المحرر موضوع: المأزق . .  (زيارة 1083 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Hadi Altkriti

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المأزق . .
« في: 03:30 17/08/2005 »
! المأزق . .




هادي فريد التكريتي

حكومات العهد الملكي أكثر ديموقراطية وأكثر جرأة من حكومتنا الحالية ، المُشًكَلة
من ائتلاف طائفي شيعي وائتلاف قومي كوردي ، فعندما أبرمت حكومة صالح جبر
أعلنت عنها في وسائل إعلامها ، صحافة 1948 المعاهدة البريطانية العراقية عام
وراديو ، ولم تحاول أن تخفيها أو تتستر عليها ، كلا أو جزء ، على الرغم من
أن هذه المعاهدة كانت ضد مصلحة الشعب العراقي بالكامل ، والقوى الفائزة
، فوزا ساحقا ، بأغلبية المقاعد في بداية هذا العام ، عقدت اتفاقا مكتوبا
وموقعا من عناصر قيادية من كلا القائمتين ، قائمة الائتلاف الكوردستاني
( قومية ) وقائمة الائتلاف العراقي الشيعي الموحد ( طائفية ) ، إلا أن الفريقين
لم يعلنا للملأ ما حواه هذا الاتفاق ، رغم مطالبة الكثير من الكتاب بإعلانه
، لمعرفة بنوده وما تم الاتفاق عليه . وعندما يتلكأ الجانب الطائفي من الحكومة
المتمثل برئيس الوزراء السيد الجعفري ، من تنفيذ بعض ما يخص الكورد من مطالب
، يطالبون بتنفيذ ما هو مكتوب ومتفق عليه، والشعب العراقي هو المعني بما
اتفق عليه الطرفان إلا انه يجهله ، وهدد الكورد، أكثر من مرة ، على لسان
السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كوردستان ، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي
، ولولا الاستعصاء الذي حصل مؤخرا في مسودة الدستور، والمأزق الذي هدد بفك
عرى التحالف ، لبقي هذا الاتفاق حبيس الائتلافين ، حيث بادر موقع الحزب الديموقراطي
! الكردستاني بنشر الاتفاق مشكورا
الاتفاق ينص: أولا الإلتزام بقانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بكل
بنوده بوصفه المنظم والمرجعية لعمل الحكومة والجمعية الوطنية والسلطة القضائية
واعتبار أن مهمة المرحلة الانتقالية هي إعداد الدستور الدائم
هذا البند صريح وواضح لا لبس فيه ، فقد اعترف الطرفان أن قانون إدارة الدولة
هو المرجعية لكل السلطات ، إذن لم الخلاف على صياغة مسودة الدستور وعلى الفدرالية
التي يطالب بها الكورد ؟
القوى السياسية العراقية عندما كانت في المعارضة أقرت للكورد بالفدرالية ،
وبعض القوى السياسية من ديموقراطيين وشيوعيين منذ قديم الزمان ، يحملون ،
حق تقري المصير للشعب الكوردي ، هذا المطلب على ظهورهم ، صخرة سيزييف ،وكانوا
هم الحليف الوحيد للكورد الذي يتقدمهم بمسافات زمنية بما يطرحه من مطالب
لهم ، وقد عانى ما عانى نتيجة موقفه هذا ، حتى اللحظة ، ربما لعدم توثيق
تحالفاته كما يصنع البعض في الظرف الراهن ، ولربما انشغاله بهموم الوطن أكثر
من الآخرين الذين لا يرون في الوطن إلا ثروات يجب تقاسمها ، وسلطة يجب أن
تدوم لهم ، حتى وإن كان الثمن تمزيق العراق وزجه في حرب أهلية ، تلتهم الأخضر
واليابس ، وإلا لماذا في هذا الظرف يصر الطائفيون على وضع العصي في عجلة
ما هو متفق عليه ؟ فكل ما أثير ويثار في مسودة الدستور من قبل قوى الإسلام
الطائفي هو مخالفة صريحة لقانون إدارة الدولة ، الذي وافقت عليها كل الكتل
والتنظيمات التي ساهمت في مجلس الحكم ، وعليها الالتزام بما قرر، فإذا نصت
المادة الرابعة من قانون إدارة الدولة على أن نظام الحكم في العراق جمهوري
اتحادي فيدرالي( ديموقراطي) تعددي . . . فلم مخالفة هذه المادة الصريحة
واستبدالها بنظام حكم إسلامي ؟ أليس هذا يعني الخروج على ما أتفق عليه ؟
والعمل على تأجيج صراع لا يعلم أحد نتائجه ، إضافة لما يسود العراق حاليا
من أعمال عنف وتقتيل ، . ولِمَ المطالبة بقيام إقليم لكل الجنوب والوسط على
أساس طائفي ؟ والكل يعلم أن الفدراليات تقام على أسس جغرافية تاريخية وليس
على أسس طائفية ، والعراق دون كردستان ، وحدة جغرافية وتاريخية ، وشعوب متآخية
، من قوميات وديانات متعددة منذ اقدم العصور والأزمان ، وقانون إدارة الدولة
بموجب منطوق المادة الرابعة حرم قيام فيدرالية : على أساس الأصل أو العرق
أو الإثنية أو القومية أو المذهب فلم لم يؤخذ بنظر الاعتبار هذا الواقع
؟ كان الأحرى بالقوى الطائفية التمسك بوحدة العراق لعزل القوى التي تطالب
بالانفصال من أي كان ، أما بموقفهم هذا فقد بانت نواجذهم عن شر مستطير يضمرونه
للشعب وللوطن ، للالتحاق بولاية الفقيه الإيرانية ، والكورد حتى بموقفهم
المطالب بحق تقرير المصير الذي لا يقرهم عليه البعض ، هم أكثر تمسكا بوحدة
العراق ، أرضا وشعبا ، فعندما يصرح السيد عزيز الحكيم رئيس قائمة الائتلاف
الطائفية أن الفرصة مواتية ، وربما لن تعود، في تشكيل إقليم تتوفر له كل
مقومات الانفصال ، كان يعول على موقف تساومي مع الكورد في تحقيق هدفه الانفصالي
هذا ، إلا أن الكورد كانوا عراقيين أكثر من القوى الطائفية التي يمثلها الحكيم
، حتى وإن بدت مطالبهم للبعض متشددة ، بسبب السياسات القومية العنصرية للحكومات
العراقية المتعاقبة التي اضطهدت الشعب الكوردي وسلبته حقوق المواطنة الحقة
، تلك السياسات أضرت بوحدة وتلاحم الشعب العراقي مع باقي مكوناته القومية
. ، التي لم يجن منها الشعب العراقي سوى الآلام والدموع
وإذا كان قانون إدارة الدولة قد نص في المادة السابعة على : أـ: الإسلام
دين الدولة الرسمي ويعد مصدرا للتشريع ولا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية
يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها . . فلماذا تتضمن مسودة الدستور
الطائفية اعتبار الدين الإسلامي . . هو المصدر الأساسي للتشريع . . مخالفة
صريح المادة السابعة الفقرة أ التي اعتبرته مصدرا للتشريع وليس المصدر الأساسي
، وإذا شرعت هذه المادة لا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية يتعارض
مع ثوابت الاسلام . . فهي نفسها قد نصت على عدم سن قانون يتعارض . . مع
المبادئ الديموقراطية والحقوق الواردة في الباب الثاني من هذا القانون

