المحرر موضوع: من موروثنا الشعبي قامة ادبية سامقة  (زيارة 2094 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بدران امـرايا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1003
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من موروثنا الشعبي
قامة ادبية سامقة
بدران امرايا

مَنْ يعمل لامتهِ ,وان نزل لعمق القبر, فان اسمهُ سيظل يذكر بحب ووقار.
احب العلم والثقافة ,عشق الكتب السريانية والتبحر في عمقها , تعلم لغة امهِ قراءة وكتابة منذ نعومة اظفاره, اقتنى الكتب بلا حدود , تفتحت قريحتهِ الشعرية منذ الصغر, كتب القصائد حفظ الاشعار ,اما عن خصالهِ الشخصية فحدث بدون توقف, انهُ كان انسان كبير القلب رؤوف هاديء الطبع ,كثير المعشر  فكاهي الطلة خفيف الظل, مثابر محب لمد جسور التعاون والمساعدة بلا مقابل لذلك اصبح لمرتين ضحية بساطتهِ وحبهِ الكبير  , فكان بيتهُ منبرا يتقاطر عليهِ رواد القلم و الكلمة والادب , انه ُكان قامة ادبية وثقافية سامقة في ساحة امتنا الاشورية , ترك لنا ارثا ادبيا وثقافيا زاخرا عصارة فكره المبدع واسلوبهِ الراقي النير المقرون بالقيم والمعاني السامية .
انهُ المرحوم اسخريا بولس خوشابا من مواليد 10 تشرين الاول 1918 قرية جمال آوا منطقة اورميا بايران,امهِ كانت المرحومة هورّي يوسف, ولدَ وتربى وتلقى علومهِ في قريتهِ المذكورة وعندما بلغ السن المدرسي سجل في مدرسة الارسالية الامريكية في القرية لحد ان انهى المرحلة الثالثة ,وفي تلك الايام حدثت تغييرات دراماتيكية في الساحة السياسية الايرانية ادت الى انسحاب الارساليات الامريكية من ايران, وبالتالي وقعت تلك المدارس تقع تحت ادارة السلطات الايرانية , فاعاد المرحلة الثالثة مرة اخرى , واستمر في الدراسة لحد سنة 1934 .
بعدها انتقلت العائلة من اورمي واستقرت في العاصمة طهران , وهناك واظب على الدراسة بلهفة وشوق في المدرسة الحكومية المسماة  (دَبتَدستان انو شيروان ) لحد ان انهى الصف الثاني عشر, وكان من الاوئل بين اصحابهِ في المدرسة .
وكان حبهِ الكبير لامتهِ وروح الغيرة المتأججة  في داخلهِ جعلتهُ ان يندفع برغبة وقوة شديدة نحو تعلم لغتنا الاشورية الحبيبة ,وذلك بجهود ذاتية حتى تعمق في قواعد النحو والادب حتى اصبح ضليعا بادوات اللغة ,وبذلك افتتحت قريحتهِ الشعرية والادبية, وبدء بكتابة القصائد الشعرية وسيل مداد قلمهِ ظل يتدفق بكل ما هو مليء بالحكمة والابيات الشعرية الموزونة والرائعة  .
حيث اجاد خمسة لغات بمهارة: الاشورية لغة الام, الفارسية الانكَليزية, التركية والكردية .
ولاسباب اقتصادية عائلية اضطر لترك مقاعد الدراسة , بعد ان تزوج شقيقهُ الكبير ورزق بولدين فوقع تحت ضغوط عائلية , ليتوجه هو الى حقل العمل بهمة ونشاط. وبداية حياتهِ العملية في ورشة النجارة لفترة قصيرة .ومن ثم سائق سيارة لفترة اخرى. لينتقل بعدها للعمل في شركة تصفية النفط في العاصمة طهران .
وفي عام 1938 تزوج الانسة ليديا يوسف بيث آدم بعد قصة حب مرهفة بينهما , وكانت ثمرة ذلك الاتقران اربعة اولاد (جوليت 1945الان في فرنسا ,جانيت 1947  الان في فرنسا ,اسحق 1949 الان ملبورن - استراليا , يوسف 1950 امريكا ).
