المحرر موضوع: آثور  (زيارة 3282 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف شبلا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 52
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
آثور
« في: 13:10 20/09/2013 »
آثور  
ملخص ما قيل في معنى كلمة آثور أو اشور :
لم يتطرق الباحثون لتحليل اللفظة وقد قبل الناس هذا الاسم على إنه اسم علم لقوم. ويقول BREASTED  في كتابه    Ancient Times    أن الآشوريين اكتسبوا اسمهم من إله لهم كانوا يسمونه اسور Assur        (ص 180 ) .
هذا كله صحيح ولكن من اين أخذ هذا الاله اسمه؟ هل "ولد" ومعه اسمه؟!

تطرقت في مقال سابق بعنوان "قراءة جديدة للاسم بل اللقب كلكامش" منشور في هذا الموقع قبل 3 اسابيع الى معنى كلكامش وخلصت فيه الى ان كلكامش  يعني جاموس السماء خلافا لكل التكهنات السابقة بهذا الخصوص والتي لخصها المرحوم طه باقر في كتابه "ملحمة كلكامش"  والمجملة في المقال المذكور وعصارتها انها تعني " الرجل الذي سينبت شجرة جديدة" .
وبدلا من البناء التدريجي لحين الوصول الى النتيجة ساذكر النتيجة مباشرة ثم اقيم الدلائل

آثور تعني كلكامش

تحليل مقطعي جديد

نقترح تقطيع كلمة آثور إلى مقطعين:
أولا- (آ) مختصر آل التي هي بدورها مختصر كال   GALوتعني (سماوي ) وما في حكمها وكما سبق ذكره في المقال السابق فإن هذا المقطع السومري عانى من تحويرات عديدة في لغات كثيرة لتأدية معانٍ مختلفة لكنها وشيجة الصلة بالأصل وذلك لان G   الكاف المعطشة   متعددة الأصوات، أي إن لها قيما صوتية مختلفة تستوعبها اللغات الأخرى بعد ان  تطوعها لمنظومتها النطقية، ناهيك عن عامل التخفيف مع الزمن  . فمثلا : كو GU تصبح قو  Qu وكو  KU  وغو GHU  ، وتتشابه  غال GAL  السومرية مع عال  الارامية والعربية وغالي (الثمن) . ويُسقط الاثوريون العين او يحلون محلها الهمزة فتصبح آل ، ونجد لفظة خان لدى الأقوام المغولية و أقوام آسيوية أخرى بنفس معنى غال  السومرية مثل جنكيز خان وساندوكان وايلخان وكان البغداديون يشيرون إلى هولاكو بالخان  ويخاطبونه كذلك . وفي لغات أخرى على شكل هان و هام . وسكان اورارتو (أرمينيا القديمة) كانوا يسمون الكاهن الأعظم (آن)    .
  وما يهمنا من كل هذه التوطئة هو ان الآثوريين وهم الفرع الشمالي من الاكديين اقتبسوا كال ( السماء) و خففوها  ( او وصلتهم مخففة) الى (آ) حسب سلسلة من التغييرات نذكر منها  السلسلتين التاليتين على سبيل المثال :

GAL    إلى  كال  الى     آل   إلى      
GAL       إلى      كا   الى      آ

وتظهر آل و آ  في أسماء كثير من المواضع التي سكنها السومريون أو أسلافهم الصوباريون أو الناطقون بلغات لصقية شبيهة بالسومرية  وللمزيد عن الموضوع نحيل القارئ الكريم إلى بحث للدكتور نوفوتني بعنوان  " نصوص سومرية كتبت بحروف لاتينية في المخلفات اللغوية الهنكارية " ألقاه  في المؤتمر التاسع والعشرين للمستشرقين في باريس ، 1973 ، ونشره فرانسسكو باديني في كتاب Sumerian Wonder ، منشورات جامعة السلفادور 1974.
وكان السومريون في جنوب العراق يطلقون على كبير آلهتهم لقب (آ نيم) أو (آ نو) ويعتبرونه رب الأرباب.
 وهناك آنانا  وليس اينانا كما هو متداول؟  إلهة السماء  ودليلنا على ذلك هو ان انانا تعني في سريانية القوش الزوبعة المطرية الثقيلة الناتجة عن غيوم سوداء داكنة والتي تصاحبها البروق والرعود وتكون قصيرة الأجل عادة (مزنة). ونجد نفس المعنى تقريبا في قصة   هروب ديموزي   حيث نجد ان ((انانا زوجته تغتاظ لرؤيته وتسلمه على الفور لمطارديه إذ أثارت عليه زوبعة من الريح والمطر غمرت مدينة اوروك)) .
وفي أسطورة  نزول عشتار إلى الجحيم   نرى   ((اينانا تثير عاصفة من الرياح الهوجاء  ومن القوى الجهنمية على البستاني)) .   وما يعزز الاعتقاد أنها آنانا وليست اينانا هو ان نظيرتها بالفرثية هي آناهيدا (بالمدة اي بالهمزة المفتوحة المشبعة وليس بالهمزة المكسورة) علما ان (إي) بالسومرية تعني  (مسكن) أو ( بيت) وعليه يكون معنى آنانا إلهة السماء اما اينانا فسيكون معناها مسكن الآلهة كما أن انانا هي ابنة آنو (بالهمزة المفتوحة) ؛ ولهذه القرائن مجتمعة مضافا إليها الاشتقاق اللغوي والمعنى  المعجمي ، يكون معنى (آ) ، المنحدرة عن كال ، السماء أو المقدس.

