المحرر موضوع: من موروثنا الشعبي قَـَــورّا  (زيارة 1644 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بدران امـرايا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1003
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من موروثنا الشعبي
قَـَــورّا
بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com

الموت هو انتهاء نسمة الحياة عند الاحياء . وللانسان الميت ايا كان السبب تقدير خاص في موروث شعبنا الكلدواشوري السرياني بدءا بموته والمراسيم الخاصة به وانتهاءا بقبره , ومرور سنة على وفاتهِ ,ويظل حيا خالدا في ذاكرتنا ووجداننا وضمائرنا ,وخاصة الولد اسألوا اخوكم المجرب وستظل فلذة كبدي ( آشورينا ) غصة حزن اليمة في صميم اعماقي والى الابد .
وهنا ساتطرق الى قَورّا وهو اسم سرياني مشتق من قبَر, قوَرا, قَبر, قويوا ,المقبور اي القَبو بمعنى سرداب تحت الارض او القبر .ولشعبنا ذاكرة عاطفية حميمة مفعمة بالحزن حول الموت بمختلف اسبابه وطرقهِ , ولدى حالات الموت فان الناس تتوشح باللون الاسود او الازرق الداكن اي لون الشحوب وخاصة النساء اما الرجال فانها تعتكف عن مظاهر الفرح وتظهر الحزن ولا تحلق شعرها ولحلها,وكثيرا من الحالات يدرون الرماد على الرأس من شدّة وقع الكارثة.
وانهم يجلّون الميت وذويهِ المقربين , والقبر كما هو معروف مكان دفن الميت شِلَدّا وغالبا كانت اماكن القبور في اسفل القرى, لاعتقاد اهلنا بان القبور لو كانت اعلى من مستوى القرى فان النوم يكون ثقيلا شِنتّا يَقورتّا- شِنتّا دمَوتّا اي يكون نوم اهالي تلك القرية كنوم الموتى , ولدى المرور عند المقابر فان اهلنا يرسمون علامة الصليب على وجوههم الطيبة وتصلي على نياحة انفس الموتى , وتطلب لهم الرحمة , آلاها مَنيخلَي اي الله ينيحهُ في جنات الخُلد.
وان القبر يكون افقيا اي وجه الميت يكون باتجاه الشرق لشروق السيد المسيح ,وقبلة الصلاة عند المسيحين ,وعادة ذوي الميت يقسمون بقبر الميت العزيز عَلَيهُم لتأكيد المسالة بقّورّا دبابي بقَبر ابي بقَورّا ديِمّي بقَبر امي, لغلاوة ومعزة هؤلاء الموتى , وزيارة القبور وخاصة روّتّا دميتي جمعة الموتى او السابع من آب يوم شهيد شعبنا والصلاة على ارواحهم وايقاد الشموع بُوندّي واحراق البخور بِسمّا ووضع الورود واكاليل الغار عليها .

وبعد مرور الذكرى السنوية على الميت يقيمون قداسا ,ويوزعون الخيرات على روحه. ويكون القبر قد انهارَ طِبقلا قَورّا فيقومون ببناء القبر ونَصب حجرين كِيلاتا واحد  والاكبر عند الراس والثاني عند قدماه وهي بمثابة الملائكة حسب اعتقادي , ومؤخرا الناس تبنى القبور بالكونكريت وتزينها بالمرمر والحلان وتكتب تلخيصا  بالسريانية او غيرها متضمنا بسم الثالوث الاقدس , بسم الاب والابن والروح القدس وتاريخ ومكان الولادة والوفاة ورسم الصلبان , وضع صورة المتوفي , والعلم القومي النجمة الرباعية مع شعار نسر نِشرّا دزوعا الحركة الديمقراطية الاشورية وخاصة شهداء حركتنا الابية رمز الشهادة والتضحية .وبعض من الناس تهاب من رؤية او المرور عند القبور ليلا او تصاب بالفزع مَخيا آيّ لّيتّا الّيهي , يصابون بنوبات نفسية شديدة , ولدى مرور اسم القبر في صلب الحديث فاهلنا يقولون رقّا من دَخّا اي بعيدا من هنا .
ولدى شعبنا الكثير من الامثلة والحِكّم عن القبر منها:
نُوهرا لقَورهِ ,اي النور على قبرهِ, يقال من باب الترحم على الميت .
هَاي قْورّي مارَواتوخ ,اي قيرتُ اهلُكَ, يقال من باب اللعنة على شخص ما.
