المحرر موضوع: المحنة الذاتية  (زيارة 1302 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المحنة الذاتية
« في: 08:07 14/01/2007 »
المحنة الذاتية

في هذا الزمان رغم ما يعانيه أهل العراق من آلام وعذابات وقتل وتهجير ودمار مستمر، لكن مقابل هذا الجانب المظلم يوجد جانب آخر فيه أشعة من الأمل وومضات هنا وهناك؛ ألا وهو الوعي الآخذ بالتزايد عند الجميع وامتلاك الكثيرين للجرأة في كتابة ما يجول بأفكارهم على الورق وصفحات الجرائد وفي مواقع الانترنيت الكثيرة، وهذه الأفكار منها ما يزيد في قتامة الصورة للواقع العراقي ومنها ما يفتح الحجاب عن عيون وأفكار كثيرين لكي يستطعيوا رؤية الواقع الذي ليس هو فقط قتل وتفجير وتدمير، إنما هناك امل وفرح قادم وحرية لا نصلها دون ثمن إلا من خلال تضحيات وآلام قد تصل حد الجسامة التي تتخللها أعمال فضيعة يندى لها الجبين.

وما نريده من هذا المقال هو محنتنا الذاتية التي لا تقبل أحيانا أن تخرج وترى النور وحتى إن كان بصيصا ... وتفضل البقاء والعيش في الظلمة وبنور اصطناعي يجلب لنا أمورا مصطنعة وغير حقيقية، وهذا الواقع مع الأسف قد سحب معه أبناء شعبنا من الكلدان والسريان والآثوريين الذين بدأوا العمل السياسي كل من خط شروع مختلف سواء قبل سقوط النظام أو بعده بالعمل والكتابة ومحاولة إنارة طريق الآخرين لكي تصل المسيرة نحو الغايات المرجوة من اعتلاء أمتنا (الكلدانية .. السريانية .. الآثورية) مكانا لائقا بها تحت شمس العراق أو في المنطقة أينما تواجد عناصر من شعبنا الذي هو أصيل ولم يأتي إليها مهاجرا أو استطون فيها، إنما له جذور ضاربة بالعمق يعمل لكي يزيل ما أحاط به من أدغال وعوامل تعرقل عملية النمو وتحديث التاريخ بتاريخ جديد لأبناء مخلصين يكونون أوفياء لما تركه السلف الصالح.

ومحنتنا الذاتية تكمن في عملنا المنفرد والمتعصب لهذا العرق أو ذاك، فكما نكتب أسماءً ثلاثة عند إشارتنا إلى الأمة، أي أن هناك ثلاثة فروع لأصل واحد، ومن ملاحظة بسيطة لما يكتبه الكتاب من هذا الفرع أو ذاك نجد الصفة الطاغية للتعصب رغم وجود بعض الاستثناءات ... إن الكتاب والمؤتمرات الآشورية تلتزم بهذا الاسم دون أي محاولة لكسب أبناء الفروع الأخرى بخطاب عقلاني متوازن ويدعو للتوحد والتقارب وآخرها كان مؤتمر استوكهولم الذي لم نجد فيه أية أشارة للكلدان أو للسريان، إنما كان آشوريا خالصا. وحتى إن كانت وجهة النظر هذه صحيحة، فلماذا أُغضب أخي الكلداني أو السرياني بإقصائه من أفكاره ومحاولة سلب هويته التي بات يعتز بها ويعمل نحو تحقيقها، إن مثل هذا التوجه سواء كان عند الكلدان أو الآثوريين أو السريان يكون عملا مضادا وضد المسيرة، أقله يضعفها في المحصلة ويظهر للعالم أننا منقسمون ولا يعيرون لنا أية أهمية، فلو ذهب آثوري لمصدر القرار في العراق يطالبه بترسيخ الآشورية مثلا، وهكذا أيضا يفعل الكلداني بالنسبة للكلدانية والسرياني... هكذا طلبات ستجعل صاحب القرار حائرا لأنه سيجد نفسه أزاء شعب منقسم لا يعلم ما يطلبه وماذا يريد، وقد يهمل الطلبات الثلاثة معا، لكن لو عدنا إلى بيتنا واجتمعنا معا وعملنا نحو تقريب وجهات النظر بأسلوب ديمقراطي حضاري متعالين فوق الخلافات الجزئية التي لا تغني ولا تسمن لأظهرنا للعالم كم أننا متحضرون ونتحلى بالوعي والحسّ الذي نكسب به احترام الآخرين.

