المحرر موضوع: عودة و خيبة شهيد  (زيارة 1948 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Adib Isho

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عودة و خيبة شهيد
« في: 19:20 18/08/2005 »
عودة و خيبة شهيد

{ مهيباً هو السابع من آب ، في ذكراه .. آلامه ... و تضحياته     
صامتة هي لغته و حزينة ، هادئة هي نسمته و رقيقة .. و في هدوئها ثمة عنفوان يؤرق سكينتنا .. ثمة      رياح تنتشلنا من معاصينا .. ثمة صرخات توقظنا .. تعاتبنا .. و ترشدنا                                     
   لعلها من أقدس اللحظات و أصدقها تلك التي نقف فيها وجهاً لوجه مع أولئك الذين لم يتقنوا يوماً إلا لغة   الصدق .                                                                                                                 
لعلها من أصعب اللحظات و أقساها و نحن الذين استعصت علينا كلمة صدق واحدة . }

                                                   ~~  ~~  ~~ 
ـ الشهيد : أخشى أن أكون قد أقلقت راحتك
ـ آشوري : " بحذر يشوبه قليل من الخوف " ، من أنت ؟
ـ الشهيد : تأمل في وجهي .. جسدي .. عيناي
ـ آشوري : اعذرني فأنا لم أراك من قبل ، كما انك تحمل هالة توحي بأنك من طبيعة أخرى
ـ الشهيد : " بهدوء " إذاً اعذرني و اسمح لي ان أسألك من أنت ؟
ـ آشوري : " بدون تردد " أنا انسان
ـ الشهيد : " و الابتسامة على شفتيه " أعرف انك انسان ، و لكن ما هو اسمك ؟
ـ آشوري : اسمي هو آشور
ـ الشهيد : " يتنهد عميقاً " إذاً اسمك هو آشور
ـ آشور : نعم ، و لكنك لم تقل لي من أنت و ماذا تريد ؟
ـ الشهيد : أنا يا آشور ، لم يكن لدي اسم بجمال و عظمة الاسم الذي تحمل ، و لكن من أجل ان يبقى هذا الاسم و تبقى أنت ، فارقت عالمكم مبكراً

[ لحظات صمت رهيبة تتبع هذه الكلمات بينما آشور في حالة صدمة و رأسه مطأطأ ...  ]

