المحرر موضوع: نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين و العلاقة بينهم (14) – أسلاف الكورد: الخوريون – الميتانيون  (زيارة 5266 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهدي كاكه يي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 216
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين و العلاقة بينهم (14) – أسلاف الكورد: الخوريون – الميتانيون

9. المعتقدات الميتانية وتأثّر الأديان الأخرى بها
 
د. مهدي كاكه يي


بعد تأسيس مملكة ميتاني في أواسط القرن الخامس عشر قبل الميلاد، نشر الميتانيون في المنطقة عبادة الآلهة الهندو – آرية، مثل الآلهة (إندرا Indra) و(ميترا Mitra) و(ڤارونا Varuna) والتوأمان (ناساتيا Nasatya) و( داسرا Dasra) اللذان تتم تسميتهما ب(أشڤين Ashvin).

في المعاهدة المشهورة التي تم عقدها بين الحاكم الحثي (سوپيلوليوما Suppiluliuma) و الملك الميتاني (ماتيوازا Mattiwaza) في حوالي عام 1380 قبل الميلاد في (بوگازكوي Boghazkoy)، تم أداء القسم بإسم الآلهة الميتانية (إندرا) و(ميترا) و (ڤارونا) و(ناساتيا) للشهادة على هذه المعاهدة (مصدر رقم 1).

1. (إندراIndra ) – هو ملك الآلهة. كان إلهاً للآريين قبل أن يكون إلهاً في الهند. إنه إله هندوأوربي وإبن عم الإله الألماني (وتان Wotan) الذي هو مُماثل لأب الآلهة الإسكندنافية (أودين Odin) وملك الآلهة اليونانية (زيوس Zeus) وملك الآلهة الرومانية (جوپيترJupiter). يرمز (إندرا) الى إكتمال الإنسان الأسمى وأن سلاحه هو البرق. يحب الشرب كثيراً.

في النصوص الدينية المبّكرة، يلعب الإله (إندرا) أدواراً متنوعة. كملِك، يقود غارات الماشية ضد (داساس أو داسيوس dasas or dasyus) الذين هم السكان الأصليون للأراضي التي فيها يقوم شعبه برعي الماشية. إنه يجلب المطر لكونه إله الصاعقة وأنه المحارب العظيم الذي ينتصر على عدو الآلهة (آسوراس Asuras). إنه يهزم أيضاً أعداء الإنسان وأعداء الإنسان الجبّار الذين عددهم لا يُعَد ولا يُحصى، أشهرهم هو (ڤريترا Vritra) الذي هو تنين و زعيم (داسا). كَتنين، يتم إتهام (ڤريترا Vritra) بأنه يحجب المياه والأمطار، وك(داسا)، يُتّهَم (ڤريترا) بِسرقة الأبقار، وكَعدو الآلهة، يُتّهَم بإخفاء الشمس (مصدر 2).

2. (ڤاروناVaruna ) – تبعاً للمعتقدات الميتانية، فأن الدنيا قد خُلِقت من قِبل الإله (ڤارونا) و هو الذي يحميها. يقوم هذا الإله بالحفاظ على النظم الأخلاقية ويبارك مَن يحافظ عليها و يمنحه الهِبات. مَن لا يتبع الأخلاق الحميدة، سيعدهُ (ڤارونا) مذنباً و سيُعاقبه وفيما بعد سيعرف الإله ميترا بالأمر. (ڤارونا) هو إله الماء والمحيط السماوي، وهو كذلك إله القانون للعالم الواقع تحت الماء (مصدر 3). (ماكارا) هي جبل (ڤارونا). كرئيس لل(آديتياس Adityas) (أديتياس هُم الآلهة السماوية السبعة وهم أبناء آديتي Āditi)، يمتلك (ڤارونا) جوانب ألوهية شمسية، ومع ذلك، بعكس (ميترا)، فهو مرافق لليل، بينما يرافق (ميترا) ضوء النهار. كأبرز إله، فهو في الغالب مهتم بالشؤون الأخلاقية والإجتماعية أكثر من تألية الطبيعة.

في الديانة الزردشتية ، "ڤارونا " هو أحد أسماء ال(101) لآهورا مازدا الذي يعني "المُنقِذ من الشر" (مصدر 3).

3. أشڤين Ashvins (ناساتيا Nasatya  و (داسرا Dasra) – الإلاهان (أشڤين) هما إلهان توأمان أحدهما إسمه (ناساتيا) والثاني إسمه (Dasra). في الكتاب المقدس (ريگڤيدا Rigveda)، كلمة (ناساتيا) تعني (رحيم أو نافع) و كلمة (داسرا) تعني (مانح التنوير الروحي). في الأساطير الهندوسية، هذان الإلاهان هما إلاهان ڤيديان وفارسان توأمان مقدّسان. في الكتاب المقدس (ريگڤيدا Rigveda) هما إبنان ل(سارانيا Saranya) {سارانيا هي إبنة ڤيشواكارما Vishwakarma التي هي آلِهة الغيوم وزوجة سوريا Surya في طوره ك(ڤيڤاسڤات Vivasvat)} (مصدر 4). هذان الإلهان يرمزان الى ضوء شروق الشمس وغروبها، يظهران في السماء قبل الفجر في عربة ذهبية، يجلبان الكنوز للرجال ويُبعِدان سوء الحظ و المرض. هما طبيبان إلاهيان و روحان مُشعّان للطب الهندي الشعبي الطبيعي القديم. يتم تمثيلهما كَبشر ذي رأس الحصان. في ملحمة (ماهابهاراتا Mahabharata)، يتم منح إبن ل(مادري Madri) التي هي زوجة الملك (پاندوPandu )، من قِبل كُلّ من الإلاهَين التوأمَين و تصبح حبلى بالتوأمَين (ناكولا Nakula) و (ساهاديڤا Sahadeva) واللذَين معروفَين مع أبناء (كونتي Kunti) ب(پانادا ڤاس).

