المحرر موضوع: الزمان : صراع بغداد وأربيل بين المواقع والسيطرة  (زيارة 787 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ilbron

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6863
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
 الزمان


الخلافات المفهومة والمجهولة بين الحكومة المركزية وقيادة اقليم كردستان ، باتت تشكل اضافة جديدة للأزمات المتراكمة والمتوالدة في العراق ، والامر لايتوقف عند حدود النفط وسرقته ، والموازنة ورواتب البيشمركة ، والاتفاقات والاخلال بها ، والجيش وحقه في التواجد حسب مقتصيات الامن الوطني ، نقول ليس بهذه الامور رغم حساسيتها واهميتها ، وإنما تعدى الامر الكثير من هذه القضايا ووصل إلى الشعور الشعبي البغدادي خصوصا والعراقي بوجه عام ، بأن العمليات الارهابية رغم بشاعتها لاتثير اهتمام القيادات الكردية ، بل إن بعض هذه القيادات تؤكد عدم رغبتها مشاركة البيشمركة مع الجيش في قتال داعش والارهاب ، كون هذا القتال خارج ساحة وحدود الاقليم وهو ليس معنياً به في كل الاحوال . لقد باتت الازمات المتتالية بين المركز والاقليم ، تؤكد بأن مشروع الاقاليم والفيدراليات في العراق اصبح  من المسائل الثقيلة على الشعب العراقيه وعلى وحدة التراب الوطني ، فهو لم يمارس بحضارية في العراق، وإنما اصبح على وفق الجدل القائم والاختلافات على الموارد والمال والحدود قضية قابلة للصراع والتشرذم والتقسيم ، واسباب ذلك ليس في خطأ المشروع الفيدرالي كقضية حضارية اختارتها الشعوب والدول المتقدمة ، وإنما في سرعة توقيتها في العراق الذي يحتاج إلى فترة زمنية مضافة ومشروع تقافي وتربوي وتنموي لسنوات أخر ، حتى يمكن للقيادات السياسية التي يغلب عليها المزاجية العشائرية في القرارات المهمة والمصيرية ، وليس هذا الأمر وحده ، بل هناك الكثير من القرارات المتسرعة التي تحتاج الى وقت زمني اضافي لاقرارها ، وذلك بسبب الهوة الفاصلة بين حداثة هذه القضايا والعقلية المتكورة حول زمانها الخانق الذي سببته حالات الانغلاق السياسي للبلاد وسياسات الاقصاء العامة والممارسات القســـــــرية والقهرية الذي اتبعها النظام السابق بحق المجتمع والقوى السياسية المختلفة  .

فأربيل كما يبدو ليس بودها أن تكون بغداد عاصمة العراق ، لها قيمة حاكمية على ادارة الدولة وتسيير حركة مواردها النفطية رغم إن الكرد يشتركون في صناعة قرارات بغداد ، في حين لايحق لبغداد أن تبدي وجهة نظرها بسياسة اربيل وعلاقاتها السياسية والاقتصادية الخلفية بالعديد من مؤسسات ودول العالم.

فرص التفرد

هذا الامر ليس فقط له علاقة بالاستقلالية في التصرف حسب ، وإنما له علاقة بساكيولوجية الفرد الحاكم ، الذي يشعر بأن ادارته للحكم تعطية فرص التفرد ، وهو جزء من العقلية الحاكمة التي طبعت سلوكية الفرد الحاكم في العراق لسنوات طويلة جداً ، بحيث اصبح في تكوينه إن وقف اندفاعاته السياسية عملية تتعلق بالكرامة الشخصية وبالتهميش وليست مسألة تتعلق بشروط ومستلزمات الدستور والقوانين التي حددت للاقليم والمحافظات الغير مرتبطة باقليم مالها وماعليها . فمثلاً لايحق لمركزية بغداد أن تحاسب الاقليم على موارد النفط وجبايات الحدود والكمارك ، ولكن يحق للاقليم أن ياخذ حصة مالية من كل مايرد لخزينة الدولة ، هذا الوضع يؤشر بأن تنفيذ مااطلق علية بنظام الفيدراليات والاقاليم للمحافظات العراقية الاخرى هو تقسيم البلاد وتوزيعها على اساس عرقي ومذهبي وطائفي . فالقيادات العراقية ليست مهيئة لاستيعاب مفاهيم واليات عمل الفيدراليات وفق النظام العالمي العصري ، فهي بالتحديد قيادات عشائرية وقومية متزمتة ومذهبية ومناطقية، فمثلاً لم نسمع يوما ً إن الكتلة البرلمانية الكردية كان لها وجهات نظر متباينة حول حول تصرف قيادة الاقليم ، وإنما هي مجبرة أو مختارة لاتخاذ موقف موحد لتعطيل أي قرار حتى لو كان يضر بمصلحة الشعب مثل الموازنة إذا طلبت منها قيادة الاقليم ذلك ، وهذا يعني بأن المصلحة الوطنية العامة ليست ذات قيمة أمام مصلحة الاقليم أو حتى أمام رغبة قيادة الاقليم .

