المحرر موضوع: الخط المسماري وانتشار الحضارة الكلدانية في الشرق القديم .... الجزء الاخير .. مرقس اسكندر  (زيارة 3386 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ابن اور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 77
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الخط المسماري. وانتشار الحضارة الكلدانية في الشرق القديم...
الجزء الاخير

ثانياً : - الكتبة ( النساخ ) ( DUB . SAR = tupsharum ) .

لقد حرص الكلدانيين الكتبة على الدقة في استنساخ النصوص ، أن النساخ كانوا يحرصون دائماً على أن يتركوا في نهاية النصوص هامشاً أو تذييلاً يدل ؛ ضمن أشياء كثيرة ؛ على شعورهم بعظم هذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم في عملية نقل الموروث . فأنهم كانوا يثبتون في تلك الهوامش ديباجة تنص في معظم الأحيان على أنه ( نقل من النسخة الأصلية ودقق بموجبها ) مع ذكر اسم الناسخ وتاريخ الاستنساخ) .

وقد اعتز الكلدانيون القدماء بالكتابة بصفتها وسيلة الحفاظ على العلم والمعرفة وعلى تاريخ البشرية من الضياع فينعكس في رواية بيروسس الكلداني (برخوشا ) الخاصة بالخاصة با سطورة الخليقة الكلدانية والتي مفادها أن رجل الطوفان زيثوروشي ، تلقى إشعاراً من الآلهة كرونونو بقرب حلول الطوفان وأمر بحفر حفرة يدفن " أول ووسط ونهاية الكتابات " أي كل ما بحوزته من ألواح مكتوبة ؛ وأن رجل الطوفان نفذ لأمر الإلهي ودفن كل الكتابات في مدينة سبار – في اليوسفية– ويذكر برخوشا الكلداني أيضاً أنه بعد انتهاء الطوفان سمع هاتفاً يأمرهم بأن يتوجهوا إلى أرض بابل ليستعيدوا الكتابات المدفونة وينشروها بين الناس .

لقد كان الأمر الإلهي بدفن الألواح المكتوبة بالذات دون غيرها من متاع الدنيا واضح على أن تلك الألواح كانت في نظر الكلدانيين أثمن شيء يمتلكه الإنسان . بقية عملية التدوين في العصور القديمة كافة حكراً على طبقة معينة من النساخ أو الكتاب ، وكان هؤلاء على مراتب حسب خبرتهم ومهارتهم المكتسبة في فنون الخط المسماري . وفي الكثير من الأحيان نجد أن حرفة الاستنساخ أي الكتابة كانت تبقى زمناً طويلاً في العائلة الواحدة يتوارثها الأبناء عن الآباء . ومن العوامل التي أسهمت في خلق مثل هذه الطبيعة المعقدة للعلامات المسمارية ذاتها فكثرت العلامات ، وتعددت معاني وألفاظ كل واحدة منها ؛ كانت من الصعوبات البارزة التي تحول دون تعلم معظم الناس للكتابة مما أبقى للنساخ دورهم المتميز في المجتمع في ممارسة عملية التدوين في كافة العصور التارخية القديمة
ثالثاً :- الطين مادة الكتابة .



إن ما يميز الكتابة التي اخترعها سكان وادي الرافدين ، هو اعتمادهم على مادة الطين ؛ وقد استخدموا النوع النقي من الطين الخالي من الشوائب كالأملاح والرمال والأعشاب . وكانوا يحصلون عليه أما من الشواطئ بعد انحسار الأنهار ، أو يقومون بتنقية أو صناعته بالشكل المطلوب . وبالرغم من ذلك فقد وصلت بعض الألواح تحمل مثل هذه المواد ، كما تم العثور على بعض الكتب الطينية من مدينة الوركاء تحمل طبعة الشخص الذي قام بعجنها وتحضيرها لأجل استخدامها . وظلت مادة الطين مستخدمة للتدوين في العراق في جميع مراحل التاريخ ، كما شاع استخدامها لفترة محدودة في البلدان التي اتخذت الخط المسماري وسيلة للتدوين ؛ كالعيلاميين والفرس ووصل حتى جزيرة كريت
أما طريقة الكتابة عليه فقد كان الكاتب يطبع العلامات المسمارية على الطين وهو ما يزال طرياً بواسطة قلم من الخشب أو القصب مثلث الرأس فيقوم بإملاء وجه اللوح والحافة وبعد أن يجف الوجه يبدأ بإملاء القفا والحافة أيضاً . وفي بعض الأحيان تكون خالية من الكتابة ، وبما أن مادة الطين تجف بسرعة لذلك وجب على الكاتب تدوين الرقيم كله قبل أن يجف الطين . أما إذا تعذر عليه ذلك خاصة بالنسبة للألواح الكبيرة التي يستغرق تدوينها فترة ليست بقصيرة ، فكان الناسخ يستخدم قطعة قماش رطبة يغطي بها اللوح وقد وصلت إلينا بعض النماذج من الألواح التي عليها طبعة القماش ؛ منها عقد اقتصادي ؛ وربما لم يكن الأمر كذلك فلربما تمثل الطبعة طرف رداء لأحد الأطراف المتعاقدة كأن يكون الدائن أو المدين أو البائع أو المشتري.

