المحرر موضوع: رحلة بـ(المگلوب!) عِبْرَ الزمن !  (زيارة 1625 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
رحلة بـ(المگلوب!) عِبْرَ الزمن !
في زمنٍ ما، كنا نتلهف على مجلات السوبرمان التي كانت تأسر عقولنا وتطلق مخيلتنا الى عالم الخيال الواسع حيث يطيب لنا التحليق في اجواء بعيدة عن عالمنا الارضي. فمن جملة الافكار الخيالية كانت السفر عِبْرَ الزمن والالتقاء والعيش ولفترة محدودة في عالم او فترة زمنية غير الزمن الذي نعيش فيه. ففي رحلتي هذه حاولت ان اصبح (سوبرماناً!) واخترق الزمن ولكن بـ(المگلوب!) علّني أُرضي جزء من طموحي في السفر الى اجواء اتمناها وقد يتمناها كثيرين من ابناء شعبي المؤمن بالسلم والسلام بعد ما كان جُلَّ همه (الفتوحات!) ايام بابل وآشور، اسوة بالفتوحات الاسلامية!
لذلك قررت الابحار الى زمن خيالي، فيه الاسود ابيض والابيض اسود والاحمر (بنزرقي!) والاخضر أبراهيمي!! عفوا.. اقصد أصفر، وهكذا. لقد اخترت ارض الاجداد للولوج اليها علني اجد جدي العاشر والعشرين بعد الالف الفين! ولكني بدلا من الدخول بلد الاجداد دخلت وبالخطأ بلد (الاوغاد!) فكما تعرفون أعزائي القراء ان الزمن يُحسب بأعشار اعشار اعشااااااررررر الثانية مما ولد لي خطأ بهذه الاعشار، وانا الانسان الخاطئ! وغير الدقيق مما جعلني ادخل هذا الزمان، بحركة سريعة (وسوبرمانية!) ويا ريتني ما دخلت، لكن كلمة ياريت، كما قال فريد الاطرش، رحمه الله، عمرها ما كانت تعمّر بيت!
سألت (الاوغاد!): اين انا؟
اجاب احدهم : فبيتك ومطرحك!
استغربت لهذه الاجابة ولهذه اللهجة التي كنت اسمعها في الافلام المصرية! التفت يميناً ويساراً متسائلا؟؟ حتى جاء الجواب يدعوني الى الدخول الى هذه الارض وهذا الزمن.
قال الاخر: اهلا وسهلا باهلنا وابنائنا، تفضل يا عزيزي اجلس. ثم صاح على الذي فتح الباب وقال: بُرعي ..جيب چايات…
رد بُرعي : حاضر يا بيه!
سألت : من انتم ؟
اجاب: نحن الذين نسيطر على هذا الزمان وهذا المكان في عصر (السوبرمان!)، سنأخذك بجولة في بلدنا هذا ولكن بعد ان تشرب الشاي.
شربت الشاي مرغماً، لانني في الحقيقة كليلى نظمي، ما اشربش الشاي اشرب أزوزة انا !! ثم غادرت بصحبة الآخر الذي كان مدججاً بالسلاح ومحاطاً برجال عابسي الوجه تبدو عليهم القسوة والخشونة وصدورهم مزينة بخراطيش لو انفجر احدها لاصبحت صدورهم (منخل!). خرجنا من البوابة التي دخلت منها ولكن من باب آخر ينفتح على مدينة زاخرة بالعمران والابنية وكأنني في بلد الاحلام. ركبنا مركبة لم اكن قد شاهدت مثلها من قبل، فلا هي سيارة ولا دبابة ولا حتى حصان طروادة! وصار الاخر يشرح ويوضح الاماكن التي تمر منها المركبة ويتفاخر بالبنيان والاعمار في زمن الجبّار! فقلت له من هو الجبار؟ اجاب انه ولي نعمتنا وقائدنا وحامينا المؤمن المصلح المكافح المناضل البطل الـ….فقاطعته اوكي….اوكي افتهمت !. وبينما نحن في داخل هذه العربة سمعت دوي أنفجار! نظرت الى صاحبي الآخر الذي رد على نظرتي قائلا: لا..عادي ولا يهمك… انه مجرد انفجار صغير! سكتُّ ولم اتكلم لأنني كنت قد تعودت على هذا الصوت في زمني ولم اتوقع ان اسمعه في هذا الزمان! ثم فجأة وقع نظري على بناء كان يعد رمزاً من رموز بلدي! مددت يدي مؤشراً ومتسائلاً أليست هذه كنيسة سيدة النجاة ؟ ابتسم الآخر بخبث وقال: كانت!!