ولكي لانذهب كثيراً فقد تحدث مؤخراً عبر شاشات الفضائيات أحد اعضاء البرلمان بقول إن القيادة الكردية رفضت مشاركة البيشمركة في معارك الجيش وابناء الرمادي ضد داعش بدعوى إن هذه المعركة ليست معركتهم ، في حين تشير التقارير الاستخبارية إن هدف داعش لايقتصر باقامة مايسمى بدولتها الاسلامية في الرمادي أو الموصل وإنما التمدد في مناطق العراق ، وهذا يعني بأن اقليم كردستان ليس بمعزل عن هجمات داعش ، واكدت التقارير بأن احد امراء داعش ذهب إلى السليمانية لتنفيذ هجمات ارهابية هناك ، فيما نفذ الارهاب عدة هجمات في الاقليم ، وبهذا يمكن التأكيد بأن المعركة مع الارهاب واحدة في كل مناطق العراق ، بل على مستوى المنطقة ، ولايحق للاقليم أن يعزل نفسه من ضرورات هذه المعركة .

عناصر جهاد

تقارير الاستخبارات الامريكية التي كشفها مدير المخابرات جيمس كلابر أمام مجلس الشيوخ الامريكي مؤخر تؤكد بأن 000 7 مقاتل اجنبي جاؤوا من 50 بلداً بينها دول كثيرة من اوربا والشرق الاوسط يقاتلون في سوريا حالياً ، في حين يرى رئيس هيئة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي الجنرال افيف كوخافي في أن هناك ( 30 ) الف عنصر ينتمون للجهاد العالمي يقاتلون في سوريا حالياً ، إلا إن التقارير الاستخبارية العربية والاوروبية تشير إلى اكثر من تقديرات الامريكيين والاسرائلين بحيث وصل عدد المقاتلين من دول الخليج إلى اكثر من 15 الف مسلح ماعدا الدول العربية الاخرى والشيشان وافغانستان وباكستان والدول الاسلامية التي يفوق عددهم حسب التقديرات الاستخبارية اكثر من 40 الف مسلح .

نقول هذه الاعداد من المقاتلين الارهابيين اليس من الممكن أن تتجه صوب العراق ، وهل تتمكن كردستان العراق أن تكون محمية إذا ما لم يتم تظافر الجهد الاستخباري والعسكري الوطني كافة وفصائل المجتمع على اختلاف اماكنها لمواجهة هذا الخطر . لقد كشفت الوقائع إن ثقافة التسامح الاهلي داخل المجتمع العراقي اكثر ديناميكية وايجابية من ثقافة القيادات السياسية والكتلوية ، وهذا مايؤشر بان المجتمع العراقي بكافة تنوعاته قد أدرك بان هذه القيادات وكتلها ليس بوارد همها الواقع الاجتماعي العراقي ، وإنما مايهمها كثيرا مواقعها السياسية التي تحاول تجديدها بكافة الوسائل المتاحة حتى تلك الدونية منها ، وهذا مابينته المعركة مع داعش واخواتها في الانبار والصحراء الغربية ، حيث كانت بعض تلك الكتل تقيم الدنيا ولم تقعدها على مدير عام نهاب أو محافظ كسول ، لكنها تصمت خرساء على مايجري من صراع مسلح في ارض الانبار بين داعش واتباعها من جهة والجيش والعشائر الاتبارية من الجهة المقابلة ، إن التخاذل في المعارك الوطنية المفصلية لايمكن أن يعطي الاحقية لاياً كان أن يكون في مفاصل الدولة الاساسية  .

العراق الان في حالة غربلة حقيقية ليس على مستوى العلاقة بين الشعب والكيانات السياسية فحسب ، وإنما على جوهر العملية السياسية وتركيبتها القائمة ، فالانسان العراقي بات يدرك إذالم يتم تغيير في تركيبة العملية السياسية باتجاه وطني حقيقي ، وعلى مستوى ترصين دور الدولة وهيبتها فأن العراق يسير نحو الهاوية ، واكثر خطورة على بنيان دولته هو هذا التقاسم العرقي الطائفي المناطقي للدولة ، لذلك لابد من النظر بعيداً عن المجاملات واتفاقات الخارج لعودة لدراسة الوضع الراهن وكيفية الخروج من الازمة ، دون ذلك تبقى البلاد مفتوحة ليس على داعش وحدها وإنما على كيانات صناعة الازمات . فنحن بحاجة إلى دولة مهابة وسلطة قوية .