كما عُثر على سدادات من الطين في أور ونمرود وغيرها تحمل كتابة وطبعات أختام يُلاحظ فيها آثار القماش أيضاً . وتوجد بعض الألواح تحمل طبعة إصبع الكاتب التي تبدو واضحة على حافة اللوح ، وتوضح كيف كان الكاتب يمسك بها عند الاستنساخ.

أما بالنسبة إلى الألواح كبيرة الحجم والتي من الصعوبة حملها بيد الكاتب فكانت توضع على مسند ، كأن يكون لوحاً أو طاولة من الخشب وقد كشفت التنقيبات في بعض المواقع عن بقايا ألواح خشبية مستطيلة الشكل مع أدوات مدرسية يُعتقد أنها استخدمت للغرض المذكور



رابعاً :- أشكال الرُقم الطينية ومضامينها .



وصلت مجاميع كبيرة من النصوص المسمارية المدونة على الطين – كما استخدموا مواد أخرى للكتابة إضافة إلى ألواح الطين منها الحجر والمعدن والخشب - ذات الأشكال والأحجام والمضامين المختلفة ، تقدر بمليون لوح ؛ محفوظ قسم منها في المتحف العراقي والقسم الآخر نقل إلى متاحف العالم ومعاهد الآثار من قبل المنقبين الأجانب الذين عملوا في العراق وبعضها في حيازة بعض الأشخاص الأجانب . وما تزال التنقيبات الأثرية في مواقع شتى من العراق تكشف عن المزيد من هذه النصوص موسم بعد آخر .

سُمي الرقيم باللغة السومرية بالمصطلح ( دُبو = DUB ) ويقابل ذلك في اللغة الكلدانية كلمة ( طبو ، تبو Tuppu – Tuppu ) ، أما أشكال وأحجام الألواح الطينية المكتشفة فتختلف حسب الفترات الزمنية والمواقع ونوعية المضمون . أما أصغر لوح لا يتجاوز حجمه ( 1 × 1 سم ) ؛ وهو عبارة عن وصل يحمل التاريخ الذي دون فيه اللوح مع طبعة لختم وكتابة تشير إلى مالك الختم . وقد عُثر على هذا اللوح في مدينة الوركاء جداول بكلمات دونت لغرض الدرس والتمرين أي أن بعض الكتبة كانوا يفكرون بعقلية وطرق التعليم والتدريس.

وفي منتصف الألف الثالث قبل الميلاد ظهر عدد من المدارس في جميع بلاد الكلدان حيث صارت الكتابة تدرس تدريساً منتظماً ، وفي النصف الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد بلغ فيه نظام المدرسة الكلدانية طور النضج والازدهار فقد كشف خلال التنقيبات عن العشرات الألوف من الألواح الطينية أوضحت تلك الألواح أن عدد الكتبة الذين كانوا يمارسون مهنة الكتابة كان يبلغ الألوف وأن أولئك الكتبة على أصناف ودرجات منهم الكتبة الصغار المبتدئون والكتبة المتقدمون والكتبة الملكيون وكتبة المعابد والكتبة من ذوي التخصص العالي في بعض النواحي الخاصة بالشؤون الإدارية . وكتبة أصبحوا من كبار موظفي الحكومة ، كان الهدف الأساسي للمدرسة ما يصح أن نسميه بالتخصص أو التدريب المهني أي أنها أسست لغرض تدريب الكتبة الذين كانوا يحتاجون إليهم لسد المتطلبات والحاجات الاقتصادية والإدارية الخاصة بالبلاد ولاسيما ما يختص بالمعبد وبالقصر وقد أستمر هذا الغرض هدفاً أساسياً للمدرسة في جميع عهودها اي منذ عهد سومر الى عهد الكلدانيين الذن طوروا مدارسها وأصبحت المدرسة خلال نموها وتطورها ونتيجة للازدياد المستمر في التوسع من مناهجها مركز العلم والثقافة الكلدانية فقد عاش وأزدهر بين جدرانها العالم الباحث ذلك الرجل الذي كان يتزود بجميع فروع المعرفة في زمانه كاللاهوت والمعارف الخاصة بالنبات والحيوان والمعادن والمعارف الجغرافية والرياضية والنحو واللغة . إضافة إلى أن المؤلفات الأدبية المنحدرة من الماضي تدرس وتستنسخ . وفيها أيضاً كانت توضع مؤلفات أدبية جديدة( .
المصادر
احمد فخري ...دراسات في تاريخ الشرق القديم ..مصر .1963
طه باقر ..مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ج 1 ..بغداد --1973
عامر سليمان...اللغة الكلدانية الاكدية .والسومرية ..تاريخها وتدوين قواعدها..الموصل --1991
جين بوتر واخرون..الحضارات المبكرة في الشرق الادنى القديم.....ترجمة ..عامر سليمان-- الموصل - 1986
صاموئل نوح كرمر ...ملحمة كلامش السومرية وملحمة الخليقة الكلدانية ..مقارنة تاريخية ..ترجمة .فوزي رشيد -1989بغداد
 
   
مرقس اسكندر دندو


غير متصل بولص يوسف ملك خوشابا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 347
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ ابن اور العزيز :سؤالي لك هو هل انت الذي سحبت مقالتك الجديدة حول التسميات والتي كان لي رد فيها ام ان سحبها تم من قبل صفحة المنبر الحر وشكرا ...

غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
أعـتـقـد هي منـقـولة إلى حـقل التسميات