إننا بمحنتنا هذه نتحاور حوار الطرشان؛ كل يكتب ويعقد مؤتمرات دون أن ننتبه أن هذه المؤتمرات والكتابات هي بلا نتائج فإلى متى نبقى نضيّع من وقتنا ومن جهدنا؟ وبنظرة سريعة لكتابات العقلاء سنجد الكم الكبير الذي يحاول ترميم ما يمكن ترميمه، وفي المقابل نجد من يحاول أقصاء وتحجيم الآخر ومن أي فرع كان، لكن لو اجتمعنا معا كم سيكون المؤتمر جميلا إن كان يظم بين حناياه الكلداني و السرياني والآثوري، وكم ستكون النتائج رائعة تلك التي ستنضح منه!!! ألا يعي المسألة أبناء أمتنا؟ هل نبقى ونستمر بذات المحنة التي أدخلنا انفسنا بها؟ ألا يفهم الكلداني المتعصب إن هذا التعصب يعيق تقدم الأمة؟ ألم يفهم الآشوري المتزمت أن تمسكه بموقفه يقصي أخوته الآخرين ويصبح ضعيفا ويكون سببا بإضعاف كل فروع الأمة؟ وأين هم هؤلاء المتعصبون؟ انظروا وتمعنوا جيدا، ستجدونهم في دول المهاجر!!! والذين هم في الداخل حيث النضال الحقيقي وحيث هي نينوى وبابل، نادرا ما تجد لديهم التعصب وحب الفرع دون الاشارة للآخرين، وهكذا نجد في العراق انبثقت التسمية المركبة حتى وإن كانت غير ملبية لطموح هذا أو ذاك لكنه ارتفع فوق عوامل التفرقة لأن تفكير كهذا يعطي نتائج مهمة، مهما حصل فكل فرع لوحدة إن حدث تصويت ستكون نتائجه غير ملبية للطموح كتلك التي لو كانت أصوات جميع أخوته معه، فعلى الجميع أينما كانوا أن يناضلوا بشراسة في الخارج وفي الداخل من أجل قضية المجموع، ومن خذل أمته كانوا من هم في الخارج بعدم مشاركتهم في الانتخابات والإدلاء بأصواتهم وهم المرتاحون والأمن غير مقلق بالنسبة لهم سواء كانوا في أمريكا أو أوربا أو أستراليا، بينما ورغم كل الخوف في الداخل ذهب الآثوري مع الكلداني والسرياني ولم يهابوا الخوف والرعب وأدلوا بأصواتهم نصرة لقضيتهم.

فعلينا فهم مسألة كوننا في محنة ذاتية جلبناها لأنفسنا ومازلنا ندور في ذات الحلقة المفرغة ونقاشاتنا بيزنطية عقيمة طالما بقينا هكذا، بمؤتمر آشوري هنا وكلداني هناك وسنبقى متفرقين ضعفاء بينما لو عدنا لأنفسنا سنجد أن تجاوز ذلك أمر بسيط جدا: إن قبل أحدنا الآخر على علاته ووضع يده بيده لكي يعمل الجميع بصورة مشتركة عندها سنجني الثمار التي تفرح الجميع.

فيا كتابنا ومثقفينا: ألم يحن الوقت لكي ننتبه إلى هذه المسألة ونساعد شعبنا في محنته ولا نتاجر بجراحاته خاصة ونحن مقبلون على تعديل الدستور، رغم أنني لا أجد ضوءا في آخر النفق يرشدنا لحدوث تغيير، لكن لا يمنعني ذلك من أن أرفع الدعوة علّها تكون الخطوة الأولى التي تجلب الانتباه ويبدأ التصحيح ... أتمنى أن تكون كذلك.

عبدالله النوفلي 23/12/2006