كــاتب بــراتب
الشماس سامي القس شمعون - سيدني منذ أن قــُضِمـَتْ تفاحة الجنة، وقــُسَّمــَتْ بين أثنين، وبين اثنين آخرين، عرفت البشرية معنى القتل والتجافي فيما بينها، تنوعت المهن الحرة بين الناس ليختاروا ما بين الصالح والطالح منها. ولعل أسوأ المهن التي عرفتها البشرية تكمن في عاطل عمل يقدم احتقاره لأخوته العاملين، أو من مشلول فكري، يحتقر عمل المفكرين.... وهكذا دواليك الى ان نصل الى انسان يعمل على بيع اشياء مقدسة المودعة لديه، كالمبادئ والقيم، من اجل حفنة من المال.
عندما يبيع الانسان الاشياء التي لا تباع، كمهنة القلم مثلاً، فيتم استئجار الاشخاص المسجونين في سجون الحقد من أجل الاساءة والحقد الرخيص على الآخرين، ندرك اننا أمام ازمة للقلم، يقوم صاحبها بعملية جراحية مشوهة متعمدة، تملقاً بحاكم فاسد، لوضع مكياج مثخن على أشياء ووجوه تشوهت في مصداقيتها، عن بكرة ابيها، ارضاءً بما يشفي هوى الغير، المعلول.
المغالاة في أجور أحبار الكيبورد، تكشف رخص في بيع ضمير، الذي بات ينفتح القلم فيها لرياح المجون، وبدون تحفظ، فالأتعس من لص امسك بالضربة القاضية في حواسم مفضوحة، او من قاتل اعترف بجريمته ولازال يحرك السكين في جسد ضحيته الميتة، او من خائن يخون وطنه ما أن هاجر عنه، هو المدافع عنهم بالدفِّ ضاربُ، لتسويق اباطيل هؤلاء وبدون حياء، على بساط الحق الناصح.
أغاني القلم والتي تتغنى بوطنية زائفة، تملقاً بحاكم فاسد، لا تقدر ان تطيل من عمر جلوس افراد على الكرسي أكثر من أيام، فسرعان ما ينكشف نشاز اللحن، وزيف كلمات القصيدة المغناة من بحر التملق، والمختلة في وزنها وقافيتها، أمام الشعب الباحث عن حريته.
القيادات الفاسدة، تتنفس من خلال رئة رخيصة للمفسدين، وما تنشده من هواء نقي لـِـيـُعـَلــِّبْ أخطائها، هو اوكسجين مسرطن يحاول ان يلاعب الوعي الصادق من خلال التشويش والتزييف، وهؤلاء مهما رقصوا فوق الحق بسبب الثمن، فإنهم لا يستطيعون ان يلبسوا الكذابين، ثياب الصدق اكثر من لحظات، أو ان يجملوا صور القتلة من على الشاشات، حتى وان دافعوا عنهم الى يوم صرير اسنانهم.
المثقف الفاسد، اشد فتكاً على مناخ المجتمع من الحاكم الفاسد، فالكتاب الذين يحملون نية سبق الاصرار والترصد على الاساءة الى مجتمعاتهم من عبيد المرحلة الحرجة التي تمر بها الاوطان، لا يتوانون على المغالاة في الفساد والفوضى وفي استرسال خطاب خادع امام الشعب.
"اقلام الــــ Take Away " للذين ادمنوا حياة السجود والركوع تحت اقدام الدولار، يتبنون رواية اعداء أوطانهم في الاساءة الى شعوبهم والتي تتم بمهارة الشيطان في تدبير الشر للناس. الكاتب الذي يرتضي ان يكون تحت اذلال من يدفع له ليكتب بحقد على ابناء شعبه بمختلف طوائفه، ويظن في نفسه انه فراهيدي زمانه وهو لم يسمع عن المعري شيئاً، هو أجهل من ابي جهل في وظيفة القلم النزيهة.
مداد القلم، واعظ طيب للناس وهو فصيح اللسان لمن يود ان يستمع الى نبضاته الصادقة، فهو حاكم أمين بين الابيض والأسود، الخير والشر، وليس منبعاً للكراهية والخبث والتخريب وللدفاع عن من هربت منهم الامانة والقيادة الحسنة وتلطخت ايديهم بدماء مذبح الصدق.
الاقلام الماجورة ذات الدفع المسبق Prepaid والتي تعبئ مدادها بالريموت كونترول، والخالية من اية فضيلة مجتمعية، لا هم لها غير رفع السروال الساقط عن أجساد سبق أن تعرت بإرادتها و بدون حياء. هؤلاء اللاهثين وراء كسرة خبز هنا، ومن المتكالبين على المناصب والمكاسب هناك، يعرضون رقص أطرافهم على ايقاع موسيقى ضياع الوطن والمواطن، ويبيعون قلمهم برخص التراب، لأيادي سبقت وان باعت الجغرافية والتاريخ والوطن وانتهكت المقدسات وبكل دناسة، وان أدعت غيرتها الظاهرة عليها.
كاتب براتب، من افلام الاكشن المثيرة التي تـَعــَطــَّـلَ فيها العقل أمام ثلاثين فضة زائلة، وباتت تعرض بكثرة الان على صالة سينما الانترنت، منذ زمن يهوذا الاسخريوطي والى هذا اليوم، والتي تنتهي دائما بربيع فكري يهزم كل الهزائم، ويفضي دائما الى اقتلاع الشجر الفاسد، وبما ثمر!