المحرر موضوع: الطلاق الحر بين الجماعات والأفراد  (زيارة 773 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ناهدة محمد علي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 99
    • مشاهدة الملف الشخصي
الطلاق الحر بين الجماعات والأفراد
الدكتورة / ناهدة محمد علي
تلتزم الجماعات الإنسانية بعلاقات متفردة ومالكة حيث قد يمتلك فرد ما جماعته ويسخرها جميعاً لأغراضه الخاصة وتصبح أهدافه هي أهدافها وسبله في التطبيق والحياة هي سبلها . وقد يكون هذا الشخص قائداً فذاً لمجتمع ولأُمة ولإرثها الحضاري أيضاً , فيخطط لها خطوطاً عبقرية لأجل الصعود الحضاري كما فعل عبر التأريخ قادة عباقرة في الشرق تبرز أسماؤهم مثل ( نبوخذنصر أو حمورابي أو هارون الرشيد ) , أو كما فعل في الغرب ( يوليوس قيصر أو تشرشل ) . وقد يفعل القائد العكس فيرد الأمة الى الإنهيار الحضاري مثلما فعل ( هتلر ) بالأمة الألمانية ومثل ما يفعل كل القادة العرب جيلاً بعد جيل .
كذلك يفعل الفرد العادي في إرتباطاته الإجتماعية , فهو قد لا يستطيع أن يمتلك مجتمعاً ويسيره وفق هواه لكنه يمتلك نواة المجتمع ( العائلة ) ويسيِّرها وفق مخططاته , وقد يحتمل هذا التخطيط الخطأ والصواب , وحينما لا تعود العائلة تقدم له المطلوب من النتائج السارة أو الناجحة والممتعة فقد يحاول هذا الفرد شقها وتقسيمها نصفين ليحظى برأيه بالجزء الناجح والسار والذي قد يكون مالاً أو عقاراً أو أولاداً وهو برأيه أيضاً يحافظ على الموازين التي وضعها وأسسها طوال حياته ولن يقبل بأقل منها . لكن الحياة وللأسف تتحرك كثيراً كطبقات القشرة الأرضية في أوقات الزلازل , فقد تهبط القشرة الأعلى وتصعد الأعماق بكل ما فيها من أبخرة وغليان , فيكون العنصر الأضعف وهو المرأة على الأكثر في حالة غليان فتطفو على السطح لتحرق كل شيء أي كل مؤسسة الزواج والإرتباط العائلي .
إن تزايد حالات الطلاق في العالم العربي والعراق بشكل خاص يشير الى أوضاع إقتصادية وإجتماعية ومعرفية متدنية . إن هناك مثل إنكليزي شائع ( ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة ) , فمعظم الزيجات العربية تحدث وفق مقاييس عُرفية وتتفتت سريعاً ضمن نفس المقاييس , وخاصة حينما يأخذ الجيل الجديد كل أوليات الحضارة بدون تفكير ضمني لها , فهو يلبس ( الجنز ) ويذهب الى ( الجم ) ويتابع آخر الأخبار من خلال المواقع الألكترونية ولا يعرف من الكتب غير أسمائها , ويقوم بتطبيق الشكل الخارجي للحضارة الأوربية على شكله الخاص لكنه لا يعنيه مضمون هذه الحضارة , لذا فكل شيء لديه سهل وسريع , فهو قد يبني ويهدم في آن واحد , وتكون إحدى هذه التقاطعات لدى الفرد العربي المتحضر هي مؤسسة الزواج والتي تكاد تشبه في هذه الحال الشركات الصغيرة والتي تُفتح بسرعة وتُغلق بسرعة حال إفلاسها دو محاولة للتغيير أو التطوير
إن المجتمع العربي مجتمع ضيق بعكس المجتمعات الأُوربية التي تتسم بالسعة لإحتوائها للمشاكل الإجتماعية وخاصة مشاكل الأسرة من خلال المؤسسات الإجتماعية والتي تُعنى بالنساء اللواتي يعانين من القهر الجسدي والنفسي , وكذلك مؤسسات الطفولة والتي تحتوي أطفال العوائل المطلقة وتقوم بعلاج المشاكل النفسية للأطفال نتيجة الطلاق وترتيب العمل الملائم للمرأة لأجل إستقلالها الإقتصادي . لا أقول أن ظاهرة الطلاق غير موجودة في المجتمعات المتحضرة بل هي موجودة وبنسب متفاوته وسنقوم بدرجها لاحقا . إن أسباب هذه الظاهرة بين العالم المتحضر والمتخلف تتشابه أحياناً وتتعاكس أحياناً أخرى , لكن الفروق الأساسية هنا هي في أساليب إحتواء هذه المشكلة من قبل الدولة والتي تحل أموراً كثيرة قبل الطلاق وبعده من خلال مؤسسات الإرشاد الإجتماعي والبيوت الخاصة للجوء العائلي .
