فؤاد سالم أغترب من أجل الوطن ومات غريبا عن العراق رحيل ألمع أصوات جيل السبعينات في الغناء العراقي مغتربا عن بلده في العاصمة السورية دمشق. العرب [نُشر في 22/12/2013، العدد: 9417، ص(24)]
فنان الشعب صوت ملتاع
عنكاوا كوم/العرب دمشق - ودع الفنان العراقي فؤاد سالم سنوات عمر قضى نصفه مغتربا أمس في العاصمة السورية دمشق، بعد رحلة مريرة مع الغناء امتدت من البصرة إلى بغداد والكويت والشارقة حتى الولايات المتحدة وأخيرا دمشق التي لم يستطع مغادرتها بسبب المرض والعجز.
وتوفي سالم الذي لقب بمطرب الشعب عن عمر 68 عاما بعد سنوات من المرض والوحدة وعدم اللامبالاة التي واجهها من قبل الجهات الرسمية في بلده العراق.
وعانى الفنان الراحل في السنتين الأخيرتين من مشاكل صحية أدّت إلى إصابته بتلف في أنسجة الدماغ أفقده القدرة على النطق والحركة.
وغادر الفنان الراحل بلاده نهاية السبعينات إلى مدينة الكويت خشية من الملاحقات الأمنية بسبب انتمائه إلى الحزب الشيوعي العراقي، ولمع نجمه في الكويت بعد تعاون مع الملحن طالب غالي إضافة إلى استمرار اتصاله بالملحن ذياب خليل في مدينة البصرة.
وأدى قصيدة غريب على الخليج للشاعر الراحل بدر شاكر السياب بلحن معبر لطالب غالي في تجسيد حسي لغربته واستذكار للسياب الذي كتب القصيدة في إحدى مستشفيات الكويت.
عرف فؤاد سالم بانه أقدر جيل السبعينات في الغناء العراقي، وبدأ مشواره بأغنية "وين يالمحبوب" التي استوحى لحنها الفنان كوكب حمزة من المراثي الحسينية، وتواصل تعاونه مع أغلب أجيال الملحنين العراقيين، فغنى لعميد الغناء العراقي عباس جميل من جيل الخمسينات "تلاث نخلات" مثلما غنى لطالب القره غولي من جيل السبعينات "إلعب ياشوق" وتعامل مع الفنان سالم حسين في أغنية "سوار الذهب" التي كتب كلماتها جودت التميمي، ثمّ ذاع صيته باغنية "موبدينه نودع عيون الحبايب" للفنان محمد نوشي منتصف السبعينات، كما تعامل مع الملحنين محمد جواد أموري وياسين الراوي.
تعد سنوات الثمانيات من القرن الماضي ألمع فترات الفنان الراحل في مدينة الكويت عندما أدى أجمل أغنياته وتداول الجمهور العراقي وفي أغلب دول الخليج العربي أشرطة ألبوماته المسجلة التي كانت تصدر عن شركة "النظائر".
واشتهرت أغنيته "مشكورة" التي كانت تعبر عن قصة عاطفية بين الجمهور في دول الخليج العربي وسوريا والاردن، مع أغاني كثيرة مثل "ودعونا" "هلي"... لكن نجاحه لم يستمر في الكويت بسبب الضغوطات السياسية التي واجهها، الأمر الذي دفعه إلى مغادرتها إلى الإمارات ومن ثم إلى الولايات المتحدة لبضع سنوات ليعود بعدها منذ نهاية التسعينات للاستقرار في دمشق حتى رحل فيها.
ومع ان فؤاد سالم عاد الى العراق بعد عام 2003 في أكثر من زيارة الا انه لم يجد له مكانا في وطن مشغول بتوزيع الغنائم بين الأحزاب الدينية والطائفية، ففضل غربته في دمشق على الرغم من الظروف الصعبة التي عاشها في السنوات الأخيرة.
يتميز فؤاد سالم عن أبناء جيله حسين نعمة وفاضل عواد وياس خضر وسعدون جابر، بقدرته على أداء المقام العراقي والأغنية الريفية بنفس مستوى أدائه أغنية البيئات التي تجمع روح الأغنية البغدادية مع الأطوار الأخرى.
وكان مجتهدا في الحصول على النص المعبر واللحن المتوافق مع صوته على الرغم من ابتعاده عن وطنه.
يحسب لفؤاد سالم الذي عاش طول عمره معارضا للنظام العراقي السابق، إلا انه لم يقع في لجة الأحزاب المتنافسة بعد احتلال العراق عام 2003، وبقى مخلصا لوطنيته، فيما صوته يردد "أنه ذاك انا العراقي المامشى بكل روجه قلبه اتنفس برئتي النخل ويروح لهناك النفس بيه مني طاري".