في المعابد الميثرائية نشاهد شُعلتَي الإلهَين الإثنين الذين يُعرفان ب(الراعييَن)، حيث أن إتجاه شعلة الإله الأول هو نحو السماء الذي هو رمز لشروق الشمس، بينما إتجاه شعلة الإله الثاني هو نحو الأرض والذي هو دلالة على غروب الشمس.

4. (ميترا Mitra) – كان ميترا إلهاً هندوإيرانياً مُهمّاً، وهو إله الصداقة و السلام والتواصل والنظم والصلح و النور (مصدر 5). يتم ذكر إسمه بشكل مختلف في الأديان الهندوآرية القديمة، كما هو موضح كالآتي:

• إسم ولقب: (ميترا) هو إسم عائلة هندية ويُستعمل كذلك كلَقب وبشكل رئيسي بين البنغاليين.

• الديانة الڤيدية (ديانة هندية قديمة): تتم تسميته في الكتاب الهندوسي المقدس (ريجڤيدا) ب(ميترا) (السنسكريتية Mitrá-, Mitráḥ). يظهر كثيراً في النص السنسكريتي القديم ل(ريجڤيدا). الديانة الڤيدية تؤمن بأن الإله (ميترا) يقود حياة الإنسان إلى السلام و النظام. وظيفة الإله (ميترا) هي تحقيق وحدة الإنسانية. هو إله الخير والبرکة وصاحب أعظم قوة، تتصدى للأعمال السيئة التي تظهر بين شعوب الأرض. كما أن الإله (ميترا) يعادي بشدة الأعمال الشريرة والخيانة والكذب.

• الديانة الزردشتية: إسم (ميترا) في الديانة الزردشتية هو (ميثرا) (آڤيستا Miθra، Miθrō)، وهو (يازاتا yazata) المذكور في الكتاب الزردشتي المقدس (آڤيستا)، والذي يقابله في اللغة الفارسية الجديدة (مهر Mīhr أو Mehr) وفي اللغة الكوردية الحديثة (مير). يتم تقديس (ميترا) في الديانة الزردشتية، التي تأثرتْ بشكل كبير بالميثرائية، وخاصةً فيما يتعلق بتقديس الشمس. يقول زردشت في الكتاب المقدس (آڤيستا) ما يلي: قال آهورامازدا لزرادشت سپيتاما "هكذا خلقتُ (ميثرا) ذا المراعي الواسعة، الذي يستحق أيضاً الصلاة والمجد، مثلما أنا آهورامازدا أستحقهما" (الدكتور خليل عبدالرحمن: آڤِستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، الطبعة الثانية، روافد للثقافة والفنون، ياشت 10 ميهر ياشت "نشيد ميثرا"، صفحة 459). كما جاء في الكتاب المقدس، (آڤيستا) ما يلي: أُصلّي لميثرا القوي، الأقوى بين المخلوقات وأقدّم له قربان الهاوما وأُبجّله وأُمجّده (نفس المصدر السابق صفحة 460).

إن إسم الشهر السابع في الكتاب الزردشتي المقدس (آڤيستا)، هو (مهر) الذي هو (ميترا)، حيث يتم الإحتفال بِعيد خاص في السادس عشر من هذا الشهر والذي يُسمى (ميتراگان أو مهرگان) وهو عيد لتقديس وتعظيم الإله (ميترا). أخذ العرب إسم هذا العيد الزردشتي وقاموا بتحويره الى كلمة (مهرجان). يوافق هذا العيد اليوم الثاني من تشرين الأول (توفيق وهبي: اليزيدية بقايا الديانة الميثرائية. ترجمة شوكت إسماعيل حسن، دار سردم للطباعة والنشر، سليمانية، كوردستان، 2010، صفحة 15). كما أن کلمة (محراب) العربية مأخوذة من الكلمة الهندوآرية "مهر آب" التي هي "مكان عبادة الإله ميترا". (مهر) الذي هو إسم (ميترا)، يتم تلفظه في اللغة الكوردية الحديثة (مير) (توفيق وهبي: اليزيدية بقايا الديانة الميثرائية. ترجمة شوكت إسماعيل حسن، دار سردم للطباعة والنشر، سليمانية، كوردستان، 2010، صفحة 8). تمّ إدخال هذا الإسم الآري الى اللغة العربية وتمّ تحويره من (مهر) أو (مير) الى (أمير).

آثار تأثير المعتقدات الميثرائية على الديانة الزردشتية واضحة جداً، على سبيل المثال، عبادة الزردشتيين للشمس والقمر وتقديم القرابين.
 
• الديانة البوذية: إسم (ميترا) في الديانة البوذية هو (مايتريا Maitreya) أو (بوديساتڤا bodhisattva). (بوديساتڤا) هو أي شخص، بدافع من تعاطف عظيم، تولّدَ لديه (بوديسيتّا bodhicitta)، التي هي عبارة عن رغبة عفوية لجعل البوذية أن تكون لصالح جميع الكائنات الحية (مصدر 6)، حيث أنه في التقاليد البوذية أن (ميترا) هو الشخص الذي يظهر على الكرة الأرضية ويحقق التنوير الكامل و يُعلّم الناس (دهارما Dharma) نقية. في العقيدة البوذية، (دهارما) تعني القانون والنظام الكوني و تعني أيضاً تعاليم بوذا (مصدر 7). (ميترا) في الديانة البوذية، هو الأضواء أو الإشعاعات الضوئية التي تُنير الكون.

• الديانة اليونانية الرومانية: ميترا يُسمّى ب(ميثراس Mithras) في الديانة اليونانية الرومانية. الميثرائية هي البُنية الرئيسية للدين اليوناني الروماني.

يُقال بأن ولادة إله‌ (ميترا) كان في الخامس والعشرين من شهر کانون الأول، حيث كان يتم الإحتفال بِعيد ميلاده‌ في هذا التاريخ. في يوم 25 كانون الأول، يكون الليل هو الأكثر طولاً في السنة، حيث بعد هذا التاريخ يبدأ طول الليل بالنقصان ويزداد طول النهار. عند ميلاد الإله (ميترا) في كهف مظلم في هذا اليوم الأظلم خلال السنة، أضاء (ميترا) بِنوره الكون. لذلك كان الميتانيون يعتقدون بأنه بولادة ميترا، تخلصت الشمس من قُبضة إله‌ الظلام وأخذت بالصعود إلی السماء وأنارت الكون والحياة.