قلت: وما قصدك ؟
قال: انها الآن اكبر جامع في هذه المدينة! ثم التفت الي متسائلاً : كيف عرفت بانها كانت كنيسة ؟ ألست مسلماً ؟
اجبته: كلا فانا مسيحي الديانة كلدوآشوري سرياني القومية، وهذا وطني. هَمْهَمَ بكلمات لم افهم منها سوى كلمة … (أعلمك!) سألته : ماذا قلت ؟
اجاب: لا..ماكو شي! وفي هذه اللحظة قاطعنا السائق الذي كانت في اذنه سماعة يتدلى منها (واير!) ممتد تحت سترته: سيدي اجاني خبر 37 راحو بالانفجار! لم يحرك ساكناً وكأن شيئاً لم يكن! قلت في نفسي : هل من المعقول بالرغم من هذا العمران وهذه التكنولوجيا في هذا البلد لا تزال اعمال التقتيل جارية ومنذ ذلك الزمان ؟ ثم قطع سلسلة افكاري صوت الآخر الذي راح يشرح ويوضح الاماكن التي تمر فيها العربة والانجازات الكبيرة التي انجزها النظام في هذا البلد والعلاقات المتينة التي تربطه بدول الجوار، مما ساعد ويساعد تطور البلد واستقراره…وفي هذه اللحظة سمعنا دوي انفجار آخر اسكت صاحبي! نظرت اليه وإذا وجهه ينقلب ويتلون بعدة الوان … يعني صار (ترفك لايت!)، وحتى لا اجعله يشعر بالخجل اكثر مما هو فيه سألته: ومن هم دول الجوار ؟
اجاب وبسرعة ليتدارك خجله: كلهم دول اسلامية !
اجبته: هل هذا يعني لا يوجد مسيحيين في هذه الدول المجاورة والـ(صديقة!).
اجاب: كلا لقد طردناهم ؟
سألته: لماذا ؟
أجاب : انهم (كفرة ومشركين!) اولا، وثانياً قال عليه الصلاة والسلام : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب! قاطعته: عليه الصلاة والسلام كان قصده الجزيرة العربية اي ما يطلق عليها الآن السعودية ، وليس العراق وجيرانه!!
تلعثم وتردد وهمهم صاحبي قبل ان يرد: صحيح لكننا عممناها على جميع الاقطار العربية والاسلامية!! قلت : يعني بكيفكم تفصلون تفسير الاحاديث النبوية وحتى القرآن؟!! اجاب : نعم، حسب الظروف السياسية!!
قلت: وهل الظروف السياسية تخص فقط هؤلاء المسيحيين المسالمين الذين لا حول ولا قوة لهم، اي مسلم يحاول ابراز عضلاته (يچيت!) على مسيحي (ويسوي!) نفسه بطل!!
اجاب : بعد صارت !!
قلت: طيب والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والامم المتحدة ؟ قال ضاحكاً : اي امم متحدة اي منظمات دولية اي مجتمع دولي اي (بطيخ!) ؟
قلت : هذا يعني ان مَثَلُكُمْ ايضاً كمَثَلْ علي الكيمياوي عندما استهزأ بالمجتمع الدولي ايام تصفيته للاكراد !!
أجاب : الرجل استهزأ علانية ونحن (من جوّة لجوّة!)، ثم استرسل، حتى الاكراد تكالبوا عليكم (ولفلفو!) قراكم تحت ستار (تمدين الريف!)، وهجروكم الى بلاد الكفر، وكانت احدى غزواتهم تدعى غزوة زاخو ونوهدرا!
