تعليقات على بعض ما جاء في كتاب "كلدو و آثور" لأدي شير رئيس أساقفة سعرد الكلداني الآثوري
هذا ما جاء في ص41 من الكتاب المشار إليه أعلاه " و أول دولة قامت في العالم بعد الطوفان و تبلبل الألسنة كانت كلدانية و قال المؤرخ بيروس الكلداني أنها قامت ب 86 ملكا و مدتها 34080 و عن رواية أخرى لم يقم فيها إلا سبعة ملوك و مدتهم 226 سنة و أولهم أوخ و هو أول من نصب صنما وعبده و سن عبادته في رعيته و قام بعده خوماسيبل فتأله في قومه و عبدوه. ثم ملك بور و نخوب و نابي و حنيبيل و زنزير. و على رواية تيادور بركوني أن هذه الدولة قامت بعشرة ملوك و هم: نمرود و فالباطور و شمكار و اول و أشليمون و أحليمون و شمشرون و لستير و أحليمون الثاني و كمنكوس و أوكر و كلكاموس"
يخبرنا النص أعلاه ثلاثة روايات مختلفة جملة و تفصيلا عن احتمال قيام دولة للكلدان لا تشبه أي واحدة منهن الأخرى سوى في الادعاء بأنها كانت أول دولة كلدانية قامت بعد الطوفان – الطوفان الكتابي – و لنناقش ما جاء في هذه الروايات الثلاثة بترو و منطق.
الرواية الأولى: هذه تصلح لأن تكون و بامتياز ما يطلق عليه مخرجو هوليوود بال "Fairy Tales" قصص الجن, و لنسأل عتاة كتاب الكلدان في عنكاوة ليجيبونا ( عدنان عيسى و قلو و كلدانايا) كيف دام حكم دولة الكلدان 34080 سنه و متى بدأ و متى أنتهى؟ فنحن نعلم أن الكتاب المقدس يحدثنا عن أول دولة أسسها النمرود في الاصحاح العاشر من سفر التكوين (لم يشر الكتاب المقدس لا من قريب أو بعيد للكلدان) و لكن لا يمكن لهذه الدولة بأي حال من الأحوال أن تكون قد دامت ل 34080 سنة بعد الطوفان الكتابي و إلا لكنا لحد اليوم تحت حكم هذه الدولة المزعومة؟ صح لو غلط.
الأمر الآخر هو اقتباس أخوتنا في الإنسانية فقط من كتابات بيروس المؤرخ الكلداني في القرن الثاني قبل الميلاد بدون خجل و لا حرج، فهوذا نبي الكذابيين (القلب اللغوي بين اللام و الذال) الجديد عامر حنا فتوحي يقتبس في خربشات كراسه المضحك "الكلدان منذ بدء الزمان" من كتابات بيروس و يعتبرها جديرة بالثقة حيث يذكرها ضمن جدول مصادره باللغة العربية و تحديدا المصدرين السادس و السابع و المضحك في الأمر هو إشارته إلى كون الطبعة التي استخدمها هي للآباء اليسوعيين و هي نفس الطبعة التي بين أيدينا فلا ندري ما السبب إلى ذلك، لا بل الأنكى من ذلك هو إشارة النكرة الذي لا يحمل اسما و يدعو نفسه "كلدانايا" ربما لخجله من الاسم الذي أطلقه عليه والده المحترم أو لعلة النقص التي تجعل البعض يتشبثون بالأحلام، أحلام اليقظة، إلى أن خربشات فتوحي ساهمت في رفده بالمعلومات التي كان يجهلها عن الكلدان، و يا لها من معلومات، دولة مزعومة عمرها 34080 سنة و 86 ملكا لا نعرف اسما أو رسما أو نحتا لأي منهم – هذا إن كانوا موجودين أصلا-.
و لو كانت الدولة المزعومة أعلاه قد دامت 34080 سنة و قام فيها 86 ملكا، فمن هم هؤلاء الملوك؟ ما هي أسمائهم؟ و أين كانت تخوم دولهم؟ و هل جاء أي ذكر لهم في الرقم الطينية لسومر و أكد و بابل؟ نريد جوابا منكم يا مدعي القومية الجدد.
