المحرر موضوع: الهجرة  (زيارة 746 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل George Babana

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الهجرة
« في: 10:36 28/02/2014 »
الهجرة

قيل وكتب الكثير عن موضوع الهجرة ليس في الوقت الحاضر والظرف الراهن فقط بل منذ عقود من الزمن . فالموضوع شائك وعويص وطويل. اذ من يقول بأن الانسان له الحرية في التنقل والعيش أينما يشاء, ومن يقول أن الهجرة بدأت منذ زمن أبو المؤمنين أبراهيم. ولكن اذا كانت الهجرة طوعية ومن غير استهداف او تهديد وليس على شكل موجات ممكن ان نقول أنها مسألة طبيعية, أما اذا كان الانسان مجبر عليها وبسبب ظروف قسرية وبأعداد كبيرة وكما حدث في العراق بحيث اصبح عدد المسيحيين النصف  وربما اقل ما كان عددهم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي, فهذا شأن اخر يستوجب الوقوف عنده !                                                                

الأسباب                                                              
 السبب الرئيسي للهجرة هو الجانب الأمني المفقود نسبيا في البلد , وتزايد عمليات التفجير والاغتيالات واستهداف دور العبادة لكل المكونات ومن ضمنها الكنائس, اذ بلغ عدد الكنائس المستهدفة اكثر من ( 60 ) كنيسة وكان اخرها العمليه البربرية على كنيسة سيدة النجاة في بغداد نهاية شهر تشرين الاول من عام 2010 وهذه كانت نقطة تحول في تزايد اعداد المهاجرين المسيحيين وبأطراد ولحد هذه اللحظة.                                                      
ثم يأتي الجانب الاقتصادي كسبب اخر, فعندما لايكون هناك استقرار أمني لايكون هناك أستقرار اقتصادي, هذه معادلة, فمن حق اي مواطن ان يعيش بامان وان توفر له فرص العمل والوظيفة ليضمن له ولعائلته سبل العيش الكريم وهذه مسؤوليه المسؤولين في الحكومة.                                                                        
السبب الاخر للهجرة هو تأثير الاقرباء والمعارف الذين هم في بلدان الانتشار على أقربائهم ومعارفهم بأغراء الباقيين في الوطن على المغادرة, أذ يصورون الحياة في دول المهجر بأنها جنة على الارض, ولكن حقيقة الامر ليست كذلك! وقد وصل هذا التأثير والأغراء بأن عقل وفكر البعض قد سبق اجسادهم الى المهجر . نعم هناك في هذه الدول المتقدمة استقرار هناك نظام هناك حقوق, ولكن هناك تفكك عائلي وعلى المدى البعيد هناك انصهار وضياع الهوية . فا لمهاجر عاجلا ام أجلا ينجرف مع التيارات الجارفة للبلد الذي قد لجأ اليه, اذ لايستطيع السباحة ضد التيار, واذا حاول هذا الجيل فأجيالهم القادمة سوف لن تحاول بل تنجرف مع التيار.                    
  
من يقف وراء الهجرة ؟!                                            
البعض من اسباب الهجرة المذكورة اعلاه منطقيه ولكن علينا ان نتساءل هل من يقف وراء هذه الاسباب ؟ أنه مخطط من دول تحاول أن تمزق المنطقة وترسم خارطة جديدة للمنطقة وفق مبدأ  فرّق  تسد. ولن ابالغ اذا قلت أنه مخطط لقلع جذور المسيحية التي هي بعمق ( 2000) سنة تقريبا بهذه المنطقة. فالمسيحية الاصلية ولدت هنا وتنفست من هذا الهواء وسقيت من ماء ودماء شهداء مهد المسيحية. مالغاية من اقتلاع هذه الشجرة المعمرة ؟ وماذا يحدث عند اقتلاع اية شجرة ؟ ألا تتيبس الاغصان والاوراق وتموت ! كيف نتخيل المنطقة ( الشرق الأوسط ) بعد عقود قليلة من الزمن وبدون المسيحية ؟ انها اسئلة مخيفة. ولقد وصل الخوف هذا حتى الى روسيا بحيث أن الرئيس الروسي    بوتين  التقى بقداسة البابا فرنسيس الاول منتصف شهر تشرين الثاني (2013) للتباحث في شأن المسيحيين في سوريا (ومايشمل سوريا يشمل العراق والمنطقة ). نعم أنها مسألة خطيرة لأن مركز الكنيسة الأنطاكية في سوريا ومركز البطريركية الكلدانية في بغداد وغيرها من الكراسي المسيحية بالمنطقة في خطر الانقراض. فأخلاء العراق والمنطقة من المسيحين سيجعل الأبرشيات البطريركية أن تنتقل الى دول الأنتشار عاجلا أم أجلا والى بيئة غير بيئتها الاصلية أنه جرس أنذار خطير. وبهذا الخصوص انعقد المؤتمر العام الأول للمسيحيين في المشرق  في بيروت مؤخرا لمناقشة اوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط ومن ثم مؤتمر اخر في أوربا لنفس الغرض.                                                                                                                
ما العمل ؟                                                            
  لابد من بذل جهود حثيثية على كل المستويات الحكومية  والكنسية ومنظمات المجتمع المدني لايقاف هذا النزيف المستمر. فمن جانب الحكومة عليها بذل جهود أكبر لاستتباب  الأمن في كل أرجاء الوطن والأبتعاد عن كل المماحكات الفئوية والطائفية  ويجب القيام بتثقيف وتوعية الشعب بالمصلحة الوطنية ورفع الهوية الوطنية شعارا للكل فوق كل الهويات الفرعية الصغيرة الأخرى.                                                                
أما الكنيسة متمثلة بشخص بطريركنا الجليل ( مار لويس ساكو ) الذي لايكل ولايمل بطرق كل السبل في هذا المجال سواء كان على نطاق الحكومة والمسؤولين أو على النطاق الدولي. وللكهنة  دور في توعية الشعب المسيحي بتسليط الضوء على موضوع الهجرة  اذا كانت الهجرة نعمة ام نقمة ؟! وبيان الجانب الأبيض والأسود منها وتأثير الهجرة على وجودنا في البلد وعلى مسيحيتنا.                                                                        
الخطوات العملية                                                            
طالما تحدثنا عن الجانب الاقتصادي فلابد من خطوات عملية في هذا الجانب وهذه مجرد أقتراحات رغم أن البعض منها قيد التنفيذ.                                                                                                            
أولاً : أنشاء ورش عمل على سبيل المثال معامل صغيرة للخياطة , أنشاء مستشفيات , أستغلال وأستثمار الأراضي الزراعية وخاصة في اقليم كردستان وسهل نينوى بحيث تكون فرص العمل متاحة أكثر للمسيحيين , وبهكذا مشاريع يسقط الجانب الأقتصادي من أسباب الهجرة .    
                      
