المحرر موضوع: لبنان "الصغير" يكبر بثوابت بكركي  (زيارة 1271 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Leila Gorguis

  • leila
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 868
  • الجنس: أنثى
  • لبنان .. قلبي !!
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

لبنان "الصغير" يكبر بثوابت بكركي
[/color]



من إلغاء الى إلغاء "لبنان رح يطير" ..
في الماضي وليس بالبعيد، أطل علينا الجنرال ميشال عون بمشروعه الوطني القاضي بإلغاء القوات اللبنانية ووجودها المسلح. كان خطابه يهدف الى ضم جميع الأحزاب المسلحة تحت لواء الشرعية وجيشها، فقلنا هذا شيئ قد يكون جيداً اذ انه يلتقي مع مطالب خط القوات اللبنانية التي أوجِدَت  في الأساس بسبب فراغ عسكري مسلح في المناطق المسيحية (خلال الحرب) لمواجهة الإعتداءات الفلسطينية المسلحة وللدفاع عن وجودنا كمسيحيين تحت أجنحة "بكركي" والطوائف المسيحية الأخرى في وطننا وعلى الأقل في قرانا ومناطقنا.
تذكرنا يومها مواقف الرئيس الراحل الشيخ بشير الجميل حين أراد تحقيق هذا الأمر بعد انتخابه رئيساً للبنان. يومها، طلب من الموظف أن يذهب الى مكتبه ويحترم دوام عمله مثلما أوعز الى الطلاب في العودة الى مقاعدهم الدراسية، فهناك من سيحمي الوطن بحدوده تحت ظلال الشرعية والدستور.
حصل الذي حصل وقصف النظام السوري بعبدا ناسفاً عون وأحلامه بالرئاسة فكان مصيره النفي الى فرنسا.
تطاولت بعد ذلك أطماع النظام السوري على وجود أي زعيم مسيحي قوي له قاعدته الشعبية وبدأت المؤامرات تُفَبرَك فَهَجَرَ الرئيس السابق الشيخ أمين الجميل وعائلته لبنان وهُندِسَت قضية سجن قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وفرغ الشارع المسيحي ممن كانوا يشكلون خطراً على امتداد اخطبوط الإحتلال السوري للبنان.
منذ ذلك الوقت كانت رموز الدولة اللبنانية (من رئيسها الى نوابها) تتعامل  مع  النظام السوري برهبة ورعب و"بتحتية" مُذِلّة  أنزلت كرامة اللبناني ومقومات الوطن تحت الأرض الى ان رفع الرئيس الشهيد الراحل رفيق الحريري رأسه وصوته وبصق الدم بوجه الأسد ورعيته فكان مصير الحريري الإغتيال مثل كل الذين نادوا بولائهم للبنان وبايمانهم بدوره الحضاري والمشع في المنطقة بالرغم من صغر مساحته وافتقاره للبترول "نجم العصر".
قصتنا مع الموت طويلة ..اليوم نستذكر إغتيال جبران التويني صاحب الكلمة "الموحدة" التي أدت الى قتله والتخلص من دعوته الوطنية الحرة والصادقة.
لن أكرر قصة مسيرتنا مع الأوجاع والآلام بل سأختصر المسافة الى حين عودة عون من منفاه (والله يعلم كيف تم ذلك) وخروج جعجع من سجنه السياسي بعد 11 عاماً من فراغ سياسي قاتل في الشارع المسيحي.
تأملنا خيراً بالرغم من مسلسل الإغتيالات الذي طال المسيحي والمسلم، المؤمن وغير المؤمن، فاغتيلوا فقط لأنهم لبنانيون مؤمنون بلبنان، بتعدديته  وبسيادته.
رحنا نحلم بعَلَم ٍ كبير وِسع مساحة لبنان نتفيأ تحته وننصبه خيمة ً من الشمال الى أقصى الجنوب ومن الغرب وشطه الى قمم الجبال في أقصى الشرق ..
وصدقنا ان جبهتنا المسيحية ستكون موحدة كي تعيد للمسيحي كرامة وجوده على أرضه، تحد من هجرته وتتكلم باسمه في تحالفات وطنية جديدة تضم اللبنانيين على اختلاف أطيافهم الدينية والسياسية باسم الوطن وعشق لبنان.
صحونا من نومنا وأدركنا اننا فعلاً كنا نحلم .. فقلنا "معليش" نريد للبنان كل الديمقراطية، فلتعبِّر المعارضة عن آرائها وأفكارها وبرامجها الوطنية .. ألسنا من عشاق الحرية؟
وعبرت المعارضة "بحرب تموز" التي هجَّرت مليون لبناني وكلفتنا 15 ملياراً أي ما يساوي 15 عاماً من الإعمار.. قلنا "معليش غلطة وصارت .. بكرا منرجع منعمر" وسامحنا الخاطئين والمخطئين بالحسابات وأدرنا خدنا الأيسر لصفعة جديدة، فكانت الصفعة إلغاءً جديداً وضعه عون وقائد حرب تموز نصر الله تحت المجهر. إلغاء للحكومة ولرموز الدولة بجيشها الذي أطلق عليه عون بالحرف الواحد "زعران أحمد فتفت" دون أي خجل أو أي اعتبار للشعب اللبناني، لهؤلاء الشباب ولأهاليهم الذين دفعوا الكثير الكثير (حتماً أكثر منه) ليسلم لبنان.. هم لم تحملهم الطائرات بحماية خاصة للعيش في القصور خارج لبنان .. هم لم يقرروا حرباً ولم يعقدوا صفقات سياسية لخروجهم ودخولهم من والى لبنان .. هم مواطنون لبنانيون مخلصون فقط ولا يطمعون بأكثر من ذلك.
إن الحروب "الإلغائية " التي تدمر لبنان بين كل فترة وفترة لا يمكنها الإستمرار الا في رؤوس بعض الموهومين بالمجد كالطواويس.. وتجييش الشارع ضد حكومة رافضة للإحتلالات لا يمكن ان يكون دافعاً وطنياً بل ضربة للوطن ولسيادته.
ولأن بكركي ليست "أيوب" وإنما "حكيمة" أصدرت ثوابتها في بيان يتوقع له أن يكون حد السيف في هذه المعضلة التي افتُعِلت بهدف المماطلة وكسب الوقت كي لا تتم المحكمة والتحقيقات في جريمة إغتيال الحريري. تضمن البيان الماروني 11 نقطة سميت بالثوابت وهي فعلاً ثوابت وطنية "كيانية" تصب في مصلحة لبنان  الغارق في محيط من الصراعات الإقليمية المذهبية والتي لا نريد أن نرث منها شيئاً. هذا ما عودتنا عليه "بكركي" في كل مواقفها السياسية والوطنية وهذا ما سينقذ لبنان وشعبه من أزمته الداخلية، لو لاقت تلك الثوابت آذاناً صاغية.
إعتبرت تلك الثوابت : أن الحرية هي "كنز الكنوز" عند الموارنة الذين مع أخوان لهم أسسوا كياناً واحداً يؤلف نسيجاً وطنياً قائماً على وحدة المصير والتكامل تحت ظل السلطة الشرعية والديمقراطية المكرسة في الدستور اللبناني. أكدت النقاط ايضاً على سيادة لبنان والتمسك "بقرارات الشرعية الدولية" لحماية الوطن من "أطماع جيرانه" وببناء دولة على "أسس الحق والعدالة والمساواة". طالب البيان بتطبيق الطائف، إقرار المحكمة الدولية، عدم الإنجرار الى المحاور الإقليمية وتأليف حكومة وفاق تؤمن مشاركة واسعة على المستوى الوطني.

