المحرر موضوع: الديمقراطية لدى الإسلاميين… مجرد منفذ إلى السلطة  (زيارة 756 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31485
    • مشاهدة الملف الشخصي
الديمقراطية لدى الإسلاميين… مجرد منفذ إلى السلطة


  الثورات العربية والانتخابات فرصة الإسلاميين للانقضاض على سلطة مشتهاة

عنكاوا كوم/العرب

من الطبيعي أن تتعارض الأفكار المختلفة وتتقاطع، على اعتبار أن هناك أفكاراً جيدة وأخرى سيئة، أما إذا تعارضت الأفكار الجيدة مع بعضها فالموضوع يحتاج لشيء من التأمل. نعم، ربما فقط في عالمنا العربي تتعارض الأفكار الجيدة بعضها بعضاً بشكل مثير للشفقة.

بلا شك، أن الديمقراطية والحرية يكمل أحدهما الآخر، فلا ديمقراطية بلا حرية ولا حرية بلا ديمقراطية، لكن، ومن سخرية القدر أن الديمقراطية التي ننشدها في التغييرات التي تعصف بعالمنا العربي والمنطقة تتعارض مع الحرية بشكل يثير السخرية؛ ويرسم صورة كاريكاتيرية للمفارقات التي نسجلها في حياتنا اليومية، والتي تظهر يومياً على جميع وسائل الإعلام المختلفة.

من محاسن الديمقراطية أنها جعلت الناس تتحرر من الدكتاتوريات، ولكنها في الوقت نفسه أوصلت الإسلاميين إلى السلطة في تركيا ومصر والعراق وإيران، وهم الذين يواصلون قمع وتقييد الحريات العامة، وتقييد وسائل الإعلام وحق التظاهر، بل وصل الأمر إلى إقصاء الآخر باستخدام الفتوى التي تتيح لهم تصفية، وقتل المعارضين. فهل تعارض الديمقراطية فعلا ً فكرة الحرية كما نشاهدها اليوم؟

لا تأتي الأفكار محلقة لوحدها، وإنما تهاجر كالطيور أسراباً فتحط كل يوم في مكان ما. فالديمقراطية التي رفعناها شعاراً في الربيع العربي لا تأتي لوحدها، بل تأتي معها الأفكار الليبرالية وأفكار اقتصاد السوق الحر وفكرة المساواة وفكرة التعددية، واحترام الأقليات والهويات الفرعية. بينما نجد الديمقراطية اليوم، في أغلب البلدان العربية، التي أوصلت الإسلاميين إلى السلطة، ضد أغلب تلك الأفكار التي لابد أن تصاحب الديمقراطية، كالحرية والمساواة والتعددية.

فالديمقراطية في عالمنا تقوض الحرية، وهامش الحرية بدوره يقوض الديمقراطية بإيصاله لمن يريد أن يقوض الديمقراطية إلى السلطة. أن الديمقراطية كآلية لتنظيم إدارة وتوزيع السلطة لا يمكن أن يكون نافعاً بلا حرية، والتي بدورها تحول إلى ثقافة تبدأ من البيت والمدرسة وتنتهي بصناديق الاقتراع. لم يؤمن الإسلاميون، وهم الذين وصلوا للسلطة بفضل الديمقراطية، بالديمقراطية كثقافة بل فقط كآلية للوصول للسلطة. فأدبيات أغلب الحركات الإسلامية تخلو من مفردة الديمقراطية منذ ظهورهم في العشرينيات من القرن الماضي، وحتى بعد نكسة حزيران أمام إسرائيل العام 1967 بعد أن برزت تلك الحركات الإسلامية كبديل لمشروع النهضة العربية.

إن السبب الرئيس في عدم توافق الديمقراطية مع ما تحمل كل التيارات الإسلامية من أفكار هو أن الديمقراطية في جوهرها تعني حكم الشعب؛ والذي يتعارض مع فكرة الحاكمية لله من خلال أولياء الأمور، والتي تطبع أفكار أغلب الحركات الإسلامية بأحزابها. وعلى هذا الأساس قام الإسلاميون الجدد بسلخ الديمقراطية من فكرة الحرية، ليحولوها إلى آلية فقط، وليس كثقافة مما جعلهم يقعون في تناقضات مابعد الوصول للسلطة بخلط الدين بالسياسة بشكل فج وفاضح؛ فترى الرئيس مرسي يدعو للجهاد متجاوزاً قوانين الدولة وترى المالكي يحاول كسب ود المرجعيات الدينية لضمان بقائه في السلطة. فحالما يصل الإسلاميون إلى السلطة يبدؤون بقمع الحريات العامة وتقييد الصحافة وتغيير الدستور. على العكس، هذا لا يعني بأن الديمقراطية كثقافة تتعارض بالضرورة مع الإسلام كثقافة، بل هي تتعارض مع الفكر السياسي الإسلامي بشقيه السني والشيعي.