ثانياً-  تورا  :      وتعني بالاكدية بفرعيها والعربية والآرامية الفصحى والسريانية  والسورث  " ثور".
وباعادة دمج المقطعين يكون معنى آتورا (الثور السماوي) ، أي كلكامش نفسه ولكن حلت الكلمة السامية (تورا) محل الكلمة السومرية (كاميش) وحيث ان التاء سبقها متحرك (الألف التابعة للهمزة في المدة) فقد تحولت تلقائيا بمقتضيات قواعد اللغة الارامية إلى ثاء لفظا فتصبح آتورا آثورا وفي هذه الحال وبموجب قواعد التنقيط الحديثة تضاف نقطة تحت التاو للدلالة على   "ترخيمها " إلى ثاو . اما الآثوريون انفسهم فما زالوا يلفظونها بالتاء فيقولون آتًر. (معلوم ان الارامية بقيت اللغة الرسمية  Franca Lingua   للمنطقة لقرون عديدة.)
   أي ان الآثوريين استعاضوا عن كلمة جاموس بثور لسبب وجيه وظاهر وهو وجوده في بيئتهم بينما يندر وجود الجاموس عندهم، لعدم وجود المسطحات المائية الواسعة (كالاهوار) والقصب في مناطقهم.
و بعد أن فقد المقطع (آ) معناه لديهم لم يجدوا طريقة افضل من الاجنحة للتعبير عن السماء لان ذوات الأجنحة تطير في السماء وهكذا وجدت في نينوى وباقي العواصم الاثورية تماثيل الثيران المجنحة (السماوية) على أبواب القصور والقلاع وفي مقدمات الجيوش و قنوات الري  لتؤدي وظيفة الحراسة المجانية دونما كلل وبدون الحاجة إلى تبديل الحراس على طريقة المناوبة.
ومعلوم ان كلمة آثور في الحقبة الاشورية الثانية  وحتى زمن الممالك الارامية كمملكة الحضر كانت قد أصبحت بادئة  أو لاحقة ، تفيد الالوهية او الملوكية او كليهما كما في آثوربعل  ، ودخلت في  أسماء  كثير من الاعلام مثل :

1-   اشور باني بال والأصح بإعتقادنا اشور باني  بعل أي اثور ابن (الإله)  بعل.
2-   اشور ناصر بال (بعل) وناصير تعني الحارس ولا ندري من كان يحرس من. هل الملك محروس البعل أم البعل محروس الملك في معتقدات القوم يومئذ ؟ لكن الاحتمال الاول هو الارجح.
3-   اشور حدون وتكتب اسرحدون.
4-   آشور اوبالاط وبعلات او بالاط تعني الحياة وهي قريبة من هو او هب فيكون المعنى قريبا من دينكير السومرية اي  واهب الحياة.
5-   بوزور اشور الذي شيد الحارة الجديدة لمدينة اشور (شرقاط حاليا) وبوزور تعني البطل في السومرية.  
6-   آدور ملك (صنم)
7  -  آثور لخس احد آلهة الحضر (ولعلها اثور ولكش  ، وولكش لقب تسمى به عدد من ملوك الحضر) وكأن كلمة  اشور كانت قد أصبحت تعني يومئذ الاله المالك بنفسه على الارض او شيئا من هذا القبيل.
ويرد اسم حاكم مملكة ماري في سوريا على شكل (شورا –دامو )
 ودومو ودو تعنيان بالسومرية (ابن) مما يوحي بأن اسمه أو على الأقل لقبه كان ابن شورا او ابن آشور .
ومعلوم ان اوكاريت مثل اكد كانت ثنائية اللغة حيث ظلت السومرية تكتب جنبا إلى جنب مع الاوغاريتية السامية التي كانت بدورها تكتب بالمقاطع السومرية كالاكدية ، وهنا نجد كال السومرية في القاب ملوكها على شكل لوكال  ولم تختصر بعد الى آ كما في آشور.
ويرد اسم حاكم آخر ل ماري باسم ايتور شاماكان وليس صعبا الربط بين ايتور واثور ولا بين شاماكان وشموكين  التي تعني    السماء العادلة او عدالة السماء ويبدو ان الأسماء الرافدينية كانت تتغلغل في ماري واوكاريت الساميتين او الهجينتين بيسر .