كما نرى، فأن تاريخ ميلاد المسيح يصادف نفس تاريخ ميلاد (ميترا)، حيث أنه بعد إنتشار الدين المسيحي في أوربا، وخاصة في روما، قام المسيحيون بِجعل تاريخ ولادة الإله‌ (ميترا) تاريخاً لولادة السيد المسيح (مصدر 8).

تبعاً لنصوص الإنجيل، فأن السيد المسيح وُلِد في فصل الربيع، حيث يشير الإنجيل الى أن رعاةً كانوا يرعون أغنامهم في الليل عندما سمعوا خبر ولادة المسيح {(لوقا 2:8 (Luke 2:8)}. هذا يوحي الى أن ولادة المسيح كانت في موسم الربيع، حيث تزامنَت ولادته مع فترة ولادة الخرفان التي تحصل في موسم الربيع (مصدر 9). من المرجّح أن المسيح مولود في 28 آذار (مصدر 10).

لا يقتصر عدم صحة تاريخ ميلاد السيد المسيح على يوم ولادته، بل أن سنة ولادته غير صحيحة أيضاً، حيث يذكر الپاپا (بينيدكت) السادس عشر (Pop Benedict XVI) في أحد كُتبه المنشورة في عام 2012، بأن المسيح مولود سنين عديدة قبل التأريخ الموضوع لولادته (مصدر 11).
 
أخذ الدين المسيحي شعار الصليب من أسلاف الكورد ،السومريين والميتانيين. لقد تم العثور في الموقع الأثري (تل خيبر) في أور، على صور لأول إستخدام لرمز الصليب من قِبل السومريين. يُعتقد بأن عُمر أحد المباني في هذا الموقع هو حوالي 4000 سنة، وهذا يعني  أن السومريين إستخدموا شعار الصليب قبل حوالي 2000 سنة من ظهور المسيحية. الصليب السومري المُكتشَف يشبه الصليب المُستخدَم في صلب السيد المسيح (مصدر 12).
 
الصليب الميثرائي قد يُمثّل جهازاً كان يتم إستخدامه في إشعال النار، وبالتالي هو رمز لإطلاق النار المقدسة أو أنه رمز للشمس الذي يدلّ على التناوب اليومي. كما تم تفسير الصليب على أنه يُمثّل طقوس البرق أو أنه رمز لإله العاصفة، أو هو شعار للآلهة والحضارة الآرية البدائية (مصدر 13).

الصليب الميثرائي المعكوف يُسمى في اللغة السنسكريتية (سواستيكا svastika)، التي تعني "حظ سعيد"  أو "صحة جيدة" (كوين، مالكولم: الصليب المعقوف: إنشاء الرمز. لندن، روت ليدج، 1994؛ مصدر 14). (سواستيكا) هو مصطلح يُعبّر عن القيمة الإيجابية للحياة. تم العثور على رسوم هذا الصليب منقوشةً على الكثير من المصنوعات الخزفية و المواد الآثرية الأخرى العائدة للإمبراطورية الميتانية والذي عُرف ب(العجلة الميثرائية). الصليب المعكوف قد يرمز الى حركة الشمس في السماء. كما أن الأذرع الأربعة للصليب ترمز إلى العناصر المقدسة الأربعة (الماء، النار، الهواء، التراب)، حيث أن كل ذراع من الصليب ترمز إلى أحد هذه العناصر (مصدر 15).

في الحقيقة أن جذور الديانة المسيحية هي الميثرائية (مصدر 16). كما أن بصمات تأثيرات الميثرائية واضحة جداً في الأديان الأخرى، كالديانة اليهودية والإسلامية، حيث لا يسع المجال هنا للحديث عن هذا الموضوع.

كما أود أن أذكر أيضاً بأن الأديان الكوردية الإيزيدية والعلوية واليارسانية (كاكه يي أو أهل حق) والدروزية هي من بقايا الديانة الميثرائية وهذه الأديان هي أقدم من الزردشتية، حيث تشترك هذه الأديان مع الميثرائية في الإيمان بوجود قوتَين متضادتَين هما الخير والشر وكذلك تناسخ الأرواح و تقديس النار والشمس وتقديم النذور للأحياء والأموات وتقبيل الأرض الذي هو طقس ديني يُعبّر عن إمتنان وحُب الإنسان للأرض التي يعيش عليها و وجوده مرتبط بها. في دراسة مستقلة سأتحدث عن هذا الموضوع بالتفصيل.


أسطورة خصاء آنو
(أسطورة خصاء آنو) هي نص خوري يعود إلى أواسط الألف الثاني قبل الميلاد. هنا أنقل خلاصة هذه الأسطورة (مصدر 17):