وعلى الرغم من أن الحكم بشقيه هو المستفيد من صياغة هذه المسودة لما تضمنته
من حقوق رتبتها لتركيبة طائفية ـ قومية كردية على حساب المواطنة والوطن
، إلا أن مطالب الفئة الطائفية المتعسفة والغير منطقية والتي لا يعارضها
الكورد فقط بل غالبية القوى الوطنية الديموقراطية والقومية العراقية ، كما
تتعارض مع مبادئ قانون إدارة الدولة ، والتي يحاول أن يفرضها ، الائتلاف
العراقي الموحد ـ على الجميع ـ لصالحه دون وجه حق ، باعتبار أن الفرصة سانحة
في الظرف الراهن ولن تعود مرة أخرى ، هي التي حالت دون الاتفاق على مسودة
الدستور ، وأدت إلى استقطاب هدد بحل الجمعية الوطنية ، وهذا لغير صالح الحكم
، مما دفع بهذه الأطراف أن تتفق على تعديل فقرة من فقرات قانون إدارة الدولة
، تبيح بتمديد تقديم مسودة الدستور للجمعية الوطنية لمدة أسبوع ، ولكن هل
هذه الفترة كافية لحل العقد والإشكالات القومية ـ الطائفية التي لم يكن بالإمكان
التغلب عليها خلال الوقت المنصرم ؟ المتابع لسير كتابة المسودة لاحظ أن الكتلة
الطائفية كانت تصعد من مطاليبها كلما مر وقت ، متناسية أن الدستور يؤسس لمستقبل
وطن وأجيال ، ضرورة أن ترتبط عناصره بعلاقات وطنية يسودها السلام والإخاء
، وهو ليس قسمة بين أقلية وأكثرية ، إنما شراكة غير قابلة للقسمة بين مواطنين
في وطن واحد ، دون تفريق ، لذلك يقتضي أن يعكس حقوق الجميع ، رجالا ونساء
، وعلى قدم المساواة والتكافؤ بين كل الأديان ، والقوميات والطوائف والمذاهب
، إلا أن هذا قد غاب ، بقصد متعمد ، عن وجهة نظر الكتلة الطائفية ، معتقدة
أنها هي التي حررت العراق وشعبه من دكتاتورية صدام القومية ـ الفاشية ، ولها
الحق في أن تقيم نظاما سياسيا طائفيا وتشرع دكتاتورية دينية على هواها ،
ولتقتطع من العراق ما تريد لتلحقه بمن تريد ، وحسنا فعل رئيس الجمهورية السيد
آب ، لتمديد فترة صياغة مسودة 15 جلال الطلباني ، في الجلسة الليلية ، من يوم
الدستور التي حضرها السفير الأمريكي ، حين ألقى كلمة مختصرة شكر فيها الأصدقاء
الذين حرروا العراق ، ولولاهم ما كان بالإمكان أن يعقد مثل هذا الاجتماع
لجمعية وطنية في العراق ، إشارة ذكية ذات قصد ومغزى لمن أراد أن يغلب مصالح
! فئة على مصلحة شعب ووطن ، ويوقع العراق في مأزق لا زال قائما
2005 16 آب
hadifarid@maktob. com
_________________________________________________