المحرر موضوع: حوار مع رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني  (زيارة 883 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sabah Yalda

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 32867
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي



حوار مع رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني [/color][/size][/b]
   
 
نشر هذا الحوار بعد حذف القسم الاقتصادي منه  في جريدة الحياة وكان المفروض ان تنشره المدى في نفس اليوم، لكن الحضر حال دون ذلك. وسينشر كاملاً في اول عدد يصدر من المدى بعد رفع الحضر
*************************************************************
مسعود البارزاني:
يؤاخذه البعض على انه بطيء الاستجابة، يبدو عليه التردد في اتخاذ القرارات والمواقف، أميل الى الصمت والايماء، حتى حين يترافع مجادلوه برفع الاصوات والاكمام، لكنه الصمت الذي يوازن بين الكلمات ودلالاتها.
وتردده في الكلام، انما هو اقتصاد في التعبير، لا في الافكار والمعاني..
ومع المعايشة والحوار وتبادل الادوار والمواقف، عرف مجادلوه ومخاصموه، انه مقتصد في الكلام لا في المعنى، وعندما يرى الأمور وهي تتجاوز طور التكوين الى الاكتمال، يفيض،.. ويحسم،.. ولا يتردد..، ولا يخاتل..، ولا يتراجع...
اقتصاده وصراحته أكسباه، الى جانب شجاعته ووضوحه احترام خصومه قبل محبيه..
في هذا الحوار، لا يخرج عن السياق، حتى عندما يواجه بما يبدو انه أقرب الى الاستفزاز...

***************************
أجرى الحوار: سعد أحمد
س: يرى الزائر الى كردستان، أن المشهد الملفت، عدا مظاهر الأمن والاستقرار، حركة العمران والبناء النشيطة، وتوسعها، بحيث يبدو كما لو أن ملامح الحواضر الصغيرة، وليس الكبيرة فقط، تتغير كل يوم، هل ان الظروف الأمنية هي في أساس هذه الحركة؟
الرئيس:
لاستتباب الأمن فضل كبير في كل ما يجري في كردستان، ولولاه لكان من الصعب تحقيق ما نصبو اليه، لكن لا بد من الاخذ بنظر الاعتبار، ان ما يتحقق اليوم، انما هو استمرار للاسس والخطوات التي اتخذت قبل سقوط الدكتاتورية، وتشكل الهيئات الادارية والقيادية من برلمان وحكومة ومؤسسات في أعقاب أول انتخابات ديمقراطية شهدها الاقليم والتي أعقبت انسحاب الادارة المركزية بعد انتفاضة ربيع 1991.
س: ذلك صحيح. لكن ما يتحقق اليوم، من حيث الوتائر المتسارعة أو سعة ميادين البناء أو حجم الاستثمارات، يفوق كل ما تحقق قبل السقوط، الا ترى ذلك؟
الرئيس:
هذا صحيح. فالامكانيات السابقة كانت محدودة، وتعتمد على مواردنا الذاتية، وبشكل خاص، الكمارك والمشاريع الخاصة، وكنا نعاني من حصارين اقتصاديين، حصار النظام، والحصار الدولي، بالاضافة الى ما كان التهديد الدائم والتوترات، تستهلكه من طاقاتنا ومواردنا، والأهم هو ان المواطنين باتوا يثقون بالمستقبل.
س: هناك من يرى، بأن الطابع الغالب على حركة البناء والعمران، هو عشوائي، لا يتحقق في اطار اقتصادي مدروس، مدى دقة هذه الملاحظة برأي سيادتكم؟
الرئيس:
ربما لهذه الملاحظة بعض الصحة فيما يتعلق ببعض الجوانب، خصوصاً لجهة القطاع السكني، وبعض المشاريع الصغيرة، لكنه يفتقر الى الدقة، عندما يقترب من المشاريع الستراتيجية البنيوية، ما ارتبط منها بالبنية التحتية أو التنموية، وحتى الخدماتية.
