المحرر موضوع: ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى / الجزء السادس والأخير  (زيارة 3241 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامي هاويل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 365
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
للمؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء السادس

سـامي هاويـل ـ سدني

لمراجعة الأجزاء المترجمة السابقة:

الجزء الاول:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=691859.0   
الجزء الثاني:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,698919.0.html
الجزء الثالث:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699310.0
الجزء الرابع:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,700460.0.html
الجزء الخامس:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,702248.0.html

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (6)
الأستمرارية
أستناداً الى الأب الدومنيكاني ريتور (Rhetore) 1881م، يقول بأن اليعاقبة في بتلس (Bitlis) كانوا يسمونهم الآشوريون القدماء (Eski Assuri ... Ancient Assyrians)1 ، والذي يدل على أن الصلة بين المصطلحين " الآشوريون والسريان " لم تكن قد فُقِدت.
أمهارت ولامسا ( Emhart and Lamsa ) قدموا الملاحظة التالية بخصوص الرابط بين الآشوريين القدماء والمعاصرين:
من الدلائل على أستمراية العرق الآشوري هو أن على الأغلب جميع سكان كردستان وآشور الجنوبية يلتزمون بتذكار سفر يونان النبي المرسل الى العاصمة الآشورية. ومنهم أيضاً اليزيديون  والأكراد يحترمون يونان كنبي. تخليداً لذكراه الآشوريون يصومون ثلاثة أيام متتالية منقطعين عن الطعام وشرب الماء ويقضون أغلب أوقاتهم بالصلاة، ويقدمون الذبائح للرب لإنقاذه أجدادهم، أهل نينوى من العذاب الذي تنبأ به يونان النبي2 .
جويلاوم دي ربروكس (Guilaume De Rubruquis) الذي زار النساطرة المتواجدين في التتار سنة 1253م شاهد بأن " قبل يوم الأحد من الصوم الكبير، يصوم الآشوريون ثلاثة أيام متتالية، ويسمون هذا الصوم ببشارة النبي يونان لأهل نينوى" 3. النساطرة الآشوريون ورثوا هذا الصوم لأكثر من الف سنة وقد تضمنوه في إرسالياتهم التبشيرية الى آسيا. كما أن كنيسة السريان الأوثوذوكس أشارت الى هذا التقليد بالصوم ثلاثة أيام أبتداءً من يوم الأثنين الذي يسبق أحد بداية الصوم الكبير ويسمونه صوم نينوى ( Saumo dninve ). كما إن الكنائس السريانية الكاثوليكية والكلدانية أيضا يلتزمون بهذا التقليد 4.
هينريك يقول، فيما يخص التقاليد الآشورية، بأن مضمون هذه التقاليد من الواضح إنها لم تنتقل جميعها عبر الأجيال إلا في هذه الأيام; لقد كانت هذه التقاليد ميتة ودُفنت لأكثر من 2500 سنة ولكنها عادت الى النور بفضول علماء الآثار". حتى الآن لا نعرف تحديداً متى أختفت هذه التقاليد، أذا كانت قد أختفت جميعها، لا يمكن أن تكون قد أختفت بين ليلة وضُحاها بسبب أنهيار الأمبراطورية. فالكنيسة بالتأكيد لم تكن لتشجع هذه الممارسات التي كانت تعتبر وثنية، على سبيل المثال أكيتو
( أحتفال الربيع)، ولكن المسيحية أحتوت وأمتصت هذه التقاليد والمعتقدات وحولتها الى أشكال مختلفة. إن المعلومات المتوفرة لا تسمح لنا بأن نُعلن بشكل قاطع بأن جميع تقاليد الأمبراطورية الآشورية قد أختفت أو لم يستمر إقامتها بشكل آخر في الكنائس الآشورية 5.
آغا بطرس أكد بأن:
"وصولاً الى إعلان الحرب العظمى، فإن شعوب المقاطعات الستة (النساطرة الآشوريون في هكاري) كانوا يرتدون نفس الملابس التي كان يرتدونها الآشوريون القدماء قبل آلاف السنين. على سبيل المثال، المقاتلين من مقاطعة تياري على يرتدون قبعات خاصة مصنوعة من القطن عالية ومدببة وتنتهي بنوع من الخيوط، كما كان يرتديها المقاتلون الآشوريون القدماء: بينما نرى إن أبناء الباز والمناطق الأُخرى كانوا يضعون نطاق من الحرير حول قبعاتهم، بالضبط مثلما كان يفعل ملوك الآشوريون القدماء" 6.
