المحرر موضوع: الدس المستور في كتابة الدستور  (زيارة 1676 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ادور ميرزا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 598
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                           الدس المستور في كتابة الدستور
                     

ادورد ميرزا
اكاديمي مستقل 

 الدستور وثيقة عهد كما يوصفها العقلاء من البشر عبارة عن مجموعة من كلمات و جمل تعبر عن تعهدات و التزامات  تنظم حياة  وشؤون كتل بشرية تعيش على مساحة من ارض ذات سيادة وبحدود مثبتة على الأرض باعتراف يصدر من قبل هيئة دولية . هذا الدستور قبل ان ينفّذ يعرض عادة على الكتل و يُقر من قبل سلطة الحكم التي تأخذ شرعيتها عبر انتخابات ديمقراطية يشارك فيها كل شرائح هذه الكتل و بمختلف انتمائاتها الدينية او القومية . بهذه الصورة النزيهة يكون الدستور قد احتل مكانه في ضمير العراقيين المؤمنين ككتاب مقدس يتراصف مع مواد و تعاليم كتب الله الساكنة في وجدانهم , لذلك لن يقبل ان يكون في الدستور ما يشير الى "دس مواد فيها سوء نية" لا سامح الله .
 لكن الحدود مع العراق لا زالت مشاكلها قائمة , و السيادة "خان جغان" , وسلطة الحكم المعينة ما زالت بانتظار رأي الشعب في  شرعيتها , والكتل السياسية دينية و قومية و ليبرالية ما زالت في سباق المئة متر للفوز بالذهبية , كل الأمور في العراق غير محسومة بمعنى فوضى , والجماعة يرددون نريد الدستور نريد الدستور لقد حررنا العراق !   
 الدستور العراقي كما يعتبره  بعض من المسؤولين العراقيون هو المخلص الوحيد الذي سيهبط علينا من السماء  كالنبي المنتظر الذي ينتظره ملايين المسلمون ليتباركوا بنوره الوهاج لينشر العدل و السلام و ليعلن الحقيقة . و كأن العراق انتهى من كل الترتيبات الأمنية و المعاشية , ولم يبقى لتكتمل سعادة العراقيين الا  بالدستور المنتظر ! و جميعنا يعلم بان الدستور ليس هو الأولوية ! غالبية العراقيين خاطبوا المسؤولين الجدد ..حين قالوا لهم ..  انتم ما زلتم غير منتخبين لأن الأنتخابات غير كاملة وغير شرعية وقد تخللتها  بعض التجاوزات , هذا ما اعلنته و اكدته لجنة الأنتخابات نفسها ممثلة برئيسها ايار ! اذن عليكم اولا اجراء انتخابات نزيه يشارك فيها كل العراق من الشمال الى الجنوب دون استثناء شريحة او محافظة او اقليم عندها و بعد ان يتم انتخابكم  الشرعي تستطيعون التقدم لانجاز الدستور وكما يحلو لكم ,  هذا ما قاله العراقيون , اما ما نراه اليوم فان موضوع الدستور قد اشغلنا اكثر من انشغالنا بأمننا وبدفن موتانا او مداوات جرحانا بل ان موضوعه اشغلنا حتى البحث عن لقمة عيشنا بل اشغلنا حتى عن ترميم كنائسنا و مساجدنا و اعادة بناء تنور بيتنا الذي ما عاد يصنع خبزنا , و اكثر من ذلك فقد اشغل العالم بأسره و كأنه فرحة ابوين ينتظرون مولودا لم يرزقا به طيلة زواجهم الممتد لثلاثة عقود , تخيلوا فرحة ولادته ايها القراء ... ليس الوليد بل الدستور !
  فقد استهلت لجنة كتابة الدستور التي شكلت بقدرة قادر وهي الأخرى لم تكن بالمستوى المطلوب  ديباجتها بالتأكيد على انهم ممثلي الشعب العراقي الحقيقيين و المنتخبين , وانهم من النزاهة بحيث سيجعلوا كل كلمة في هذا الدستور سحرا ما ان يشمه العراقي فانه سينعم بحياة آمنة و سعيدة لم يحياها طيلة 35 سنة من حكم الشياطين في عهد صدام .
 ثم بدأت لجنة الدستور كلامها .
..........{ وان ارادة الله و محبة الشعب العراقي بل و رغبته الشديدة دعاهم لأن ينقذوا العراقيين }.
 و طبعا مثل هكذا ادعاء قد يفقد ثقة شعبنا بهم لأنهم نصبوا انفسهم اولياء قبل ان يتعرف العراقيون عليهم حيث غالبيتهم عاشوا خارج العراق في نعيم و سلام الغرب , بعيدين عن الظلم الذي لحق بهم في زمن الشياطين , اليس الحق ان يتعرف الشعب العراقي عليهم و على امكاناتهم اولا ثم يطلب منه تقييمهم وانتخابهم !  . هكذا بدء اساتذتي اعضاء لجنة المستور و كأنهم في خطبة الجمعة ... مؤمنون و اولياء منزلين من الله , لكن الحقيقة  ولأنهم بشرعاديين فانهم بهذا الوصف بعيدون عن الأرادة الألهية التي يفهمها المؤمنون .
 فالدستور اذن هو وثيقة عهد يجب احترامه وهو "مسكت شارب كما يقولون" ! ولأنه يرعى مصالح الجميع  فانه بحاجة الى اناس مخلصين للوطنية العراقية بدرجة عالية , ولهم من المعرفة و حسن اللأدارة ما يؤهلهم لأدارة عدالة التطبيق يجسدونها على الوقع بسلوكهم و خطاباتهم , و هنا اشير الى "حسن النية" , ان الصفة التي يجب توفرها في من يسمح لنفسه ان ينصب نفسه قائدا لشعبنا الذي عاش الظلم و الأضطهاد , هو "حسن و صفاء النية" , يقابلها نكران الذات و النظر الى مصلحة المجتمع العراقي كوحدة متآخية حيث تنوعه من اناس ينتمون لأديان و قوميات مختلفة تحكمهم  توجهات سياسية معينة بالأضافة لاهتمامات اضافية مرتبطة بعادات خاصة جدا كالصابئة و اليزيدية , كل هؤلاء يأملون من الذين كما وصفتهم مسبقا ان يكتبوا دستورا بروحهم وليس بحزبهم او طائفيتهم دستورا يضمن حقهم جميعا في ممارسة حياتهم و تحقيق ذاتهم دون ان يؤثر ذلك على وحدتهم ارضا و شعبا . لذلك نؤكد لكي تكون مقبولا من العراقيين ايها المسؤول العراقي ...عليك بفتح قلبك و خاطبهم "بحسن نية" والأبتعاد عن كل ما يثير حساسية العراقيين مذهبيا و قوميا ! 
و لكي نضمن هذا الحق  لحياة و سعادة و أمن شعبنا العراقي الذي يعيش اليوم نعمة التحرر من الدكتاتورية يجب ان نحقق ما سيأتي ... و بعكسه  فان القائمين على شؤون الوطن  سيلحقون الأذى بشعبنا و سنكون عندها ملزمين ان ننعتهم بكل ما اوتينا من كلمات التجريم و التخوين و العمالة .

