المحرر موضوع: هل الصدق في السياسة كذب ام في الكذب سياسة  (زيارة 2459 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ادور ميرزا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 598
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                   هل الصدقُ في السياسة كذبْ
                      ام في الكذبِ سياسة 

ادورد ميرزا
اكاديمي مستقل

{  قل الحق و لو على نفسك } هذا القول ترسخ في ذاكرتي منذ السنوات الأولى لألتحاقي بالمدرسة الأبتدائية منذ 50 عاما , و ما زال لون اللوح الذي علقت عليه هذه العبارة ماثلا امامي بلونه الأبيض كدلالة على صفاء نية كاتبه , ولا ادري ان كان كاتب هذا الكلمات مسيحيا او مسلما كرديا او عربيا او غيرهما  لذلك سأعتمد على جوهر هذه العبارة في كتابتي موضوعي هذا فيما اذا اعتبرنا ان لحظة قول الحقيقة النادر هذه الأيام من قبل بعض الساسة العلمانيين او المعممين هي كالمشهد النادرالذي يظهر فيه الزوج خائنا امام اعين زوجته ! ان قول الحقيقة يساعدنا في اغلب الأحيان على تجاوز الأخطاء التي تعكر حياتنا التي نسعى لجعلها سعيدة و آمنة ! لنبدء و نعترف بحقيقة ان هناك  خلافات عقائدية قديمة بين السنة و الشيعة هذين المذهبين الرئيسيين المسلمين , وقد حاول المعتدلون المخلصون من كلا المذهبين التوصل الى تضييق هذه الخلافات الى الدرجة التى تسمح باقامة علاقات اخوية مبنية على اساس الأحترام و التفاهم المتبادل و صولا الى انهائها المطلق باعتبارها فتنة يراد منها الأساءة للأسلام كما يعلنه غالبية المسلمون , وان المصلحة العليا للأسلام  تقتضي انهاء هذه الخلافات المزمنة !! لكن ما يجري الأن من جراء خطب و تصريحات بعض من قادة  هذين المذهبين لا يبشر اطلاقا بأنفراج لتجاوز خلافاتهم العقادية لأحلال جو الأخوة و السلام !   
هذا فيما يخص الوضع المذهبي للمسلمين الذين بشكلون 98% من سكان دولة العراق , اما في ما يخص الوضع القومي لهذين الشعبين المسلمين فان العلاقات العربية و الكردية بشكل خاص هي الأخرى تعرضت الى احتقانات و تشنجات و الأسباب متعددة لكن اساسها هو بروز قيادات عربية و كردية غير مؤهلة لأدارة مجتمع مختلف الديانات و القوميات , هذه القيادات المتخلفة تقاطعت مصالحهم الطائفية و العنصرية  مما ادى الى انتشار ثقافة الكراهية فيما بينهم , بالرغم من كون دينهم هو الأسلام و نبيهم هو الرسول محمد .  فتعالوا لنبحث شيئا في ستراتيجيات بعض من هؤلاء القادة .