س: وماذا عن علاقتها بتخطيط المدن والحواضر الجديدة؟
الرئيس:
تبذل مساع حكومية لمقاربتها، مع تخطيط علمي يراد له أن يتوازى مع حركة البناء، والتضييق جهد الامكان على الانفلات غير المقصود في هذا الجانب او ذلك الميدان، وهو انفلات يرتبط أكثر ما يرتبط بالطموح لتجاوز ضياع الوقت والطاقات الذي تسبب بها حكم التمييز والجور والتخريب.
س: لكن الملاحظ، ربما من باب عدم توفر المعطيات، أو الطموح، ان حركة التطور والتنمية الجارية تغفل ميدانين استراتيجيين في اقتصاد الاقليم، والمقصود الزراعة والسياحة، الى ماذا تعزو هذا الاهمال أو الاغفال؟
الرئيس:
بقدر تعلق الامر بالزراعة، وهي أساس تحقيق "الأمن الغذائي"، لا بد من تتبع عاملين لعبا دوراً تدميرياً فيها، الأول، التدمير والتهجير وسياسة حرق الاخضر واليابس الذي شهدته كردستان طوال عقود، وأدت في المرحلة الاخيرة من سيطرة الدكتاتورية على مقدرات البلاد الى هدم وحرق الاف القرى الكردستانية وتشريد سكانها، واقامة منطقة خالية من البشر "عازلة"، والمناطق التي استهدفها الدمار والخراب، تضم أجود الاراضي الزراعية، ثم لا بد من الاخذ بالاعتبار عامل القلق وغياب الشعور بالامان والاستقرار حتى بعد أن تحرر الاقليم من سلطة الدكتاتورية، واقامة المنطقة الامنة بقرار من مجلس الأمن.
لكن العامل الاكثر تخريباً واضراراً، وهو عامل مستمر للأسف، يتعلق بكيفية تعامل هيئات الامم المتحدة المعنية بتطبيق قرار الغذاء والدواء مقابل النفط. فقد أصرت هذه الهيئات، رغم كل الجهود المبذولة لشراء مكونات البطاقة التموينية (الزراعية) من خارج العراق، مما كان له الأثر السلبي المؤذي في انعاش الريف الكردستاني، وتخلي الفلاحين عن الزراعة، ولن اتحدث هنا عن الفساد الذي شاب العملية واثرها على ما خصص اصلاً للبطاقة التموينية.
س: لكن هناك من يقول بأن سياسة حكومة الاقليم سابقاً (الادارتين) لعبت هي الاخرى دوراً سلبياً في الحيلولة دون معالجة تدمير القطاع الزراعي، من خلال التوظيفات غير المبررة، بل والعشوائية؟
الرئيس:
هذا صحيح. ولا تنسى، اننا انتقلنا الى تجربة القيادة الحكومية بالاعتماد على "التجربة والخطأ" وبامكانياتنا الذاتية، وفي ظل ظروف معقدة وصعبة، وتحت تهديد دائم داخلي وخارجي.
ان جانباً من هذا الخلل يرتبط بالتسيب الاقتصادي والاجراءات الكمركية، وغياب رؤيا واضحة لمعالجة ضعف الاداء الاقتصادي والتوازن المطلوب بين الانفتاح والحماية المطلوبة للميدانين الاقتصاديين الحيويين، الصناعي والزراعي، والتدابير العملية لحفزهما وتشجيعهما.
ولا بد ان تشرع حكومة الاقليم باجراء مسح شامل للمشاكل والعقبات التي تحول دون استنهاض الزراعة، وتشجيع الفلاحين لاستثمار اراضيهم وتنويع محاصيلهم. فالاقليم قادر على توفير سلة غذاء لا تغطي حاجاته حسب، بل وتغطية حاجات العراق.
