وداعاً.. رفيقنا
زيا نمرود كانون
ميخائيل ممو / السويد
حقاً لقد فجعنا برحيل أحد أعمدة الأدب الآشوري الحديث الذي ألمَّ به المرض الظالم ليدعه يعاني من ألم الحسرات والتأوهات على ما كان يحمله بين طيات فكره لخدمة المجتمع. وبرحيله المباغت الذي لم نكن نتوقعه بهذه العُجالة التي جعلتنا أن نقف واجمين، نستذكر جمّ فضله ودرر أدبه مما تركه لنا وللأجيال القادمة.
حقاً يا رفيقنا الراحل.. لقد أديت ما عليك ووفيت في إدائك، وخدمت لغة بني شعبك بما يرضي من فهم مواقفك وتطلعاتك وخدماتك، رغم طموحك الدائم على تقديم المزيد مما خزنته في ذاكرتك. ولكن ماذا عسانا أن نفعل من مشيئة القدر. دعني أقولها وبملئ فمي ان الفاجعة التي ألمّت بنا وبمن عاشرك وتواصل معك لا تقل هولاً بمن سبقوك من ذات الرياض. بقي أن تعلم روحك الطاهرة بأن ذكراك ستبقى تناشدنا بذكر مآثرك، وبما اتصفت به من صفات حميدة متمثلة بأخلاقك المطعمة بشذا الفضائل والمزايا السامية.
حقاً يا أديبنا الراحل.. كنت شهماً لكل ما تصبو اليه، وكنت ذلك المثابر الذي لا يملّ ولا يتقاعس في مواكبة المسيرة الأدبية واللغوية، وكنت في غالب الأحيان أن تكون بمثابة ذلك الإنسان الذي لا يرنو لسمات الرقي والعلو والأبهة بما كنت تكشفه لنا وتمهد له لمشاريعك المستقبلية في الوطن الأم لتكون بالتالي وبحكم الظروف القاسية ضحية أشواك الهجرة والإغتراب.
أيام ملازمتك لفراش المرض أحزننا مرضك، وأيام شعرتَ بمحدودية العطاء الفكري تألمنا لذلك، وأيام معرفتنا بمعاناتك الشديدة ساورتنا الشكوك، وها هي اليوم تلك الشكوك تؤكد لنا نتائج تلك المعاناة بفراقك الدائم ورحيلك الأبدي بإسدال الستارة على الفصل الأخير من حياتك الزمنية بإرادة من آمنت به، تلك الحياة التي خاطبتَ فيها الحبيب في يوم ما بمقاطع من قصيدتك "أيها الحبيب" التي ترجمناها للعربية والتي بدأتها بجمل متفاوتة مفادها: اسمع ايها الحبيب.. انظر ايها الحبيب.. هيا ايها الحبيب.. نلج في موج الريح.. وبصوت حاد المرونة نصيح.. ايتها الريح.. حركينا.. حلقي بنا.. وارفعينا، لعُلى السموات.
وها هي تلك التنبؤات التي ساورتك لتلك السموات قبل اربعة عقود في الوطن قد لبت صيحاتك بعد أربعة عقود من عمرك الزمني وأنت بعيداً عن مرتع أحلامك.
وليس لنا في نهاية حديثنا إلا أن نقول: انتم السابقون ونحن اللاحقون.. فنم قرير العين في مثواك الأخير. وما بقي لنا سوى التضرع إلى الخالق بأن يتغمد روحك بشآبيب رحماته، ويلهم ذويك وأصدقائك الصبر والسلوان.
***
ولكي يكون القارئ على معرفة بسيرة حياة الفقيد زيا نمرود كانون أنقل هنا ما دونته عن سيرة حياته عام 1976 في كتابي الموسوم " في رياض الشعر " مع بعض الإضافات الحديثة التي استقيناها من معاشاة حياة الإغتراب.
• ولد عام 1934 في بلدة عين سفني في مدينة الموصل.
• أنهى دراسته الثانوية عام 1957 في المعهد العلمي ببغداد.
• تخرج عام 1958 من الدورة التربوية للمعلمين في بغداد.
• تم تعيينه بعد تخرجه معلماً في محافظة أربيل.
• أنتقل عام 1967 إلى بغداد، فإلتحق بالجامعة المستنصرية ليتخرج منها حائزاً على شهادة البكالويوس في اللغة الإنكليزية وآدابها.
• عمل في القسم الآثوري (السرياني فيما بعد) بإذاعة بغداد منذ تأسيس القسم عام 1972. ليمارس عمله كمترجم ومذيع ومقدم لبرنامج ( الأدب والحياة) ولمدة تزيد عن الثلاث سنوات.
• عضو سابق في لجنة المكتبة والهيئة السريانية والمجلة التابعة لمجمع اللغة السريانية في بغداد.
• عضو سابق في هيئة تحرير مجلة " المثقف الآثوري " الصادرة عن النادي الثقافي الآثوري، وأحد مؤسسي جماعة " أصدقاء الأدب الآثوري". كما ومارس تعليم اللغة الآشورية في النادي الثقافي. وعلى أثرها نال وسام النادي لنشاطاته الدائمة في النادي.
• انتخب عضواً في الهيئة الإدارية لإتحاد الأدباء والكتاب الناطقين بالسريانية وتولى منصب نائب الرئيس إبتداءً منذ عام 1973 ودوراته اللاحقة كعضو فعال لغاية عام 1980.
• عضو اتحاد الصحفيين العراقيين عام 1980 إضافة لعضويته في الإتحاد العام للإدباء العراقيين عام 1985 ومن ثم عضويته في جمعية المترجمين العراقيين عام 1988.
• عام 1989ـ 1993 اختير للتدريس في المعهد الكهنوتي لكنيسة المشرق الآشورية وتتلمذ على يديه العديد من رجال السلك الكهنوتي.
• شارك في معظم المهرجانات الشعرية والأماسي الأدبية في بغداد وخارجها.
• نشر في وقتها دراسة مسهبة وعلى شكل حلقات بجريدة التآخي تحت عنوان " تاريخ الأدب الآثوري". وكذلك العديد من المقالات في المثقف الآثوري ومجلة الإتحاد ومجلة الكاتب السرياني التي تولى فيها منصب سكرتير التحرير ومجلة مجمع اللغة السريانية.
• له عدة دراسات تبحث في الأدب واللغة، إضافة لمجموعة شعرية.
• عام 1993 ولأسباب خاصة شد الرحال مع عائلته الى الأردن ومنها الى شيكاغو، ليمارس فيها نشاطاته من خلال المؤسسات الآشورية، فمارس التعليم والتدريس في المدارس الرسمية وعمل كموظف في المؤسسة الخدمية لأبناء الجالية.
• من نتاجاته الأدبية المطبوعة:
ـ كتاب بهرا وطلالي أي ضوء وضلال عام 1980 بغداد
ـ معجم الأدب السرياني، الجزء الأول، مع مجموعة من المؤلفين، 1990 بغداد من منشورات المجمع العلمي العراقي.
ـ كتاب الحلقة المفقودة في تاريخ الآثوريين" 1997 شيكاغو.
ـ تعليم اللغة الآثورية للآثوريين المولودين في المهاجر وغيرهم.
إضافة للعديد من المخطوطات والتي منها ثلاثة أجزاء لتعليم اللغة الآثورية.