المحرر موضوع: فتاوي القتل والتكفير ينتجها اصحاب الضمائر الميتة (1)  (زيارة 787 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فلاح علي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 196
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
فتاوي القتل والتكفير ينتجها اصحاب الضمائر الميتة
(1)
فلاح علي
الى مرتضى القزويني : مقالتي هذه تتضمن حواراً وتحليلاً نقدياً لفتواكم التي اطلقتها من قناة الانوار وحللت فيها هدر دم الشيوعيين , في الوقت الذي يعرف فيه الشعب العراقي ان الشيوعيين يشكلون كنوز العراق العلمية والمعرفية والفكرية والثقافية وطاقات وكفاءات في كافة الاختصاصات وهم ليسوا مجموعه او افراد لكي تتخلص منهم . انهم كتل بشرية من العمال والفلاحيين والطلبه والشباب من كلا الجنسيين وكادحين ونساء ومهنيين ومنهم ابطال الرياضة مثلوا بلدهم لسنوات عدة في الالعاب الرياضية الدولية واساتذه ومعلمون واطباء وصيادله ومحامون ومهندسون ... الخ اي انهم جزء لا ينفصل من الشعب العراقي بكافة قومياته واديانه وطبقاته وفئاته الاجتماعية , وهم يشكلون الضمانه للوحدة الوطنية العراقية التي اضعفتها المحاصصة الطائفية والقومية . لهذا ارجوا ان يتسع صدرك للنقد وسأؤكد لك وللقراء ان فتواك باطله وأعتقد بعودتك ثانيه الى كتاب الله جل جلال وكلام رسوله الكريم , ستتفق معي في الراي ان فتواك باطله وان الاعتراف بالخطأ فضيلة .
بعد التحية :
كما تعلم ويعلم به الملايين من البشر المتواجدين على كوكبنا ومن مختلف الاديان والأجناس, بان الاسلام كفل حق الدفاع عن النفس وعن الوطن والدين والفكر والمعتقد والعرض والمال . من هذا يحق لي ولغيري في الدفاع عن الدين وعن النفس وعن الفكر الذي آمنت فيه وعن الحزب الذي انتميت اليه , ولكن دفاعي هوسلمي حواري بالكلمة من خلال المقاله وبالوسائل الشرعية والقانونية , وهذا حق كفله لي الدين والقانون . من هذا سأبدأ دفاعي من خلال هذه المقالة . اني لا استغرب من الفتوى التي اطلقتها من خلال قناة الانوار في هذا الظرف بالذات , وانك تعلم جيداً انه سبق وان ظهرت فتاوي في مصر وتونس تحلل فيها قتل اليساريين والديمقراطيين اطلقها اشخاص يدعون انهم رجال دين ورجال علم لكنهم في الواقع هم اشباه ,قاموا بأرتداء عباءة الدين وسمحوا لانفسهم ان يتحدثوا بأمور لا تعنيهم وهي الحديث باسم الدين . اي يحللون ما حرم به الله وكتابه الكريم ورسوله (ص) .باشاعة روح الحقد والكراهية والتفرقه والتكفير والقتل , وازهاق الروح التي حرم الله قتلها الا بالحق , والاغرب من ذلك هناك اعلام وفضائيات ومواقع الكترونية وصحف بعلم الحكومات تروج لفتاويهم هذه المعادية لدين الله . وأنت وجميع الشعوب العربية يعلمون جيداً ان فتاوي القتل التي ظهرت في مصر وتونس , هي نتيجة لفشل تجربة حكم الاخوان المسلمين في مصر التي اسقطها الشعب المصري وفشل مشروعهم الاسلامي في ادارة شؤون الدولة . كما ادرك حزب النهضة الحاكم في تونس ان تجربتة في الطريق الى السقوط والزوال , لهذا اطلقوا فتواهم وحللوا فيها قتل اليساريين والديمقراطيين والوطنيين فقتل  شكري بالعيد ومحمد الابراهيمي في تونس . من هذا يستنتج المواطن العربي ان هذا الفشل لحكم الاسلام السياسي في مصر وتونس , هو وراء ظهور الفتاوي في هذيين البلديين , وسقوط تجربتهم يعتبر ناقوص خطر لكل احزاب الاسلام السياسي التي وظفت الدين بالسياسة , سواء كانت في العراق او اليمن او الاردن اوسورية اواي بلد عربي آخر . من هذا ألا تتفق معي ان الفتاوي التي ظهرت في تونس ومصر بما فيها فتواك هي فتاوي سياسية وليس لها علاقة في الدين . وما يؤكد ذلك ان حزب الأخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس , عملى على تأسيس مرجعية دينية ترتبط بهما وتؤمن لهما الفتوى من اجل استمرار بقائهما في الحكم . لهذا اسمح لي ان اقول لك ان فتواك شخصية وليس لها علاقة بالدين لأنها لا تمتلك اي اساس شرعي وهي بمحتواها تعتبر فتوى سياسية .