ان ما أثر من عوامل على تخلف وتراجع الزراعة، هي نفسها بهذا القدر او ذاك اثرت على السياحة، اذ كان من الصعب، تشييد بنية تحتية ومناخ سياحي في ظل الظروف السابقة. ويمكن القول ان خطوات حثيثة تجري على هذا الصعيد، وان بشكل متفرق ودون خطة شمولية مترابطة، ان كردستان ليست "سلة غذاء" كامنة فحسب، بل "فضاء سياحي" غني بتنوع مناخاته وطبيعته، وفيض مياهه وتفجر ينابيعه وعيونه.
علينا حقاً أن نرسم "خارطة دلالة" على وجه السرعة بالاعتماد على المؤسسات الاستشارية المتخصصة، وتنظيم حملة واسعة لجذب المستثمرين الطموحين والمتميزين بالجرأة للعمل في هذا الميدان الحيوي والواعد.
س: لكن السياحة كصناعة، تستلزم كشرط لا بد منه، تأمين "مناخ سياحي" أي القوانين والاجراءات التي تشجع المستثمرين وتحفز السواح للتوجه الى كردستان. كما انها بحاجة الى استثمار ضخم في البنية "السياحية" التحتية لا تستطيع ضمانه غير الحكومة.
الرئيس:
الحكومة ضمنت برنامجها، بنوداً عديدة لمعالجة الجوانب المذكورة وهي جادة في تطبيقها. لكن حجم التوظيفات المطلوبة، اذا ما اخذنا بالاعتبار المهام والتوظيفات الاخرى المطلوبة، تفوق قدرة الميزانية المحدودة للاقليم، بل والامكانات والمعدات والخبرات التي تشترطها عملية بناء هذا المرفق الاقتصادي الضخم.
وكما قلت، علينا ان نفكر بكل الوسائل التي تمكننا من جذب وحفز الاستثمارات المحلية والخارجية لاستنهاض القطاع السياحي وتنشيط دورته، ولعل بوادر ذلك تبدو فيما ينجز من مشاريع.
س: سيادة الرئيس، دعنا ننتقل الى الميدان الاشكالي الذي يعتبر "مفتاح الفرج" ان صح التعبير، ونعني بذلك السياسة بابعادها المختلفة، الكردستانية، العراقية، العربية، الاقليمية والدولية.
اولاً، كيف تقيمون التطور الذي يشهده الاقليم بعد الانتقال الى الحكومة الموحدة؟
الرئيس:
عليك ان تقدر بنفسك، فالزائر والمتابع، يرى ويقرأ ويستنبط.
ان ما قطعناه من أشواط لاعادة بناء الوحدة وجسور الثقة بين كل مكونات كردستان مواطنين واحزاب وقيادات يتعدى الزمن الذي استغرقته باشواط غير محدودة. والسبب اذا ما أردت السؤال، يعود الى القناعة المتعمقة لدى الجميع، بان الوحدة واعتماد لغة الحوار والتفاعل والاصغاء الى الآخر، ونبذ كل أساليب العنف والاستئثار وادعاء الحقيقة، تكمن في أساس المناخ الايجابي الذي يسود كردستان ويميز العلاقات بين الحزبين الحليفين الاتحاد الوطني الكردستاني،  والحزب الديمقراطي الكردستاني وكل الاحزاب المشاركة في ادارة الاقليم. لكن حرص الكردستانيين على تكريس هذا المناخ وتوسيع مداراته وتحويله الى واقع صلد غير قابل للتراجع، يشكل الضمانة الاكيدة لاستمرار تعمق مسيرتنا ومنجزاتنا على كل صعيد.
ويعي الجميع حجم المخاطر والتحديات التي تترصدهم وتستهدف مكاسبهم.
لكن كل هذه الايجابيات لا تنفي استمرار تعامل بعض المستويات، سواء في الاجهزة والمؤسسات الحكومية، أو في الأطر الحزبية، بحساسيات حزبية أو مناطقية منافية لقيم الوحدة ومعاييرها ومتطلباتها. ونحن جادون لاتخاذ كل ما يلزم لتصفية مظاهرها وازالة مسبباتها وجذورها، سواء عبر التثقيف واللقاءات المباشرة، أو بالتدابير العملية وتشديد الرقابة الحكومية والحزبية والشعبية.