و حقيقة لا نستطيع أن نلقي اللوم على بيروس بسبب كل ما جاء في كتاباته قبل أكثر من 2200 عام لأنه كتب ما كتب اعتمادا على التقليد الشفوي المتبع في زمانه، لكننا و في زمننا هذا، زمن التقدم العلمي، لا يسمح لنا المنطق/العقل أن نصدق أو أن نأخذ تلك الكتابات على محمل الجد بعد كل التقدم العلمي الذي وصلت إليه الإنسانية في علوم الآثار و التنقيب. فاللوم، كل اللوم، يقع على عاتق من ينظرون (بضم الياء و تشديد و كسر الظاء) علينا اليوم معتمدين على كتابات بيروس و كأنها مصدرا أكاديميا موثوقا. ثم لنسأل أيضا لو كان حكم دولة الكلدان قد استمر للمدة المزعومة أعلاه لماذا نرى في تقويمهم المسروق رقما لا يتعدى 7000 و نيف من السنين، أين ذهبت ال34080 سنة؟ لماذا لم تتم إضافتها إلى التقويم الكلداني المسروق؟
نأتي إلى القصة الثانية في مسلسل دولة الكلدان المزعومة التي تعتبر أقرب إلى المنطق من سابقتها صاحبة ال34080 عام و التي جاء فيها بأن مدة حكم هذه الدولة المزعومة لم تكن أكثر من 226 سنة حيث قام فيها 7 ملوك فقط أولهم أوخ صاحب أول صنم و مرة ثانية لا نجد أي سند أحفوري لتلك الأسماء ناهيك عن افتراض النص بزوال الكلدان ليس من الحكم فقط بل من وجه الأرض حيث أن كل مدة حكمهم كانت 226 فقط، يعني ماكو لا دولة كلدان في بابل و لا نبوبولاصر و لا نبوخذ نصر و لا غيره، فهل يقبل عتاة الكلدان ( قلو و عدنان عيسى و النكرة كلدانايا) هذا الكلام؟ 226 سنة و 7 ملوك فقط!!!! و هذا ليس كلامنا بل كلام المؤرخ الكلداني بيروس و هو – أي بيروس- بكلامه هذا دحض كل كلام فتوحي و ادعاءاته بقدم الكلدان لا بل و في استمرارهم لأنهم لو كانوا قد استمروا في الوجود لما كان بيروس قد قال أن فترة حكمهم كانت 226 سنه و 7 ملوك فقط، أليس كذلك؟
أما القصة الثالثة فهي كالقشة التي قصمت ظهر البعير، حيث تبدأ باعتبار النمرود أول ملك كلدانيييييييييييي، النمرود بن كوش بن حام كلدانيييييييي، يعني الكلدان حاميين و ليسوا ساميين؟ يعني الكلدان أخوة بالدم للأثيوبيين و المصريين و الفلسطينيين و هل تعرف عزيزي القارئ المحترم أين تكمن المشكلة؟ المشكلة تكمن في أن كلام بيروس هذه المرة صحيحا، ليس لأن بيروس كان عليما فهيما فهو ليس بأحسن من عدنان عيسى أو قلو أو النكرة كلدانايا، بل لأن بيروس نقل ما جاء في الكتاب المقدس عن أصل الأجناس حسب تصنيف سفر التكوين الاصحاح العاشر حيث نقرأ عن النمرود بأنه بن كوش بن حام وإذا كان الإخوان يعتبرون النمرود كلداني فهو كوشي حامي و ليس أرفكشادي سامي و لا آشوري سامي ( آشور و أرفكشاد من أولاد سام حسب نفس التصنيف في نفس السفر من الكتاب المقدس) و بذلك يسدل الستار على ادعاء ثلاثي أضواء المسرح بكلدانية أبوهم إبراهيم (سبق و أن أشرنا لأكثر من مرة بأنه لا تهمنا هوية إبراهيم أبوكم البتة، هذا إذا كان إبراهيم أباكم أصلا) والغريب في الأمر هو التمسك بكلدانية إبراهيم و الانتساب إليه و كأن الانتساب لإبراهيم هو فضيلة ما من بعدها فضيلة وامتياز ما من بعده امتياز، و لكن هذا هو ديدن كل فاقد لهويته يبحث عن أي قشة ليتعلق بها ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وقد يكون إبراهيم كلدانيا نسبة إلى المنطقة الجغرافية (كلدو تسمية جغرافية ليس إلا) التي ولد فيها كأحفاد خالي الذي ولدوا في أستراليا من أم سورية لأبن خالي الآشوري، فهم أستراليون بحكم أرض الميلاد لكنهم آشوريون بلا أدنى شك بحكم انتماءهم العرقي إلى أبيهم الآشوري حفيد أشور بن سام، و لو سرحنا قليلا في مخيلتنا لنقول أن الله سيدعوهم إلى تبليغ رسالة إنسانية إلى البشرية من أرض مولدهم – استراليا- فهل سيجعلهم ذلك استراليي العرق؟ بالطبع لا، هم آشوريين و سيظلون كذلك طوال حياتهم و لكنهم استراليو الجنسية و المولد، فأرض الميلاد لا تمنح هوية عرقية بل هوية وطنية فقط (شوية عقل، و لو منين يجي العقل إذا واحد اسمه عدنان و اللاخ قلو والثالث أصلا نكرة).
ختاما
أي واحد من الأخوة كارامازوف (عدنان/قلو/النكرة كلدانايا) يريد أن يرد على المقال أعلاه فليبعث برسالته إلى إيميلي الشخصي و أود أن أنوه أن ما ذكرته أعلاه هو من كلام مؤرخهم بيروس الكلداني و ليس من كلامنا.
Gevara_birkha@yahoo.com