نذكر مثال آخر على أستمرارية الآشوريون، وهو بقاء أسماء المناطق الجغرافية في اللغة السريانية. كارن رادنار (Karen Radnar) يلاحظ فيما يخص طورعبدين بأن:
السريانية الجبلية (Syriac toroyo)، وهي لهجة آرامية، كانت اللغة السائدة في المنطقة الى وقت متأخر جداً، وإن مختلف أسماء المواقع الجغرافية أستشهد بها لأول مرة في المصادر الآشورية التي تعود الى نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الأولى قبل الميلاد وهي باقية الى اليوم.(...) أسماء أماكن مثل مديات (Midyat)، ماردين (Mardin)، ساور (Savur,,, Sawro)، كيفاخ (Kivakh)، آزاخ (Azakh)، كفرتوثو (Kfartutho) التي كانت تُعرف بالآرامية، كانت مسبقاً موثقة في زمن الآشوريون 7.
وضمن جملة من الأمور يشير رادنر (Radner) الى المواقع الجعرافية التالية على أنها باقية في اللغة السريانية: Matiatu = Midyat, Mardiane = Mardin, Sura = Savur/Saur/Sawro/Sauras 8.
     
الأعتبارات النظرية
جي هجنسون (J.Hutchinson) و A.D. سميث (A.D.Smith) أتفقوا على أن " الهوية العرقية (....) هي العلاقة على مستوى الفرد مع المجموعة التي تربطه معها أواصر الثقافة المشتركة، أي بمعنى أنها الخصائص التي تربطه أو تربطها مع مجموعة معينة 9. وفي نفس المنشور نرى بأن P.R  براس (P.R. Brass) يقتبس من دي فوس (De Vos)، مدعياً بأن الهوية القومية تتألف من الخصائص المشتركة التي يمارسها مجموعة من الناس والتي تميزهم عن المجموعات الأُخرى" 10. في كِلا التعريفين تعتبر الثقافة المختلفة عامل محوري ويشملونها للتعريف عن الأنتماء العرقي.
وبشكل مشابه نرى بوستوك (Bostock) يتفق على أن الهوية العرقية هو شعور الفرد بالأنتماء الى المجموعة الذين يشتركون معه بالثقافة واللغة والدين والأرض 11.
وفي تقييم جوزيف في عمله المنوي، يرى بأن النساطرة كانوا أعضاء في جماعة ثقافية بدلاً من جماعة عرقية، ملتحمين مع بعضهم قومياً تربطهم خصائص اللغة المشتركة، والى القرن التاسع عشر أعضاء ينتمون الى كنيسة واحدة. كما أن نفس التقييم يمكن أن يجري على السريان الأرثوذوكس (اليعاقبة). فهم أيضاً كانوا يشتركون في الأنتماء الى كنيسة واحدة الى أن أختُلقت الكنيسة السريانية الكاثوليكية، والى حد ما كان لهم لغة مشتركة تمكنهم من التواصل مع الآشوريون الشرقيون       (النساطرة والكلدان). إلا أنهم لا يبدون واعيين بأنتمائهم الى الأمة الآشورية، أو حتى الى الأمة السريانية الأرثوذوكسية.
باسيلي نيكيتن (Basilie Nikitine) السفير الروسي في أورميا، في بداية القرن العشرين، لاحظ بأن اليعاقبة ليسوا موحدون قومياً 12.
من المهم التأكيد على التعقيدات اللغوية لطائفة السريان الأورثوذوكس، التي كان لها تركيبة غير متجانسة من حيث اللغة، فلم يكن جميع الآشوريون الغربيون يتحدثون نفس اللغة. ففي غرب نهر الفرات كان السريان الأورثوذوكس يتحدثون بالدرجة الأولى باللغة التركية والأرمنية أيضاً، بينما في الجنوب كانوا يتحدثون بالعربية. وفي طورعبدين أستُخدمت السوريت (Sureyt)، على الرغم من أن بعض أبناء الطائفة كانوا يتحدثون بالكردية. فبالنتيجة كانت وحدة اللغة ضعيفة، بالإضافة الى ذلك فإن السوريت لم تكن بعد متطورة الى لغة الكتابة عندهم، والتي كانت على النقيض من الحالة عند الآشوريون الشرقيون، فقد كانت السوريت لغة الكتابة والأزدهار للأدب القومي.