س:هل ترون ان نزعة التدخل الخارجي، ولا نقول خطره، تراجع بعد اقرار الدستور وما تضمنه من تكريس للفيدرالية على وجه الخصوص؟
الرئيس:
أتمنى ذلك، ونسعى الى تحقيقه بروح المسؤولية وبمنتهى الايجابية.
نحن من جانبنا نبدي حرصاً بالغاً لمراعاة مصالح الآخرين دولاً مجاورة، أم تجمعات وأفراد، ونراعي حساسياتهم ونطمن قلقهم، ان كان ثمة سبب للقلق، فكردستان انما هو بيت الكردستانيين كلهم.
لكن الأمر لا يتعلق بنا وحدنا، فعلى الاطراف الأخرى ان تراعي مصالحنا وحساسياتنا. ان مصالحنا لا تتعرض للاخرين أو تمس مصالحهم، أو تشكل بأي قدر كان تدخلاً في شؤونهم. كما اننا لا نريد ولا ننوي في المستقبل ايضاً، ان نتحول الى عامل تحريض أو تصدير للقيم والافكار والتوجهات. بل ولا نسمح بتحويل اراضينا منطلقات وثوب على اراضي الغير.
لكن اليد الواحدة لا تصفق! كما يقال، ومراعاة المصالح ينبغي ان تكون موضع عناية طرفيها، ويبدو ان كل الاطراف والجهات المعنية بالشأن العراقي والكردستاني لم تدرك بعد، ان الحقائق التي كانت سائدة قبل سقوط الدكتاتورية، قد سقطت وولت معها، وان الدستور العراقي المقر باستفتاء شعبي قل نظيره في المنطقة، رسم حدود حقوقنا والتزاماتنا، وتكفل بحمايتها والدفاع عنها والتصدي لاي تجاوز عليها.
س:وماذا عن كركوك؟
الرئيس:
الدستور وضع حدوداً قانونية وآليات عملية من خلال اللجنة الحكومية لاعادتها الى وضعها الطبيعي، سكانياً وجغرافياً. وكركوك شأن داخلي بحت، كردستانياً-عراقياً، وليس من حق أي جهة مهما ادعت، ان تنبري لطرح حلول وبدائل لها خارج الاطر الدستورية العراقية المقرة، أو ادعاء الوصاية عليها أو على أي طرف فيها.
ان كل مواطن من كركوك، يستمد حقوقه وتطلعاته مما ثبته له الدستور العراقي الذي هو الفيصل من وجهة نظرنا، وكل ما عداه باطل، وغير ذي قيمة.
س:وماذا عن نشاط اللجنة الوزارية ووتيرة عملها والاستجابة لمطالبها؟
الرئيس:
لقد بدت الخطوات التأسيسية مشجعة، ونفترض حسن النية في تعامل الحكومة المركزية معها، حتى حينما تتعثر الخطوات، أو تبدو الاستجابة بطيئة أو لا تنطوي على الجدية المطلوبة للتعجيل في هذا الاستحقاق الدستوري.
اننا نتطلع الى ان تتفهم كل الاطراف المعنية، في الحكومة والبرلمان وخارجهما، ان تسريع وتيرة تطبيع الاوضاع في كركوك، ومعالجة اثار الالحاق القسري بما يعيد لها الحق في التمتع بهويتها التاريخية، وانصاف ابنائها الذين عانوا الامرين من التمييز والتهجير والمصادرة، انما يسهم في اشاعة أجواء الثقة بين المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد والتي يتوقف عليها مصير العملية السياسية الديمقراطية الجارية، ويجفف أحد مصادر التوتر، ويعزز مواقع القوى المناهضة للارهاب والتكفير
س:كيف تقيم دعاوى البعض ممن يعرضون مسألة كركوك، كما لو انها نزاع على ثروتها النفطية، باعتباره من مستلزمات "إقامة الدولة الكردية"؟
الرئيس:
ألا ترى انها نفس الاباطيل التي فقدت جاذبيتها، حتى لدعاة التعصب الشوفيني الأعمى، لكثرة ما رددتها السلطات المستبدة التي توالت على الحكم، ولم يبق من دعاتها غير اولئك الذين لا يستحقون أكثر من تسميتهم بأيتام الدكتاتورية.
