المحرر موضوع: الانتهازية آفة الاحزاب السياسية  (زيارة 2782 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ادمون يوخنا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 8
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 (( الانتهازية آفة الاحزاب السياسية ))                                                                

اصبحت السلوكيات ( الوصولية ، الانتهازية ، النفاق ) داءً عضالاً يفتك بالامم والشعوب ، ووباءً اجتماعياً وخيماً تنهار بسببه الحضارات والمجتمعات عندما يدب في اوصالها وينتشر في جسدها كالسرطان ، وتتحول هذه المجتمعات الى مجموعات وعصابات من الانتهازيين النفعيين الذين يضحون بكل شيئ من أجل تحقيق مآربهم الخاصة ومنافعهم العاجلة . هؤلاء يمثلون انتكاسة بشعة في مجتمعنا فهم يعرضون المبادئ للمزاد في سوق النخاسة السياسية وتضحي بمصالح قوميتنا في سبيل منفعتهم الخاصة ومصلحتهم الشخصية ، وهم صورة معتمة ونموذج قاتم للبشر ، فشلوا في حياتهم فأستغلوا نجاح الاخرين سلماً لهم ، فعندما تقتضي حاجتهم او مصالحهم معك ستراهم اصحاباً مخلصين ومتعاونين ، وسرعان ما يتغير كل شيء عندما تفترق حاجتك مع حاجاتهم فيتحولون الى وحوش كاسرة في غابة ظلماء .
نلاحظ ان هذه الفئة من الانتهازيين والوصوليين اصبحت تزداد يوماً بعد يوم وكأنها مرض من امراض العصر الفتاكة سريع الانتشار بين المجتمع . هؤلاء تقودهم مصالحهم يتملقون وينافقون للحصول على مراتب وتحقيق مكاسب وامتيازات متناسين القيم والمبادئ ومتجاهلين موقعهم السياسي او الحزبي او الرسالة النضالية التي تعهدوا يوماً بأن يضحوا من اجلها . فعلى ما يبدوا ومن خلال معايشتنا للواقع تحولت هذه الحالة وللاسف الشديد الى كارثة اجتماعية ، فقد بدأت تأخذ الانتهازية حالة جماعية ، تظهر بطابع الولاء والتمجيد والطاعة من خلال التظاهرات والتصفيق في المناسبات الاحتفالية وتثني على اخطاء اوليائهم حتى وان كان ذلك على حساب اقرب الناس اليهم .
يتملك هؤلاء الوصوليون هاجز الخوف من العمل الجماعي ويقلقهم ان كان هناك من يشاركهم به ، فيحاولون تهميش دور الاخرين ، ليس لشيء وانما فقط لتنسيب العمل لهم وحدهم دون غيرهم ليعطي ذلك شعوراً للاخرين بأنهم حققوا ذلك لوحدهم بهدف الترقي في المنصب او الوظيفة ويكرسون كل نشاطاتهم الاجتماعية من اجل ذلك.

نلاحظ ان هذه الفئة من العناصر الوصولية تعاني بعدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص ويعيشون في قلق دائم واحياناً ينتابهم الخوف بسبب شعورهم بأنهم مستهدفين ومراقبين وقد تعود اسباب هذا الشعور الى ظروف سيئة عاشتها هذه النماذج منذ الطفولة او عائدة لفشل سابق سبّب لهم عقدة للظهور او للاستأثار بأنظار الناس ليقفوا بجانبهم ويجعلونهم يضنون بأنهم مظلومين ، فالفشل بنظر هؤلاء الوصوليين يشكل نهاية حتمية لذا فهم يخافونه غير مدركين ان الفشل احياناً يكون حافزاً للتقدم . يتبع هؤلاء الوصوليين والانتهازيين سياسة الايقاع بالطرف الاخر أو من يحسبونه خصماً لهم من خلال استغيابه وطعنه في ظهره لاستمالة المسؤول الاعلى على سبيل المثال ، والغاية من ذلك تبييض صفحاتهم المنافقة لتحقيق غاياتهم وبالسرعة الممكنة ، ويحاولون ايضاً ممارسة بعض السلوكيات الغريبة اضافة الى شخصيتهم المتذبذبة والاقاويل التي ينشرونها حولهم والتي هي على شاكلتهم فقط للايحاء بأنهم على مستوى جيد ومن طبقة معينة من المجتمع ، واللجوء إلى التكتلات التنظيمية والتي تعاني منها الكثير من الاحزاب السياسية مستغلين في ذلك عواطف البعض من رفاقهم وبساطتهم .
بالمقابل هناك عناصر شريفة وأمينة وحريصة على المصلحة العامة ( لو خليت قلبت ) إذ يوجد في الأحزاب عناصر متميزة ومبدئية لها ارادة قوية لا تأبه ولا تلين عند الشدائد والمحن والمواجهات ليس مثل هؤلاء الوصوليون والانتهازيون سرعان ما ينهارون ويلوذون بالفرار عند الصعاب لينفذوا بجلدهم خوفاً من أن تتخذ بحقهم اجراءات العقاب المنصوص عليها في الانظمة والقوانين الحزبية ، وهذا ليس بالشيئ الغريب فهم يفتقرون الى الفكر والثقافة والضمير وهم مجردين من القيم والاخلاق تفتقر وجوههم الى الملامح مبهمين لا ظل لهم .
من هنا تأتي الأهمية الفائقة لنشر الوعي التنظيمي والسياسي والثقافي بين أعضاء التنظيم، ليكونوا الدرع الواقي له من أجل الحفاظ على أمنه واستقراره ، وأن تولي القيادة اهتماماً خاصاً ومتميزاً بتطوير الجانب الثقافي العام لرفاقها من خلال ندوات تنظيمية دورية تقيمها في كافة مناطق العمل ، بغية تطوير الأعضاء تنظيمياً وسياسياً وثقافياً كي يكونوا يقظين حيال المخاطر المتعددة التي يمكن لها أن تنال من التنظيم .

بقلم
ادمون يوخنا