ـ الشهيد : " منادياً : آشور آشور " ، ما الخطب اعتقدت بأنك ستفرح بهذا اللقاء ؟!
ـ آشور : " يتمتم بكلمات غير مفهومة ، و سرعان ما تبعها بكاء مرير .. "
ـ الشهيد : لم أفهم ما قلته ، ثم لماذا البكاء ؟ أخمن انه ليس بكاء فرح و لا هو بكاء حزن ، إهدأ و اخبرني لماذا البكاء ؟
ـ آشور : " بصوت مخنوق " و لماذا أنا دوناً عن البقية ؟ لماذا اخترتني .. لماذا ؟
ـ الشهيد : أكاد لا أفهم هذا البكاء و لا هذه الاسئلة ؟ كم أنت متعب يا آشور و مرهق .. كم كنت بحاجة للبكاء ! إهدأ و اخبرني
ـ آشور : " ماسحاً دموعه " هي فعلاً ليست دموع حزن و لا دموع فرح ، هي دموع كنت أبحث عنها منذ وقت طويل لكي اغتسل بها ، أشعر بأنني أنال معموديتي التي لطالما انتظرتها ، آه .. كم كنت بحاجة لهذه الدموع
ـ الشهيد : هيا إذاً يا آشور ، اخبرني لما كل هذا الكرب ، اخبرني و ازح عن كاهلك هذا الحمل
ـ آشور : نعم فأنا مثقل بالآلام و الأحمال و الكلام
ـ الشهيد : اخبرني إذاً علني استطيع مساعدتك ، فالألم يعتصر قلبي و آشور أمامي باكياً
ـ آشور : تساعدني أنت ! ألا يكفي ما عملتموه لأجلنا .. ألا يكفي ما
ـ الشهيد : " مقاطعاً و بهدوء " عن أي شيء تتحدث أيها الغالي ، ما فعلناه كان واجباً لا أكثر ، كان يجب ان يرحل البعض ليبقى البعض الآخر ، فأنت و الاسم الذي تحمل يستحق ما هو أكثر ..
ـ آشور : " مجدداً يطأطأ رأسه و بنبرة صارخة يتقطعها بكاء مرير " و لكنك لا تستحق ان تسمع ما لدي من أخبار
ـ الشهيد : يبدو ان لديك الكثير لتقوله ، و إذا لم أكن مخطئاً ، فما يؤرقك ليس مسألة شخصية ، المسألة أبعد من ذلك .. قد آلمتني كثيراً ، هيا أزح هذا الحمل عن كاهلك و اخبرني ما تحويه دفاترك من أخبار و كلام
ـ آشور : دفاترنا قذرة و أخبارنا مؤلمة و ..
ـ الشهيد : " مقاطعاً و بلهفة " أقلقتني كثيراً ، اخبرني في البدء عن الوطن ، نعم الوطن .. ماذا حل بالوطن الذي طالما حلمنا به ؟ كيف أصبح شكله .. كبره .. لا بد انه جميل
ـ آشور : " بسخرية " وطن ! عن أي وطن تريدني ان أحدثك ؟!
الوطن الذي أصبح مجرد ذكرى ، أم الوطن الذي أصبحنا فيه غرباء ، أم عن الوطن الذي مزقناه بشعاراتنا ، أم عن الوطن الذي ينتظرنا لنسميه ! أم عن الوطن الذي نبيعه بأسعار رخيصة ، أم عن الوطن الذي نلعنه في صلواتنا .. قل لي عن أي وطن تريدني ان أحدثك ؟!
ألم أقل لك ان دفاترنا قذرة جداً ... ! أي وطن سيمكث في هكذا سطور كريهة ؟!
ـ الشهيد : " و خيبة الأمل بادية على وجهه " هل تعني ما تقول ، هل تعني بأننا شهداء بلا وطن ؟ من الذي سرقه ، باعه ، من هو الذي يلعنه .. من ... من ... و لماذا ؟
ـ آشور : هي قصة طويلة و أخشى انني لا أستطيع قصها بالكامل ، و أخشى انك لن تستطيع سماع كل فصولها ، بل انني أخشى ان اضطر إلى الكذب أحياناً لئلا أفسد عليك راحة نفسك !
ـ الشهيد : كذب !؟ لا بد ان دفاتركم قذرة جداً ، وحالتكم يُرثى لها ، و الآن قد اتعبتني و انت تحاول التهرب من سؤالي ، ماذا حل بالوطن ؟ و لماذا ؟  اخبرني بكل شيء و اخبرني قبل ، من أين تعلمت الكذب ؟
ـ آشور : تعلمت الكذب من الهواء الفاسد و الملوث الذي استنشقه من هنا و من هناك ، أما الذين سرقوا الوطن فهم كثر الآن ، و الذين باعوه نحن ، و الذين يلعنونه نحن و هم سوية يداً بيد ! أما لماذا ؟ فاعذرني فقد لا استطيع ان اسهب في الشرح و التحليل ، فأنا لا امتلك معرفة العلامة .... و المؤرخ .... و الباحث .... و الفقيه .... 
ـ الشهيد : من هم هؤلاء ؟
ـ آشور : هؤلاء/ ان لم أكن مخطئاً / سماسرة القضية التي استشهدت من أجلها
ـ الشهيد : و لماذا يفعلون هذا و هم أبناء هذه القضية ؟!
ـ آشور : اعذرني ، فأنا لا أملك الجواب الذي تبحث عنه ، فحتى هذه اللحظات  لا زال الجدل دائراً فيما إذا كان هؤلاء أبناء هذه القضية أم لا !
ـ الشهيد : و من قال انهم ليسوا أبناء هذه القضية
ـ آشور : انهم تجار هذه القضية والذين يلعنوها صباح مساء
ـ الشهيد : و من هم هؤلاء ؟
ـ آشور : هم ليسوا كثر ، لكنهم بعض القادة الروحيين الدينيين السياسيين المنافقين ال
ـ الشهيد : " مقاطعاً " تقصد بعض رجال الدين
ـ آشور : نعم هذا ما قصدته ، اعذرني ان أطلت ، فقد استفحلت عدوى الأسماء المركبة و الطويلة فيّ حتى عندما أنادي بنتي من دمي  و  لحمي   و  روحي  و  أملي  نينوى 
ـ الشهيد : و ما قصة هذه الأسماء ؟