لقد قلنا دائماً، ونكرر، ان موقفنا ووجهتنا في اشكال التعبير عن تطلعات شعبنا لتحقيق ذاته القومية، لا تتحمل التلاعب، أو اعتماد سياسة ملتوية، "حمالة أوجه"، ونحن لسنا من اولئك الذين "يجلسون على كرسيين" يجاهرون بموقف، ويضمرون الشرور.
ونؤكد ايضاً، كلما نواجه بمثل هذه الاباطيل، اننا لا نخشى المجاهرة بنوايانا وسياستنا عندما يتعلق الأمر بمصائر شعبنا وأمتنا، ولا نتردد حينما نرى ذلك ضرورياً عن اعلان اي قرار مصيري يفرضه  شعبنا ديمقراطياً عبر هيئاته القيادية المنتخبة.
ان بعض المهووسين المتطرفين "فرسان الطواحين" يتوهمون بانهم قادرين على استفزاز شعبنا، ودفعه الى المغامرة، أو جره الى الاستسلام، متناسين ان النظام البائد، توهم بسحبه جميع الأجهزة والمؤسسات الحكومية من كردستان، بأننا سنستجيب "لاغراء مغامرة" لم تكن في أساس وجهتنا.
ان خيارنا اعتماد الفيدرالية للعراق، تعبير تأريخي في الظروف الملموسة لذاتنا القومية، وطالما حافظ العراقيون على النظام الفيدرالي الديمقراطي التعددي، وكرسوا قيمه وممارساته، سنبقى أحرص منهم على وحدة العراق وتطوره وازدهاره، بل ونحن الآن شعباً وقيادات كردستانية نرى أنفسنا في خندق الدفاع عن هذه الوحدة وأداة نشيطة لتحقيقها، ونبذل جهداً استثنائياً للتقريب بين الأطراف داخل العملية السياسية وخارجها. ونتصدى عملياً بحزم لكل المظاهر السلبية الخطيرة، التي قد تدفع "لا سامح الله" اذا لم يتسلح الجميع باليقظة وروح السؤولية الوطنية الى اتون مواجهة دموية تفضي الى حرب اهلية طاحنة.
ان من يقود البلاد الى التقسيم والتشرذم واللااستقرار، هم المتطرفون من كل الاتجاهات، بقايا النظام، و"القومانيون" الشوفينيون في صدارتهم، واولئك الذين يغذون الارهاب والفوضى، ويتشدقون بالتمسك بوحدة البلاد، لكنهم في واقع الحال يحنون الى زمن الاستبداد والتسلط واستباحة الحرمات.
س:وماذا عن دول الجوار والموقف منهم، ومما يقال عن قلق بعضهم من الفيدرالية وتعزيز مواقع ودور حكومة الاقليم في الكيان العراقي؟
الرئيس:
عليهم أن لا يقلقوا، بل ليطمئنوا، فالفيدرالية التي نتمتع بها عراقية الطابع، والتجربة التاريخية تؤكد ان لكل بلد خصوصياته، وتصدير النماذج والثورات كان يلقى الفشل دائماً، وعلينا ان نقر بأن هناك خصوصيات ملحوظة حتى في الحركة القومية الكردية في مختلف أقاليمها، مما يشدد على طابعها، في اختيار اسلوب الكفاح والبرامج والشعارات.
