التي إستأثرت بالسلطة الجديدة، والتي باتت تهدد حرية الرأي والتعبير، أو على حد تعبير السيدة نجيبة الحمروني نقيب الصحافيين التونيسيين بلسان حالها وهي تقول:  " نحن نخشى على حرية الصحافة أكثر من خوفنا على أنفسنا، فالعديد من الأطراف لم تتقبل النقد وأزعجها ما تنقله الصورة عبر وسائل الإعلام".  (1)   


فما أفضى به الشهيد بلعيد في اليوم السابق لإغتياله، وفي المؤتمر الصحفي التلفزيوني، الذي عقده بعد الإعتداء الذي تعرض له مقر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد قيل أيام، وهو الأمين العام للحزب المذكور والعضو القيادي للجبهة الشعبية، بما تناوله في ذلك المؤتمر من توجيه الإتهام المباشر الى ميليشيات تابعة لجهة سياسية متنفذة، والإنتقاد المباشر لرئيسها في دعمه المباشر لتلك المليشيات، وإعتبار ذلك بمثابة توجيه ضوء أخضر لهذه المليشيات، وعمل ممنهج وممركز لإغراق البلاد في الفوضى، وحديثه عن الأزمة الخانقة التي تعاني منها الحكومة، وعن تلك الممارسات العنفية، التي أقدمت عليها تلك المليشيات، وإعتباره ذلك، بمثابة نوع من [الهروب الى العنف]، وغيرها من الإنتقادات الصريحة والواضحة لسياسة الجهة السياسية المذكورة، في نفس الوقت الذي دعى فيه الى خارطة طريق واضحة المعالم للخروج من الأزمة من خلال الحوار..!(2)


فجملة الحديث المشار اليه في أعلاه وتفاصيله المتشعبة عن الوضع السياسي الراهن في تونس، وما إستتبعه من الفعل الإجرامي الذي تمثل بإغتيال المناضل شكري بلعيد، إنما يطرح من الأسئلة العقدية المركبة، ما ينبغي التدقيق في أجوبتها، وذلك في الغور الى عمق الإستدلالات وجملة الإتهامات التي وجهها بلعيد نفسه أثناء حديثه التلفزيوني المرفق طياً، مما يستدعي الكثير من التأمل والدراسة التحقيقية والتدقيقية، في جملة ما ورد على لسانه في الحديث المذكور، من إتهامات محددة، ومن خلال أجوبته المختلفة على أسئلة المحاور في الندوة التلفزيزنية..!؟


فإن كان حقاً وما جاء على لسان الفقيد من تصريحات أثناء المقابلة التلفزيزنية معه، هي من تقف وراء جريمة إغتياله، على حد ما تواتر في الصحافة والإعلام العالمي أو أنها كانت من أسبابها..؟! (3)   فإن صحت مثل تلك التكهنات، فليس أمام المراقب، إلا الوقوف أمام كل كلمة أو جملة نطق بها المغدور قبل ساعات من إغتياله، موقف الإهتمام والجدية، وهو أمر غاية في الأهمية من حيث مدلولاته وأهدافه وتداعياته، سواء على الصعيد السياسي أو الجنائي، وبالتالي لا بد وأن يصبح كل ما ورد في تلك المقابلة التلفزيونية، من الوثائق المادية والقرائن التي ينبغي أن تؤخذ بالحسبان في عملية الكشف عن بواطن الأمور التي تقف وراء جريمة إغتيال المناضل الوطني شكري بلعيد..!!؟


ولعل من خلال إستقراء ما يمكن أن تعنيه كلمات الفقيد الشهيد شكري بلعيد أثناء تلك الندوة، فلا بد وأن يستنتج المرء، بأن المناضل الشهيد كان من أوائل السياسيين التونسيين الذين أدركوا، ومن خلال الوقائع التي كان يستند عليها، وهذا ما كان يكرره في حديثه أثناء المقابلة التلفيزيونية، قد أدرك الطبيعة الإزدواجية لآليات الديمقراطية،  ومنها [صناديق الإنتخابات]، فبقدر ما هي وسيلة للإختيار الحر، فيمكن أن تكون من عوامل التفرد بالسلطة والإستئثار بالحكم وتهميش الآخرين، وفتح الطريق أمام الإستبداد بشتى أنواعه، وكل ذلك مرهون بطبيعة الحال، بظروف الواقع الذي تتم فيه عملية الإحتكام الى تلك الآليات والعوامل والمحركات التي تقف ورائها، وحالة التوازن لميزان القوى السياسية  والإجتماعية المشاركة فيها ..!


إن كل هذا وما عكسته الندوة التلفزيونية مع المناضل شكري بلعيد، وما إستتبعها من جريمة الإغتيال البشعة التي إستهدفت المغدور وبهذه العجالة، قد ألقى ضلالاً من التخوف والتشكك فيما يمكن أن يكون عليه مآل العملية السياسية التونسية، وما قد يهدد مستقبلها، من الأخطار المحدقة التي قد تعصف بها بعيداً عن مسارات التوجه الديمقراطي، الذي كان يحلم به الشهيد شكري بلعيد وصحبه من الوطنيين الديمقراطيين، وما عبرت عنه الجموع الغفيرة من المواطنيين التونسيين التي إنتفضت مستنكرة لجريمة الإغتيال ومطالبة بكشف من يقف ورائها، وإنزال القصاص العادل بحق مرتكبيها..!(4)   


فهل بعد هذه الجريمة النكراء، ستطرح تونس الخضراء على نفسها تلك الأسئلة التي أرقت كثيراً فكر الشهيد المناضل الوطني شكري بلعيد، وكأني بها الآن وهي  تؤرق روحه الزكية،  منادية بأعلى الصوت : تونس الى أين..؟!(5) 
باقر الفضلي/ 11/2/2013   
_______________________________________________
                                    (*)   http://arabic.cnn.com/2013/middle_east/2/6/shokri.belaid.bio/index.html
                                    (1)  http://www.iraqicp.com/2010-11-22-05-28-38/30222-2013-02-06-15-38-27.html
                                      (2)  http://www.youtube.com/watch?v=1iG7CLEm25c&feature=endscreen&NR=1
        (3)  http://arabic.cnn.com/2013/middle_east/2/6/interview.belaid/index.html
        (4)  http://www.amad.ps/arabic/?Action=Details&ID=112295
        (5)  http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/02/130207_tunisia_update.shtml