ثانياً : أسكان من ليس له سكن في مجمعات أو بيوت تعود الى الكنيسة على غرار مبادرة اسكان ( 32) عائلة في دير شمعون الصفا في الدورة, وحبذا في مناطق أخرى وليس بالضرورة ان تكون على شكل مجمعات كي لا تكون هدف سهل للأخرين .                          
                              
ثالثاً : الوقوف وبقوة بوجه المحاولات التي تهدف على التغير الديمغرافي ( السكاني ) وخاصة في مناطق سهل نينوى وبالتحديد منطقة برطلة وكذلك التجاوزات على القرى القرى المسيحية في اقليم كردستان. لقد انخفضت نسبة سكان برطلة المسيحين الى 40 % أما الزاحفون اليها من غير المسيحيين هم الأن 60 % بعد أن كانت المنطقة مسيحية بنسبة 99% . وهذا مخالف للدستور وغير مقبول بموجب كل اللوائح والحقوق . وممارسات التغيير هذه تساهم بها جهة دينية ( بالتأكيد غير مسيحية ) بشكل أو باخر بحيث تجبر السكان الأصليين على التخلي عن دورهم سواء كان ذلك بالترغيب عن طريق شراء دورهم بأضعاف مضاعفة عن سعرها الحقيقي وبدعم مالي من الجهة التي تدفع بهذا الأتجاه . وأحيانا اخرى بالتهديد والمضايقات , لقد لوحظ في الأونة الأخيرة خط شعارات لشعائر دينية ( غير مسيحية ) على جدران الكنائس في برطلة مما يضطر بالبعض من سكان المنطقة المسيحيين الأصليين الى بيع بيوتهم والهجرة . وأنعقاد مؤتمر أصدقاء برطلة في نهاية تشرين الثاني 2013  في أربيل وبرطلة كان ردا     لمحاولات التغيير الديمغرافي في هذه المنطقة . وحلاً لهذه الأشكالية هو أستحداث وحدات ادارية خاصة لغير سكان المنطقة لكي يديروا ذاتهم بذاتهم والقيام بشعائرهم الدينية .                            
      
رابعا ً: المطالبة بأصلاح المناهج الدراسية والتوعية من خلال هذه المناهج بأن العراق هو بلد جميع المكونات وأن المسيحيين هم السكان الأصليين وتثبيت مفاهيم العيش بالتسامح والتأخي وقبول الأخر ورفض التمييز والتكفير .                                                                        
        
خامساً : أستحصال على قانون حماية جميع الأقليات وبشكل فعلي   بالرغم من ورود ذلك في الدستور .
وأخيرا دعاؤنا ان يعم السلام في ربوع وطننا والمنطقة أملين أن تعيش كل المكونات بأمن وأمان ونتضرع الى اللّه أن يزيل الغشاوة من قلوب وعيون كل الذين لايقبلون الأخر لأننا جميعا مخلوقين على صورة اللّه . وليكن العراق خيمة لكل العراقيين .







جورج بابانا
 بغداد / شباط 2014