المحرر موضوع: برديصان السرياني .. ابن الرها والفرات  (زيارة 1646 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Pierre Iwaz

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 110
    • مشاهدة الملف الشخصي
برديصان السرياني .. ابن الرها والفرات
[/color]
بقلم: بيير حنا إيواز / سوريا

 

++  برديصان (( Bar Daisan  :

 آرامي سرياني رهاوي من أورفا الرها / اورهوي إديسا ( Edessa ) ، وكان عالما فلكيا بارزا ومفكرا وفيلسوفا في عصره ( في القرنين 2 – 3 ميلادي ) ، وكان اديبا وشاعرا وكاتبا مؤلفا معروفا على نطاق واسع ، له الكثير من المؤلفات والكتب والاناشيد والتراتيل والموسيقى، بالاضافة إلى الرؤى الفكرية والفلسفية والمعرفية المميزة له .. ولتيارات عصره وحضارات وثقافات منطقته.

 

++  ولد برديصان في مدينة الرها / إديسا في 11 تموز عام 154 ( 164 ؟ ) وتوفي عام ( 222 ) على الأغلب في إديسا وهو في سن 68 عام ، وذلك بعد أن كان قد التجأ إلى أرمينيا قبلا . ويتداخل تاريخ برديصان ( القرن 2 – 3  م ) مع تاريخ القديس مار أفرام السرياني ( القرن 4 م ) عبر تقاطع الفترتين في أوج عصر بروز الأدب السرياني ( كهمزة وصل وتواصل / بين القرنين 3 – 4 م ) .

 

++  وتسمية برديصان تعني بالسريانية ( ابن / بار ، النهر/ ديصان ) أي انه سرياني رهاوي .. ابن النهر العظيم الفرات .. المتدفقة مياهه بغزارة من شمال الرها إلى بلاد الشام وأشور وبابل جنوبا .. وكأن برديصان ( اسم جغرافي ) موحد .. بحيث جمع برديصان ومزج علومه الفلكية البابلية مع ثوابت الايمان المسيحي والعقائد المذهبية والمعارف الهندية والفارسية والشرقية .. مع طول واستمرارية تدفق ومسار نهر الفرات العظيم.. ومن هنا رؤيته ومقارباته الخاصة ( فلسفة أو مذهب المعرفة – الروحية التصوفية .. الارتقائية / الادراكية  Gnosticism / Know / knowledge ) في الفكر والفلسفة والمعرفة وشمولياتها.. ، مثلا طريقة المعرفة بالتحليلية والتركيبية .. وثنائيات ( النور والظلام ) ، ( الروح والجسد ) ، ( المادة والطاقة ) ثم التطور الحضاري العالمي لغاية النهضة العلمية والثورات العلمية التكنولوجية والمعرفة الحسية المادية والطرق والتجارب الفيزيائية الميكانيكية ..  وغير ذلك إلى ايامنا هذه في القرن الحادي والعشرين .

 

++  واذا اخذنا بعين الاعتبار حياة برديصان في القرنين ( الثاني والثالث ) الميلادي ، نجده من اوائل السريان في العلوم والفلسفة والكتابة والشعر في الرها المسيحية ، رها الكنيسة السريانية المقدسة والايمان المسيحي القويم منذ بدايات المسيحية الاولى عبر بلاد الشام شرقا وغربا .. إلى كل العالم ، الرها الواقعة ما بين الشرق ( بلاد فارس والهند ) والغرب الاغريقي اليوناني الروماني والشمال الروسي السلافياني.. ، ومن هنا كان برديصان تعبيرا وانعكاسا للبيئة والصراعات / الانشقاقات المذهبية المحيطة ( اليعاقبة غربا والنساطرة شرقا ) والكونية..( الارثوذكسية / الشرقية الانطاكية اليونانية والكاثوليكية الرومانية ثم البروتستانتية الانجيلية ) ..  وبالتالي كان برديصان في عصره نتاجا ومعبرا عن واقع  ظاهرة تفاعلات تبادلية عميقة ما بين الديانة المسيحية الجديدة من ناحية والتعاليم اليونانية ( الفيثاغورسية ) والعلوم البابلية الفلكية من ناحية اخرى .. مما دفع برديصان إلى التعمق والاجتهاد .. فلسفيا ومعرفيا .. واهتم بنظريات كونية ومقاربات فلسفية في ( القدر والحياة والموت وصراع الخير والشر ) وكتب عنها وعن قوانين وشرائع البلدان .. واصبح الطريق ممهدا لظهور تلك النخبة من المفكرين واللاهوتيين والعلماء السريان مع توسع ( الوان ومعارف ) الادب السرياني وتعدد مجالاته وآفاقه وغناه .. على ارض الرها ونهر الرها .. ادبا آراميا سريانيا رهاويا مسيحيا .. مشعا بنوره وعراقته وعالميته لكل العالم.

 

++  برديصان كان متأثرا بحضارات شرقي وغربي الرها .. من بابلية وفارسية وهندية وبنظريات إغريقية الاصل .. وقد كتب الكثير عن الهند ومعارفها وكذلك كتب عن تاريخ ملوك الأرمن ، وعاصر ملك الرها / إديسا ( ابجر بار معنو الذي حكم 202 – 217 ) والذي كان رفيق صباه في التعليم  ، وقد كتب ( معنو ) تحت اسم ( كتاب الأسرار ) حيث في احد فصوله يتحدث بالكامل عن برديصان. وكذلك ابن النديم المؤلف الإسلامي في القرن ( 10 ) قد ذكر برديصان في موسوعته . وكتب عن برديصان ايضا العالم السوري ( بورفيري ) .

 

++  وهكذا وبالرغم من ان برديصان كان كاتبا ومؤلفا غزير الانتاج ، إلا ان معظم نتاجاته وابداعاته قد ضاعت .. وخاصة ضاعت كل نتاجاته المبكرة .. وهذه تعتبر خسارة تراثية للمكتبة الرهاوية السريانية .. والعالمية ايضا .  [/b] [/font] [/size]