ـ آشور : " بخجل "  نحن الآن في سباق غير مسبوق لا في تاريخ العقلاء و لا المجانين ، لكي نجد اسماً مناسباً لهذه الأمة التائهة
ـ الشهيد : عن أي أمة تتحدث ؟
ـ آشور : " بصوت عالي و بنبرة تهكمية "  عن أمتنا العظيمة نحن
ـ الشهيد : أخشى انني لا أفهم
ـ آشور : بجهود البعض من رجال الأعمال / أقصد رجال الدين / الذين يلعنون هذه الأمة ..
و بجهود البعض من المؤرخين و الفقهاء الذين يبثون سموم أقلامهم في جسد هذه الأمة ..
و بجهود البعض من من ممثلينا الأصنام و الذين يتحدثون عن كل شيء إلا عن هذه الأمة ......
أصبحنا أمة بلا اسم !
ـ الشهيد : و ماذا عن التاريخ و الجغرافيا و الآثار و.. و .. و الد
ـ آشور : لماذا لم تكمل كلمتك يا شهيد ؟ كنت تقصد الدماء التي رويتم بها هذه الأرض
هي لا زالت غالية و طاهرة و مقدسة لدى الغالبية ، لكنها لا تعني الكثير لأولئك الذين ينالون ثناءات المديح و ذلك لجهودهم في علوم التخريب و التشويه و التحنيط !
ـ الشهيد : أخشى انني لم أعد أفهم اللغة التي تتكلمها ، كما انني أخشى ان أكون قد ضللت طريقي و انك لست آشورياً و ان الذين تتحدث عنهم ليسوا بآشوريين !
ـ آشور : إذاً ، فلا بد ان قداسته ....  / قدس الله تصريحه /  أصاب حينما قال بأننا عرب !
ـ الشهيد : تقصد بأنه قال ان الكثير من العرب الحاليين هم من أصول آشورية
ـ آشور : لا يا من أرقت دمائك لأجلنا لا  .. لا  .. ، قالها :  نحن عرب !
ـ الشهيد : " و ملامح الأسف بادية على وجهه " و ماذا قال العرب ؟
ـ آشور : العرب و منذ غزوة 11 من أيلول و هم في حالة لا يُحسدون عليها ، هم لا يقولون شيء ، بل يدافعون عما تبقى من  أسواق عكاظ  و لياليها الملاح
ـ الشهيد : ما الذي حدث في ذلك اليوم ؟
ـ آشور : باختصار تغير العالم ، هكذا أقرأ و أشاهد و أسمع كل يوم
ـ الشهيد : العالم كله تغير !؟ و لماذا ؟
ـ آشور : 19 شاباً عربياً قاموا بغزوة عصرية على ظهور الطائرات ، فذبحوا من الفرنجة 4000 كافر
ـ الشهيد : " لحظات من التفكير .... "
العالم كله تغير ! و ماذا عنكم أنتم ؟  ماذا غيرت فيكم مذبحة سيميلي ؟ أرى ان لا شيء قد تغير ، يبدو ان صرخات الأطفال و النساء لم تحرك فيكم شيء ، يبدو ان الدماء التي أُريقت في سيميلي لم تكن تعني الكثير ، بل يبدو ان هناك ما هو أهم من كل تلك الذكريات الأليمة ! ربما خفتم ان تفسد تلك الذكريات نشوتكم و سعادتكم  و انانيتكم !
ـ آشور : " بصوت خافت " أراك قد انفعلت قليلاً
ـ الشهيد : اعذرني يا آشور ، إذا لم انفعل و أغضب و أحزن بعد كل هذا الذي سمعته ، فأنا إذن انسان ميت
ـ آشور : تريد ان تقول بأننا موتى
ـ الشهيد : لا أريد ان انعتكم بصفات غير لائقة و قاسية على مسامعي ، و لكن ماالذي حدث حتى اصبحتم بلا انتماء و بلا رمز و بلا اسم ؟!
ـ آشور : و لهذا اجبتك في البدء قائلاً : انا انسان
هذه هي النغمة التي يرددها من يدعون تمثيلنا ، آه لو كنت قرأت كلماتهم الرقيقة قبل ان ترحل ، لربما كنت ألقيت وروداً على الأوركسترا الانكليزية الكردية العربية و التي عزفت سيمفونية سيميلي ..!
ـ الشهيد : لما هذه السخرية ؟ و هذه اللغة .. لما يا آشور ؟!
ـ آشور : هذه هي اللغة التي باتت تناسب مقاساتنا و أحجامنا ، لم يعد هناك الكثير من الفرق بين أفراحنا و أتراحنا و بين جدّنا و هزلنا ، الأمر سيان ، لم نعد نفهم ما يدور حولنا ، كل همنا و اهتمامنا هو ان يكون الآخر راضياً عنا سواء كان من صنف الآلهة أو من زمرة الشياطين ، و آلهة هذا الزمان قد تجدهم في مجالس الشياطين و لله في هذا حكمته !
هل سمعت هذه المقولة :
( لو كانت سعادة العالم في قتل طفل بريء ، لعد هذا العمل غير أخلاقي )
أجزم بأن بعض الذين يتحدثون بإسمنا لن يترددوا في قول :
( لو كانت سعادة العالم على حساب الشعب الآشوري ، نحن لها ... !!! )
ـ الشهيد : ألا تعتقد بأنك تبالغ بعض الشيء ، أيمكن ان يكون قادتكم أو / ممثليكم / كما تسميهم ،  بهذا الإستهتار و اللامبالاة
ـ آشور : إذاً فسر لي ان يرفض ممثلينا أو /  قادتنا / كما تسميهم ، منطقة آمنة من المجتمع الدولي تكفل للأجيال المقبلة العيش بسلام و طمأنينة بعد هذا المخاض الأليم
ـ الشهيد : و هل كان المجتمع الدولي صادقاً هذه المرة ؟
ـ آشور : " بعصبية " و هل كان هذا مبرراً للرفض ؟!
ـ الشهيد : أخشى إنني لست في موقع يسمح لي بالحكم على الأشياء ، لكن حدثني عن هؤلاء القادة أو الممثلين ، فلربما توضحت لدي الرؤية
ـ آشور : عن ماذا أحدثك ؟
