المحرر موضوع: من موروثنا الشعبي صَيدا د دبّي  (زيارة 1038 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بدران امـرايا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1003
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من موروثنا الشعبي
صَيدا د دبّي
بدران امرايا
الصيد موهبة متأصلة في بعض الناس منذ قديم الزمان وحتى الآن ,فان بعض الناس يذهبون لرحلة الصيد بأنواعه المختلفة. وهي رحلة ممتعة تحتاج لإظهار الدقة والبراعة والمهارة , فضلا عن إن بعض الناس ترتزق من خلال عملية الصيد ,ولدى شعبنا الكلدواشوري السرياني ناس تواقة لهذه المهمة الخطرة  والممتعة في نفس الوقت , وهذا ليس محل عجب لان شعبنا هو امتداد وأحفاد صيادي الأسود الملوك الآشوريين العظام من أمثال الملك آشور ناصر بال الثاني الذي صاد أكثر من مائتي اسود ,ويظهر ذلك جليا في مشهد له  وهو يمتطي العربة الخيالة ويهاجم الأسود.

وهنا سأتطرق إلى صيدا ددبّا ,صيد الدببة عند شعبنا قديما,وفي مناطقه الجبلية ,حيث كانت المنطقة مليئة بالدببة ولشعبنا قصص وحكايات شعبية عديدة تتمحور حول الدببة , وكانت الدببة تسبب العديد من الأضرار لمحاصيلهم حقولهم الزراعية ,وخطرا على حياتهم بصورة مباشرة ,وكثيرا من الحالات كانت الدب تدخل إلى القرى وتعبث فيها وتدخل الرعب في قلوب الناس البسطاء,لكن بعد أن تيقن أبناء شعبنا بان دهن الدب مفيد لصناعة الصابون المحلي فتغيرت ادوار المعادلة فاخذ إنساننا القروي يعقب اثر الدببة لصيدها ولقتلها لغرض الصابون.وبذلك فكر بطرق عديدة لمواجهة هذا الحيوان العملاق وكيفية الإيقاع به,والمسالة ليست هينة كما نتخيل,ونحن نكتب هذه الأسطر البسيطة,وكانت خير وسيلة لهذا المهمة هي الهجوم الجماعي وجها لوجه (صَدرا لصَدرا ) وكانت الخطة محكمة الحبك والتحرك بسرعة البرق للإيقاع بالدب ,وذلك من خلال مجموعة من الرجال الأشداء أقوياء القلوب , بَتاخي دبوراثا أي فاتحي سالكي الطرق أو المجاري الصعبة  , لي متَربتيلا ايناي قَم مَلاخا  , أي لا يغمضون أجفانهم حتى أمام مَلاك الموت, لان مهاجمة الدب ليست رحلة راحة واستجمام بل هي الذهاب برغبة طوعية إلى المقبرة وموجهة الموت المحقق ,والعملية تعتمد على السرعة الخاطفة والحركة إزاء موقف سريع كالبرق  وخطورة نسبتها 100%, فكان احد الأشخاص والجرئ جدا يستعد لمواجهة الدب اولا, وذلك بعد أن يحضر خشبة بطول 30 -40 سنتمترا وقوية ذات راسين حادين كالإبرة نيزا دقَيسا ,يمسك الخشبة من وسطها بيده اليسرى , ثم يقوم بلف هذه اليد حتى الكتف بأقمشة وجلود قوية جدا بحيث لو عضتها الدب لا يؤثر عليها , أما يده اليمنى فيحمل خنجرا حاد جدا , والأصدقاء الآخرين كانوا يستعدون بخناجرهم المسننة , وينتظرون الشخص المهاجم , وكانوا يذهبون إلى مناطق تواجد الدببة بكثرة وخاصة الكهوف ,أو ينتظرون طلتها لبساتينهم لتأكل العنب والتفاح وغيرها .فكان الرجل المهاجم أو الفدائي ,كبش الفداء , يقصد الدب وجها لوجه , ولدى وصوله للدب , كان الدب يطلق صراخا ويفتح فمه فكان الرجل في الحال يدخل يده اليسرى في فم الدب , والدب يحاول عضة بكل قوة فكانت الخشبة الحادة تنغرس في فمها بين فكيها من كلا الجانبين فلا تستطيع فتح فمها ثانية , وفي يده اليمنى ينزل عليها بالخناجر وكذلك والرجال الآخرين يقصدون الدب بسرعة البرق فينهالون عليها بالخناجر من كل الاتجاهات ويفتحون بطنها فتخور قوتها فتقع على الأرض وتموت .
لكنها كانت تحاول وبقوة مستميتة الدفاع عن نفسها , وأحيانا كانت تلقن المهاجم دروسا بليغة وتقتله بضرباتها المميتة , وأحيانا كان الدب يقاوم بضراوة فيهرب الرجال الأشداء والتخبي عنها,لكنها كانت ترميهم بحجارة كبيرة ,لكنها حتما كانت تموت من جراء جروحها البليغة , ولدى قتلها كانوا يسلخون جلدها ويكشطون قشاطا دهنها تَربا ويأتون به إلى القرى  ليصنَع منه أجود أنواع   الصابون صابون دمشخا ددبّا .أما فراءها كان يستخدم للجلوس عليه في البيوت او للملابس الشتوية .
فتصور عزيزي القارئ مشهد مهاجمة الإنسان لحيوان كالدب الشرس وخاصة لدى إصابته فيصدر اصواتا كالبرق فيدخل الهلع في الصخور فكيف بالإنسان يهاجمه ,فتحية لروح هؤلاء الأبطال الأفذاذ فيجب أن نكتب تاريخهم البطولي بمداد من الذهب .
وهنا سارد بعد من أمثلتنا الشعبية عن الدب:
بْد رَخمالي دبّا , أي سوف تحبه أو تشفق عليه الدب وترضعه وتحسبه احد جراءها , يقال هذا المثل للأشخاص القبيحين شكليا فتحسبهم الدب من جراءها لكثرة التشابه بينه وبين جراءها  .
اخ دبّا مجَرمطالي انوي , أي مثل الدب عندما تنتزع العنب ,يقال للشخص عندما يؤدي الواجب بصورة غير صحيحة أو ينزع كل شيء.
ايلي اخ دبّا اورزا , انه كالدب الذكر, يقال للشخص القبيح شكليا .
صَدري ما خيلي لدبّا, أي يواجه الدب بصدره , يضرب هذه المثل للشخص الضخم والقوي ( قَيابا ).
ايلا مَخ دبّا, أي أنها كالدبّ يقال للمرأة الضخمة.
 
   
خَبوشا سموقا دبّا كي اخلالي, أي التفاح الأحمر يكون من نصيب الدب , يقال لذي الحظوظ الحسنة من الناس الكسالى.
وفي قرية امرا  د مارسور يشوع في تركيا  كانت المرحومة تريزا زوجة  اسطيفو كانت تقول لأهل القرية ما هي الدب حيث تتكلمون عنها  كل يوم فقط أريد أن أراها ؟  وذات مرة وبينما كان زوجها خارج البيت جاءت دبة كبيرة مع جراءها قرب بيت تريزا  فظنتها بقرة وشاءت أن تحلبها وما أن اقتربت منها , حتى نفرت وأطلقت صرخة مرعبة وأشبعت المرأة ضربا مبرحا حتى أغمي عليها ,وبعدها كانوا أهل القرية يقولون لها ها ..الآن هل عرفت الدب!!.
شلامي عَم دَستا دهَباوي عطراني.
Badran_omraia@yahoo.com