المحرر موضوع: شجرة ميلاد مفقودة وذكرى الفرح الأخير في البصرة  (زيارة 1214 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل samir latif kallow

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 50554
    • MSN مسنجر - samirlati8f@live.dk
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني




شجرة ميلاد مفقودة وذكرى الفرح الأخير في البصرة


الثلاثاء 02/01/2007


 
البصرة: طالب عبدالعزيز (الحياة) - يصطحب محمود عبدالرزاق ابنه الصغير إلى سوق المغايز وسط البصرة القديمة، حيث الازدحام شديد، باحثاً عن مستلزمات سهرة رأس السنة بعدما خضع لإلحاح زوجته وبناته في البيت وإصرارهم على الاحتفال هذه المرة: «تعبنا من مشاهد الموت اليومي».

دبابات الجيش البريطاني عند تقاطعات المدينة، ومفارز الحرس الوطني تسير راجلة في سوق الخضار، وسوق الملابس قرب ساحة أم البروم. لكن محمود لم يكن يشعر بالأمان، فقد راعه سابقاً مشهد انفجار عبوة قرب محل التسجيلات الصوتية في شارع الكويت الصيف الماضي، عندما كان يبحث عن كاسيت غنائي لمطرب كان يحبه في مناسبة عيد الفطر.

كانت أناشيد العزاء وأصوات الصنوج والطبول الحربية تنبعث من أكشاك بيع الأشرطة الصوتية المنتشرة في أسواق المدينة، وهي تستحضر عاشوراء وبطولات أحد التيارات السياسية في مقارعة قوات الاحتلال.

تذكر محمود وهو يمسك يد ابنه ظافر وسط الزحام ان السوق كانت تسمى في السابق سوق الهنود. تذكر هرج الناس ومرجهم في أيام كهذه، وكيف كانت أغاني ناظم الغزالي وسليمة مراد ومن ثم أغاني فاضل عواد وحسين نعمة وفؤاد سالم وغيرهم من جيل المطربين الأوائل تنبعث من كل متجر، ووجوه الناس نضرة باسمة والكل فرح يهنئ ويعايد.

استوقفه محل لبيع أزهار الزينة في زحمة السوق، فراح يبحث عن شجرتة المفقودة، لكن المحل كان مزدحماً بالورود البلاستيكية وأواني الفخار المطرزة بالرسومات والألوان الفاقعة: «ما من شجرة للميلاد؟»، خذله البائع حين قال: «آسف، لم نعد نبيع أشجار الميلاد بعدما هاجر غالبية الأخوة المسيحيين، ولم يعد أحد يشتريها ونحن نبيع الآن الصور والمناظر التي يجلبها التجار من إيران».

طريق العودة يمر قرب كنيسة مار أفرام في محلة بريهة وسط المدينة، وفي هذه المحلة تذكر روائح الشواء والمعجنات وباقات الزهور التي كان يبيعها فلاحو أبي الخصيب للمحتفلين. تذكر شتلات ألآس التي كان يعلقها السكان من المسلمين والمسيحيين على أبواب بيوتهم في نهاية العام.

«البصرة كانت ملونة في مثل هذه الأيام»، هكذا قال الأب سركيس، القس في كنيسة السريان الأرثوذوكس، أما أبو بهاء، صاحب محل بيع الحلويات، فقال: «نحن في مدينة بلا ألوان اليوم، ولا اعرف لماذا يبيعون أشرطة الحزن على رغم أن الناس في عيد؟».

لم يشتر محمود شجرة الميلاد التي اختفت من أسواق المدينة، واكتفى بباقة ورد اصطناعية باهتة، وكيس حلوى من محل أبي بهاء، واكتفت زوجته وبناته بعتب بسيط، وبحزن لا يختلف عن أحزان أيام كثيرة مرت على بيت حاول الجميع فيه الاحتفال بيوم رأس السنة الميلادية وعيد الأضحى.

وسط حشد الشموع التي بدأت تذوب سريعاً، تذكرت السيدة ضحى آخر مرة ذهبت فيها إلى الكنيسة بصحبة زوجها من دون أن تحتج على الكأس الأخيرة التي شربها محمود، مهنئاً أصدقاءه ومحتفلاً معهم. [/b]





http://www.akhbaar.org/wesima_articles/index-20070102-23028.html
مرحبا بك في منتديات



www.ankawa.com