ثم طلب لاداء الخدمة العسكرية ,فنسب ليكون سائق في بيت احد الضباط الكبار. وفي عام 1939 نقل الى محافظة (مازاندَران ) التي كانت عائدة ملكيتها للملك رضا شاه, ليكون سائق عند المحافظ هناك , وخلال هذه الفترة ارتاح نسبيا مقارقة بعملهِ عند الضابظ الانف الذكر, واستمر عند المحافظ لحد انتهاء فترة خدمتهِ في 1940 .
وفي عام 1942 دخلت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وروسيا الاراضي الايرانية , وبذلك حدثت ضوضاء هناك وعلى لسانهِ قال : توجهنا الى قصر الملك لاستقصاء الاخبار فالملك قام بتوجيهِ الناس الى اعمالهم ووظائفهم.
وكان هذا الشخص يمتلك عقلا وفطنة وذكاءا حادا في القضايا التجارية ,ففي وقت محدد عمل مبلغا من المال في مدينة همدان وبدء بشراء المركبات الثقيلة لفتح وتبليط الطرق وزاد من رقعة عملهِ, بينما شقيقهُ الكبير كان يعمل في المسيب بالعراق,فجاء لاجازة عند امهِ وشقيقهِ في همدان , وهناك ادرجهُ شقيقهُ ليعملان معا وبرأس مال مشترك وبالنتيجة الربح المشترك بينهما,ولسوء الحظ ففي العام  1945 فان الاوضاع السياسية في المشهد الايراني انهارت نحو الاسوء من خلال انتفاضة الاكراد والشيوعيين, وبهذا فروا من همدان الى اورمي خلال ليلة حالكة الظلمة كما جاءت في مذكراتهِ الشخصية, ومن بعدها قصد مدينة  (خورم شهر) عند شقيقهُ ,وهناك بدءا يعملان سوية ولمدة عشرين سنة متتالية وفي لحظة من الزمن انقلب عليهِ شقيقهُ  الشريك واستحوذ على كل شيء ,ولم يكن بينهم اي تعاقد او اوراق رسمية , وبذلك لقى صفعة قوية  هزت كيانهُ المؤمن المؤتمن على اقرب شخص اليهِ, دون ان يستطيع ان يعمل اي شيء.لكن الذي قالهُ : لديّ واحد هو من سيأخذ حقي منكَ . وبذلك عاد المسكين الى نقطة الصفر من حيث رأس المال وبات في وضع لا يحسد عليهِ.
وبعد فترة قصد دولة الكويت لغرض العمل لفترة ,وكذلك في ايران وعمل بجد ومثابرة فجمع مبلغا كبيرا من المال, وفي عام 1979 وبالحاح من ابن شقيقهِ وزوجتهِ ليعملان بشراكة لكنهُ رفض مستذكرا الصفعة المؤلمة التي تلقاها من شقيقهِ,لكن اصرار والحاح زوجة ابن شقيقهِ وقسمها برأس اطفالها بعدم خيانتهِ  ونزولا عند رغبتهما دخل معهما الشراكة واشتروا المركبات الثقيلة ( بلدوزرات ,كَريدرات ) واستمر العمل المشترك من عام 1981 الى 1983.
وخلال هذه الفترة قصدت زوجتهِ ليديا فرنسا لغرض العلاج هناك, ومن هناك قصدت امريكا عند ابنها لتستمر في اجراء الفحوصات الطبية الدورية هناك ,وتلقي العلاج ,  ومن ثم قصد امريكا هو لغرض رؤية زوجتهِ والاطمئنان عليها ,على الامل الرجوع معا لايران بالسرعة الممكنة , لكن معاودة الفحوصات بصورة مستمرة حال في تأخره عن العودة , وكان يتصل هاتفيا للاطمئنان على سير العمل بين حين وآخر لكن ابن الشقيق كان يقول ان العمل ليس على مايرام اي يعطي اشارات سلبية عن وضعية العمل , تمهيدا لغرض في نفس يعقوب.