في قديم الزمان، كان (ألالوس) ملكاً في السماء. طوال مدة جلوسه على عرش السماء والتي دامت تسع سنوات، كان آنوس (آنو) يسجد عند قدميه ويُقدّم له كأس الشراب. في السنة التاسعة، قاتلَ (آنوس) (ألالوس) وتغلّب عليه في المعركة، فهرب (ألالوس) من السماء ونزل إلى تحت الأرض المظلمة وبذلك جلس آنوس على العرش في السماء. طوال مدة جلوسه على العرش، التي دامت تسع سنوات كان (كوماربي) الجبّار يُقدّم له الطعام ويسجد عند قدميه ويُقدّم له كأس الشراب. في السنة التاسعة، قاتلَ (كوماربي) (آنوس) و تغلب عليه مما إضطرّ (آنوس) أن يهرب و حلّق في السماء. طارده (كوماربي) فمسكَ قدمَيه وجرَّه ثم عضَّ قضيبه فإنسال سائله االمنوي إلى بطن (كوماربي). أصبح (كوماربي) حاملاً، يحمل في بطنه ثلاث توائم، حيث حبَلَ بإله العاصفة وبِنهر دجلة و بِوزير إله العاصفة (تاسميشو) (مصدر 17). بعد ذلك عاد (آنوس) الى السماء وإختبأ هناك. بصق (كوماربي) بعضاً من السائل المنوي على الأرض والذي كان قد إبتلعه، فوَلدَ منه كلّ من (تاسميشو) ونهر دجلة. ذهبَ (كوماربي) إلى مدينة (نيبور) السومرية لإستشارة إله الحكمة (إيا). بقي (كوماربي) في (نيبور) ينتظر مولود التوأم الثالث الذي هو إله العاصفة. بعد إكتمال مدة الحمل، جاءه المخاض، إلا أن (كوماربي) كان رجلاً ولم يكن بإستطاعته أن يولِد ولادة طبيعية كما تحدث عند النساء. إشتدت عليه آلام المخاض والطفل الذي في بطنه كان لا يجد طريقاً للخروج من بطن "أمه" بسلام. في هذا الوقت جاء (آنو) من السماء للمساعدة في إخراج إله العاصفة من بطن (كوماربي)، حيث كان يعوّل عليه في الإنتقام من (كوماربي). لاقى (آنو) صعوبة في إختيار منفذ آمن لخروج إله العاصفة من بطن (كوماربي) لأن الخروج من أي منفذ سوف يُسبب العطل في عمل عضو الجسم المقابل عند إله العاصفة بعد ولادته. على سبيل المثال، لو يخرج الطفل من عَين (كوماربي)، سيصيب إله العاصفة بالعمى والخروج من الأذن سيسبب له الصمم والخروج من الرأس ينتج عنه خلل في عقل إله العاصفة. تزداد آلام (كوماربي) ضراوةً فيستنجد (كوماربي) بالإله (إيا). عندئذٍ يطلب (إيا) قدوم مجموعة من السحرة للقيام بطقوس خاصة تساعد إله العاصفة على الخروج من بطن (كوماربي). يأتي السحرة فيقومون بتقديم القرابين وقراءة التعاويذ ويعملون على منع خروج إله العاصفة من مؤخرة كوماربي. بعد ذلك يتجه الجنين نحو "الموضع الحسن" ويولَد إله العاصفة من خلال الخروج من ذلك الموضع. في النص مذكور بأن (آنو) قد ساعد إله العاصفة على خلع أبيه والجلوس على عرش السماء. الموضع الذي خرج منه إله العاصفة هو القضيب الذكري إستناداً على أن القضيب هو العضو المقابل لعضو الولادة عند المرأة و أن القضيب له دور في عملية الإخصاب (مصدر 18) حيث أن إله العاصفة كان أيضاً إلهاً للخصب.

المصادر
1. (Konow, S. (1921). Aryan gods of the Mitani people.

2. Rig-Veda 1.154 (English).

3. http://www.pantheon.org/articles/v/varuna.html

4. Tilak, Lokmanya Bâl Gangâdhar (2011). THE ARCTIC HOME IN THE VEDAS. Fourth edition, Arktos Media Ltd, United kingdom.

5. Schmidt, Hans-Peter (2006), "Mithra in: Mithra in Old Indian and Mithra in Old Iranian", Encyclopaedia Iranica, New York: iranica.com (accessed April 2011).

6. The Bodhisattva Vow: A Practical Guide to Helping Others, page 1, Tharpa Publications (2nd. ed., 1995) ISBN 978-0-948006-50-0.

7. The Oxford Dictionary of World Religions.

8. http://www.iranchamber.com/religions/articles/mithraism_influence_on_christianity.php

9. http://www.biblicalarchaeology.org/daily/biblical-topics/new-testament/how-december-25-became-christmas/

10. Sheler, Joseph L. placed Jesus's birth on March 28. U.S. News & World Report. In: Search of Christmas, Dec. 23, 1996, p. 58).

11. Pop Benedict XVI (2012). Jesus of Nazareth: The infancy Narratives.

12. "Ur Region Archaeology Project".
 
13. Marucchi, Orazio. "Archæology of the Cross and Crucifix." The Catholic Encyclopedia. Vol. 4. New York: Robert Appleton Company, 1908 Retrieved 13 February 2010. Cf. "Various objects, dating from periods long anterior to the Christian era, have been found, marked with crosses of different designs, in almost every part of the old world. India, Syria, Persia and Egypt have all yielded numberless examples… The use of the cross as a religious symbol in pre-Christian times and among non-Christian peoples may probably be regarded as almost universal, and in very many cases it was connected with some form of nature worship" (Encyclopaedia Britannica (1946), Vol. 6, p. 753.

14. http://www.sanskrit.org/www/Hindu%20Primer/swastika.html

15. Chevalier, Jean (1997). The Penguin Dictionary of Symbols. Penguin ISBN 0-14-051254-3.

16. http://www.truthbeknown.com/mithra.htm

17. Pritchard, James B. (2010). The Ancient Near East: An Anthology of Texts and Pictures.

18. Kirk, G. S. (1970). Myth, Its Meaning and Function, Cambridge, p. 216.
 
mahdi_kakei@hotmail.com


غير متصل طلعت ميشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 237
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
السيد مهدي كاكة يي المحترم
بداية شكراً على المقال والذي فيه معلومات جميلة عن الأساطير الميتانية وغيرها، والتي أعتقد أن الكثير منها مُقتبس من أساطير ما بين النهرين التي هي أقدم وأكثر إنتشاراً في المنطقة وفي العالم وعند أغلب علماء الآثار والتنقيبات والتأريخ.
 