مرجع ديني كبير يحرم الفتوى ضد الشيوعيين :
السيد مرتضى القزويني : سواء كنت تعلم ام لا تعلمُ لكن غالبية الشعب العراقي يدرك ويعلم تماماً ان اعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي الرفاق يوسف سلمان (فهد) وزكي بسيم وحسين الشبيبي في عام 1949 تم بقرار من السلطات البريطانية وبتنفيذ من حكومة العهد الملكي الموالية لها , وذلك لخوفهم من تنامي جماهيرية ونفوذالحزب الشيوعي العراقي في المجتمع العراقي . وقد ارعبتهم وثبة كانون في عام 1948 حيث انتفض كل الشعب من كوردستان الى البصرة بقيادة الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين من اجل تحرر البلاد ونيل الاستقلال . فمن اجل مصالح الشعب والوطن ضحى قادة الحزب بحياتهم ووسمت الوطنية الصادقة آنذاك بالشيوعيين الى يومنا هذا .  ضنت السلطات البريطانية وحكام العهد الملكي ان بأعدام قادة الحزب سيقضوا على الحزب الشيوعي العراقي . مالذي حصل بعد ذلك بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ اي في عام 1952 عاد نشاط الحزب الشيوعي بقوة وفاعلية وبتأثير كبيرعلى الشارع العراقي , وتحرك الشعب من جديد في انتفاضه جديده سمية وثبه تشرين عام 1952 ,  وحصل مد شيوعي في العراق آنذاك واصبح للحزب نفوذ جماهيري واسع ودور مؤثر وفاعل في الاحداث السياسية في البلاد .هذا مما أذهل السلطات البريطانية وحكومة العهد الملكي , فتفتقت عقولهم بفكرة وهي توظيف الدين لمحاربة الحزب الشيوعي العراقي , وعزموا على تنفيذ هذه الفكرة . فتوجه القنصل البريطاني من بغداد الى كربلاء وذلك في أواخر تشرين الثاني من عام 1953 . لغرض الحصول على فتوى من المرجعية تحلل قتل الشيوعيين .وقد إلتقى المرجع الديني آنذاك آية الله السيد الشيرازي في كربلاء وكان سماحته وكيل الأمام  مقيم في كربلاء حينها وقد طرح عليه القنصل البريطاني التالي:((يوجد عدو مشترك لنا ولكم ويتطلب إتخاذ موقف للخلاص من هذا العدو فرد عليه وكيل الأمام إذا كنت تقصد الشيوعيين فأنهم ليسوا بأعداء لنا وإنهم وطنيون يجاهدون من أجل تحرر وطنهم)) (1) . فقد تفاجئ القنصل البريطاني من هذا القول الذي نزل كالصاعقة علية والقول بحد ذاته كان فتوى تعبر عن الحقيقة الساطعة ان الشيوعيين ليسوا باعداء الدين وانهم وطنيون يجاهدون من اجل مصلحة وطنهم  .لكن الاعلام آنذاك لم يبرز هذه الفتوى العادلة الصادقة الصادرة من مرجع ديني كبير في العراق والمنطقة والعالم الاسلامي .وان هذه الفتوى عبرت عن الحقيقة الساطعة التي لا تقبل التشكيك قالها مرجع ديني كبير مؤكداً اولاَ على وطنية الشيوعيين وثانياَ رفض سماحته إشهار سلاح التكفير ضد مواطنيين عراقيين , وثالثاً سماحته وكيل الامام كان أميناً على دين الله الحنيف , ورابعاً انه رفض توظيف الدين في السياسة . وهذا كان درساَ بليغاَ لكل من يريد توظيبف الدين في السياسة لتحقيق مآربه ومصالحة . من هذا ان الدين لا يمكن أن يكون سلاح بيد أشخاص يستخدم لتسخين المناخات ولنمو قوى التكفير والغلو والتطرف والأرهاب وتصفية حسابات وإشاعة ثقافة الكراهية والقتل والتكفير , وقد عبر وكيل الأمام بشكل صادق عن أمانته على دين الله وبمحافظته الأمينة على روح الدين فجنب شعبه من شرور فتنه أرادوا توريط الدين بها آنذاك.