           عن تصريحاتهم .. لباقتهم .. أم عن انسانيتهم المفرطة و اهتمامهم بالإنسان ككل ، حيث ان الانسان أسمى ما خلقه الله  على سطح هذه المعمورة { أضف إلى معلوماتك } ! . أم أحدثك عن دعمهم اللامحدود لحركات التحرر العالمية و خصوصاً حركة تحرير و تكرير كوردستان من كل الرواسب و الشوائب و الزوائد الموجودة في .... آه بالمناسبة ! لقد تذكرت اسم الوطن الذي تسأل عنه ، اسمه و بكل بوضوح :  كوردستان { وعد الله لنا  } و اسمنا مسيحيي كوردستان { هللويا  } .
أردتني ان أخبرك بالحقيقة ، و اردتني ان لا أكذب !.
هذه هي حقيقتنا ، ضياع .. نفاق و بضع كتب تاريخ .
ـ الشهيد : و ماذا عن البقية ؟ ماذا عنكم ؟
ـ آشور : " بسخرية " بعد ان كان أجدادنا ملوك الجهات الأربع ، أصبحنا مشردي تلك الجهات ، و لن أخفيك سراً إذا قلت ، بأن البعض منا ينتطر و بفارغ الصبر آخر الأخبار و الإكتشافات العلمية من كوكب المريخ ، فربما تنفك بعض من عقدنا كعقدة اللسان  و عقدة الخوف و عقدة اضطهادنا من الآخر الموجودة بسبب أو بدون سبب ، و إذا ما سارت الأمور على ما يرام و بقيت مسألة الفروق الحرارية من دون حل ! عندها فقط يصبح لدينا كوكبنا الخاص و بكل المقاييس و لكل الأسماء الرنانة السومرية و الأكادية و البابلية و الآشورية و الكلدانية و السريانية و الأرامية و المسيحية .. و أخيراً العربية !
عندها فقط سنبني الوطن الذي طالما حلمتم به ، وطن لنا وحدنا لا يشاركنا فيه  و لا يجاورنا  أحد البتة .
وطن يناسب هذه الأمة التائهة و منظومتها المتأرجحة من أحزاب و قادة و رجال دين و مثقفين !.
عندها فقط ستدخل شعاراتنا حيز التنفيذ و يصبح لدينا نشيدنا الوطني :
                                              [[ كلام الليل يمحوه النهار ]]
ـ الشهيد : " و قد بدا الانفعال واضحاً عليه " ألم يعد باستطاعتكم الحديث بجدية ! كل ما لديكم هو سخرية و هزل ، ألم تعد تحملون شيء من الصدق و الجد !؟ ألهذا الحد أصبح واقعكم مزيفاً و معيباً ! يا لهول ما أسمع ، ألهذا الحد أصبحتم ..
ـ آشور : " محدقاً نظره صوب الشهيد و بلكنة قوية " قلها يا شهيد ، أرجوك قلها ، قلها فلربما استيقطنا و لا تخف على أحاسيسنا و كرامتنا ، هي معاني ليست في جدول أولوياتنا أصلاً !
قلها و ضع لنا اسماً مناسباً يليق بنا ، فلربما هدأت تلك الغريزة الجامحة و الساكنة في نفوس أولئك الباحثين عن اسم ، ربما تحمرّ وجنات البعض ، ربما يتذكر بعض من رجال ديننا كلمات السيد المسيح : اعطي ما لله لله و ما لقيصر لقيصر ، قلها فلربما ألقى البعض من مؤرخينا أقلامهم إلى مزابل التاريخ و عادوا إلى رشدهم و تاريخهم ، قلها فلربما أدركنا ان دقيقة الصمت التي نقفها على أرواحكم ، ما هي إلا دقيقة نفاق إذا لم تكن بقية الدقائق جهد و تضحية و صدق و التزام .
ـ الشهيد : اعذرني يا آشور مرة أخرى ، لم أقصد ان أجرح مشاعركم ، لكنني كنت أُمنّي النفس بسماع أخبار لطالما انتظرتها ، لكن يبدو إنني سأنتظر طويلاً حتى أسمع أخباراً تلتئم بها جراحي و جراحكم ..
مر زمن طويل لم أشعر بمثل هذا الأسى الذي ينتابني الآن ، و الآن فقط أدركت لماذا أردتَ ان تكذب و لكن هيهات ان يكون الكذب مصدراً لراحة النفس .
أأشفق عليكم أم على نفسي ؟! أشعر بأن فؤادي قد انفطر و بأن نفسي تعبة جداً ..
ـ آشور : " متأثراً و الدموع في عينيه " ، لدي بعض الأخبار الجيدة التي تبعث على التفاؤل ، فالصورة ليست سلبية و معتمة بالكامل
ـ الشهيد : لا يا آشور لا ، دعني أذهب بسلام لأعالج الجروح التي سببتموها لي ، و أعدك أنت و كل من تجري الدماء الآشورية في عروقه ، بأني سأعود مرة أخرى
ـ آشور : و لكن لدي بعض الأخبار السارة فعلاً
ـ الشهيد : بعد كل هذا الذي سمعته ، إما ان تكون أخبارك الجيدة ضرباً من الخيال أو بعض شعارات لا قيمة لها عندي .
أهون عليّ ألف مرة أن أّجرح و أتألم ، من ان أرى آشور أمامي و هو يتصنع و ينافق !
حدثتك في بداية لقائنا عن جمال و عظمة الأسم الذي تحمل ، و دعني في نهاية لقائنا هذا ، ان أسرد لك قصة كنت قد قرأتها منذ زمن طويل ، فربما تجدون فيها بعض الأجوبة التي تبحثون عنها بعد ان عجزتم عن قراءة و فهم هذا التاريخ الذي لا يُثمن ، و ربما تدركون بأن الظلام الذي يخيم عليكم ، سيكون له نهاية إذا ما ادركتم بأن النور الذي تبحثون عنه هو بين أيديكم و ما عليكم سوى ان تفتحوا أعينكم .