وهكذا تحول كلكامش السومري الجنوبي إلى آتورا الاكدي الشمالي أو قل الاثوري وبالتالي إلى آثورا  وعند نسب الفرد إلى بلاده  أو  "الهه"  آثور، يومئذ، تصبح آثورايا بلغة القوم (آثورياً بالعربية الفصحى). وفي سوريا ولبنان وباقي الساحل ، حيث الميل الى الحروف الصفيرية ، تلفظ الثاء سيناً ولذلك تحولت آثور إلى آسور وآثورايا إلى آسورايا ،  ومن هذه الأخيرة جاءت سوريا بالعربية . و اليونان ، او المقدونيون، سموها   ب Assyria   ومنها Syria  نحتا من آسورايا واستقرت هكذا عند  اخلافهم الرومان ثم الفرنجة.
  وعند النسب إلى سوريا بالآرامية و السريانية تقول سوريايا والتي خففت مع الوقت إلى سورايا ، ومنها " السورث" على وزن قردث اي بالظرفية الحالية كانك تقول (اتكلم) آسوريائيث، وهي اللهجة  المحكية في القوش  (والقرى التي يقطنها المسيحيون في سهل نينوى و في كردستان وفي جنوب تركيا قبل 1915).
و من هذا الاثل جاءت ايضا لفظة  "السريان" نسبة إلى ما سبق على وزن كلدان و طليان والمان وعربان وبلقان ورومان وسودان. ولكن نلاحظ  غلبة لفظة (اشور)على (اثور) ربما لأنها وردت بالشين على شكل اشوريم في النص العربي من سفر التكوين عند ذكر الأنساب. لكنها بقيت على لفظها الاصلي آثور  عند الاثوريين والسريان .

   الا ان آثور وهو سليل كلكامش  بزه في ان قومه الّههً في حين اعتبر قوم كلكامش كلكاكش نصف اله حيث ان ثلثيه اله نسبة الى امه ننسون وثلثه الاخر من مادة البشر.

هل مر الاسم "الثور السماوي" بمرحلة سومرية صرف اي ان المقطعين كانا سومريين وليس خليطا اي    GAL GU حيث Gu  تعني الثور بالسومرية؟ يبدو ان الجواب بالايجاب اذا اعتبرنا اسمي العاصمتين آشور وكالخو Gal Gu مترادفين. ولكن هذا الاستنتاج يحتاج مزيدا من التقصي قبل النشر.

               طلطامش   ــــ  آثور  ـــــ  الثور السماوي




معلوم ان الآشوريين شنوا حملات عسكرية باتجاه الشمال نحو الأناضول مرورا بكردستان ونحو الشرق في أعماق فارس ونحو الشمال الشرقي حتى أرمينيا وحملوا معهم آلهتهم (ثيرانهم المجنحة أو السماوية)  آتورا. ترى ماذا سمت هذه الأقوام آثور بلغاتها ؟ جواب ذلك في مقال قادم وهو وارد في كتابي بالعربية كلكامش آثورا بيروتشام.
وتأسيسا على ما ما تقدم فان اتورجا او اتوركا أو  أتوركايا(Turci)    و بالتالي تركايا وتركيا  وتوركمان وتوركستان اراها من مشتقات اتورا. وكذلك طوروس  TOROS توروس (سلسلة جبال) وقنطورس، قنطارس (الحيوان الخرافي - حصان مجنح) من مشتقات اثور ايضا وبالتالي من مشتقات كلكامش.
وفي المزمور 29 كلمات تضعك في جو ملحمة كلكامش وتذكر كلكامش مرتين مرة بصيغة العجل ومرة بصيغة الثور وهي على التوالي:  اكتساح ارز لبنان، العجول، لبنان وشنعار،  الغمر العظيم او المياه العالية، ، الطوفان ، الثور الوحشي.
وفي ملحمتي الالياذة والاوديسة لهوميروس نجد المقطع تور في اسماء الابطال المذكورة اسماؤهم في ذيل هذه الفقرة.
 ويبدو ان الحصان ، هذه المرة، هو المقصود وليس الثور حيث ان القنطور او القنطارس ممثل بحصان مجنح، كما ان نسطور يكنى بالخيال او الفارس وهكتور مربي الخيول ويصعب الجزم في المعنى الدقيق او اللفظ الدقيق لهذه الاسماء التي تعود الى ما قبل الميلاد باكثر من عشرة قرون لكن القرينئين تشيران  الى ان المقصود هو الحصان وليس الثور:  قنتور (قنطورس ، سنتور ) الساكن في جبل بيليون (جبل البعل) ، نستور الخيال، هكتور مربي الخيول، الاستور، اكتور، ستنتور، كاستور، رايبوتور،ثستور، مينتور،أبيستور، فيمتور،   بولي كتور،   ماستور، اونيتور، اميسدور(وس)، كاليتور.
_____________________________________________________________
   مزيد عن الاسماء الرافدينية القديمة وتأويلاتها في الكتب التالية لصاحب المقال.
1 –    كلكامش أثورا بيروتشام ( النسخة  الالكترونية 2004 ،النسخة الورقية 2007)
2 –    From Gilgamesh to Christopher
3 –     Galdu or The Sons of gods
  Shabilla_yousif@yahoo.com




