المحرر موضوع: من موروثنا الشعبي بريخـّــا  (زيارة 1074 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بدران امـرايا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1003
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من موروثنا الشعبي
بريخـّــا
بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com

تعتبرالمائدة الغذائية لشعبنا الكلدواشوري السرياني غنية باطباقها العديدة والمتنوعة , وذات نكهات لذيذة وصحية ,بدلالة اجتياز المقتاتين على هذه الاكلات فترات عمرية طويلة في ماض شعبنا , ولدينا سفرغني و زاخر بالاكلات الشعبية منها ماهو نباتي صرف او حيواني او بينهما ,ومنها ذات التحضير المعقد ومنها السهل .وكل منطقة من مناطق شعبنا تشتهر بطبق خاص وعند ذكر ذلك الطبق تتبادر الى اذهاننا تلك المنطقة على الفور, فمثلا ذكرنا لطبق مذيرا او بالاحرى نذيرا اي المنذور - النذر نتذكر قرية بيرسفي. ودخوا منطقة تياري وهكذا المناطق الاخرى الى جانب وجود امثلة وقصص  ومواقف طريفة تتمحور  حول تلك الاطباق وسنأتي اليها لاحقا بعونهِ.
وهنا سوف اتطرق الى طبق شعبي قديم قدم تاريخنا وحضارتنا , وغالبا كان توقيتهُ فترات الصوم وجميع مواده الاولية من الانتاج النباتي المحلي او في ازمنة الجوع المتقع وهو
بريخّا وهو اسم سرياني مشتق من بريخ, برَختّا  بمعنى الحك او الدعك,الفرك , اليابس , الصلب ,ومادتهِ الرئيسية هي السمسم شِشمّي حيث ان غالبية قرانا تزخر بزراعة هذا المحصول الصيفي الغني والصحي كونهُ مادة اولية تدخل في صناعات كثيرة .الى جانب ان طبخة براخّي اي الدولمّة هذه الاكلة التراثية لشعبنا اسمها مستمد من براخّا . حيث ان الفئران تتعقب السمسم حيث ما وجد وتموت من شدة حبهِ.
بداية كان السمسم يصفى من الشوائب ثم يقلى في انية كبيرة على مصدر حراري هادئ  كنونا مع الخبط المستمر للسمسم اثناء القلي كي لا يحترق لانها مادة خفيفة , بعدها يبعد من على النار ويسطح على غطاء قماشي ليبرد تدريجيا, بعد ان يبرد يجلب السمسم الى حيث وجود ستّا بمعنى شِتّا القاهدة وهي المدقة (هاون ) الحجرية لها حفرة مقعرة باعماق متفاوته ولها حجر مدبب اسطواني خَشولاّ بمعنى خَا ,شولاّ اي عمل واحد انه فعلا عمل مضني, وخشول بمعنى اضرب , وكانت قديما تتواجد بكثرة في القرى لكثرة الحاجة لها , حتى ان اسم ستّا فرض نفسه على اسماء اناثنا خَلتي ستّو اي خالتي ستّو, وما اكثر هذا الاسم بين شعبنا من الاجيال السابقة. وغالبا كانت هذه المدقة تنصب في الليوان طَبلتا ,طبيتا الاَ اي ملتصه بهِ في  ممر البيت وتثبت في ارضية البيت وطليها بالطين لتكون بمستوى ارضية البيت ولذلك استمدت اسمها من شِتّا اي القاعدة , او مؤخرة الانسان كذلك يقال لها شِتّا .
وذات مرة توفي رجل دون ان يبلغ الستين من العمر وخلال التعزية كانت النسوة تغني الاغاني ذوات النبرات الحزينة والتي نسميها  جنانا ,رنايا فقالت زوجة المرحوم وهي تبكي بمرارة ساميوا ايني هيش لِيوا مخيا باشتي اي عمت عيناي عليه فلم يبلغ الستين من العمر , فضحكت عدد من النسوة لانهن فهمنّ عكس ماقصدت المرأة المنكوبة بالحزن على زوجها, لان هذه العبارة تفهم وكأنها تقول عَمت عينايّ عليهِ لانهُ لَم يضرب في مؤخرتي  مع تقديري للقراء الاعزاء .
وكان السمسم يوضع في المدقة ويدق بواسطة  خَشولا جيدا فيتحول السمسم الى مادة دهنية رطبة لزجة بحيث لا تبقى حبات السمسم سالمة فيهِ اي تهرس, ثم يؤتى بزيداهي , تَخراتّا قرص خبز التنور وهو اسم سرياني مركب بمعنى تن نوا اي دخان النار , الى جانب ان تنورة النساء مشتقة منهُ لان تصميمها يشبهُ شكل التنور كذلك ,ويقطع الى قطع صغيرة ثم يحك او يفرك بـ ستّا في مادة السمسم المطحون  جيدا فتتوغل عجينة السمسم في الخبز ثم يؤكل مع الشاي المُخَمَر على الجمر فلاحظ عزيزي القارئ طعمهُ اللذيذ !! بقرطتلَي صبوياتوخ بَتري .اي تعض الاصابع ورائهُ .وهناك من يخلط بين اسمي بريخّا ومرتوخّا .
سنيقالي لبرختّا دناتّا , اي انهُ بحاجة لفركة اذن اي التأديب عن طريق الضرب البدني.
برَختا درِيشّا , فرك الرأس كانت الرأس يفرك عند الصداع الشديد ليهدأ الالم .
هذه كانت احدى اطباق موروثنا الشعبي الثر.راجين من ربات بيوتنا العزيزات الاستعادنة بها وتذويقها للاجيال الجديدة ليعرفوا طعم اكلاتنا الشعبية القديمة لكونها سهلة التحضير ولعدم نسيانها .
وبالعافية.