**
  كان رجل يتسلق أحد الجبال الجليدية  ثم سقط فجأة إلى واد سحيق و سقطت معه كتلة من الثلج ، ووصل إلى أسفل الوادي دون أن يصاب بأذى ، و هناك عثر على أناس كلهم عميان لا يعرفون شيئاً عن حاسة البصر ، يعملون في الليل و ينامون في النهار .
بدأ يحدثهم عن الحياة الأخرى ، عن النور و الجمال ، فكانت كل هذه الأشياء غريبة بالنسبة لهم .
و مع مرور الأيام بدأ يتأقلم مع حياتهم و طريقة معيشتهم ، و حدث انه أحب إحدى فتياتهم و طلب ان يتزوجها ، فطلبوا عينيه مقابل ذلك ، ليكون كواحد منهم . فقبل الشرط ، و في اليوم المحدد لأخذ عينيه نظر إلى قمة الجبل فرأى نوراً ينساب من فوق تلك القمة ... عندئذ ترك كل شيء و بدأ يتسلق الجبل ليصل إلى القمة حيث الأمل و النور و الحياة .  ** 

" أفاق آشور من نومه مذهولاً و العرق يتصبب منه "
ـ أي حلم هذا الذي رأيته ، لا لم يكن حلماً ، لقد كان أكثر من مجرد حلم .. نعم  ما رأيته كان حقيقة .. الحقيقة التي يجب أن نقولها و نواجهها .
" ما هي إلا لحظات حتى خرج و جلس في حديقة المنزل يتأمل ساعات الفجر الأولى و نظره محدقاً إلى السماء ، كان شريط الذكريات يتداخل مع الحلم الذي عاشه و ايقظه ، كان يبتسم .. يتنهد .. و يتألم ... مزيج من الأحاسيس لم يألفها من قبل ، هواجس و ظنون و أفكار سرعان ما قادته إلى ابنته نينوى ، و سرعان ما انسل بهدوء إلى غرفتها حيث قضى بضع لحظات و هو يتأملها و كأنه يراها للمرة الأولى .."

