المحرر موضوع: ألمطران عمانؤيل دلي في عيادتي  (زيارة 2773 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألمطران عمانؤيل دلي في عيادتي
د. صباح قيّا       
ذهلت وأنا أهمّ بمغادرة عيادتي ألكائنة في ساحة بيروت – شارع فلسطين  بعد أن أنهيت معاينة ألمرضى . كان ذلك مساء يوم لا أتذكر تاريخه بالضبط ، وعلى ألأغلب في تسعينات ألقرن ألماضي . وجدته جالسا بزيه ألكنسي  بهدوء في صالة انتظار ألمرضى . بادرته "  سيدنا " أهلا وسهلا ، تبارك ألمكان بوجودك .. انشاء الله خير ... أجابني بصوته ألحنون ألمميز  .. انشاء الله خير ..وأضاف :  أتيت لزيارتك كما وعدتك .. نعم كان قد وعدني قبلا أن يزورني في ألعيادة واعترف بأني لم أسأله في حينه عن سبب ذلك ، وظننته  يشكو من علة ما ، ومن ألأفضل أن أسمعها في ألمكان والوقت ألمناسب . ويا للعجب حينما اخبرني سكرتير ألعيادة بأن ألسيد ، وهذا ما أطلقه عليه ابن مدينة ألعمارة أصلا , ظل منتظرا حوالي ساعتين وأصر على ذلك لحين مغادرة أخر مريض وألح عليه أن لا يعلمني بوجوده أبدا ....
هل تصدقون ؟ هذه هي ألحقيقة وربما عبّرت عنها بأقل من استحقاقها . ترك معي وصية ... ولم يمضي سوى  يوم أو يومين من لقائنا حتى  جاءني من كانت ألوصية لأجله ليبلغني شكر و سلام سيدنا " ألمطران " وأن ألموضوع  سار بالأتجاه ألصحيح  ولا حاجة ان اشغل نفسي به بعد . أليس هذا ألموقف مثالا نموذجيا للبساطة وألتواضع ؟ كان بامكانه  ، وبكل بساطة  ، أن يدعوني لأذهب اليه بدل أن ياتي هو بنفسه . حتما كنت سأهرع ملبيا طلبه وبدون تردد . فرجل ألدين كمثله يستحق كل ألأجلال والتقدير .

تقادمت ألسنون ... أطل على كنيستي في ألمهجر فتباركت وكل ألجموع بحضوره . التقيته في زيارته هذه وهو برتبة " بطريرك " ودرجة " كاردينال " . أحزنني أن أراه مثقلا ومتعبا وقد هجرته ألذاكرة بدرجة كبيرة وفقد صوته صداه ألمعهود . وبعد فترة قصيرة أعلن عن استقالته ليستقر بعدها في دار رعاية ألمسنين وفيه ينتقل الى ألأخدار ألسماوية لينعم بالراحة ألأبدية بين جمع ألأخيار والطيبين . نعم .... وكما قيل : للفرح وقت وللحزن وقت .. للضحك وقت وللبكاء وقت ..  للولادة وقت وللموت وقت .

رحلت وكنيستك لا تزال متصدعة . هجرتها مواكب قبلا وما تزال تتبعها  لمذاهب وأديان اخرى ، والمرارة ان من بينها بدع غريبة لن تلتقي معها حتى لو التحمت ألسماء بالأرض . كهنة  أفرزتهم كنيستك لتحتضنهم كنائس مغايرة ، ولا تعرف ألرعية السبب ، وقناعتي لن تقبل ذلك مهما كان الا اذا أغرّ بهم ألشيطان فخالفوا وصايا ألله ألعشرة . أخشى أن لا يكون ذلك نتاج معصية  من أراد لهم : حسب ما أقول تسير وعن خطأي تسكت ، والا حسابك عسير ومن عقابي لن تفلت .  أبرشيات سكنت ألمهجر فتعلمت لغة ألحرية ألمطلقة وتناست أنها غصن شجرة محددة وجذورها واحدة ، ولولا بعض ألحياء وفسحة ألأمل وحكمة  ألرب لأعلنت استقلالها . أعاهدك .. أبتي .. مهما حصل سأظل لكنيستك وفيا  وللمحبة رائدا . 

