مأساة الآشوريين في المحافل الدولية
(تجربة شخصية)
في أيلول 2011 عُقد في بيروت مؤتمر خاص بـ"مسيحيي العراق" حيث حضره أربعون نائب أوروبي ونواب لبنانيون وشخصيات لبنانية رفيعة مثل غبطة البطريرك بشارة الراعي والشيخ أمين الجميل وممثلين عن فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء ودولة رئيس مجلس النواب، وقد قمت بتسليمهم باليد، رسالة حول تفاصيل مشروع تكريد المثلــّـث الآشوري وأسلمة وتهجير الشعب الآشوري من باقي مناطق العراق، كما تم توزيع /500/ نسخة من الرسالة (بالعربية والإنكليزية) من قبل المؤتمر على كافة الحضور، ومنهم كافة النواب الأوروبيين بدون استثناء، وساستنا الخرسان القادمين من العراق.
وبعد يومين التقيت في فندق البورتيميليو في جونيه - لبنان بمسؤول شؤون العراق في البرلمان الأوروبي السيد ستروان ستيفنسون (أحد قرّاء رسالتي في المؤتمر) الذي كان قد دعاني مشكورا – من بروكسل مسبقا عبر الإيميل - إلى فنجان قهوة انتظرته لأشهـُـر من المراسلات، وفي ذلك الإجتماع الذي دام ساعة ونصف (بحضور أعضاء من المفوّضية الأوروبية)، تطرقت إلى سياسة دولة العراق الإرهابية تجاه الآشوريين، من خلال دستورها المتخلف وإلى وجوب تطبيق التشريعات الدولية بخصوص حماية الشعوب الأصيلة، على الآشوريين في العراق، وقد أيـّـد المستمعون فكرتي (مبدئيا)، وجاء النقاش صريحا وفي آخره أجبته على كل سؤال بسؤال آخر، كمايلي:
-
ستيفنسون (بعد نقاش طويل عن إرهاب دولة العراق) : ما تريدون؟ لندخل في صلب الموضوع
-
كيواركيس : منطقة آمنة للشعب الآشوري في أرضه التاريخية في شمال العراق
-
ستيفنسون : أين تحديدا ؟ الطرح الجغرافي مهمّ لهذا المطلب وفي هكذا ظروف.
-
كيواركيس : في المثلث الآشوري، بين نهري الزاب الكبير ودجلة
-
ستيفنسون (مبتسما) : المطالبة سهلة، ولكن ماذا عن الأكراد ؟ سيضايقونكم حتما
-
كيواركيس : ولماذا لم يضايق صدام الأكراد بعد إعلانكم"منطقة آمنة" لهم شمال خط العرض /36/ عام 1990 ؟ ألم يكن أقوى مما عليه الأكراد اليوم ؟
-
ستيفنسون : حسنا، وما هي المقومات الإقتصادية لهذا المشروع؟ فالحكومة العراقية سترفضه ولن تدعم هذه المنطقة اقتصاديا
-
كيواركيس : من الذي ساند المنطقة الآمنة للأكراد عام 1990 فيما كانت الحكومة العراقية آنذاك رافضة لها ؟ ألم تكن المنظمات الدولية ؟
-
ستيفنسون : عزيزي سيّد آشور، دعني أدخل في السياسة بعيدا عن العواطف لأبين لك تطلعات الإتحاد الأوروبي لأنك ربما كما الكثيرين، لا تملك فكرة واضحة عنها. بصراحة أقول لك نحن ضدّ أي تقسيم للعراق وخصوصا على أساس قومي ...
-
كيواركيس (مقاطعا) : عفوا .. ولكن لماذا ساندتم منطقة آمنة ثم إقليم عرقي بإسم "***ستان" أي "أرض الأكراد" بالفارسية ولا توافقون على منطقة آمنة للآشوريين ؟
-
ستيفنسون : أنتم تتمتعون بحرية وأمان في مناطق سلطة الأكراد ولديكم نواب ووزراء في الحكومة الكردية لذلك ليست لديكم الحجة القوية ومن الصعب أن يتم دعمكم لنيل منطقة خاصة بكم طالما أنكم تتمتعون بحقوقكم
-
كيواركيس : ألم يكن للأكراد وزراء في حكومة البعث ونواب في برلمانه ؟ واعترافا رسميا بالقومية الكردية ومحطات تلفزة بلغتهم الهندو - فارسية ؟ لماذا دعمتموهم وبأية حجة ؟ إدعمونا بنفس الحجة.
نظر ستيفنسون إلى زملائه رافعا كتفيه فيما يبتسمون، ثم طلب مني متابعة الأمر مع المفوّضية الأوروبية في بروكسل لأنه ليس المقرّر في هذه الأمور. وأجبته مازحا: "طبعا، سألاحقك أينما ذهبت ونحن بصدد تأسيس حركة آشورية مرخّصة كمنظمة غير حكومية" ...وأنتهى اللقاء ...
قمت مباشرة بمتابعة المسألة عن طريق المراسلة مع ناشطين آشوريين وأوروبيين، وسياسيين أوروبيين و هكذا بدأت مناقشة مشروع "المنطقة الآمنة للآشوريين" بين مسؤولي الإتحاد الأوروبي، وبعد شهر، توجــّـه وفد من الحــُـزيبات الآشورية العاملة في العراق إلى بروكسل للتعتيم على هذا المشروع الذي بدأ تداوله في الصحف وفي الإتحاد الأوروبي نفسه بينما يرفضه الإحتلال الكردي رفضا قاطعا، حيث صرّح يونادم كنــّـا -
كوجهة نظر - من بروكسل بأن الوفد المستكرد يرفض مشروع المنطقة الآمنة حيث طالب يونادم بـ "عراق آمن لكل العراقيين" .