المهم ... عندي مداخلتين، الأولى في قولكم (( أخذ الدين المسيحي شعار الصليب من أسلاف الكرد السومريين والميتانيين ... الخ ))، وما يهمني هنا هو ليس إقتباس المسيحيين لعلامة الصليب من بلاد الرافدين، لأن هذه المعلومة قديمة ويعرفها كل مثقف مهتم بالتأريخ، ولكن ... الذي أوقفني وأضحكني حقاً هو إدعائك بأن السومريين هم أسلاف الكُرد !!!!، وهذا جهل عظيم وإلتباس وخلط مزاجي وعدم فهم للتأريخ أخي مهدي، وقد سبق لي أن قرأتُ تخاريف كهذه لعدة كُتاب وكلهم من الكرد ونادراً كان لأحدهم مصداقية وحجج وإثباتات في مثل هذا الأمر الذي لا يتورط في إدعائه عاقل مع كل إحترامي لشخصكم الكريم. وبنفس الوقت قرأنا مقالات تُفند هذه الفكرة الحالمة للكتاب الكُرد، والتي لم يجسر أو يتورط أحد من الكرد في الرد عليها أو محاججتها ومناقشتها، والحق لا أريد أن أكتب مقالاً حول إدعائات الكرد هذه .. لأنه سبق وأن كتب فيها عدة كُتاب معروفين ولهم مصداقية يحترمها أغلب العراقيين. لِذا أطلب منك عدم التسرع مستقبلاً في إطلاق الكلام على عواهنه وخاصةً حين يتعلق بأمور تأريخية عظيمة كهذه، ولعلمك فإن زمن تواجد السومريين في العراق لم تكن الأرض العراقية قد سمعت بعد بأن هناك كائنات تسمى ( كُرد )، لأن تأريخ الكرد في العراق ليس بِقِدَم السومريين، بل جاء بعدهم بكثير، والكرد سيدي أقوام حديثة -نسبياً- في تأريخ العراق، وأصلاً الكرد ليسوا بعراقيين أصلاء، بل وفدوا مع كل من هب ودب من الفرس والأتراك والعربان والغربان وغيرهم.

ثانياً ... عنوان مقالك هو (( نبذة تأريخية عن الكورد والأشوريين والعلاقة بينهم )) !!!، لكننا لم نجد أي شيئ من هذا القبيل في متن المقال!!، فهل نسيت أن تذكر ذلك في خضم تناولك لأساطير الميتانيين وغيرهم أم ماذا !!؟. وعلى سبيل المثال لم أجد حتى كلمة واحدة لذكر الآشوريين في كل المقال !!!، رجاءً حاول التوضيح لأن التسمية لم تتطرق للمُسمى أخي العزيز.
تحيات طلعت ميشو .

غير متصل مهدي كاكه يي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 216
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شكراً للأستاذ طلعت ميشو على تعقيبه وإستفساراته. الأساطير الميتانية هي أساطير آرية وقد يكون قسم منها مأخوذة من الخوريين (الحوريين)، حيث إنصهر الميتانيين فيهم. 

يبدو أنكم لا تتبعون حلقات هذه السلسلة من المقالات التي أنشرها في منتدى عنكاوه، حيث أن الحلقة الرابعة منها تتناول السومريين. يمكنكم الإطلاع على الحلقة المذكورة على الرابط التالي:
 
http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=printpage;topic=706615.0

بالنسبة الى عمق الجذور الكوردية في بلاد ما بين النهرين، يذكر أحد أشهر مؤرخي العالم وهو ”ول ديورانت WILL DURANT في كتابه "قصة الحضارة" ما يلي: 
Here, in the heyday of Ashurbanipal, 300,000 people lived, and all the western Orient came to pay tribute to the Universal King.
The population was a mixture of Semites from the civilized south (Babylonia and Akkadia) with non-Semitic tribes from the west (probably of Hittite or Mitannian affinity) and Kurdish mountaineers.

الترجمة

وكان ثلاثمائة ألف من الأهلين يسكنون في نينوى أيام مجدها في عهد أشور بانيبال كما كان ملوكها- ملوك الأرض العامة- يتلقون الجزية من جميع بلاد الشرق القريبة.
وكان الأهلون خليطا من الساميين الذين وفدوا إليها من بلاد الجنوب المتحضرة (أمثال بابل وأكد)؛ ومن قبائل غير سامية جاءت من الغرب (ولعلهم من الحيثيين أو من قبائل تمت بصلة إلى قبائل ميتاني)؛ ومن الكرد سكان الجبال

(ول ديورانت: قصة الحضارة. مجلد 1، الجزء 2، صفحة 469 – 470)

هذا المؤرخ الشهير يذكر بأن الكورد كانوا يعيشون في نينوى في عهد أشور بانيبال. هذا يؤكد على الجذور السحيقة للكورد في بلاد ما بين النهرين. كما لا تنسوا بأن الميتانيين الذي يذكرهم ديورانت هم سلالة من أسلاف الكورد وأن الحثيين هم آريون أيضاً.

بالنسبة لعنوان المقالة، لو تدققون في عنوان المقالة، ستجدون أنها الحلقة 14 من سلسلة من المقالات، حيث ستكون المقالات الأخيرة من هذه السلسلة عن الآشوريين.
تقبلوا خالص تقديري 