وعبر ليس فقط على حرصه على ابناء شعبه و انما اكد على وطنيته وعن شعوره الوطني وعن فهمه الصحيح لجوهر الدين وهذه هي الحكمة والعقل والرؤية السديدة لرجل الدين الذي يرفض توظيف الدين في السياسة , لكن تمكن لاحقاً اعداء الوطن والشعب وبدعم من شركات النفط والاستخبارات البريطانية وال CIA بعد انقلاب شباط الاسود في عام 1963  من الحصول على فتوى وكانت مخالفة للدين او تم تحريفها آنذاك , ضناَ منهم من خلال توظيف الدين في هجومهم الفاشي من القضاء على الحزب الشيوعي العراقي وكل قوى التقدم والحرية والديمقراطية , لكن الشيوعيين لن ترعبهم او تخيفهم هذه الفتوى وهذه الحملة الفاشية ضدهم , فصمدوا صمود الابطال وقدموا تضحيات جسام لكنهم حافظوا على حزبهم , ووقف الشعب معهم  وتحولت الارياف الى قلاع حصينة للشيوعيين , في الوقت الذي توقع فيه اعداء الشعب ان الارياف هي اول من تقف ضد الشيوعيين وذلك صناً منهم سهولة تمرير الفتاوي على الفلاحيين . رغم ان الرجعيون والمتشددون من دعاة الدين ساهموا بنشر ثقافة التجهيل في الارياف لغرض التاثير عليهم , الا ان الفلاحيين لم يكترثوا لفتاوي مسيسه واحتضنوا الشيوعيين وذلك لقناعتهم بنضال الشيوعيين ومواقفهم العادله من قضاياهم المصيرية وهي الارض والملكية الكبيرة وتطوير الزراعة والريف وتحسين مستواهم المعيشي وتوفير الخدمات والتعليم والضمان الصحي لهم  .فأندحرت الفتوى وانتصر الشيوعييون بصمودهم وبالتفاف اوسع جماهير الشعب حولهم .
اما اصحاب الضمائر الميته من دعاة القتل والتكفير :
وذوي العقول السطحية فهم لا يؤمنون بمفهوم المواطن والوطنية بوصفها منظومة حقوقية واخلاقية وقانونية  تؤسس للحقوق والواجبات وتحافظ على الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي للمجتمع وتجنبه فتن الحرب الاهلية .  فهم يطلقون الفتاوي لتكفير وقتل النفس البريئة التي حرم الله قتلها الا بالحق وبلا شك ان اصحاب هذه الضمائر الميته التي تنشر الفتنه والكراهية والموت في المجتمع , هم غير قادرين على توحيد ابناء الوطن حول قيم قانونية وحقوقية كالحريات : مثل حرحرية المعتقد والتفكير والتعبير بلا تخوين ولا تكفير , ومن المؤكد ان مهمتهم هو انتاج ثقافة العنف والكراهية والقتل والتكفير وقاموا بتحريف دين الله واقوال رسوله الكريم.
السيد مرتضى القزويني :
بلا شك اني لن أتهمك شخصياً بأنك من اصحاب الضمائر الميته , لكني اسألك ما هو رايك بفتوى آية الله الشيرازي الذي حرم فيها هدر دم الشيوعيين وكان حينها المرجع الديني الأعلى في العراق والعالم الاسلامي وانت تعرفه جيداً وتعرف مقامه الديني الكبير. كما اني اوجه لك سؤال ثاني هل ان المرجع الديني الأعلى آية الله الشيرازي على خطأ في فتواه وأنت على صح ؟ارجوا الاجابه على السؤالين . ومع هذا أحيلك ثانية الى عالم ديني آخر كبير ومعروف على صعيد العالم العربي والاسلامي هو الامام محمد عبدة . يؤكد الامام محمد عبده الذي اصبح الأكثر شهرة في مصر والعالم العربي والأسلامي , وقد خلف تراثاَ فكرياَ عظيماَ , وله أثراَ حاسماَ في تحولات مصر والعالم العربي , من مجتمع التقليد إلى الحداثة والنهضة والتنوير . يؤكد الأمام (أن سلطة الأسلام هي سلطة الموعظة الحسنة والدعوة للخير) (2)ويؤكد.(الأمام على إلغاء التكفير تماماَ وليس البعد عنه على حد تعبير الأمام )(3). من هذا اسمح لي ان اقول لك اين انت من هذا الفهم الصحيح لدين الله  ومن هذا الموقف العادل الذي ثبته رجال دين عظام امثال آية الله الشيرازي ومحمد عبدة . في الوقت الذي لم يكن آنذاك في مصر والعراق دستور يضمن الحقوق والحريات وحرية الراي والمعتقد , لكن رجل الدين العادل هو الذي يقف مع شعبه للدفاع عن ضمان هذه الحقوق . (يتبع )
30-8-2012 .
1-حنا بطاطو . المؤلفات الجزء الثاني – يتضمن وثائق عن الحالة السياسية في العراق .
2- محمد عبدة . الأعمال الكاملة . ج 3 – ص- 308 .
3- عبد الرزاق عيد . محمد عبدة امام الحداثة والدستور . الطبعة الاولى – بيروت – السنه. 2006 ص- 270 .