اولا . الأشارة بنص يعلن الى ان شعب العراق يعتنق ديانات و بمذاهب متعددة يستمد قوانينه من مصادرها , الى جانب مصادر اخرى على ان لا يتعارض ذلك مع مصلحة الشعب مجتمعا , و لا تمايز بينهما جميعا .
ثانيا . ألأشارة الى ان الشعب العراقي مكون من عدة قوميات اساسية متآخية , و لا تمايز بينهما .
ثالثا . الأشارة الى ان اللغة الأساسية هي العربية , و يحق استعمال اللغات الأخرى في المناطق التي يسكنها غالبية قوم معين , و اعتبار ذلك لغة اساسية في مناطقهم , ولا تمايز او تقليل من اهميتها في تلك المناطق .
رابعا . الأشارة الى ان تأريخ و حضارة العراق متواصلة ممتدة من الحضارة الأشورية و البابلية الى الحضارة العربية و الأسلامية , و متصلة بالحضارات الأخرى اليوم .

 هكذا هو شكل الدستور الذي يحترم الجميع و يضمن الأستقرار و الذي وعدونا به في خطاباتهم عندما كانوا خارج العراق وقبيل السيطرة على العراق .
 ترى هل اعضاء لجنة دستورنا سيعدون دستورا جديدا خاليا من المذهبية و الطائفية و العنصرية , ويدعوا لوحدة العراق , ام ان هناك من يعده بدلا عنهم . العراقيون بانتظار الملاك المنتظر صاحب العدل و السلام بشرط ان لا يتضمن دسا مستورا و اعوذ بالله
.
ادور ميرزا