رحمك الله سيدي .. ولذكراك اقدم هذه ألأبيات ألشعرية ألمتواضعة

إرتحلتَ ومثلُ شخصكَ لا يرحلُ                   ذكراك ينبوعٌ نظلُّ منه ننهلُ
باركتَ عرسي غداةَ زفَّةَ موكبي                 وحنانُ لحنِك غارَ منه ألبلبلُ
أمضيتَ عمرَكَ للكنيسة راعيا                     وخرافُك من وعظك تتشربلُ
وكم كاهنٍ منك استقى كلماتِه                  وجِئتَهُ قيما ليس منها أنبلُ
جاهدتَ كي تعيدَ لبابلِ مجدَها                 وحصلتَ ما لم نظنْهُ سيحصلُ
إطارُ إسمِ جدودي به مزينٌ                       دستورُ بلاديَ فهل منه أجملُ ?                       
وداعاً يا مُثلثَ ألرحمات وثقْ                      أن ألكثيرَ لجنبِك يتوسلُ
فنمْ مستريحاً في رحابِ مسيحِنا               واليكَ من شعبِك رحمةً أنقلُ



 
 


غير متصل زيد ميشو

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
د. صباح قيا تحية وأعتزاز وفخر
مقالك ليس عابر ....عميق لدرجة تفرض على القاريء أن بعيد قراءة بعض سطوره بهدوء
تعقيبك على مقالي ذكرت فيه بأنه توثيق مهم ......والأختبار الذي ذكرته بلقاءك به أهم من كل التوثيق المهم الذي أشرت له
أتذكر أثناء الحرب العراقية الإيرانية كيف كان العسكري يختق الدور ليأخذ ما يريد من الصمون أو البيض وغيرها
بينما مطران يتتظر ساعتين ونصف كي يقول لك وفيت بوعدي وأتبت ..... هذا التواضع غريب عن ثقافتنا
والشعر أيضاً له جمالية خاصة .....خصوصاً
جاهدت كي تعيد لبابل مجدها                 وحصلت ما لم نظنه سيحصل
اطار اسم جدودنا يتوسط                      دستور بلادي فهل منه أجمل ؟
مشكلة المشاكل بـ ... مسؤول فاسد .. ومدافع عنه
والخلل...كل الخلل يظهر جلياً بطبعة قدم على الظهور المنحنية

غير متصل يوسف ابو يوسف

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6323
  • الجنس: ذكر
  • ان كنت كاذبا فتلك مصيبه وان كنت صادقا المصيبه اعظم
    • مشاهدة الملف الشخصي
تحيه واحترام د.صباح ..

الكل يوم من الايام سوف يغادر عالمنا الفاني هذا ولن يبقى سوى ذكراه .الف مبروك للذي يُبقي بعد رحيله اعمالا وافكارا وتاريخا وانطباعا كالذي تركه البطريرك مار عمانؤيل دلي في نفوس شعبنا .الراحه الابديه اعطه يارب ونورك الدائم ليشرف عليه .

                                                                              ظافر شانو
لن أُحابيَ أحدًا مِنَ النَّاسِ ولن أتَمَلَّقَ أيَ إنسانٍ! فأنا لا أعرِفُ التَمَلُّقَ. أيوب 32.

غير متصل مؤيد هيـلـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 318
    • مشاهدة الملف الشخصي
  ألاح د. صباح قيا
ܫܠܵܡܵܐ ܕܡܵܪܲܢ
بالحقيقة هذه إحدى سجايا البطريرك الراحل ولا غرو ألم يكن الساعد الأيمن لمثلث الرحمات مار بولص الثاني شيخو الوقور الهاديء الطبع المستكين والحليم والصبور ... إنه فرع من الشجرة الأصيلة المثمرة  ... أحسنت جداً...مع تقديري.


                                                                مؤيد هيلو

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألأخ زيد
سلام ألمحبة
شكرا لمرورك وتقييمك ألجميل للمقالة وألأبيات ألشعرية علما أبدلت بعض ألكلمات كي تتناغم  مع ألموسيقى ألشعرية . نعم ... ألتوثيق ليس فقط لما هو مثبت ومعروف من خلال ألسيرة ألذاتية وإنما يشمل خصال ومزايا نتحدث بها نحن جميعا من خلال ألتجربة ألحياتية مع ألمعني . أنا بصراحة لا أعلم عن أي إصدار يعرض سيرة أبائنا ألمعاصرين . يا حبذا لو أحد ألقراء ألأفاضل يدلني على ذلك .
تحياتي
*********************************************

