المحرر موضوع: الشيعه والدوله - هل يرتكب شيعة العراق الخطأ القاتل الثالث  (زيارة 1061 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Muhammad Mahboob

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
الشيعه والدوله 
                     
هل يرتكب شيعة العراق الخطأ القاتل الثالث[/b]

محمد محبوب
mahbob04@maktoob.com

دعوة السيد الحكيم الى إقامة فدراليه شيعيه في وسط وجنوب العراق وقبل يومين فقط من الموعد النهائي لتسليم مسودة الدستور , فاجأت الشيعه قبل غيرهم وإختلفت فيها الأراء والتحليلات , وربما يقول قائل إن هناك دعوه  سابقه للمطالبه بفدراليه جنوب العراق وتضم محافظات البصره والناصريه والعماره , غير إنه من الواضح إن فدرالية الجنوب المقترحه ترتكز على أسس إداريه , ولهذا لم تثر الضجه التي أثارتها دعوة السيد الحكيم.

نعلم جميعا إن الفدراليه هي مطلب كردي منذ ثلاث عشر عاما , وعمل القاده الكرد خلال هذ السنوات الطويله على تثقيف شعبهم بالفدراليه حتى أصبحت مطلبا شعبيا ملحا بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين , ونعلم جميعا إن الخطاب الفدرالي صار السمه المميزه للكرد خلال العامين الماضيين وإنهم كانوا ومازالوا حريصين على تأكيد الخيار الفدرالي في كل مناسبه , وفرضوا ذلك في قانون إدارة الدوله وأصروا على أن تعيد الحكومه إداء القسم القانوني لإنها أسقطت الفقره الخاصه بالفدراليه , وهكذا أرتبطت الدعوه للفدراليه بالكرد فهم الذين أطلقوها ودعوا أليها وثقفوا بها وأقاموا الدنيا و .. ما أقعدوها حتى اليوم في الحديث عن مفاتن الفدراليه.

ولم نسمع يوما لا قبل سقوط القائد الضروره ولا بعد سقوطه , أن الفدراليه كانت يوما مطلبا شيعيا , لم نسمع أبدا إن السيد الحكيم كان من دعاة الفدراليه , كما لم تكن الفدراليه تحظى بأدنى إهتمام من قبل أحزاب الإسلام السياسي الشيعي كافه , وقد قُوبلت الدعوه الى فدرالية الجنوب ( البصره والناصريه والعماره ) بفتور أقرب الى الرفض من قبل هذه الأحزاب بل حتى من قبل المرجعيه الدينيه في النجف.

عودة السيد الحكيم المفاجئه الى النجف تاركا خلفه مفاوضات اللحظات الأخيره التي كان يجريها قادة الكتل السياسيه وزيارته للسيد السيستاني ثم صيحته المفاجئه التي أطلقها أمام حشد من الجمهور النجفي مطالبا بفدراليه شيعيه تشمل تسعة محافطات عراقيه جنوبي بغداد , هذه الصيحه أعادت خلط أوراق اللعبه السياسيه من جديد وأحدثت شرخا في البيت الشيعي بين مؤيد ورافض أو متحفظ.

إن إطلاق هذه الدعوه بهذا التوقيت الحرج وبهذه الطريقه الإستعراضيه , يمكن أن نستدل منه إن السيد الحكيم تصرف كسياسي مناور أراد أن يلعب ورقته الأخيره وفي اللحظه الأخيره بالذات بهدف لي ذراع الأطراف الأخرى وفي مقدتها الولايات المتحده بصفتها الراعي للعمليه السياسيه في العراق , ولم تكن هذه المناوره موجهه الى الكرد كما يظن البعض.

المجلس الأعلى للثوره الإسلاميه في العراق الذي يقوده السيد عبد العزيز الحكيم اليوم كان ومازال يحمل مشروعا لإقامة دوله دينيه مستفيدا الى أقصى حد ممكن من تجربة الجمهوريه الإسلاميه في إيران التي تأثر فيها وعمل في إطارها وقاتل الجيش العراقي السابق دفاعا عنها لسنوات طويله , ولايخفى على أحد أن السيد الحكيم وقيادات المجلس الأعلى هم من مقلدي السيد الخميني وإن تظاهروا اليوم لإسباب سياسيه بمولاة السيد السيستاني , ولهذا نلاحظ عند زيارات السيد الحكيم أو نجله عمار لإيران فإنهم يؤكدون  وعلنا موالاتهم لولي أمر المسلمين السيد الخامنئي !.