" في الصباح و على مائدة الفطور ، جاءت نينوى إلى أبيها و هي متلهفة " :
ـ لقد وجدت هذا الكتاب على طاولتي ، هل نسيته البارحة في غرفتي ؟
ـ آشور : " محاولاً التحدث بجدية " أي كتاب !؟ إقرأي لي عنوانه ؟
ـ نينوى : شهداء الأمة الآشورية
ـ آشور : و هل تعلمين من هم شهداء الأمة الآشورية ؟
ـ نينوى : " أجابت بحزن و هي المتفوقة في تحصيلها العلمي " لا أعرف أي شيء عنهم ، لم يرد لهم أي ذكر في الكتب التي قرأتها في المدرسة
ـ آشور : و هل تريدين ان تعرفي ؟
ـ نينوى : أنت علمتني حب المعرفة و الإطلاع
ـ أم نينوى : " موجهة حديثها إلى آشور و نظرات الشك في عينيها " هذا الكتاب لم يهبط من السماء ، أليس كذلك ؟!
ـ آشور : " مازحاً " أحياناً لما لا ..
           " و سرعان ما صمت للحظات و أردف بجدية قائلاً " : لا أريدها ان تحلم يوماً و تخيب أولئك الذين وهبوها الأمل و الحياة و النور ...
و الآن يا نينوى ، إقرأي لي ماذا تقول مقدمة الكتاب ؟
ـ نينوى :
                                          غرباء نحن بلا عناوينكم
                                            عراة نحن بلا  دمائكم 
                                     و ظلام هي كل أوقاتنا بلا ذكراكم
 