ألأخ ظافر شانو
سلام ألمحبة
شكرا لمرورك وكلماتك ألرقيقة ألمعبرة وألتي أتفق مع مضمونها قلبا وقالبا . من حسن ألحظ أن هنالك أليوم مساحات واسعة من ألممكن ألتعبير عن مشاعرنا فيها.
تحياتي
******************************************

ألأخ مؤيد هيلو
سلام ألمحبة
شكرا لمرورك وكلماتك ألتشجيعية . نعم إنه من نفس مدرسة مثلث ألرحمات مار بولص شيخو ألمتميز بوجهه ألمشع قداسة وطهارة . أحسنت بذكره في مداخلتك ومع ألأسف لم يخطر على بالي ذلك , وللإنصاف يستوجب ألأشارة إليه عند ألكتابة عن خصال مثلث ألرحمات عمانؤيل دلي .
تحياتي 

غير متصل ايشو شليمون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 504
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ الدكتور صباح قيا المحترم

رَحلَ البطريرك فقيد الكنيسة وانضمَ الى آباءه قرير العين مطمئناً بعد ان ادى الامانة في اتضاع ومحبة ، اكمل ما اوكل اليه بصر وطول أناة، إنه في احضان الرب مع الابرار والصالحين وكل القديسين، تاركاً لنا ذكراه العطره وسيرته القويمه  نبراساً لنا .

 اخي الكريم مهما كتبنا عن الآباء فلن نوفي ما اغدقونا به من محبة ورعاية ابويه وثبات في الرؤية، وما غرسوا فينا من محبة المسيح باتضاعهم ووقارهم وترفعهم عن كل مغريات الدنيا ليبذلوا ذواتهم ويسَخِروا حياتهم لخدمة الرب وكلمة البشاره . كلمات بسيطة كتبتها في ذكرى رحيل قداسته، وكان في ودي مجارات كلماتك المعبره ولكن حقيقة لم يسعفي الحظ لاصل الى اصل البحر الذي كتبت فيه ورغم ذلك اشاطرك بذكرى رحيله بهذه الابيات البسيطه.

ما كنَّ نحسُبُ والايام تنبِئنا                         شيخُ الكنيسة والآباء مرتَحِلُ

كأسٌ مَريرٌ جميعُ الناسِ تشرُبُهُ                   والموتُ حقٌ ، فذا كلٌ لَهُ أَجَلُ

ارحل لربِكَ مرتاحاً ومغتنماً                        اجر الامانة اضعافاً لك يَصِلُ  

صُنتَ الوديعة بالايمان يا ابتي                  في ظلمة الدهر والايامَ ما حَملوا

للعلم صرحاً وينبوعاً مَرابِعُكَ                  تروي العطاشى لبر الله ما جَهَلوا

روح الوداعة طبعٌ فيك محتكمٌ                    نوراً سراجُكَ مثلَ البدر مُكتمِلُ

في الصبرِ سَعيكَ بات الكُلُ يدركه              رغم الصعاب لروح الرب مُتَكِلُ

وَزرُ الأمانةِ ما هانت مَثاقِلها                في حِملَكَ الارثَ وَما اضفيتَ ينهَمِلُ  
              
 وابشر خليفُكَ لا تُخفى مَحاسِنُهُ                   فالنورُ باقٍ يضيءُ الكُلَّ يَنتَقِلُ

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألأخ إيشو شليمون
سلام ألمحبة
شكرا لمرورك ولكلماتك ألجميلة والمعبرة وليس ذلك بالجديد عليّ وعلى قراء ألموقع فأسلوبك من خلال متابعتي لما تكتب رائع ولغته قويمة دائما . وأعجبتني أيضا ألأبيات ألشعرية ألمؤثرة ومن دون شك أنك تمتلك ملكة شعرية لا غبار عليها , وسبق أن قرأت لك قصائد قبلا لا تقلّ روعة عن ألحالية . أما أنا فعدت للشعر حديثا ونسيت تفاصيل بحور ألشعر , وكنت سابقا أعتمد على كتاب " فن ألتقطيع ألشعري " لمؤلفه ألأستاذ صفاء خلوصي , وألذي تركته في بغداد مع ما تركت . محاولاتي ألشعرية ألمتواضعة حاليا تستند أساسا على ألنغمة ألشعرية وحساب ألساكن والمتحرك على أن يتساوى في كل من ألصدر والعجز ولكافة ألأبيات .
مبروك عبد ألقيامة ألمجيد لك وللعائلة ألكريمة
تحياتي