كورتويس (Courtois) ذكر بأن الرابط المشترك بينهما هو أيمانهم بنفس البطريرك 13 الذي كان يختم المستندات المشتركة؟
وحتى بالنظر الى أن حتى أواخر عام 1934م كان هناك بطريركين، أحدهم في ماردين والآخر على مقربة منه في طورعبدين. لقد أستمر التوتر بين أبرشية طورعبدين المستقلة والبطريركية وصولاً الى عام 1915م وبالتالي على الأقل فيما يخص السريان الأورثوذوكس لم يكن بأستطاعة البطريرك التصرف كقوة مستمدة وحدتها من الهوية. فكما لاحظنا، الوحدة تحت رئاسة بطريرك واحد حدثت لفترات متقطعة; فقد حدثت أنقسامات طيلة الألفية الثانية بعد الميلاد. وبالتالي فإن المؤسسة البطريركية نفسها لم تكن عاملاً ملزماً للسريان الأورثوذوكس وهذا قد فتح الطريق أمام الفكر العلماني لملىء الفراغ.
لقد كان العمل من أجل الوحدة القومية الشغل الشاغل للمفكرين اليعاقبة أمثال نعوم فائق وآشور يوسف، " كلاهما قاما بحملة من أجل النهضة والوحدة (...). نعوم فائق شارك في تأسيس جمعية النهضة (intibah cemiyeti ... society of the awakening) في ديار بكر عام 1908م 14. نعوم فائق دعى السريان ( اليعاقبة والكاثوليك) والآشوريون ( النساطرة والكلدان) للوحدة تحت قضية مشتركة وترك الخلافات الطائفية جانباً: 15
"هدفنا ليس لكي نُظهر كم نحن متعلمين، ولكن من أجل خدمة وطننا (...) أدعو كافة إخوتنا السريان لكي يتوحدوا تحت مظلة واحدة. هؤلاء النساطرة، الكلدان، الموارنة، الكاثوليك، البروتستانت (...) أنني أُذكر هذه المجاميع بأن ماضيهم وعرقهم ودمائهم واجسادهم ولغتهم وأرضهم هي نفسها كما للسريان ... علينا أن نعمل من أجل تمجيد أسم الآشوريون ... هدفنا الأولي هو لتأمين حقوق الآشوريون". 16
دونابد ومكو الذيّن أجريا بحثاً على هوية السريان الأورثوذوكس أكدا بأن:
لقد نصت أبحاثهم على أن الجينات العرقية الآشورية تظهر، عبر كل المعارف الأساسية لتاريخهم وثقافتهم الشفوية والكتابية،  فمن المنطق أن تكون عملية إعادة تقييم وتطوير هذا الأرث الذي تم الاحتفاظ به في العقل الباطن للعديد من اليعاقبة الذين، بمعنى أكثر وضعت الهوية الخاصة بهم على أساس ماضيهم الآشوري. 17
كما أن دونابد ومكو رسموا خطاً مميزا للصلة بين اليعاقبة والنساطرة بماضيهم الآشوري:
في إطار هذه المناقشة ، فالآشورية ملحوضة بوضوح أكثر بين السريان الأورثوذوكس من الخربوط وملاطيا وديار بكر وأورفا وماردين. كونها بعيدة نسبياً عن قلب الأرض الآشورية في نينوى القديمة والتي هي الموصل في عراق اليوم، هؤلاء الناس طوروا أواصر أنتمائهم الرمزية الى ماضيهم الآشوري أكثر من ما كان عليه وضعهم الراهن، بينما هؤلاء الذين يعيشون بجوار نينوى يمكنهم فعل ذلك بسهولة أكبر. ويمكن القول بالمثل للجاليات اليهودية البعيدة عن أورشليم أيضاَ، أو لليونانيين الجاسرة والأناضوليون البعيدين عن أثينا. 18
لقد كان القرن التاسع عشر عصر النهضة القومية للقوميات المنضوية تحت لواء الأمبراطورية العثمانية. فقد أشار دافيسون (Davison) الى:
لقد برز الشعور القومي في الأمبراطورية خلال فترة الثورة الفرنسية. وشق النشاط القومي بعد ذلك طريقة من غرب الأراضي العثمانية الى شرقها، مؤثرا على غالبية الشعوب (...) زمنياً وجغرافياً، وبالترتيب: اليونانيون والصرب والرومانيون والبلغاريون والأرمن والألبان (الأستثناء من الأراضي الجغرافية) والعرب والأكراد. وقد أستغرق وقت أنتشار هذه الأيديولوجية جغرافياً في فترة تتراوح ما بين الربع الأخير من القرن الثامن عشر الى بداية الربع الأول من القرن العشرين. 19
لقد تطور الفكر القومي بين الشعوب الأسلامية متأخرا مقارنة بالشعوب المسيحية، والأتراك كانوا آخر من تطور عندهم هذا الفكر. أما بالنسبة الى النساطرة والسريان الأورثوذوكس فقد كانوا آخر الشعوب المسيحية الذين تأثروا بالشعور القومي وألتزموه، ولكن الآن فقد أنتشر الفكر القومي الآشوري بشكل واسع ، وقد تطورت بقوة المشاعر القومية بين رواده.