إن المرأة العربية في الغالب حاضنة جيدة للأطفال لكن المجتمع العربي يمتص قوى هذه الأم , فهي ما بين العمل ورعاية الأطفال تختزل نفسياً ومادياً بالإضافة الى أن الضغط الإجتماعي قد يصيبها بالتشنج العصبي والذي كثيراً ما تفرغه على رؤوس أطفالها لكنها لن تتخلى عن حضانتهم , ويبقى أطفال العوائل المطلقة مهمشين في حياة قطبي مؤسسة الزواج الرجل والمرأة , فهم كالبضاعة الكاسدة للشركات المفلسة لا يشتريها أحد ولو بثمن رخيص , لكن القطب الأكثر إنسانية كثيراً ما يحتوي هؤلاء الأطفال ولو أنهم سيمثلون دائماً عنواناً لخسارتها الأنثوية ونتاجاً لفشلها الإجتماعي .
إن نسب الطلاق في العالم العربي في تزايد مستمر , فقد نشرت جريدة الخليج نسباً إحصائية عن مركز المعلومات وكانت هذه الإحصائيات تظهر هذا التزايد المستمر , فقد وصلت حالات الطلاق في مصر 40% ونصف هذه الحالات تحدث في السنة الأولى للزواج وقد زادت النسبة بعد إصدار  ( قانون الخلع ) , كما أن نسبة الطلاق في دول مجلس التعاون الخليجي قد وصلت الى 47% وكان معظمها في دولة الكويت حيث قد بلغت 48% وفي الإمارات 26% , أما في السعودية فحسب الدليل الإحصائي لوزارة العدل في السعودية قد بلغ 24% وهذا يعني حالة طلاق أمام كل ثلاث حالات زواج , كما أكد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري على أن مصر قد أصبحت تشهد حالة طلاق كل ( ست دقائق ) , كما أكدت إحدى الدراسات في قطر على أن أكبر نسبة من المطلقات تتركز في الفئة العمرية ما بين 20 – 24 , وأكدت هذه الدراسات على أن نسبة الطلاق في مدينة الرباط المغربية تصل الى 23% وترتفع قليلاً في المدن الأخرى
إن مشكلة الطلاق في العراق أصبحت تشكل نقطة مظلمة في تاريخ المجتمع العراقي وللأسباب المعروفة والتي هي الأسباب السياسية والإقتصادية والإجتماعية , فالعائلة العراقية وكأي عائلة في العالم هي كقطعة ( الإسفنج ) والتي تمتص كل المشاكل والمعضلات الإجتماعية وأوساخ المجتمع ونفاياته لتُعصر حتماً على رأس الطفولة العراقية .
لقد إطلعت مؤخراً على أقوال الكثير من المحامين العراقيين ومنهم المحامي المعروف ( طارق حرب ) حيث إتفق الجميع على أن الزيادة الهائلة في حالات الطلاق في المدن العراقية وبضمنها بغداد والمناطق التابعة لها قد وصلت ما بين 20 – 50 حالة طلاق يومياً وأكثرها بين الفئات العمرية 28 – 38 , وفي السنوات الثلاثة الأخيرة أصبحت تقع حالة طلاق واحدة لكل حالتي زواج أو ثلاثة ويشمل هذا كل محافظات العراق ومنها المحافظات الجنوبية , حيث تقع في مدينة ميسان ما بين 52 – 75 حالة طلاق يومياً مسجلة في محكمة الأحوال الشخصية , كذلك في الأنبار حيث تقع 35 – 42 حالة طلاق يومياً , وفي كربلاء أكثر من 45 حالة طلاق يومياً .
إن من المؤسف والمضحك إن المحامين العراقيين قد جعلوا من حالات الطلاق تجارة رائجة وخاصة المحاميات , حيث تُجَمل المحامية الطلاق للموكلة وتدفعها الى رفع عدة دعاوى لزيادة الأتعاب مقابل الوعود بأعلى معدل للنفقة والحضانة والطلاق القضائي , ويلجأ الزوج الى محامي لرفع دعوى المطاوعة وإسترداد الحضانة . وهكذا أصبح الطلاق تجارة رابحة بالإتفاق مع ( العرضحالجية ) الذين يروجون للمحامي بتوزيع بطاقاتهم التعريفية على أبواب المحاكم .
