المحرر موضوع: سياسة الطاقة لإقليم كوردستان من منظور سياسي وفلسفي  (زيارة 917 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامان سوراني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 294
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سياسة الطاقة لإقليم كوردستان من منظور سياسي وفلسفي

ماحصدناه من المٶتمر السنوي الثالث للنفط والغاز في إقليم كوردستان ، الذي إنعقد قبل أيام في أربيل أنه في نهاية هذا العام وبدایة عام ٢٠١٤ يدخل إقليم كوردستان في قائمة الدول الرئيسية المنتجة للنفط والغاز في المنطقة وعلی المستوی العالمي ليلعب دوراً مهماً في تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمي من خلال السياسة الإيجابية المتوازنة التي تمارسها حكومة الإقليم. وترتكز سياسة الإقليم في مجال النفط والطاقة بشكل عام على مجموعة ثوابت أساسية تقوم على تسخير الثروة النفطية في البلاد لتحقيق التنمية الشاملة في الإقليم وهو ما تحقق خلال السنوات الماضية وبرز بشكل واضح في النهضة الواسعة التي تحققت في مختلف المجالات .
صحيح بأن الإقليم يسعی الی رفع إنتاج الطاقة الكهربائية ويخطط من أجل إستغلال مصادر بديلة كالطاقة المتجددة وطاقة الرياح الإقليم وإن تطوير البنية التحتية بحاجة إلى أكثر من 30 مليار دولار ، لكن صناع القرار في الإقليم ، الذين يريدون أن يجعلوا من إقليم كوردستان مفتاحاً رئیسياً للطاقة في الشرق الأوسط و تحویلە الى لاعب أساسي في سوق الطاقة العالمي خلال السنوات القليلة القادمة ، يجب أن يقوموا باستغلال الثروة النفطية بشكل علمي مدروس لبناء شبكة واسعة من البنى التحتية المتقدمة تكون أساساً لتنمية اقتصادية ونهضة حضارية شاملة ويفكروا في الوقت نفسه في إعداد دراسات وإنشاء مراكز للإبحاث النووية والتهيء لإنشاء مفاعل لانتاج الطاقة النووية والتي تعتبر من البدائل النظيفة والاقل تلوثاً اذا ما قورنت بالنفط ، فإن تنوع مصادر الطاقة أمر حيوي للإقليم. إن الإنجازات العظيمة التي تحققت خلال الفترة التي أعقبت اكتشاف النفط وإنتاجه والتي انتقلت بالإقليم بسرعة هائلة الێ أخذ مکانه بين المناطق الأكثر نمواً في العالم تشير الی أن مستقبلاً مشرقاً ينتظر قطاع النفط والغاز في الإقليم وأن مسيرة وتطور الاقليم مرتبط بمسيرة وتطور البترول ، وسوف يكون لهذا الارتباط أثر هائل في دفع عجلة التنمية في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
إن التعامل مع هذه الثروة الطبيعية ، التي تعتبر من أكثر الثروات الطبيعية في العالم قيمة ، لذلك سماه بعض الناس بالذهب الأسود ، بتوجیهات سديدة ومتابعة متواصلة من قبل القيادة الكوردستانية وإستغلالها يجب أن يكون متمشياً مع القدرة على الإنتاج بكميات تتناسب مع طبيعة الحقول النفطية والحافظة عليها الحقول ، بما لا يرهقها أو يضرها من الناحية الفنية ، وتوفير التكنولوجيا المتقدمة في صناعة النفط ، وذلك من خلال التوصل إلى شراكات مع الشركات النفطية العالمية ، والمساهمة في توفير كميات مناسبة من النفط الخام والغاز کمساهمة من الإقليم في خدمة الاقتصاد العالمي ، لأن هذه الثروة هي ملك لهذا الوطن بجميع أبنائه وخصوصاً للأجيال القادمة.
أما فلسفتنا فيجب أن تقوم في توظيف الثروة البترولية لتحقيق التنمية على حسن استخدامها ورشاد إدارتها بحيث يخرج آخر برميل بترول ينتج في العالم من الإقليم. ولتستهدف هذه الفلسفة بناء صرح للرخاء فوق أرضنا تحقيقاً لحياة أفضل للإنسان الكوردستاني.