أديب إيشو
                                         







غير متصل Joseph Kanon

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 313
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عودة و خيبة شهيد
« رد #1 في: 03:03 22/08/2005 »
الأخ أديب ايشو الموقر ..
انك انسان بضمير حي ، مقالتك الحوارية بين آشور والشهيد ونينوى لهي أكثر من رائعة ، ونستحق قرائتها مرات ومرات ، لكن هيهات ان أبناء هذا الشعب مشغولين بأمور تافهة ، تاركين اللب ولاهثين وراء القشور ، والمياه  تجري من تحتهم ولكنهم لايدرون ولا يكترثون لمصيرهم ولا لمستقبل الأجيال القادمة والتي يجب أن نصب كل اهتماماتنا بهم لأنهم قادة الغد ومنهم سيكون الأطباء والمهندسين والوزراء والمثقفين و في كافة مجالات الحياة الأخرى.
في يوم الشهيد والتي تقدسه كافة الشعوب تقف وتصمت ولو لدقيقة واحدة احتراما لذكرى شهدائها ، لكن شغبنا هذا مستمر بالثرثرة والاستعلاء والكبرياء الفارغ ، ليس لديه الوقت حتى لقرائة بضعة أسطر بهذا الخصوص
تحية لك أيها الكاتب القدير ، وكما ان اسمك ينطبق مما تحمله من صفة لأنك كاتب حقيقي وممتاز فالى المزيد من روائعك

تقبل تحياتي
حوزيف كانون

غير متصل Ashur Giwargis

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 880
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عودة و خيبة شهيد
« رد #2 في: 03:46 22/08/2005 »
الأخ أديب إيشو المحترم

للأسف أدّى بنا "الواقع" إلى إهمال الثوابت القومية ونسيان التاريخ وتزويره بابتداع سموم جديدة لن تعطي مفعولها بمثابرة الآشوريين المخلصين بغضّ النظر عن انتمائهم الطائفي... بينما نرى مخيّلتك قد عكست الواقع الحقيقي المخفي في الأدبيات الحزبية لباعة الثوابت، واضعة النقاط على الحروف بمحادثة بين الإنسان الآشوري الشهيد إنما الحيّ بأفكاره من جهة، والإنسان الآشوري الحي إنما الميت بفكره من جهة أخرى.

إلى المزيد من الكتابة يا ابن إيشو الآشوري، فإذا ضلت أمة طريقها في دجى الليل وخفافيشه، لن يرشدها إلاّ قلم الصباح وشمسه.

أخوك آشور
 

غير متصل Adib Isho

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عودة و خيبة شهيد
« رد #3 في: 13:05 22/08/2005 »
الاخوة الاعزاء

* جوزيف كانون
* آشور كيواركيس

أشكركما من صميم قلبي على هذه الكلمات الرقيقة و المعبرة و أخشى أن مديحكما يفوق بكثير كلماتي المتواضعة ..  نعم هذه هي الرسالة التي أردت إيصالها [ دقيقة صمت لا أكثر  ]  على أرواح أولئك الذين قدموا و بسخاء ... دقيقة صمت نقفها مع أنفسنا لنشكر تضحياتهم و لو بكلمة ... دقيقة صمت نتساءل فيها ، إلى أين و أي نوع من المستقبل نريده للأجيال المقبلة ؟ لكن يبدو انها معادلة صعبة الفهم عند البعض من أبناء شعبنا الآشوري التائهين على مفترق الطرقات تتقاذفهم البيانات الطائفية و البحوث االأكاديمية ذات اليمين و ذات اليسار .

مهزلة ـ و لا أجد لها اسماً آخر  ـ ما يجري على ساحتنا الآشورية !

يداً بيد أيها الأخوة و بالكلمة الصادقة و البسيطة ، لنعمل سوية بإخلاص و مهما كانت إمكانياتنا و لنردد على مسامع اخوتنا التائهين و زعمائهم جملة جبران خليل جبران :
" إذا كنت تريد أن تكون مخلصاً فكن مخلصاً بجمال ، و إلا فاصمت لأن في جوارنا رجلاً يحتضر  "

أجدد شكري لكما و بدوري أنتظر كلماتكم الصادقة و المدوية كما تعودنا دائماً

أخوكم أديب