لم يذكر البيان أي اسم أو جهة بل شدد على المصلحة الوطنية الشاملة وأنصف كيان الوطن وشرعية مؤسساته. حمل البيان ثوابت عادلة ولخَّص مطالب لبنانية مبنية على أسس "وطنية" وإنتمائية للبنان الصغير على خارطة العالم والكبير بالضجة التي يحدثها كلما اهتزت شجرة في غاباته.
فهل يكون ذلك كثيراً علينا وعلى أرواح كل الذين سقطوا ؟

إن أسماء ووجوه ومواقف زعمائنا لم تعد تهمنا .. دموعهم وحرقتهم علينا هي التي تعني لنا الكثير. حصل في ما مضى اني قد قرأتُ الكثير من النقد والإنتقادات عن دموع رئيس الوزراء فؤاد السنيورة اثناء إلقاء كلمته في مؤتمر وزراء الخارجية العرب. لم أتعجب يومها من هذا النقد لأنه كان من الواضح جداً أن شعوبنا في المنطقة لم تعتد على قائد او زعيم سياسي-إنسان يبكي ويذرف الدموع على آلآم شعبه وتدمير وطنه مثلما لم أتعجب من رده الأخير والرصين جداً والمنطقي بإمتياز على نصرالله .. إعتادت شعوبنا على التصفق لزيف الخطابات ولخواء مجد الزعماء وجنونهم بمرض العظمة.. تأقلمت مع فكرة القائد الذي يأتي ليأكل وليطعم حاشيته قبل أن تنتهي مدة ولايته.. شعوبنا مسكينة لم تعد تجرؤ النظر على قائد بسيط  وعفوي بطبيعة تعامله  وكبير جداً بمواقفه الوطنية والإنسانية.
اليوم وانا أقرأ الأخبار، فكرتُ ماذا لو جمعنا ثوابت بكركي بالكلمة التي استقبل بها الرئيس السنيورة الوفد النسائي البيروتي في السراي الحكومي والتي  استوقفتني من تلك الكلمة عبارتان:
- "عُمر" لبنان: وهي كلمة لم نتعود ان نسمعها من مسؤول سياسي اذ ان العمر غالباً ما نربطه  بالإنسان لهذا معظم الزعماء يستخدمون كلمة "تاريخ" وليس "عمر" الوطن.
- "موقف "حاضن" : لم أسمع قبل اليوم زعيماً يتكلم عن موقفٍ "حاضن ٍ" والحضن للإنسان أيضاً وليس للموقف.
 
فهل كثير علينا أن يتسلم مسؤولية حياتنا ومستقبل وطننا سياسي-إنسان تحضن مواقفه عمر الوطن وتضم الجميع تحت ولاء حكومة قوية وجيش يمارس دوره الطبيعي والحقيقي؟
هل يحق لنا بعد أن نحلم بثوابت يكبر معها لبنان الصغير ويغرق عمره في دموع من الفرح؟



ليلى كوركيس
مونتريال – كندا
   



[/font]
ليلى كوركيس -  Leila Gorguis
        www.ankawa.com