أن الشيء الذي ربما يكون الوحيد المقبول مع فكرة الديمقراطية لدى الإسلاميين هو الفكر الرأسمالي؛ وفكرة اقتصاد السوق بالتحديد.

ولا عجب في ذلك إذا ما عرفنا أن أصل الفكر الرأسمالي موجود وربما مأخوذ من الأخلاق البروتستانتية الصارمة كما يدعي ماكس فيبر. فالإسلاميون الجدد الواقعيون، وهم على العكس من الإسلاميين الرومانسيين الذين سبقوهم في هذا القرن، يدعمون سلطتهم من خلال هضمهم لأفكار الليبراليين الجدد من تحرير القيود التجارية؛ وفتح الحدود للاستيراد والتركيز على التجارة الخارجية من خلال الارتباط بالمؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي وغيرها. وترى أن من يقف خلف أولئك الإسلاميين الجدد طبقة من صغار التجار، وهم يتسلقون جدار الغنى ليحلوا محل التجار التقليديين.

فتجد أن أصحاب السلطة من المتدينين في إيران وتركيا ومصر والعراق وقطر من التجار؛ وهم يرعون بدورهم حلقات تتسع من أصحاب التجارة ممن يستفيدون من قربهم لأصحاب السلطة. ففي العراق أن من يقف خلف الطبقة المتدينة الحاكمة تجار يتحكمون بكل الصفقات ويمسكون الأسواق بتجارتهم بالخصوص في الشورجة، ومدينة النجف وكربلاء والكاظمية بما تحمل تلك المدن من قدسية ومنفعة تجارية، وفي الوقت نفسه يدفعون الخمس للمؤسسة الدينية لشرعنة تجارتهم.

أما في إيران فهناك رفسنجاني وما خفي كان أعظم، وفي تركيا كان صعود نجم أردوغان بعدما أنعش تركيا اقتصاديا وليس دينيا، وما كان سبب المظاهرات الأخيرة إلا الإصرار على بناء مجمع تجاري ضخم في وسط اسطنبول، وفي المملكة العربية السعودية ترى العمل جارياً على قدم وساق في توسعة الحرم المكي وتحويله إلى مركز تجاري ضخم على حساب آثار إسلامية عمرها أكثر من ألف سنة، وفي مصر انحاز الإخوان لجهة الليبرالية والرأسمالية بعد إعلانهم الوقوف في المعسكر الأميركي فيما يخص سوريا.

ولِما لا، والفكر الإسلامي قدّر التجارة وذكرها القرآن مرات عديدة باعتبار أن أصحاب مكة من التجار؛ حتى أن القرآن يعامل المحسنين والمسيئين من المسلمين معاملة التجار في الثواب والعقاب في آيات كثيرة. لكن العجب أن الإسلاميين الجدد نسوا كثيراً من الآيات والمبادئ الإسلامية التي تدعو إلى المساواة وتقليل الفوارق الطبقية ومحاربة الفقر إذ لم تكن من أولوياتهم قط. فعلى نهج الرأسماليين والليبراليين الجدد أصبح الإسلاميون الجدد من أصحاب السلطة والتجارة معا وبوجودهم زادت الفوارق الطبقية وتقلصت الطبقة الوسطى في العراق وإيران ومصر وتركيا؛ حتى أن الاحتجاجات الأخيرة أصلها وجوهرها طبقي أكثر منه تعارض بين الكمالية وأسلمة المجتمع.

إذن، هل مازالت فكرتا الحرية والديمقراطية تتعارضان في بلداننا مع وصول الإسلاميين؟

بالتأكيد نعم، ما لم يتم إعادة النظر أو بالأحرى إعادة قراءة التراث بما يتلاءم مع الديمقراطية كثقافة وليس كآلية للوصول للسلطة فقط، على الإسلاميين بكل أطيافهم مراجعة أدبياتهم في الفكر السياسي ليتلاءم مع مفهوم الحرية والتعددية والمساواة وحقوق الإنسان، تلك الأفكار التي تأتي مع الديمقراطية لتحولها إلى ثقافة وليس لآلية فقط. أما إذا لم يحدث هذا فسينتظر الإسلاميون حينها ثورة جديدة على أساس طبقي، ثورة على الرأسمالية مطالبة بإصلاحات اقتصادية وليست سياسية فحسب كما يحدث في تركيا والبرازيل واليونان وغيرها من البلدان التي تعاني من الفوارق الطبقية وهيمنة الأفكار الرأسمالية بقيادة الليبراليين الجدد.


غير متصل sam al barwary

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1450
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الإسلاميون لم يؤمنوا بالديمقراطية كثقافة وسلوك، وهم الذين وصلوا إلى الحكم بفضلها، إنما يؤمنون بها وسيلة لغاية فرض الاستبداد الدِّيني.