من نافل القول أن الصناعة البترولية تشمل الی جانب عمليات الإنتاج والتصدير ، عمليات أخری كالحفر والإنشاءات ومد الأنابيب والنقل والتكرير والصناعة البتروكيماوية. فيجب علی الحکومة الكوردستانية وضع إستراتيجية للدخول في مختلف عمليات هذه الصناعة لتكفل لثروتنا القومية قدراً من الكفاءة و لتحقق عوائد مجزية من أجل أبناء كوردستان وتنفيذ مشاريع مستقبلية عملاقة.
أننا نعيش اليوم عصر رقمي يحمل في طياته الإنفجار المعلوماتي والاقتصاد المعرفي والعولمة مشروع كوني قوي و مصائر البلدان باتت اليوم مصائر عولمية بحتة والحلول لم تبقی محلية كما في السابق ، بل دخلت في دوائر محلية، إقليمية ، عالمية. أما التعاليم الاقتصادية الأكاديمية فهي دين قائم على مسلمّات و تعاريف بالية يجب إعادة صياغتها فلسفيّاً و مفهوميّاً ، لکننا مع هذا نٶمن بأن الاقتصاد السليم يجب أن يستمد قوانينه من الأعراف الطبيعية والقواعد البيئية المنسجمة مع قوانين الهندسة و الطاقة ليكون قادراً علی توحيد الإنسان في رؤيا واضحة تنظّم أداءه و تهذب أعماله للسير بمهمته التطورية نحو الكمال ، بعيداً عن نزواته كمخلوق اعتبر أن الطبيعة سُخّرت لرغباته ليسخر منها كما يحلو له. علی حكومة الإقليم العمل على الإهتمام بالعلوم النفطية و التطبيقية ذات الصلة بتنمية تكنولوجيا الثروات الطبيعية بشكل خاص ، لأن هذا المجال يمكن أن يكون العامل الأهم بين العوامل الأساسية للنهضة الكوردستانية ، والاستثمار فيه هو احد العناصر الحاسمة في تحديد مستقبل المجتمع الكوردستاني. فدون وجود مؤسسات تربوية و نظام تعليمي متطور ومتجدد حسب حاجات المجتمع ، لا يمكن بروز كوادر قادرة على أن تصعد سلالم الرقي وتنافس غيرها على تنفيذ برامج التنمية بكفاءة. والإنفاق بسخاء على التعليم والتدريب والتأهيل العملي ، أي الاستثمار في مجال الموارد البشرية هو الاستثمار الأمثل و الأنجع. ولتكن فلسفتنا قائمة علی تنقية المناهج وتطويرها من حين إلى أخر ، مع تركيز شديد على دور المعلم ، والمواءمة الدقيقة ما بين مفردات التعليم واحتياجات المرحلة ، وتشجيع القطاع الخاص على استثمار جزء من أرباحه وموارده في التعليم و التدريب ، وإعادة القوى العاملة المتخرجة إلى مقاعد الدراسة من وقت إلى أخر لتحديث معارفها والتزود بما استجد عالمياً في حقول تخصصها ، مع التركيز  على علوم العصر ، لاسيما المعلوماتية ، التي تعتبر أساس عملية التنمية الاقتصادية.
أما إنتعاش الصناعة النفطية بأفكار وأيادي محلية فسوف تمهد الطريق لأنتعاش الصناعات الاخرى وتنهض بأقتصاد الإقليم وتحقق الرفاه الاقتصادي فيه. وهذا بدوره سوف يؤثر بشكل إيجابي على كافة النشاطات الانسانية الاخرى. فبالقاعدة الأقتصادية القوية والأرضية الصلبة يمكن بناء مؤسسات أجتماعية و خلق مشاريع تنموية تساهم في تغيير المجتمع وتحقيق النهوض الحضاري.
وختاماً: من يريد أن يشارك في صناعة العالم بوصفه المدی الحيوي والفضاء الكوكبي في عصر تتعولم فيه الهويات والأفكار بقدر ماتتجسد وحدة المصير البشري علیه أن يجدد عدته الفكرية و يتقن التداول العقلاني ويجترح سياسة فكرية جديدة معاصرة لإدارة المصائر.
الدكتور سامان سوراني