غير متصل henri bedros kifa

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 653
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
        هل كان الكورد متواجدين في تاريخ الشرق القديم ؟
الأستاذ مهدي كاكه يي المحترم
  شكرا لك على هذه المقالات التاريخية و لكن نقد الأخ طلعت هو صحيح
أ - لقد إنقرض الشعب السومري و ذاب ضمن الأكاديين و العموريين في
بداية الألف الثاني قبل الميلاد .
ب - لا يوجد أية علاقة بين السومريين و الحوريين و خاصة الميتنيين !
الشعب الكوردي قد جاء الى الشرق بعد أكثر من 2000 سنة على
إنقراض الشعب الحوري و الميتني و حوالي 3000 سنة على إنقراض
السومريين و لغتهم و حضارتهم ( ثلاث ألاف سنة !)
ج - لقد حاول الكورد في الماضي بالإدعاء بأنهم من شعوب العراق
القديمة لأسباب سياسية ليست خافية على أحد : و لكن أن تدعي أن الكورد هم أحفاد السومريين فهذه نظرية خاطئة مزيفة لم يذكرها أي
باحث متخصص في تاريخ الشرق القديم .
د - عذر أقبح من ذنب : أنت تستشهد بفقرة ويل ديورانت من قصة
الحضارة حيث يذكر:
"وكان الأهلون خليطا من الساميين الذين وفدوا إليها من بلاد الجنوب المتحضرة (أمثال بابل وأكد)؛ ومن قبائل غير سامية جاءت من الغرب (ولعلهم من الحيثيين أو من قبائل تمت بصلة إلى قبائل ميتاني)؛ ومن الكرد سكان الجبال ".
* عفوا  ويل ديورانت ليس باحثا متخصصا في تاريخ الشرق القديم .
* لقد ورد في قصة الحضارة المتعلق بتاريخ شرقنا القديم  عددا كبيرا من الأخطاء التاريخة و الجغرافية و معلوماته هي من الكتب التي صدرت
في القرن التاسع عشر .
*" قصة الحضارة " لا يعتبر مرجعا علميا في كل جامعات العالم لأنه
عمل صحفي أكثر من يكون بحث علمي !
ه- مع إحترامي للمقالات التي نشرتها حول هذا الموضوع : الشعب  الكوردي لم يكن متواجدا في الشرق في تاريخ الإمبراطورية الأشورية
و كما تعلم لقد ترك الأشوريون عددا كبيرا من الكتابات صرنا نعرف
من خلالها تاريخ الشعوب التي كانت متواجدة في الشرق ! الكورد غير
مذكورين في هذه الكتابات !
و - من المؤسف أن هذه " الرغبة " في الإدعاء بوجود الكورد في تاريخ
العراق القديم : تارة سومريين و طورا ميديين ! البارحة أحد المغامرين
إدعى أن الكورد هم الشعب الكاشي cassite لأن هذا الشعب كان قد
سمى بلاد أكاد القديمة ببلاد كردونياش و ها أنت اليوم تدعي أن الكورد
أصلهم حوري ميتني !
ز - هذا العدد الكبير من مقالاتك حول هذا الموضوع حيث تدعي بوجود
الكورد في التاريخ القديم قد يرضي بعض السياسيين الكورد و لكن ليس
المثقفين الكورد لأن لا أحد يستطيع أن يبني مستقبلا على طروحات
تاريخية خاطئة !
  أخيرا سؤالي لك : هل يوجد مؤرخ متخصص في تاريخ الشرق القديم
قد ذكر أن الكورد هم أحفاد السومريين أو الكاشيين أو الحوريين أو الميتنيين ؟ و من هو هذا المؤرخ ؟
هنري بدروس كيفا

غير متصل طلعت ميشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 237
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ مهدي كاكة يي المحترم
الحق كنتُ في صدد كتابة تعليق طويل، لكن تعليق السيد هنري بدروس كيفا شرح أكثر مما كان في جعبتي من معلومات، كل الشكر له. بنفس الوقت راجعتُ مصادري فوجدتُ مقالاً حول الموضوع للكاتب علي ثويني وهو من الأسماء اللامعة المُقترنة بمصداقية الكتابات الجادة المُوثقة، والمقال على الرابط أدناه وقد تُضيف معلوماته الجديد الذي لم تتوصل له مصادرك حول الموضوع. كذلك أطلب من الأخ السيد هنري بدروس الإطلاع عليه.

قال د. علي ثويني عن إدعاءات الأكراد من أن أصلهم سومري !!.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=296701

تحياتي لكم . طلعت ميشو.

غير متصل bahra64

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 62
    • مشاهدة الملف الشخصي
                                                     ܞ

حقا ان السيد هنري قد  وفى بمصداقية في سرد وطرح المختصر والمفيد لتار يخ وحضارة بلاد الرافدين.
ان الحلقات المتسلسلة التي تطرحها يا سيد مهدي  حول تاريخ الكورد عن احتمال ولو بنسبة واحد بالمة لجعلهم احفاد السومرين  باطل

غير متصل henri bedros kifa

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 653
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ المحترم bahra64
 إنني لا أريد أن أتسرع و سأنتظر تعليق الأخ مهدي كاكة يي المحترم ;
لا يوجد اي إحتمال أن يكون الشعب الكوردي متحدرا من السومريين .
إن مجرد أن نقول هنالك إحتمال بنسبة واحد بالمائة سيوهم القارئ
أنه يوجد علاقة بين السومريين و الكورد ! و طبعا أنت لا تقصد ذلك
لذلك أحببت التعليق للتوضيح ...

غير متصل مهدي كاكه يي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 216
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في البداية أود أن أذكر بأننا نتحدث عن التاريخ، حيث بعد ظهور العولمة والتطور العظيم في وسائل نقل المعلومات وسرعة إنتقالها وسقوط النظام البعثي في العراق و هزيمة الفكر العروبي والطوراني والفارسي العنصري، أصبحت الظروف مهيئة للمؤرخين والباحثين لتصحيح تاريخ الشعوب بعد أن تم تشويشه وتحريفه من قِبل العنصريين.

كما أود أن أقول بأن كتاباتي هي دراسات علمية بحتة لا علاقة لها بالسياسة، وإلا لا يمكن تسميتها بأبحاث. نحن نبحث عن الحقائق التاريخية المجردة. بالنسبة للشعب الكوردي، فأن هذه الحقائق التاريخية لا تُغيّر شيئاً من الواقع الذي يعيشه. الآن تُقدر نفوس الكورد بحوالي 50 مليون نسمة وأن العنصريين العرب والأتراك والفرس في أوج قوتهم لم يستطيعوا صهر الشعب الكوردي، رغم إستخدامهم للأسلحة الكيميائية و الإبادة الجماعية وعمليات تعريب وتتريك وتفريس الشعب الكوردي وكوردستان. الآن في عصر العولمة وهزيمة الأفكار العنصرية، خرج الشعب الكوردي من قمقمه وأنه سائر بخطوات ثابتة نحو تأسيس كيان سياسي له. لو نعود للتاريخ، نكتشف بأن سكان العراق وسوريا ولبنان والأردن ومصر والسودان ودول شمال أفريقيا كانوا من غير العرب و أنهم مستعربون وحتى أن عرب اليمن والحجاز قسم منهم من العرب المستعربة، بينما الأن أصبحوا عرباً ويشعرون ويفنخرون بعروبتهم. لذلك دراسة التاريخ شئ وواقع الشعوب شئ آخر.