دْشليّ صَدروخ ,اي دُستُ على صَدرُكَ , بعد عملية قَبر الميت فان الناس يدوسون على تراب القبر لكي يتكبس التراب ويتماسك , يقال هذا من باب اللعنة وعدم الرضى.
خِبرّي بَابوخ او قَوروخ ,اي حَفرتُ ابوكَ او قَبرُك يقال من باب اللعنة اي التمني بالموت .
مِتولّي كِيلُوخ ,اي وضعتُ حَجَريكَ اي حَجَرّي القَبر وهما حجران يوضعان عند طرفي القبر .
قورّي شِيتُوخ ,قَبرت سَنتُكَ ,اي طَرحتُ من عُمركَ .او التمني بقصر العُمر.
قورّي دشّمنّوخ ,قَبرتُ اعداءكَ ,يقال عند ارتكاب خطأ او سهو بسيط .
قورّي سَنيانّوخ, قَبرتُ كارهيكَ من يكرهونكَ.وهو بنفس المعنى اعلاه.
قَورّن وَالوخ بايداتّي, اقبركَ بيدايّ.اي التمني بالموت لشخص ما .
قَورهِ نَواوا دبُورّي, قبرهُ تنبع بالزبابير, يقال للعنة الميت وعدم الاسف على موتهِ.
قَورّا بَطيلتّا ,القبر البطال, يقال للاعمال او الافكار الغير منتجة , دون فائدة .
قَورّا سبيقتا, القبر الفارغ يقال للاشياء الغير نافعة ,الغير هادفة.
ميتّا لسبتا دقَورّا, اي ميت وعلى حافة القبر, يقال للميؤوسين من الشفاء, او كبار السنّ.
بَس كَاو قَورا ايلاّ مَنيَختّا, الراحة هي فقط في القبر, يقال من كثرة شدّة مشاكل ومتاعب الحياة المستمرة .
لا دماخا لقَورّا ولا خزايا خلمّي لا بَسيمّي, اي لا النوم في القبور ولا رؤية الاحلام المزعجة . اي عدم اختلاق المشاكل , كفيان شرّ.على شاكلة المثل ( لا تسرق ولا تخافُ من الشرطة )
خْشيوا ايلّي كَاو ميتّي دقَورّي ,اي انه مَحسوب في تعداد موتى القبور .يقال للميؤوسين من الشفاء او كبار السنّ , او اللذين يعيشون على هامش الحياة , دون اية قيمة واعتبار اجتماعي.
ميتّي دقَوراتا بْدّ قَيمّي وآوا لا, اي موتى القبور سيقمونَ وهو لا ,يقال للميؤوسين من الشفاء.
ترّي ميتي كَاو خا قَورّا ولا ترّي باتي كَاو خا بَيتّا .اي ميتين في قَبر واحد ولا عائلتين في بيت واحد .يقال من باب استحالة عيش عائلتين في تحت سقف واحد.
كُلا بْدّ قَديّا الاّ كَاو قَورا لاّ . اي كل الامور سوف تنجلي الاّ في القبر , يقال للذين يخشونَ الموت .
كِمّا درّكْخا أرعّا ناخِت كَاو, اي كُلما تَلَينَ التراب تَعمَقَ فيهِ .يقال للشخص الغير مأسوف على موتهِ.
وهناك حادثة طريفة في مطلع عام 1991 ولدى حدوث انتفاضة شمال العراق, وبعد اقل من عشرين يوما تقدمت قوات عراقية لسحق المنتفضين , ففرالشعب ( الهجرة الملونية)نحو الحدود التركية والايرانية خوفا من بطش قوات نظام  صدام حسين ففي قرية بيرسفى بمنطقة زاخو لم يبقى فيها الا عدد قليل من الشيوخ والمرضى ممَن لا حَول ولا قوة لهم ,وعند دخول الجيش الى القرية ,فتشوها فسأل احد الضباط المرحوم اندراوس خانو مَركَايا وهو رجل كبير السن اين اهل القرية ؟ فقال انهم فروا الى تركيا . فرد الضابط وانت لماذا لم تهربَ ؟ فقال لَم استطيع . وكم عددكم الباقين ؟ فرد المرحوم حوالي الفين او اكثر . فذعَر الضابط من هذا العدد الكبير . واين هُم الباقين ؟ فوجَه المرحوم سبابتهِ نحو مقبرة القرية الواقعة على تلة خلف القرية قائلا الباقين هناك في القبور ونحن امثالهم فقط عيوننا مفتوحة !!, عندئذ رجع الدم الى محيّا الضابط .
المجد وشآبيب الرحمة لجميع الموتى ,وجميل الصبر لذويهُم.