وفي مطلع عام 2001 عاد المسكين لايران ليجد ان ابن شقيقهُ يسكن بيتا فخما اشتراه ولم يكن لديهِ اي بيت سابقا فقالت: الزوجة اننا ربحنا بطاقة اليانصيب , بينما زوجها قال :انني اخذت قرضا من البنك ,اي كان هناك تناقض شديد بينهما مما يدل على عدم صدق مزاعمهما, مبينا لهُ ان العمل كان خسارة وذهب كل شيء مع ادراج الرياح ,ونكره وخانهُ هو الآخر ايضا ,وهناك كانت الصفعة الثانية والاقوى في حياتهِ.
وكلمتهِ الاخيرة لابن شقيقهِ كانت : اشكركما  وكل ما قمت بهِ انني عملت عشرين عاما لشقيقي وعشرين عاما اخرى لك ايضا . والان الحكومة الامريكية تتكفل بأمر معيشتي, واشكركم لهذا الكرم الذي احطموتنا بهِ.
والجدير ذكره انهُ كتب هذه المسالة بتفاصيلها كلها في مذكراتهِ بالاشورية والفارسية ليطلع عليهِ اولادهُ فيما بعد.
حياتهِ الادبية:
اما حياتهِ الادبية فكانت زاخرة بالعطاء الذي لا ينضب فأنهِ كان كموسوعة من المقالات الادبية والسياسية والاجتماعية  والقصائد الشعرية المتنوعة باللغة الاشورية المعاصرة ولكثرتها فسوف امر على ذكر اسماء بعض منها فقط.:
كنز المساكين, قصائد للاطفال الصغار,قصة القطة والطائر الذكي ,قصة الحمار الضار,احبائي الاولاد الصغار الاذكياء,اغنية سوف اعود لحبيبتي , اغنية شهداء سميل, اغنية اخرى لشهداء سميل,اغنية للصغار, صوت البلبل, مجموعة من الامثال عن الكذابين والضاريين , لقائي مع الشيطان, كل مَن يسعى لنفسهِ, اسرار مخفية , من اقوال يسوع المسيح, العِلم, اغنية حب فريدة , اغنية عيون حبيبتي , الحب الصادق بين شاب وشابة, اغنية نينوى , اغنية العرسان, المعلومات, السياسة الانكليزية , الانسان المتربي في الاسر, لماذا لا نملك الايمان؟ بلبل الصباح, رؤيتي لخراب نينوى وهي في اربعة مشاهد, هروب السيد المسيح من الناس الجهلاء, امثال عن آبائنا الشهداء, امثلة عن ذكر آبائنا, امثلة عن حِكمة الحكماء,رأس سنتنا نحن الاشوريين, تنهدات عن امتي, نحن نسمع عن الاتحاد لكننا لانراه, البلبل الجميل , الموت الغير المنتظر , بعض القصائد المقتبسة من اللغة الفارسية, عيد الام , عيد الاب, مقال عن حياتنا نحن الاشوريين في امريكا, الطب الشعبي المستخرج من الجوز. وغيرها الكثير الكثير .
وبعد حياة حافلة بالعطاء الادبي وشيخوخة فاضلة ومؤقرة سقط هذا الفارس الادبي المغوار من على صهوة جواد الحياة في 3 نيسان 2010 بعد اجتازتسع عقود من الحياة الدنيوية المقرونة بالعطاء الكتابي الشيق  والثمين ,والعذاب النفسي من غدر الاقربون,لينتقل الى الاخدار السماوية حيث الصفاء والنقاء والراحة الادبية ,ليترك لنا باقات زاخرة من العطاءات الانسانية الممتازة في حقل ادبنا القومي الاشوري,الى جانب بصماته الوضحة الجلية في محتوى كتاباته القيمة ستذكره الاجيال القادمة وتقف عنده  بكل احترام ووقار ,وستنهل من نبع عطاءاته كل ما يشفي غليلها .
ختاما نتلمس من الرب العليّ القدير ان يسكنه فسيح جناتهِ مع القديسين والابرار, ولشريكة حياته ولاولاده واحفاده الصحة ومديد العمر.
والشكر الوافر لنجله الصديق العزيز اسحق جمالي آوا الذي لم يبخل بكل المعلومات والوثائق المهمة المتوفرة بحوزته, والجدير ذكره ان الاخ اسحق هو احد طلابي المتميزين  بمدرسة اورهي للغة الاشورية في ملبورن _ استراليا.