رغم ذلك، وبعد شهر آخر بالضبط، أرسل الإتحاد الأوروبي رسالة إلى المالكي (بواسطة وزير خارجية النمسا الذي التقي المالكي في بغداد) متجاهلا تصريحات الوفد الآشوري المستكرد وطالبا من المالكي الموافقة على "الحماية الدولية لمسيحيي العراق" ولكن المالكي لم يجب، بل ردّ الناطق بإسمه يونادم كنــّـا مجددا عبر الإعلام قائلا : "لا نقبل أي تدخل من الخارج" – متناسيا بأنه لولا التدخــّـل الخارجي لما كان اليوم هو وأمثاله يجلسون على كراسيهم ويقتاتون من دماء شهداء الشعب الآشوري.
بعد هذا التصريح المخجل لكنــّــا (كما درجت العادة) قررت الذهاب إلى بروكسل حيث دعوت ناشطين آخرين واجتمعنا بستيفنسون مجددا في كانون الثاني/2012، وبخارجية الإتحاد الأوروبي كما اجتمعنا بسفيرة النمسا (كرسالة آشورية إلى وزير خارجيتها) في المفوضية الأوروبية وقد وافقت صراحة وعلنا على كل ما طالبنا به، وأعربت عن عجبها من مطالب الآشوريين التافهة وكيف أغفلوا مطلب "الحماية الدولية" كل هذه السنوات رغم وجود منظمات آشورية في أوروبا، واقترحت (هي) أن نطرح المسألة في جنيف وأعربت عن استعدادها لأن تدلنا على المسؤولين النافذين في جنيف - "في حال" - ذهب أي وفد آشوري للمطالبة بذلك في الأمم المتحدة، ولكن للأسف لم استطع المتابعة لأسباب مادية، ولا تزال القضية جامدة من قبلنا عمليا إنما حيــّـة فكريا، وطي التعتيم من قبل الأكراد عن طريق حركة يونادم كنــّـا وزملائه في برلمان الأسلمة والتكريد والحـُـزيبات التي لا توفــّـر لحظة في تضليل الرأي العام الآشوري والعالمي في المهجر، لا بل صمّمت الحركة الديموقراطية الآشورية على عرقلة مشروع "المنطقة الآمنة" حيث أسست مكتبا في منظمة الإيكوسوك بعد أن نادينا بها مرارا وتكرارا وعن أهمية فتح مكتب آشوري هناك من أجل الدخول عن طريقها إلى "المنبر العالمي للشعوب الأصيلة" من أجل المطالبة بتطبيق "قانون حماية الشعوب الأصيلة" على الآشوريين في العراق ومن خلاله"المنطقة الآمنة"، ولكن للأسف هذا المكتب اليوم هو تحت إسم "الجمعية الخيرية الآشورية" (التابعة ليونادم كنــّـا) ويقتصر هدفه بواسطة ناشطين آشوريين مؤمنين إنما ضالــّــين وراء الشعارات الكاذبة، على التسوّل للأموال تحت شعار "مساعدة المدارس السريانية" (كما درجت العادة) إنما هذه المرّة عن طريق المنبر العالمي للشعوب الأصيلة أي الهيئة صاحبة القرار المكتوب في مصير الأمة الآشورية بعد 2700 سنة من مجازر الأسلمة والتكريد والتتريك والتعريب ... بينما في المقابل تحوّلــُـنا حــُــزيباتنا إلى أمة متسوّلة .
إن كافة الحــُزيبات الآشورية الممثلة في المنابر الرسمية الكردو-إسلامية (أي العراقية) تقوم بخداع الرأي العام العالمي حول القضية الآشورية الحقــّـة وقد بدأت أطراف أخرى مثل ما يسمّى بـ"المجلس الشعبي الكلداني الآشوري السرياني" بإسمه المضحك وبدعم مادي من الإحتلال الكردي، بدأت بتسديد ضرباتها إلى أي أمل في إيصال القضية الآشورية إلى صنــّـاع العراق وحكــّـام العالم ... مهما يكن، أكرّر قائلا، بأن الحل الوحيد لمسألتنا المستعصية يكمن بعمل آشوريي المهجر ضمن خلايا صغيرة كبداية، وخصوصا النخب المثقفة وذلك باستقلالية تامة عن تطلعات الآشوريين تحت الإحتلال وإلا ذهبنا أدراج الرياح.
فلنقم بذلك بأسرع وقت قبل فوات الأوان ... إلى متى ستستمرّ الخيانة في ظل سكوت المهجر الآشوري الحر القوي الغني المثقف الكسول ؟؟ وإلى متى سيبقى المهجر الآشوري يعيش كابوس العراق وواقعه القذر، رغم أنه (المهجر الآشوري) ينعم بالحرية ولا ذريعة لديه للتخاذل ؟؟؟
هوامش: ردّ يونادم كنــّــا على النقاشات في أوروبا :
http://www.iraqhurr.org/content/article/24353969.htmlرسالة الإتحاد الأوروبي إلى المالكي :
http://www.almokhtsar.com/node/23922مقالتي حول ذلك :
http://www.assyrianray.com/inf2/articles.php?action=show&id=503رسالتي التي تم توزيعها في مؤتمر بيروت :
http://center-lcrc.com/index.php?s=22&id=3780&skw=%D9%83%D9%8A%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%B3آشور كيواركيس - بيروت