أهنئك مبشراً بقيامة يسوع المسيح
غبطة البطريرك مار يوحنا العاشر
الجالس فرحاَ بالرب على كرسي الأنطاكي.
إنها القيامة ،وليست أي قيامة ،فلعازر قد قام ،وغيره قد أقامهم يسوع المسيح رّب المجد ،ولكنهم ماتوا ثانية ،لكن هذه القيامة ،قيامة الرّب يسوع المسيح من الأموات بجسد ممجد لن يرى الموت ثانية ،لذلك كان بكر أخوته الذين سيقومون من الأموات ،ولذلك كمسيحيين منذ الكنيسة الأولى أعتبر يوم القيامة ،يوم بداية الكنيسة التي أشتراها بدمه ،وخلصها بقيامته.
إن مجرد الوقوف لمناسبة كهذه ،لهو الفرح بعينه ،فرح لن تسطيع الظروف المحيطة ،مهما قست ،أن تفصلنا عن محبة المسيح ،وفرحنا بالرّب .
سيدي البطريرك .أنتم وإخوة لكم في الكنائس الأخرى ،تقودننا في موكب نصرة المسيح يسوع ،وناظرين رئيس إيماننا يسوع المسيح ،لنفرح به ،ولنفرح ،فلا مكان مع يسوع إلا للفرح.
المطوّبة القديسة مريم العذراء ،كانت عند الصليب ،وكم كان قاسياَ عليها ماجرى على الصليب ،لكن يوم القيامة أحتفلت مع التلاميذ بالقيامة ،وحينها رأت ورأى الكل معها ،أن الجمعة التي سبقت القيامة كانت الجمعة العظيمة ،وليست الحزينة ،وذلك لعظمة الخلاص الذي قدمه الرّب على الصليب.
سيدي .أدري أن هذه الأيام صعبة على كل أهلنا في سوريا ،من مختلف الطوائف ،مسيحيين ومسلمين ،وكم هي شبيهة بأيام هيرودس ،حين ذبح الجليلين وخلط دمائهم بذبائحهم ،وسئل يسوع عن ذلك وخطيئتهم.
لكن يسوع أخبرهم بأن عليهم أن يتوبوا ويعوا لمصيرهم الأبدي ،واليوم أكثر من أي يوم مضى ،أرى بلدي تحتاج المخلص يسوع المسيح أكثر.
سيدي .كان لي صديق ،رغم معرفتي الزمنية الطويلة به ،لم أراه أي سنة يحتفل بمناسبة القيامة،قيامة ربنا وسيدنا يسوع المسيح من الأموات ،والسبب بسيط وشائع في شرقنا الحبيب ،حيث كان صديقي من عائلة كبيرة نسبياً ،وكل عام كان لديه عزاء لأحد أقربائه ،وهكذا كانت مناسبة القيامة حزنا لتذكر أقربائه ،ورثائهم .
لكن من تاريخ أجدادي ،في بلاد الرافدين ، ،لا شيء يوقف الإحتفال بالقيامة ، وفي إحدى قرى جبال حكاري ،وكما جرت عادة الأحتفال بيوم القيامة ،أو عيد الفصح ،وبعد الأنتهاء من القداس الأحتفالي بهذه المناسبة ،وحيث يسبقه سهرة صلوات وتراتيل ليلة السبت (شهرتا)التي تنتهي بفرح القيامة.
جرت العادة ،أن يقوم الكاهن بمعية الوجهاء أو شيوخ القرية ،بزيارة كل بيوت القرية لمشاركة الأهالي فرحة القيامة،صلاة ،وبركة ،ومحبة حاضرة بقيامة ربنا.
لكن في إحدى السنين صادف يوم القيامة ،وقتا كانت القرية فقدت شاباً يافعاً ،ووحيداً لأرملة متقدمة بالعمر،وقام الكاهن ومجموعة الشيوخ بواجبهم كما كل عام ،لكن حين أقتربوا من منزل الأرملة خذلتهم أرجلهم ،نعم يعرفون عزّة من فقدته ،ماذا عليهم أن يقولوا لها ،ما هي التحية المناسبة ،هل نقول وطلب الرحمة لأبنها ،لكن كيف سنريها أننا نحتفل بالقيامة ،فهي تعرف أن دورتنا هذه كل عام ،هي لأننا نعبر عن فرحنا بالقيامة .
المفاجئة كانت حين دخلوا بيتها ،الأرملة كانت أعدت ليوم القيامة مثل كل عام ،بل يبدو عليها الفرح أكثر ،مما أثارت إستغراب الجميع ،ورغم تردد الكاهن ،لكن تجرأ وسألها ،عن سبب أحتفالها بالقيامة ،ولم يمض على نياحة أبنها الوحيد إلا فترة بسيطة ،أجابتهم .وكيف لا أحتفل ،واليوم الذي قام من الأموات ربي يسوع المسيح يحتضن أبني في ملكوته ،كيف لا أفرح لذلك ،فرحي هو ذلك ،أن نكون مع المسيح.
وأخيراً سيدي ،رجلاً هو بطريرك كنيسة المشرق ،بل أحد شهدائها ،مار بنيامين شمعون ،حين أعتقلوا الأتراك أخوه ،وهددوه بقتله إن لم يذعن لهم ،فكان جوابه إني أضحي بأي فرد في سبيل شعبي حتى لو كان أخي ،فقتلوه الأتراك .
لا بل لم يقف الأمر عند ذلك ،فقد ضحى بنفسه من أجل كنيسة المشرق ،وشعبه بإستشهاده ،مقتدياً بالرّب يسوع المسيح .
سيدي .لقد تم خطف المطرانين ،رجلا الله ،إن الرب يسوع يريد للكل أن يخلصوا وإلى معرفة الحق أن يقبلوا ،وكيف ذلك إن لم يسمعوا ،لذلك سمح يسوع للمطرانين أن يكونوا حين هم الآن ليشهدوا للرب ،وخلاصاًهذا مقداره .
أفرح ،وأفرح ،فيسوع قام من الأموات.