ادناه بعض صور المرحوم مع مجموعة من كتاباتهِ


المرحوم هو من جهة اليسار وعليه نقط حمراء ,وهو بين زملائه واساتذتهِ في المدرسة الامريكية باورمي ايران.


المرحوم مع زوجتهِ الطيبة الذكر ليديا يوسف  





نجل المرحوم الاخ اسحق جمالي آوا  مع كاتب هذه السطور.






















































غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
شكراً استاذ بدران امرايا على هذا السرد الجميل لقصة هذا الرجل ذي القامة الأدبية السامقة، مصلين الى الرب ومتذرعين له ان يحفظ المرحوم اسخريا بولس خوشابا في ملكوته السماوية و حقاً ان ذكراه  سوف تظل تذكر  بحب و وقار عبر انتاجه الأدبي الزاخر .
الحياة الأرضية ليست منصفة ولكن الأنصاف بالتأكيد يأتي فيما بعد الحياة الأرضية، فالذكرى الطيبة ونعيم الفردوس السماوي يجب ان يكون كل يتمناه الأنسان ، وفي غالب الأحيان هذه الأمنيات لا تتحقق الا بتحمل شقاء الحياة الأرضية القصيرة دوماً نسبة الى الخلود.
                                                            حنا شمعون / شيكاغو

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ܡܲܠܦܵܢܵܐ ܚܩܝܼܪܵܐ ܘܣܵܦܪܵܐ ܢܲܗܝܼܪܵܐ ܒܲܕܪܵܐܢ ܐܲܡܪܵܝܵܐ
ܬܵܘܕܝܼ ܣܵܓܝܼ ܪܲܚܡܵܐ ܕܣܸܦܪܵܝܘܼܬܵܐ ܘܡܲܪܕܘܼܬܵܐ ܘܕܝܲܪܬܘܼܬܵܐ ܐܵܬܘܿܪܵܝܬܵܐ ܠܐܵܗܵܐ ܡܠܘܿܐܵܐ ܡܲܘܬܪܵܢܵܐ ܒܘܼܬ ܣܵܦܪܵܐ ܗܥܝܼܕܵܐ ܘܣܘܼܥܪ̈ܵܢܹܗ ܡܚܲܦܝܹ̈ܐ ܒܥܸܠܬܵܐ ܕܒܝܼܫ ܓܲܕܘܼܬܵܐ ܘܡܲܚܦܲܠܬܵܐ ܕܫܘܼܬܐܵܣܝ̈ܢ ܟܠܵܢܵܐܝܼܬܼ ܕܠܵܐ ܦܘܼܪܫܵܢܵܐ. ܘܒܗܿـܝ ܥܸܕܵܢܵܐ ܐܝܼܬܠܲܢ ܛܥܵܢܬܵܐ ܕܡܸܢܬܵܐ ܡܸܢܵܘܟܼܘܿܢ ܒܘܼܬ ܣܘܼܥܪ̈ܵܢܘܿܟܼ ܩܵܐ ܡܢܵܚܲܡܬܵܐ ܕܣܸܦܪܵܝܘܼܬܵܐ ܐܵܬܘܿܪܵܝܬܵܐ ܘܝܲܪܬܘܼܬܵܐ ܐܘܼܡܬܵܢܵܝܬܵܐ ܒܡܸܨܥܵܝܘܼܬܼ ܡܠܘܼܐܹ̈ܐ ܕܟܹܐ ܦܵܪܣܝܼܬܘܼܢ ܠܗَܘܿܢ ܒܹܝܠ ܥܸܕܵܢܵܐ ܘܥܸܕܢܵܐ.
ܥܲܡ ܚܘܼܒܝܼ ܘܐܝܼܩܵܪܝܼ ܠܛܢܵܢܵܘܟܼܘܿܢ.
ܡܝܼܟܼܵܐܝܠ ܡܲܡܘܼ ـ ܣܘܝܼܕܸܢ