الأستاذ هنري بدروس كيفا
شكراً لتعقيبكم ولإستفساراتكم.

هنا أكتب إليكم تأريخ إسم (الكورد) في مختلف الفترات التاريخية بالتفصيل لتطلعون أنتم والقارئات العزيزات والقراء الأعزاء.

ظهرت التسمية (كورد) منذ الألف الثالث قبل الميلاد، حيث سمّاهم السومريون بالإسم المركّب (Kur- tu أو Kur-du)، ويعني بالسومرية (جبلي، جبليون)، حيث وُجد إسم الكورد في وثيقة سومرية تاريخية قديمة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد. وهي عبارة عن لوحين من الحجر نقش عليهما نص سومري، سبق ل(إرنانا)، الوزير الأكبر للملك السومري سوشين (2037 – 2029 ق. م.) أن أمر بوضعهما تحت مفصلة (قاعدة) الباب العائد لمعبد جديد تم بناؤه في جرسو (حاليا تيللو) في جنوب العراق. وبعد أن يذكر (إرنانا) سلسلة من ألقابه ومناصبه، يذكر بأنه محافظ عسكري لأربيلوم (حاليا أربيل)، ومحافظ كل من (خماسي) و(كره خار) (حاليا قره خان/ جلولاء)، وكذلك القائد العسكري لأهالي (سو) و(بلاد كوردا) (حاليا كوردستان الكبرى). إن هذه المناطق كلها تقع ضمن كوردستان الحالية كما نرى. وفي فترة كتابة النص، كان يسكن أسلاف الكورد الخوريون في معظم أنحاء كوردستان. كانت تعتبر منطقة (قره خار) المذكورة، والواقعة في أعالي نهر ديالى، من أحد أهم المراكز السياسية للخوريين. اللوحان السومريان موجودان الآن في متحف اللوفر في باريس، حيث تم العثور عليهما من قِبل بعثة فرنسية في (تيللو) في جنوب العراق. قام كل من البروفيسور (مانفريد ميللر) و البروفيسور (أولسنر) المختصان بالسومريات، بترجمة النص السومري إلى اللغة الألمانية.

كما ذكر إسم الكورد، الملك الآشوري (تُوكُولْتي نِينُورْتا الأول Tukulti Ninurta1) (1244 – 1208 ق.م) بإسم شعب (QÛrtî، و KÛr-ti-i أو -i QÛr-di). غزا الملك الآشوري (تِغْلات پلاسَر الأول Tiglathpileser 1) (1114 – 1076 ق.م) بلادَ أسلاف الكورد، الگُوتيين، وتم تسجيل إسمهم بصيغة (QÛrti). سُمّيت الأراضي الواقعة على نهر الخابور، في الألواح الحثية والبابلية القديمة، بإسم (Mat Kurda ki) (بلاد الكورد)، وكلمة (mat) تعني بالسومرية (أرض)، واللاحقة (ki) هي للنسبة. (أرشاك سافراستيان: الكُرد وكُردستان، صفحة 30؛ الدكتور جمال رشيد أحمد: ظهور الكورد في التاريخ، دار آراس للطباعة والنشر، أربيل، كوردستان، الطبعة الأولى، 2003، صفحة 179 – 180، الطبعة الثانية، صفحة 15، صفحة 17 – 18).

تنوّعت صيغ إسم (كورد) عبر التاريخ، فعُرفوا عند السومريين باسم (كُوتي- جُوتي- جُودي- كُورتو- كُوردو)، وفي الكتابات الإيلامية بإسم (كُورْتاش Kurtash)، وعند الآشوريين والآراميين بإسم (كُوتي- كُورْتي- كارْتي- كارْدو- كارْداكا- كارْدان- كارْداك)، وسمّاهم اليونان والرومان (كارْدُوسُوي- كارْدُوخي- كارْدُوك- كَرْدُوكي- كارْدُوكاي). وإسمهم بالفارسية (كُرد- كُردها). وبالتركية (كُورْت- كُورْتلَر KÜrt. KÜrtler). وسمّاهم الأرمن (كُوردُوئين- كُورجِيخ- كُورتِيخ- كُورْخي). وعُرفوا عند السُّريان باسم (قُورْدَنايه) ومفردها (قُورْدايه)، ومنها جاءت التسمية السريانية للمنطقة التي يقع فيها جبل جُودي بإسم (بَقَرْدَى/باقَرْدَى) (باسيلي نيكيتين: الكُرد، صفحة 45، هامش 3؛ دياكونوف: ميديا، صفحة 83، صفحة 305 – 311؛ جمال رشيد أحمد: ظهور الكورد في التاريخ، الطبعة الأولى، صفحة 227 - 229، الطبعة الثانية، صفحة 58؛ المَقْدِسي: البَدْء والتاريخ، الطبعة الرابعة، صفحة 98).

توحّدت الصيغ المتعددة لإسم أسلاف الكُرد في صيغة (كورد Kurd) ، وجمعُها (كُردان Kurdan)، حيث أن هذه الصيغة شاعت في النصف الأخير من العهد الأَشْگاني/البارثي (250 ق.م - 226 م)، وهذا واضح في رسالة (أَرْدَوان) آخر ملوك الأَشْگان إلى أَرْدَشَير بن بابَك بن ساسان أوّل ملوك بني ساسان، قائلاً له: "أيها الكُردي المُرَبَّى في خيام الأكراد، مَن أَذِن لك في التاج الذي لَبِسْتَه، والبلادِ التي احتوَيتَ عليها، وغَلَبْتَ ملوكَها وأهلَها؟ (الطَّبَري: تاريخ الطبري، الطبعة الثانية، صفحة 39).

إنتقلت الصيغة (كورد، كورْدان) إلى العهد الساساني (226 – 651 م)، ولما حلّ العرب المسلمون محلّ الساسانيين في احتلال كوردستان؛ انتقلت صيغة (كورد) إلى العهد الإسلامي، وكذلك صيغة (كُوردان) بعد أن عُرّبت إلى صيغة الجمع (أَكْراد) على وزن (أَعْراب).