 السيد مسعود البرزاني واحد من قائد الكرد الذين يسعون لأنشاء دولة كردية مستقلة تجاور دولة العراق العربية وقد ظهر في الفترة الأخيرة بخطاب جديد وشجاع و قوي يتحدى فيه ويضع خطوطا حمراء لكل ما يعتبره خطرا على الوجود القومي الكردي , و طبعا هذا يدل على ان الظروف التي تحيط بالعراق اليوم قد استغلت استغلالا ذكيا ومدروسا من قبل القيادة الكردية . بعد ان حصل التقارب والأتفاق بين قوى المعارضة العراقية التي اجتمعت خارج ارض العراق للتفاهم حول تقسيم الثروات العراقية و توزيع المكاسب , لقد قدم الأكراد المساعدة الأعلامية الكبيرة و ذلك بتحشيد الرأي العراقي و العالمي لتأييد شرعية الجهود لأسقاط حكومة  صدام باعتبارها حكومة دموية و طائفية لا تراعي حقوق الأنسان العراقي و بشكل خاص الأخوة الأكراد اضافة لذلك فقد ساعدت على كشف اسرار أمتلاك حكومة صدام لأسلحة الدمار الشامل التي ضربت بها شعبها في حلبجة و النجف !! وانتهت المهمة و سقط نظام صدام و اصبح الطريق سالكا أمينا لأعداد ورسم خارطة جديدة للعراق , اولها توزيع المناصب الوزارية و منها انطلقت المطاليب  تتهاتف على الشعب العراقي تطالبه بتأييدها و اقرار كل ما اتفقوا عليه في الخارج قبل اسقاط النظام .
ان ستراتيجية الكرد تغيرت في لندن و صلاح الدين وقد اقتربت من ستراتيجيات البعض الأخر من المعارضين الذين استغلوا ايضا حال العراق حيث اصبح  ساحة فوضى بعد الحرب التي لم تكن اهدافها كما اعلنت ! فانطلق الأثنين و كانهم شعب غريب لا يمتون بصلة بشعب العراق و كأنهم غزاة من دولة مجاورة تخفي حقدا قديما و حان وقتها للثأر , بدءها الأخوة الكرد مطالبين بحكم فدرالي في كردستان مع إلحاق محافظة كركوك المخزن الرئيسي لنفط العراق باقليمهم الذي تأسس بعد حرب الكويت ! وكأن ارض العراق ارضا مجاورة لأقليم كردستان فظهرت الحقيقة دون لبس وهي ان القيادة الكردية ينصب اهتمامها بالشمال فقط اما ارض العراق مجتمعة فهذا ليس شأنهم .
 لكن الملفت للنظر ان السيد البرزاني يتصرف و كأنه مخول من شعب العراق في تقرير مصيرالعراق , ترى ما هي مصلحة العراقي الساكن في الوسط او الجنوب اذا ما انفردت حكومة كردستان بشعبها هل هذا هو التآخي , اين غابت  { هربشي كرد و عرب رمز النضال } التي غناها المرحوم الفنان احمد الخليل ! هل هذه هي المصاهرة هل هذا هو التجانس و الأندماج  .
ان المطلوب من القائد الكردي ان يكون قائد لشعب العراق و ليس قائد لجزء من شعب العراق بالرغم من خصوصية الشعب الكردي , ان نجاحه و نجاح الأكراد لا يكتمل الا باكتمال سعادة كل العراقيين , في احدى حواراته التلفزيونية ظهر البرزاني كرجل حزبي صارم عنيد وقد تميز في حواره بحكمة القادة الحزبيين , لم يبدو في حواره كرجل قائد متمرس يقود دولة منهارة انتقلت حديثا" من حكم دكتاتوري الى حكم ديمقراطي , لم يظهر كقائد يتبنى برنامجا وطنيا يتحمل فيه مسؤولية رعاية ارض و شعب منكسر ! .. و الفرق بين القائد الحزبي و قائد دولة فرق كبير جداً . ان القيادات الكردية و بكل مستوياتها باتت تطرح مشاريعها حول مستقبلها في العراق  برؤى احادية المصلحة , مما يجعلها تتراجع عن نظريتها الأنسانية والتقدمية وقد يوصفها البعض  بالعنصرية , اننا نؤكد كما تعلنها منظمات الأمم المتحدة ان المصلحة العليا لعموم مكونات الشعب العراقي يجب ان تحتل الأولية في ضمير جميع قادة القوى العراقية الشريفة التي وعدت العراقيين قبل سقوط السلطة الصدامية بعراق ديمقراطي تعددي يحترم حقوق كل مكونات الشعب العراقي .