وما هو عام ومشترك يتجسد في حق الشعب الكردي اينما وجد في تقرير مصيره وفقاً لظروفه الملموسة وبالسبل التي يختارها، وهذا الحق يكتسب مشروعيته من مواثيق الامم المتحدة وحقوق الانسان، وفي اطار حق تقرير المصير للامم والشعوب.
س: على الصعيد العربي، الا ترى ضرورة التحرك نحو البلدان العربية، واقامة جسور تفاهم تبدد الشكوك والاوهام لدى بعض الاوساط فيها؟
الرئيس:
لقد قررنا في قيادة الاقليم وفي الحزبين الحليفين، تشكيل وفود لزيارة عدد من البلدان العربية واجراء مباحثات مستفيضة معها تتناول كل القضايا العقدية وتوضيح الالتباسات التي لا نرى اساساً لها، ويهمني أن اؤكد هنا، ان الشعب الكردي وقيادته السياسية، كانت دائماً تضع في اولوياتها ايجاد قواسم مشتركة مع البلدان والقوى والشعوب العربية، حتى عندما كنا نشعر بالمرارة من مواقف بعضها ازاء ما نتعرض له من ارهاب وقمع وتصفيات.
اننا ننطلق في مفهومنا للعلاقة مع الدول والشعوب العربية، من ضرورة الاحترام المتبادل للاماني والمطامح القومية للشعب الكردي والامة الكردية، مثلما نحترم أماني وتطلعات الشعوب العربية.
وفي كل الظروف والاحوال، فان تفاعلنا، خصوصاً واننا نعيش متجاورين، ويجمع الدين (اكثريتنا)، يصب في مصلحة شعوبنا ولصالح تنمية واستقرار وتطور واستنهاض البلدان العربية.
اننا نتصرف كحلفاء للشعوب العربية،  ونتطلع الى ان نعامل بالمثل!
س:أرى ان سيادتكم أكدتم على أهمية الوحدة الوطنية العراقية، والحفاظ على وحدة العراق، لكن الضجة حول موقفكم من العلم العراقي وانزاله، لا زال يلقي بظلاله على الساحة العراقية والعربية؟
الرئيس:
لم ننزل العلم العراقي، بل رفضنا منذ البداية رفع علم حزب البعث، الذي يؤكد قانونه الصادر من "مجلس قيادة الثورة" الملغي، بأنه يمثل شعار البعث، "الوحدة والحرية والاشتراكية"، وبهذا الموقف تجنبنا، وليس مثل آخرين، هذا التناقض السافر بين الاصرار على "اجتثاث البعث" وتصفية آثاره، وادانة جرائمه من جهة، والتمسك بالراية الخرقاء التي استظل بها وهو يرتكب كل جرائمه ضد الشعب العراقي وفي حروبه الخارجية.
والغريب ان الكثير من المظاهر "السيادية" تم تجاوزها، بما في ذلك النشيد الوطني، دون ان يحتج أحد، بل والأغرب من ذلك كله، ان القوى المتناقضة فيما بينها على كل شيء، التقت بصدفة عجيبة حول العلم المزعوم باعتباره يشكل رمز السيادة العراقية.
ولا بد من الايضاح بأننا لم نرفع علم صدام حسين حتى قبل سقوطه، وما فعلناه، هو اصدار قرار باستخدام علم ثورة 14 تموز الذي أجمع عليه العراقيون بمختلف قواهم، بمن فيهم بعثيي ذلك الزمن، الى جانب علم كردستان، والامتناع عن رفع اعلام الاحزاب فوق الدوائر والمؤسسات الحكومية.
