المحرر موضوع: سوريا: جامعة الدول العربية في الميزان..!؟  (زيارة 2045 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي




سوريا: جامعة الدول العربية في الميزان..!؟

باقر الفضلي

لقد جاءت قرارات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، في دورته/139 المنعقدة بتاريخ السادس من آذار/ 2013، حول الأزمة  السورية، برهاناً جديداً على تمسك المجلس المذكور، بأنه في موقفه من تلك الأزمة، لا زال يمثل طرفاً خصماً في مواجهة الدولة السورية، ما ترتب عليه، موقفاً منحازاً لا يمكن من وجهة نظر ميثاق الجامعة العربية، إعتباره منسجماً مع ذلك الميثاق/ المادة/1و8، ناهيك عن تعارضه مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة منها بشروط عضوية الدول الأعضاء في المنظمة..!؟(1)

فالقرار الخاص بإشغال مقعد دولة سوريا في الجامعة، من قبل ممثل عن  المعارضة والذي إتخذه المجلس في جلسته المشار اليها أعلاه، يتعارض كلياً مع أحكام ميثاق الجامعة الذي إعتمد في بناء هيكليته على عنصر [الدولة] بإعتبارها تشكل الركن الأساس لبناء المنظمة، وهوما ينسجم مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة الذي يقوم بناءه على نفس الأساس المذكور..!

[["لذا مشاركة سوريا كدولة في اجتماعات الجامعة معلقة ومقعدها خال وما عملناه أن يشغل مقعد سوريا من يمثل الشعب السوري".]]

هكذا وبهذه الطريقة التي لا تصمد أمام النقد حاول السيد وزير خارجية مصر السيد محمد كامل عمرو تكييف مسألة إشغال مقعد سوريا، معتمداً على قرار سابق للمجلس الوزاري للجامعة، يعتمد التحالف السوري كممثل وحيد للشعب السوري، رغم كل ملابسات القرار المذكور، على المستويين القانوني والواقعي..!؟


 ونفسها المفارقة التي تفضل بها الأمين العام للجامعة العربية السيد نبيل العربي، حينما فسر الماء بعد الجهد بالماء، لينتهي الى إختزال مفهوم ( الدولة ) ، الى مجرد " سلطة" وبالتالي فكل ما يحتاجه شاغل المقعد هو [[  ... لا بد أن يكون ممثل سوريا سلطة تنفيذية وحكومة مؤقتة وهيئة تنفيذية وهذا ما نص عليه القرار حتى يتمكنوا من تسلم المقعد المعلق.]] والأمر غريب بذاته، فلا عجب بالنسبة لمجلس الجامعة، أن يكون شاغل المقعد، ممثلاً عن دولة حتى لو كانت تلك الدولة موجودة في الخيال، ولكنه يملك "سلطة" ما وإن كانت مؤقتة، حتى لو كانت في المريخ..!!؟


والأكثر غرابة، تبريرات الوزير المصري السيد محمد كامل عمرو للقرار آنف الذكر، تلك التبريرات التي تبطن في داخلها الإتجاه نحو العنف وإستخدام التدخل العسكري، بديلاً لأي حل سلمي، عندما أجرى مقارنة بين ما يسمى ب "الحل السلمي والحل السياسي" ، وبمحاولة من خلال هذه "المقارنة" التضليلية، رسم نهاية لما يسميه ب "الحل السلمي" من قبل النظام السوري، ولم يبق أمام الجامعة العربية بمجلسها الوزاري إلا " الحل السياسي"، في محاولة لخلط الأوراق، وتضليل القاريء ، بأن كل ما تذهب اليه الجامعة العربية، ما هو إلا مجرد "حل سياسي"، حتى لو كان على شكل صواريخ محمولة على الأكتاف أو مفخخات للتفجير بين حشود الأبرياء، فكل ما يسعى اليه المجلس الوزاري للجامعة العربية، وطبقاً لمقارنة وزير الخارجية المصرية، لا يخرج في شكله ومحتواه عن كونه مجرد " حل سياسي" ليس إلا، بعد إن أنهى النظام السوري على حد قوله، كل أمل في "الحل السلمي"، بإستخدامه للصواريخ ضد المدنيين، ولا يدري المراقب ما يعنيه السيد الوزير بالحل السياسي، كبديل للحل السلمي، إن لم يكن نقيضاً له، وفق ما يستشفه المرء من طبيعة حديث السيد الوزير نفسه، وما يبطنه فحوى المقارنة وأهدافها، فيا للغرابة في المقارنة والإستنتاج..!؟