اما ستراتيجية السيد الحكيم قدس الله سره , الشيعي المذهب , فقد ظهر هو الآخر رجلا مجاهدا في سبيل الله كما يقولون وفي سبيل شيعة العرب في الجنوب فقد أطل علينا من شاشات احدى القنوات العراقية , كرجل دين يحمل في طيات خطابه كلام الله الملئ سلام و محبة , اما عن شمولية عبادته فانها لا تكتمل الا باقليم يجمع الصحابة من اتباع مذهبه , السيد الحكيم  همه الوحيد و الأخير كما يبدو هو الفدرالية المذهبية الشيعية هذا ما اكده في خطاباته و روجوها اتباعه , اما الوحدة الوطنية العراقية التي يلتف حولها ملايين من ابناء العراق مسلمون ومسيحيون و اديان أخرى , فليست شأنه و لا هي من اولويات اهتماماته , وواضح على هيبة السيد الحكيم تمسكه بموروثه القديم الذي يهوى حماسة الخطابة , ونشوة الأنتصار على القوم الكافرين ! اما الحلال و الحرام و الخطأ و الصواب فمحسوم في ايدلوجيته " انصر اخاك ظالما او مظلوما " ,  وهو بهذه الستراتيجية يكون قد اقترب من ستراتيجية السيد البرزاني الى حد كبير و خاصة فيما يتعلق بالمصلحة العليا لكل ابناء العراق , ويظهر جليا من خلال انسجام تصريحاتهم حيث كل منهم يؤيد الأخر في احلامه  وفق خطة مرسومة و متفق عليها , كما يقول المثل الشعبي " شيّيلني و اشيلكْ .
 ترى ايها السادة قادة الأحزاب الأجلاء , هل نسيتم انكم وعدتم شعب العراق بالحرية و بوحدة اراضيه و بعراق مزدهر , الا يهمكم امن العراق و شعب العراق .
 للحقيقة نقول ان كان مشروع الفدرالية خدمة لكل الشعب العراقي فلا يمكن لعاقل ان لا يتمناها , لكنها مع الأسف و حسب ما يعلن فان من يروج لها ليست فدرالية الوحدة انما هي فدرالية المصالح الضيقة و التمزيق !  ان الفدرالية الحقيقية التي من شأنها الأرتقاء بالعراق و شعبه الى التقدم و الأزدهار هي التي تقوم على اساس ادارى يرتبط بالمركز و هذا يساعد  سكنة المحافظات للحصول على خدمات البنية التحتية بشكال رائع بشرط متابعتها من قبل ادارة نزيهة و حكيمة هدفها خدمة العراقيين دون تمييز , اما ان تؤسس فدرالية على اساس مذهبي او طائفي فهذا ما يفسح المجال لمطالبة آخرين لتأسيس فدراليات اخرى و يصبح العراق كما يقولون ارض فوضى واقتتال { هرج و مرج } والقوي ياكل الضعيف .. وهو امر لا يستبعدْ ! اما الفدرالية الثانية والمبنية على اساس قومي كما يدعُ له الأكراد بشرط ارتباطه هو الأخر بالمركز فمن الممكن تحقيقه وهو امر شرعي للأخوة الأكراد , بشرط السماح للقوميات الأخرى كالأشوريون و التركمان  و غيرهم , من تحقيق الأمر نفسه عندما تتهيئ الظروف و الأمكانات . كل ذلك مهمات صعبة و تحتاج الى وعي متقدم لأدراك مفهوم الفدرالية .
في الختام ....
  سيدي مسعود البرزاني  و مولاي السيد الحكيم , الشعب العراقي امانة في اعناقكم فارحموا هذا الشعب المجروح , ابحثوا عن افكار و مشاريع تخدم الشعب كل الشعب و ضعوا نصب اعينكم  سلامة العراقيين ووحدة اراضي العراق ... دعونا نصفق لكم و نهتف لكم و نصدقكم و نؤمن بافكاركم و نساندكم في مسعاكم .. لا تدعونا نشك في امانتكم و نزاهتكم , عاملونا بحسن نية صارحونا بالحقيقة حيث لا مجال للكذب في عصر الوعي و العلوم , نحن نستحق ذلك دعوا ثقتنا بكم عالية , لا تستخفوا بعقولنا تذكروا دائما ان حبل الكذب قصير !  و اخيرا .. هذه رسالة لكم من اطفال العراق الذين لا حول لهم ولا قوة , اطفال ابرياء في عمر الزهور لا يفهمون شيئا عن الطائفية او العنصرية او المذهبية  ولا ينتمون لها , ابرياء لا مكان للكذب و للحيلة في عقولهم رسالة مليئة بحب العراق و شعب العراق يخاطبونكم كآباء لهم ..
ايها الأباء الا تشعرون اننا بحاجة اليوم الى خطاب صادق و نزيه بحاجة الى رجال سلام رجال حكماء يقود مركبنا الغارق الى بر الأمان , الا تعتقدون ان خطابكم و افكاركم اليوم تتيحون الفرصة امامنا نحن الأطفال العراقيين المخلصين كي نصدق غيركم فيما يطرحون عن الفساد في ادارة حكومتكم و سياساتكم  ! أليس لأطفال الأشوريون , واطفال التركمان واليزيديون والصابئيون و كل المسلمون  سنة و شيعة وغيرهم نفس حق اطفالكم فيما تطلبون  ! ام ان اطفالكم  سيعاملوننا و كأننا  نازحون و لاجئون الى ديار اطفالكم !
 نسالكم كيف ستعاملون الأطفال في مماتهم اين سيكون مثواهم الأخير , و لمن سيدفعون الجزية و ايجار السكن ! بأي دين او مذهب سيلتحقون هؤلاء الأطفال دين الشمال ام دين الجنوب..   أليس الأجدر في عصرنا الحاضر اليوم نحن الأطفال رجال المستقبل ان تكون كل ارض العراق و كل خيرات العراق لنا جميعا دون تمييز ديني او مذهبي او قومي ! نحن اطفال العراق سنكبرُ يوما و سنكتشف الحقيقة و سنرى الفرق بين الخييرين و بين المفسدين .. فطوبى لمن دافع عن شعب العراق وضمد جراحه ولعنة المؤمنين و غضب الله ستلاحق الفاسدين المجرمين .... آمين
ادور ميرزا

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأستاذ أدور ميرزا
مقال جميل أتمنى أن تستمر بنفس الاتجاه لأن الوضع الراهن في العراق مشوش إلى درجة كبيرة إلى حد بدأت الحقائق تختلط والصورة للواقع غير واضحة للعامة، إن كتابات من هذا النوع ستعطي درجة من الوضوح للآخرين لكي يفكرو صح، أرجو لك دوام الموفقية مع تحياتي
أخوك عبدالله النوفلي

غير متصل ادور ميرزا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 598
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عزيزي الأستاذ عبد الله النوفلي المحترم

من مزايا هذا الموقع انه يفسح المجال للتعبير عن آرائنا و ما يجول في خاطرنا بكل حرية , ان فقرة الرد على الموضوع هي ميزة اضافية يقدمها لنا هذا الموقع الشاب وهذه صفة يتميز بها عن غالبية المواقع , و ذلك لتضييق الأختلافات في وجهات النظر و تقوية اواصر وحدة التوجهات , اشكرك على ردك الأنيق و الرائع و انت بحق تستحق كل تقدير و احترام , وتحية لجهود ادارة الموقع لمساهمتها في جمع شملنا وتمتين علاقاتنا الأجتماعية من خلال تقاربنا عبر هذه المراسلات والردود و بعيدا عن كل سياسة تسعى لتمزيقنا .

المخلص
ادورد ميرزا
 
ادور ميرزا