اننا دعاة اقرار نشيد وطني وعلم عراقي يعبر عن العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي الجديد ومكوناته وطيفه الوطني، لكي نرفعه على ربوع كردستان، ولكي نتعامل معه كرمز وطني مقدس، فلماذا لا يوضع هذا الاستحقاق في اولويات جلسات مجلس النواب المقر؟
س: بالعودة الى ما يقال عن النفط، هل هناك تصور معين لديكم حوله باعتباره ثروة وطنية؟
الرئيس:
دعنا نؤكد بأوضح الكلمات، ان النفط ثروة وطنية، لكننا نرى ان من الضروري لدى توزيع هذه الثروة وغيرها الأخذ بالحسبان الحرمان والتخلف الذي عانت منها تلك المحافظات والمناطق التي تدر هذه الثروة على البلاد، خذ على سبيل المثال كركوك، والبصرة، هل يمكن التصور انهما مدينتان تفيضان بالنفط والغاز، فالبصرة مثلاً تفتقر الى مياه الشرب النقية! أما كركوك، فهي أشبه ما تكون بمدينة أطلال....
س:وماذا عن العقود مع الشركات الاجنبية لاستكشاف او استثمار آبار النفط في الاقليم؟
الرئيس:
ليس هناك أي خلاف من حيث الجوهر، فالثروة مآلها الخزينة المركزية، لكن بعض التفاصيل الشكلية تثار كما لو انها خرق لهذا المبدأ.
فنحن نرى ان وزارة النفط والحكومة المركزية من حقها الكامل الاطلاع على العقود والشركات المستثمرة ودراسة مضامينها، ويبقى لرئيس وزراء الاقليم التوقيع على العقود والاتفاقيات.
السؤال المثير للحيرة في هذا السياق، الا تمثل حكومة الاقليم بقدر تعلق الأمر بحدود سيادتها، الحكومة العراقية والسيادة العراقية، اذن اين الاشكال؟
س: أرجو ان لا يضيق صدركم ببعض اسئلتنا، فنحن نسعى من خلالها عكس بعض ما يدور في الاوساط السياسية العراقية، ومنها على سبيل المثال، ما يقال من انكم ترفضون تحريك القطاعات العسكرية (الكردستانية) التي هي جزء من الجيش العراقي والقوات المسلحة العراقية..
الرئيس:
اننا لا نرفض اعتبار البيشمركة جزءاً من الجيش العراقي، ولكننا حذرون من الظروف المعقدة والملتبسة الراهنة، وانعكاسها سلباً على استخدام هذه القطعات خارج حدود الاقليم..، بالانحياز مما يضعنا في مواجهة تهمة الاشتراك في قمع هذا الطرف او ذاك، والانحياز الى هذه الطائفة او تلك.
والغريب ان من يوجهون الينا هذا التشكيك يرفضون بالقطع مساهمة القطعات العسكرية الكردستانية في ملاحقة الارهابيين في كركوك او حتى تأمين سلامة طريق بغداد-كركوك، أو كانوا يرفضون مشاركتنا في حماية أنابيب النفط.
ان قواتنا العسكرية الكردستانية لم تنتقل الى اي جزء عراقي، ومع ذلك هناك أوساط سياسية واعلامية، عربية تنشر اكاذيب في لبنان بأن "البيشمركة الكردية" تحارب الى جانب طرف في الصراع السياسي الدائر هناك!؟ ان الاكراد من المنخرطين في الجيش العراقي والقوات المسلحة في مختلف انحاء العراق، يؤدون واجباتهم مثل زملائهم الآخرين، ولا حرج في ذلك او اعتراض. ولنتساءل هنا مفترضين صدقيتهم، وانهم لا يريدون خلط الاوراق، لماذا لا يتخذ مجلس النواب أو الحكومة قراراً علنياً بدعوة البيشمركة للمساهمة في تأمين الاستقرار وحماية المواطنين والمنشآت في بغداد مثلاً، وقبلها في الموصل وكركوك.
س: ألا ترى ان الدستور الكردستاني الذي أقره برلمان كردستان لا يتفق في الكثير من مواده مع الدستور العراقي؟
الرئيس:
ان ما يقال انه دستور كردستاني لم يقر في البرلمان بعد، وهو قيد الدراسة والتدقيق لكي يتطابق فيما ينبغي عليه ان يتطابق مع الدستور العراقي.