قاطعته: لماذا تقول بلاد الكفر ؟
أجاب: هكذا علمونا منذ الصغر!!
ثم اكملت وقلت: وان كنتم قد صممتم على تهجير المسيحيين، لا من العراق فقط وانما من الشرق الاوسط فاين كنتم تتوقعون اي يذهبوا الى (المريخ!).
أجاب: كان عليهم الأفضل الاهتداء الى الاسلام والبقاء في ارضهم!
اجبته: كما اهتدى اليهود في جزيرة العرب!
قال: نعم، ولمَ لا؟
اجبته: لكنكم تقولون لا إكراه في الدين؟
قال: مجرد اقاويل!!
ثم سألته: أبهذا تقول انه لم يبقَ مسيحي في العراق او الشرق الاوسط ؟
اجاب: انها الحقيقة…لم يبقَ ولا حتى (جريدي!) مسيحي !! ثم جاء دوي انجار آخر!! التفتُ اليّ صاحبي وقلت: ما قصة هذه الانفجارات ؟ هل انتم في حرب ؟
قال: لا اننا نتقاتل في ما بيننا!!
قلت: شيعة وسنة؟ اجاب كلا، شيعة وشيعة، سنّة وسنّة !!
قلت ما هذه المعادلة ؟
اجاب: يا عزيزي يا كلدوآشوري سرياني (أووووي!! هذا اسمكم شگد طويل وصعب!) يا مسيحي يا طيب (هذولة أحنا!) بعد ان (خلصوا!) المسيحيين وحلّينا مشكلة الشيعة والسنة، چان لازم نلگيلنـا دربونه (وپلتيقة!) جديدة حتى نتكاون بيها !!
قلت : ليش يابه ؟ ما تگدرون تعيشون بسلام ؟ أجاب كلّا والفُ كلّا، علينا ان نكون دائما في اهبة الاستعداد ضد الكفرة ؟
قاطعته : يا أخي ولكنكم مسلمون تقاتلون بعضكم بعضا ؟
قال: صحيح ولكننا يجب ان نظل مقاتلين خشنين!! فلقد قال عليه الصلاة والسلام تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة !!
اجبته: لكنه حديث ضعيف، ولمَ تأخذون بكلمة إخشوشنوا ولا تأخذون بالبقية ؟ لمَ لا تمشون حفاة ولا تتمعددون ؟ فسياراتكم الفارهة وهندامكم واكلكم ليس له علاقة على البته بهذا الحديث، لقد اختار عقلكم (إخشوشنوا!) فقط وارسى استراتيجيته عليه!! انها العقلية البدوية التي لا تزال تحكمكم!!
قاطعني : أهوووووووو شنو هلملحّة ؟ هسة انت شعليك بينا هاي بيناتنا واحنا متونسين بيها ؟
قلت : صحيح آني شعليّه إذا انتو متونسين بيها ؟! وفي هذه اللحظة انفجر لغم شديد الانفجار بالقرب من سيارتنا .. وما أشوف الا صاحبنا گاعد بحضني وصاير اصفر !!
قلت له متهكماً: متونس ها !! دتونس عيني تونس !!!
نظر الي وقال : الله اليستر…الّا شوية چان متنا!!
اجبته مازحاً: لعد شلون تخشوشن، غير لازم تشوف الموت ؟ وفي هذه اللحظة احاط افراد الحماية بسيارتنا والكل يصيح: الحمد الله على السلامة سيدي ولا احد يكترث بي! فقال احد الافراد: سيدي لازم نرجع للمقر، أجانا أمر. ظللت صامتاً لان القصة بيها (أمر!) فادار الأخر وجهه الي وقال : تعذرنا استاذ سياويش…فقاطعته سياوش وليس سياويش!!
اجاب: كلها نفس الشي ما دام تنتهي بالشين !