الهوامش
__________________________________________________________

                جيمس هنري بريستيد ،انشنت تايمز ،مطبوعات جن & كومباني 1935،الطبعة 2
Henry Breasted, Ancient Times, Gin & C0., 1935.  

             ملحمة كلكامش، طه باقر ، 1984، دار الرشيد

           في قاموس هالوران يرد معنى ثان للصوت آ وهو الماء علما بان الانكليزية لا تميز بين الهمزة والعين.Haloran,        Sumerian Dic.

    اينانا \عشتار وديموزي \تموز في أساطير بلاد الرافدين القديمة للأب البير أبونا ،مجلة بين النهرين ، العدد المزدوج 93\94 السنة 24،1996 ،ص17

             نفس المصدر ص23

           لتأثيل ولكش  انظر  "كلكامش آثورا بيروتشام"

  .د.بتينانو – مجلةNational Geographic  عدد كانون الأول 1978   Dr.Pettinato, Dec 1978 , N.G.
           وتعني هنا امير الربع ، او حاكم ولاية ، المصدر السابق.

        باعتبار آثور  او آشور اهم معلم شرقي الابيض المتوسط يومئذ

         الربط بين آسوريايا وآثور  ليس جديدا فقد جاء  في كتاب الحوضرا (كتاب الصلوات الطقسية للكنائس الشرقية)حيث تكتب اْسوريايا اي مبتدئة بمد عليه مبطل (مبطلانا)، كما ذكر المطران اقليمس يوسف داوود في  الفصل الاول من كتابه    "اللمعة الشهية في قواعد  اللغة السريانية"     1879 م الموصل، ما نصه : (والعلماء العبرانيون انفسهم وهم المعروفون بالربانيين يسمون لغة اليهود منذ ذلك الزمان آرامية او سريانية وربما سموها آثورية) ويقول ايضا في ص 16 انهم يسمون القلم الارامي بالقلم الاثوري.
وذكره ايضا اوجين منا في قاموسه  نقلا عن رينان الفرنساوي ص 15 " ..اخيرا ان اسم آرام بدل في زمان الملوك السلوقيين في المشرق باسم سوريا التي ليست الا اختصار آسوريا  (اعني آثور او آثوريا حسب اللفظ اليوناني) "
وذكره ايضا سمير عبدة في كتابه  "السوريون والحضارة السريانية"  ، دمشق 1998 حيث يقول في ص17 ما نصه: ( ويقول البعض ان اسم سوريا هو اختصار لكلمة آشور وقد جرى استعمال هذا الاسم المختصر بعد ان غزا الاسكندر الاكبر هذه البلاد)

      "جا" ، كما في جا وين اهلنا،  لاحقة تركية تفيد الاضافة والنسب فمثلا عربجا تعني عربيا وعليه فان اتورجا او اتوركا تعني آثوريا مما يوحي بأن اليونان ومن بعدهم الرومان كانوا يعتبرون سكان الاناضول آثوريين او هكذا كانوا.

      الكلمة كتبت بالحرف C     ذي الصوت  ك  لكن الصوت يتحول الى س  في الانكليزية عند ورود حرف e    او  I  بعده.

  يقترن البعل بالجبل عادة بسبب اقتران عبادات السومريين بالمرتفعات