نفسها التبريرات التي دفعت بمجلس الجامعة الى إصدار قرارها الثاني، والذي لم يحض بالإجماع، والقاضي بإمكانية أي دولة عضو في الجامعة من تقديم السلاح الى قوى المعارضة، على إعتبار أن الأمر يتعلق بأمر سيادي مما يدخل في صلاحيات الدول أعضاء الجامعة، إن شاءت...!؟؟


ومن خلال تكييف هذا القرار جرياً مع مسيرة مجلس الأمانة العامة للجامعة العربية في تناوله للأزمة السورية، على مدى عامين، لا يجد المرء في هذا القرار وسابقاته من القرارات الأخرى في هذا الشأن، من شيء جديد، يمكن أن يستشف منه، جدية المجلس المذكور وشعوره بالمسؤولية العالية، بإعتباره يمثل منظمة إقليمية معترف بها من قبل المجتمع الدولي، وذلك بالعمل الجاد والسلمي حقاً، من أجل تجنيب الشعب السوري والدولة السورية، هول الخطر المحدق بهما، جراء ما يتعرض له الشعب السوري النبيل، من سفك لا ينقطع للدماء البريئة، وما تتعرض له الدولة السورية كبلد عربي وعضو في جامعة الدول العربية، من تدمير لا حدود له في بناها الإقتصادية والإجتماعية، بل وعلى العكس مما يتصوره المرء من دور إيجابي يمكن أن تتخذه الجامعة العربية بهذا الشأن، تراها في موقفها الأخير في الدورة/ 139 للأمانة العامة لمجلسها الوزاري، بدت أكثر تطرفاً وإصراراً في السير على نفس خارطة الطريق التي رسمتها لنفسها حول سوريا، بل وتبدو أكثر إنحيازاً لكل ما يدفع بإتجاه تدمير سوريا، دولة وشعب، الأمر الذي سبق وأن حذرنا منه في مقالة سابقة [ الجامعة العربية الى أين..؟!]، حينما تمت الأشارة الى : [[إن كل ما يمكن قوله في ختام ما تقدم، وعلى وجه الخصوص؛ ما يتعلق بموقف الجامعة العربية من الأزمة السورية؛ هو هشاشة المواقف التي ظهرت عليها الأمانة العامة لهذه الجامعة، والتي جسدتها قراراتها المتعلقة بالأزمة السورية، تلك القرارات التي كشفت للعيان؛ بأن الجامعة العربية بتصرفها هذا، قد مثلت مجرد طرف منحاز في النزاع القائم حول الأزمة السورية، وهي قد وجدت مكانها فسيحاً في ربط وجودها مع خطط الناتو بالنسبة لتلك الأزمة، فإرتضت أن تكون حصان طروادة في محاولتها إستقدام التدخل الأجنبي، والإسهام المباشر وغير المباشر في التهيئة لتدمير دولة عضو من أعضاء هذه الجامعة...]] (2)
   

إن جل ما يمكن قوله بشأن موقف الأمانة العامة للجامعة العربية، من الأزمة السورية، هو إنه موقف يتعارض كلياً مع الأهداف والمقاصد التي أسست من أجلها المنظمة الإقليمية، والتي تسنم أعضائها من الدول المؤسسة، من وراء ذلك التأسيسس كل ما توصل إليه بروتوكول الإسكندرية في الفترة من 25/9 الى 27/10/1944 الذي صار أول وثيقة تخص الجامعة العربية وتحتوي على المباديء الأساسية لعمل وأهداف المنظمة، والتي كانت دولة سوريا، من الدول الأوائل المؤسسة للمنظمة والمشاركة في تدوين وإقرار تلك المباديء..!(3)


 فأين تجد الجامعة العربية نفسها اليوم، من تلك المباديء ومن أحكام ميثاقها في موقفها من معالجة الأزمة السورية، التي تواجه اليوم حرب الإرهاب الدولي، المدعوم بالمال والأسلحة من قبل اطراف التحالف الأجنبي _ الأقليمي، وفي ظل ابشع إنتهاك لميثاق الأمم المتحدة والشرائع الدولية تقترفه بعض أطراف ذلك التحالف، دون أن تأخذ بالحسبان كل ما حصده تدخلها الفاضح من سفك للدماء  ومن دمار بالغين على مدى عامين،(4) رغم كل ما قيل ويقال من نصح وتحذير على الصعيدين الدولي والإقليمي، وبعيداً عن أي مبادرة حقيقية للحل السلمي، بما فيها ما توصل اليه أطراف الصراع الدولي من إتفاقية في جنيف للحل السياسي السلمي للأزمة السورية ..!!؟؟(5) 
باقر الفضلي 18/3/2013
_____________________________________________
(1)   http://www.alquds.com/news/article/view/id/422236
(2)   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=294904
(3)   لمحة تاریخیة
(4)   http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B2TBY20130314
(5)   http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B2T8X20130313?sp=true