مثلما كتب بروباكر (Brubaker) في إشارة الى القومية، في الوقت الذي يصعب فيه تعريف مفهوم الأمة، السؤال عن ما هي الأمة لا يمت بصلة الى الهوية القومية، "وللمناقشة  ضد الفكر الواقعي والواسع حول القومية ليس بالضرورة تقليلاً من شأن الأمم"، وبعبارة أُخرى، الهوية القومية يمكن أن تتواجد مع أو دون موضوعية تعريف الأمة. 20
عندما أندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914م، لقد وجد الآشوريون ( النساطرة ) الفرصة للإستقلال. فقد تم تشجيعهم من قبل الحلفاء مع الوعود بالمساعدة التي لم تحصل أبداً. وبعد مناقشات ومداولات طويلة، أعلن البطريرك الآشوري       (النسطوري) الحرب على تركيا في 10/5/1915. 21 مع أن الظروف التي كان يعيشها الآشوريون أجبرته لإتخاذ هذا القرار. وفي الأوساط الدبلوماسية التركية، كثيرا ما يوصف هذا التصرف بأنه من أعمال التحدي والعداء. مع هذا، ففي ذلك الوقت كانت المذابح قائمة ولم يكن للبطريرك النسطوري أية خيارات تُذكر.

المصادر
1. J. R. P. Duval, Letter du R.P. Rhétoré, pro-préfet de la Mission Dominicaine de Mossoul, Les Mission Catholiques, T.3., Jnavier – Décembre, 1881 , P. 536.
. Emhart and Lamsa, op. cit., P. 22. 2
3. Voyages de Benjamin de Tudelle, de Jean du Cerpin, Du Frére Ascelin et de ses compagnons, De Guillame du Rubriauis. Paris, 1830, P. 366.
4. Macler, op. cit., Paris, 1907, P. 34.
5. Heinrichs, op. cit., P. 99.
6. Petros, op. cit., P. 2.
7.  Karen Radnar,’How to reach the Upper Tigris: the Route through the Tür ‘Abdin’,state Archrues of Assyria Bulletin, XV, 2006, PP. 275-76.
8. Ibid., 289.
 . J. Hutchinson and A. D. Smith, Ethnicity, Oxford, 1996, P. 5. 9
10. P. R. Brass, “Ethnic Groups and Ethnic Identity Formation” in J. Hutchinson and A. D. smith, op. cit., PP. 85-86
11. W. W. Bostock, Alternatives of Ethnicity: immigrants and Aborigines in Anglo-Saxon Australia, Hobart, 1977, P. 1.
12. Nikitin, op. cit., P. 4.
13. Courtois, op. cit., P. 18; For a comprehensive discussion of the Syrian Orthodox identity see Sargon Donabed and Mako, op. cit., PP. 71-113.
14. Aryo Makko, ‘ The Historical Roots of Contemporary Controversies: National Revival & the Assyrian ‘ concept of unity’” , JAAS, 24, 1, 2010.
. Murat Fuat Çikki, Naum Faik ve Süryani RÕnesansi, Istanbul, 2004, P. 7. 15
16. Naum Faik cited by Trigona-Harany, 2008; also see Makko, op. cit., P. 11.
17. Donabed and Mako, op. cit., P. 73.
18. Ibid., P. 75.
19. R. Davison, “Nationalism as an Ottoman Problem and the Ottoman Response” in W. Haddad and W. Ochsenwald. Nationalism in a Non-National State, Columbus, 1977, PP. 25-27.
20. R. Brubaker, Nationalism Reframed, Cambridge, 1996, PP. 14 and 16.
21. Salahi R. Sonyel, The Assyrians of Turkey: Victims of Major Power Policy, Ankara, 2001, P. 92. As documentary evidence Sonyel cites British Archival documents, FO371/15316/E3791: Memorandum by W. J. Childs, FO 22.5.1931.