جوابه هذا ذكرني بايام العسكرية عندما كان يقودنا الكثيرين من الذين لا يعرفون الجُك من البُك (وفوگاها!) كانوا لاينطقون اسمائنا بصورة صحيحة وبالاخص اسماء الجنود المسيحيين! على اية حال، أدار الجماعة محركات عرباتهم وانقلبوا راجعين الى المقر متخذين طريقاً آخر للعودة، تمويهاً لاي عدو متربص وحسب السياقات الامنية المتبعة. ونحن في طريق العودة تنبهت الى ظاهرة عدم وجود الاناث في الطرق التي مررنا بها، فما كان مني ان سألت وبعفوية : اين هو النصف الاخر للرجل؟ نظر الي صاحبي بجبهة مقطبة وقال: ماذا تعني ؟ فقلت بعفوية ممازحاً : يعني اناث، لم اشاهد اية انثى! فما كان منه الا ان استل مسدسه ووجهه الى راسي وقال : أجئت لكي تنظر الى نسائنا ؟
جمد الدم في عروقي وتسمرت على مقعدي! اجبته وشفتاي ترتعش : كلا ..كلا ليس هذا ما اعنيه، كل الذي اعنيه اين نصف المجتمع في ظل هذا البنيان والتقدم والحضارة التي اشاهدها، وما هو دورهم في كل هذا؟ أجاب والشر يتطاير من عينيه : في هذا الزمان والمكان نسائنا محصنات ولا يجوز ان يظهرن على الغريب، أفهمت؟ وافقته وقلت : نحن ايضاً نسائنا محصنات، ولكننا نتعبرهن نصف المجتمع ويعملون لبناء الوطن جنباً مع اخيها الرجل.
اجاب مقاطعاً: نظامكم هذا قديم ومتخلف! في عصرنا هذا نحب المرأة ونقدرها ونحترمها ونصونها اكثر منكم! عندنا من الرجال مايكفي ان يكمل المجتمع واكثر، لذا فالرجال هم (النصف والكُل!) عندنا.
ومع وصولنا الى البوابة التي دخلت منها ادركت عقم النقاش مع صاحبي وادركت ايضاً انني كنت قد دخلت هذا الزمان بخطأ في اعشار الثانية، هذا الخطأ الذي حولني الى عكس مساري وقلب رحلتي !
ترجلنا من العربة واتجهنا الى البوابة ومع دخولها احاط بي اثنان واوثقوني بسرعة البصر وانا مستغرب هذا التصرف. نظرت بتسائل الى الآخر الذي اجاب على الفور، بما انك مسيحي يا استاذ سياويش …
قاطعته : سيـــاوش ! استرسل مكملاً بما انك مسيحي واحنا قرارنا كان القضاء على المسيحية في بلداننا لذا سنرسلك من حيث جئت باسرع من الطريقة التي جئت بها! عندها تذكرت لماذا قال صاحبنا (اعلمك!) فقد كان يعني: آني اعلمك! ثم البسوني حزام ثقيل محشو باشياء لم اشاهدها من قبل ووضعوني على حدود الزمن الذي عبرت منه، ثم بكلمة من صاحبي الذي نادى باعلى صوته: جاهزين شباب؟ فجاء الرد من شباب الحماية: نعم سيدي. ثم صاح: دزوه لهلة!! سمعت كلمة الله ولم اسمع كلمة أكبر بسبب الصعق الذي فجر الحزام الذي البسوني اياه!!
عدت الى اهلي (مگلوب علبطانة!) مقطع الاوصال (صاير الف وصلة!). السين بجهة! والياء بجهة ! والالف بجهة ! والواو بجهة ! والشين بجهة ! نظرت الى حالي وانا مقطع فتذكرت ابناء شعبي الكلدوآشوري السرياني (المسيحي) الذين تشتتوا في هذا العالم، فلم ارى غرابة في الامر، لكنني تسألت مع (اوصالي!) كيف سأُلملمُ نفسي والصق السين بالياء والالف والواو والشين لاصبح مرة ثانية سـ..يـ..ا..و..ش

اوراها دنخا سياوش
ملاحظة: قيل ان معنى تمعددوا هو: اقتدوا بمعد بن عدنان والبسوا الخشن من الثياب وامشوا حفاة فهو حث على التواضع ونهى عن الإفراط في الترفه والتنعم