المجلس الأعلى ومعظم أحزاب الإسلام السياسي الشيعي وبعد إن وجدت الفيتو الأمريكي القوي ضد إقامة دوله دينيه في العراق وهو مايرفضه الكرد أيضا , إختارت أسلوب المخاتله والمناوره في فرض إجندتها السياسيه , فلجأت الى محاولة فرض نصوص باطنيه في الدستور تحقق مرادهم , حيث إن  إصرار هذه الأحزاب على النص في الدستور على وجوب تماشي القوانيين مع أحكام الأسلام , يجعل من العراق دوله دينيه أيضا , وهو الأمر الذي جعل الولايات المتحده تعيد حساباتها مع الحاله العراقيه وتقلل من آمالها في إقامة دوله ديمقراطيه في العراق تكون أنموذجا للعالم العربي.

الرفض الأمريكي القوي لإقامة دوله دينيه في العراق ورفض كتلتي التحالف الكردستاني والعراقيه لمثل هذا التوجه والتحفظ السني العربي أيضا , هذا الرفض الشديد الواضح تجاه إسلوب المخاتله الذي أتبعته أحزاب الإسلام السياسي الشيعي منذ بداية عملها في المعارضه ضد نظام الدكتاتور صدام , وظلت تصر عليه حتى قبل موعد الإعلان عن مسودة الدستور بسويعات قليله , هذا الرفض القوي  وليس سقف المطالب الكرديه العالي كما يظن البعض هو الذي أضطر السيد الحكيم الى لعب الورقه الأخيره  وهي إعلان الفدراليه الشيعيه.

ففي الوقت الذي يطالب فيه الكرد بحصص مرتفعه من موارد الثروه الطبيعيه لتحسين المستوى المعيشي لمواطنيهم , تجد إن السيد الحكيم الذي يقود كتلة الإئتلاف العراقي الموحد ( الشيعي ) لا مطالب له سوى إضافة كلمة الإسلاميه الى أسم الدوله العراقيه أو النص في الدستور على وجوب تماشي التشريعات مع أحكام الإسلام أو حشو الدستور بعبارات إسلاميه في محاوله مكشوفه لإقامة دوله دينيه في العراق.

أحزاب الإسلام السياسي الشيعي بما في ذلك المجلس الأعلى للثوره الإسلاميه الذي يقوده السيد الحكيم  تحاول التظاهر بإنها تعمل تحت عباءة السيد السيستاني في محاوله لكسب مزيد من التأييد الشعبي لها , وتحاول إيصال رسائل على إنها تنفذ توجيهات المرجعيه الرشيده سواء في كتابة الدستور أو في أي شأن آخر.

لقد بات واضحا إن المرجعيه الدينيه في النجف تعترف على الأقل بخطأيين قاتلين إرتكبتهما بحق شيعة العراق , الأول هو مقاطعة العمليه السياسيه عند تأسيس الدوله العراقيه في مطلع عشرينيات القرن الماضي وإصدارها لفتاوي تحرم على الشيعه العمل في مؤسسات الدوله وبالتالي نتج عن ذلك حيفا وظلما تأريخيا وتخلفا عن مواطنيهم من السنه العرب أمتد الى ثمانين عاما , وعانى الشيعه ماعاناه من جراء هذا الخطأ القاتل الذي إرتكبته المرجعيه الدينيه , والثاني هو عدم مناصرتها للزعيم الخالد عبد الكريم قاسم وتأليبها عليه بالرغم من ولائه لها وحرصه على زيارة المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم وإبداء مظاهر التبجيل له حد تقبيل يديه وقدميه , وبلغ هذا التأليب حد التحالف مع البعثيين والقوميين في إنقلاب شباط الأسود عام 1963 , وبهذا خسر الشيعه آخر الإنظمه العادله التي أنصفتهم  وبدأوا عهد الفتره المظلمه التي إنتهت بهم الى المقابر الجماعيه.

فهل سترتكب المرجعيه الدينيه الخطأ الثالث وهو الأشد قتلا لشيعة العراق بمؤازرتها لإحزاب الإسلام السياسي الشيعي التي سوف تفسد على الشيعه كما في المرتين السابقتين هذه الفرصه التأريخيه في رفع الظلم التأريخي الذي أحاق بهم.

إن أصرار هذه الأحزاب وفي مقدمتها السيد الحكيم على التأسيس لدوله دينيه في العراق هو الخطأ القاتل الثالث الذي يريدون للمرجعيه الدينيه إن تتحمل وزره وتبعاته الثقيله , هذا الأصرار العنيد لن يجلب سوى معاداة الولايات المتحده راعيه العمليه الديمقراطيه في العراق وهو شعور بدأ يتبلور فعلا في الأيام الأخيره والخاسر الوحيد دائما هم شيعة العراق.

كاتب وأعلامي ومدير المركز العراقي الألماني[/size]