نحن حريصون على ان لا يتعارض مع مواد الدستور وأحكامه الاساسية، مع الأخذ بالاعتبار الخصوصيات الكردستانية التي هي من حيث الجوهر ليست خروجاً على مباديء الدستور العراقي وأحكامه المبدأية وديباجته العامة.
س: كيف تقيم التطور الذي ترتب على زيارة وزير الخارجية السوري الى بغداد، واعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؟
الرئيس:
لم نتردد يوماً في العمل على تطبيع العلاقات السورية-العراقية والارتقاء بها.
ومحاولاتنا تعود الى ما قبل اسقاط النظام السابق وحتى عشية الحرب، وكنا من دعاة دور متميز لسورية، ولكن على أسس تفهم الأوضاع التي مر بها العراق ومعاناة شعبه على يد النظام البائد، لكن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن، للأسف، وارتكبت اخطاء الحقت ولا تزال، أضراراً بليغة بمصالح البلدين.
اننا نتطلع الى اتخاذ خطوات ملموسة بوتائر متسارعة لتصحيح مسار العلاقات، ولا بد ان ينعكس ذلك، لا في اللقاءات المعزولة، بل في لغة الاعلام السوري ومعافاة المناخات السياسية، أينما شهد احتقاناً أو توتراً، والاندفاع المخلص لدعم العملية السياسية الديمقراطية في البلاد.
ولا بأس من تنبيه بعض الأوساط، بأن الشعب الكردي أصبح اليوم جزءاً فاعلاً من الحياة السياسية، ويتمتع بالحق الدستوري في اقامة فيدرالية في كردستان، الا يستحق هذا التطور الذي يستند الى تضحياتنا التوقف عن استخدام بعض المصطلحات السياسية البليدة؟
س: أخيراً أيها السيد الرئيس، بينما الأوضاع في بغداد تسير نحو المزيد من التوتر والتدهور، يبدو للمراقب، كما لو أن ذلك ليس جزءاً من اهتمامك، كما لا يتلمس اسهاماً منك في الجدل الدائر حول المصالحة الوطنية ومآلها..
هل هذا التقييم دقيق سيادة الرئيس؟
الرئيس:
انت تعرف انني لا أميل الى الادعاء والاستعراض، لكنني أذكر في هذا السياق انني أول من بادر حتى قبل سقوط النظام، في اجتماعات المعارضة في الخارج وفي كردستان الى اعتماد المصالحة الوطنية، ووضع حد لدورة التصفيات السياسية الدموية، وبعد السقوط، احتضنت اربيل مؤتمرات وندوات وحوارات مكرسة للمصالحة الوطنية، وتحديد مضامينها وقواها وأساليب تحقيقها. وقد دعوت في آخر مبادرة قبل بضعة اسابيع الى لقاء عاجل يعقد في اربيل للقيادات السياسية دون استثناء لمعالجة الاحتقان المتزايد، وتوسع مديات القتل والترويع والتهجير المذهبي، وصياغة مفاهيم مشتركة واضحة للمصالحة الوطنية، لكن المبادرة أجهضت.
اننا حين ندعو لمثل هذه اللقاءات في كردستان، لا نريد بذلك نقل الثقل السياسي العراقي من بغداد، كما يلمح البعض من ذوي النوايا غير السليمة، لكننا نرى في اجوائنا وما يمكن ان نوفره من تشارك وتفاعل، عامل تقريب وتفاهم.
وفي كل الاحوال، ان النزف في بغداد، وكل بقعة عراقية، يدمي قلوبنا، ويؤرقنا، ونحن مستعدون دائماً للمساهمة في أي جهد يوقف هذا النزف، ويضع البلاد على طريق الأمن والاستقرار والتطور الطبيعي.
 



http://www.almadapaper.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=10808[/font]
مرحبآ بكم في منتديات عنكاوا كوم