الإجابة على أسئلتكم
أ. نحن هنا نتحدث عن أصل السومريين ولا نتحدث عن مصيرهم.

ب. الخوريون هم أحفاد السوباريون. السوباريون والسومريون ينحدرون من أصل واحد وعاشوا معاً. الميتانيون هم الآريون الذين هاجروا الى كوردستان وذابوا في الخوريين وإستخدموا اللغة الخورية (يمكن الإطلاع على حلقات هذه السلسلة). من خلال شرحي لتاريخ ظهور إسم الكورد في المنطقة، يتأكد أنه تم ذكر إسم الكورد منذ عصر السومريين والإيلاميين، أي قبل حوالي 5000 سنة.

ج. في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة من المقالات، يتبين بصورة مؤكدة أن الكورد هم أحفاد السومريين، إستناداً الى المصادر الموثوقة المذكورة فيها. كما أنني إنتهيت من كتابة مسودة لدراسة أكثر تفصيلاً عن العلاقة بين السومريين والكورد والتي سأنشرها قريباً.

د. في الحقيقة أن ديورانت هو من أشهر مؤرخي العالم.

ه. هناك وثائق آشورية تذكر إسم الكورد، كما أشرتُ إليها أعلاه خلال سردي لتاريخ ظهور إسم الكورد.

و. أنقل هنا مقتطف من الحلقة الثانية من هذه السلسلة من المقالات والذي يتناول الشعب الكاشي  cassite:

شعب كاساي (الكيشيون ،الكاسيون)
إن شعب كاساي (كاششو) المذكور في زمن الأكاديين أو (كوش) الذي تم ذكره في الكتاب المقدس وفي الروايات البابلية، هو من شعوب زاگروس. إستوطنوا بادئ الامر منطقة كرماشان (كرمانشا ، قرمسين ) وكانوا يعملون كفلاحين ومزارعين ويقومون بتربية الخيول وكانوا متقدمين في العمران والفنون والصناعة وفن الكتابة والخط (طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة . الجزء الأول، بغداد، 1973، صفحة 454 - 456).

في سنة 1746 قبل الميلاد، قام الكاسيون، بمشاركة الگوتيين واللوليين، بقيادة الزعيم (غانديش) بالإستيلاء على بلاد سومر وأكد، حيث أسسوا حكومة قوية بإسم "كادونياش" ودام حكمهم هناك لحوالي ستة قرون (1746 – 1171 قبل الميلاد) (Speisere). عند الإستيلاء على بابل، لم يتدخل  الكاسيون في أمور الحكومة الجنوبية لبابل (سومر) لفترة من الزمن، حيث حافظت الحكومة السومرية على كيانها السياسي لمدة ثلاثة قرون (2068 -  1710 قبل الميلاد)  (محمد امين زكي: خلاصة تاريخ الكرد وكردستان من أقدم العصور التارخية حتى الآن. ترجمة محمد علي عوني، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1961، صفحة 93، 94؛ Speisere). إمتد الحكم الكاسي الى البحرين وجزيرة فيلكا الكويتية، حيث تم العثور هناك على مستوطنات و أختام و فخاريات و قبور تعود للعصر الكاسي. بعد إسقاط الحكومة الكاسية من قِبل الإيلاميين، عاد الكاسيون الى جبال زاگروس (لورستان).

إستمر الكاسيون في الوجود حتى القرن الأول الميلادي بهذا الإسم في لورستان الواقعة في شرق كوردستان الحالي، ثم إختفى إسمهم و حلّ محله إسم "اللورّ".  ليس من المستبعد أنه كان يُطلَق في بادئ الأمر إسم "لورّ" على فرعٍ من الشعب الكاسي و ثم صار إسماً للشعب الكاسي بجميع فروعه (Speisere).

كان الكاسيون وثنيين و كبير آلهتهم يُدعى "سرياش" أي آلهة الشمس و أن لغة الكاسيين كانت من فصيلة اللغات الآرية (Speisere). كما أن العلامة محمد أمين زكي يذكر بأن المستشرق هوزينگ يشير الى أن اللهجة الكاسية مشابهة تماماً للغة شمالي إيلام و أن هناك بعض الأسماء و الأعلام الكاسية تُشبه الأسماء الهورية.

Speisere, Ephraim A. (1930). Mesopotamian Origins. The basic population of the Near East. Philadelphia.

ز. مقالاتي هي دراسات علمية معززة بمصادر موثوقة ولا علاقة لها لا بسياسيين كورد ولا بمثقفيهم، بل هي دراسة تأريخية مستندة على مصادر معتمدة.

يبدو أنكم لم تطلعون على كافة مقالات هذه السلسلة، حيث أنه مذكور فيها أسماء مئات المؤرخين فيما يتعلق بِكون الكورد أحفاد السومريين و الكاشيين و الحوريين و الميتانيين. هؤلاء سلالات وقبائل لأسلاف الكورد. يمكنك قراءة بقية أجزاء هذه السلسلة من المقالات للإطلاع على أسماء المؤرخين.

الأستاذ طلعت ميشو
شكراً لإهتمامكم بالموضوع ومتابعتكم له. سبق لي أن إطلعتُ على مقال الدكتور علي ثويني. في الحقيقة أن المقال هو مقال غير علمي، يفتقد الى المصادر والكاتب يحاول فيه إثبات وجهات نظره الشخصية وتحقيق رغبته وتمنياته الشخصية، لذلك ليست له أي أهمية علمية كمصدر تاريخي ولا يمكن لأي باحث علمي الإستناد على مثل هذه المقالات في دراساته. من خلال إجابتي عل تساؤلات الأستاذ هنري بدروس كيفا، أأمل أن تكون تلك الإجابات شافية لكم أيضاً.

آمل أن تطلع القارئات العزيزات والقراء الأعزاء على هذا الرد للتعرف على التاريخ الكوردي في المنطقة.
شكراً لكم جميعاً