إن بعض المحامين يتهمون المحاميات المختصات بالأحوال الشخصية بتشجيع الطلاق ومنهم المحامي ( طارق حرب ) والذي إتهم منظمات المجتمع المدني - والتي تُسانَد مالياً من قِبل الولايات المتحدة – بعقد مؤتمرات وندوات تحرض المرأة على إتباع النمط الأمريكي في التعامل الأسري حتى أصبحت تعتبر الكلام الذي يوجهه الزوج إساءة بالغة ويطالب هذا المحامي المنظمات بتكريس مفهوم قدسية الزواج بدلاً من الترويج للأفكار الأمريكية . إن ما ذكره هذا المحامي المعروف يحتمل الكثير من الصواب والخطأ , فأنا معه بخصوصية المجتمع العراقي والعربي وضرورة المحافظة على المؤسسة الزواجية لحفظ نواة المجتمع من التدهور ولكي لا يتزعزع المجتمع بكل ما فيه من قيم , ويأتي هنا الطلاق كسبب ونتيجة لضياع القيم حتى تصبح هناك سلسلة طويلة وصلبه من التفسخات الإجتماعية . ولا أتفق حتماً مع هذا المحامي حول رأيه بمهمات منظمات المجتمع المدني والتي يجب أن تلعب دوراً هاماً في توعية المرأة العراقية وتمسكها بحقوقها الديمقراطية والإجتماعية وخاصة في علاقتها مع الرجل .
بالإطلاع على الكثير من حالات الطلاق المعلنة على الرأي العام لاحظت أن القسوة والشراسة هي أحد الأسباب المهمة لحالات الطلاق وتكون أحياناً الشراسة متبادلة بين الأم والأب وكثيراً ما تُسقط على الأبناء وتُمارس أحياناً من قِبل زوج الأم أو زوجة الأب . وتعتبر الخيانة الزوجية التي ظهرت في المجتمع العراقي بعد الإنفتاح الظاهري لهذا المجتمع على المجتمعات الغربية والتطبيق الساذج لفكر الدراما الأمريكية والتركية شكلاً ومضموناً حتى أصبحت المرأة العراقية تطالب الزوج بأن يكون بوسامة ورقة بطل أفلامها المفضل والعكس صحيح . كما تلعب الظروف الإقتصادية في المجتمع العراقي دوراً خطيراً في تفتيت العائلة , إذ دفعت هذه الظروف العائلة العراقية الى إتباع طرق مشبوهة للمعيشة أو للتسول أحياناً . وليس صحيحاً أن الطلاق يحدث دائماً بسبب شراهة الزوجة بل بسبب التأزم النفسي اليومي لقلة المستلزمات المادية والتشوه الحاصل في مصادر المعيشة أي في الماء والغذاء والدواء , ويبرز عدم وجود الإحساس بالأمان كسبب أساسي لرفع مستوى التوتر العصبي للعائلة العراقية وبالتالي تنخفض القدرة على تحمل المشاكل العائلية حتى ولو كانت هشة وبالتالي ايضاً تصبح أي مشكلة عائلية هي  ( القشة التي تقصم ظهر البعير ) . وكثيراً ما يعتقد الرجل أو المرأة بأن الخلاص من المسؤولية هو خلاصه الفردي , وهكذا يصبح الفرد العراقي كطير في مصيدة لا يستطيع الطيران الى اليمين أو اليسار لكنه يستطيع فك الخيط الذي يربطه بالقفص ليطير عشوائياً .
إن البطالة في العراق هي أحد الأسباب الأساسية لحالات الطلاق التي وصلت حسب بيان مجلس القضاء الأعلى في سنة 2009 الى أكثر من 820 ألف حالة طلاق , وأعتقد أن الرقم قد تضاعف الآن بسبب الأزمات الإقتصادية والأزمات النفسية والعصبية للفرد العراقي .
يقف الفقر حاجزاً بين الأسر وبين تحقيق أحلامها وتصبح الأمور أكثر تعقيد ما بين الزوج والزوجة , ويدخل الأبناء ليرفعوا نسبة التوتر لإحتياجاتهم الكثيرة والمتعددة , وقد يؤدي هذا أحياناً الى محاولة الأب لفك قيود إرتباطه بالأسرة للتخلص من مسؤولياته المادية ومشاحناته اليومية , وهناك من يقول بأن المادة 40 والمادة 41 من قانون الأحوال الشخصية قد سهلتا الطلاق فقد نصتا على إجازة الطلاق ( لمن تضرر ضرراً تعذر معه إستمرار الحياة الزوجية ) وأيضاً على ( جواز طلب التفريق من قِبل أي من الطرفين عند قيام خلاف بينهما ) , وألزم المُشرع إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة أسباب الطلاق والإتجاه نحو التحكيم والسعي لإصلاح العلاقة بين الزوجين , لكن دور الباحث الإجتماعي هنا ضعيف وهو الشخص المخول قضائياً للإصلاح , وهو من يحدد إمكانية إستمرار الزواج أو إستحالته .
إن مشكلة الطلاق هي مشكلة عالمية ولو نظرنا إليها نظرة شمولية لوجدنا أن إختلاف البيئة والوضع الإجتماعي والإقتصادي لا يمنع وجود أسباب موحدة للمشكلة مثل مشكلة البطالة التي تعتبر مشكلة عامة في العالم , كذلك إختلاف مستوى الوعي الإجتماعي بين الزوجين مع إختلاف الإتجاهات والرغبات السلوكية , وإختلاف وجهات النظر حول جميع الأشياء من أدقها الى أصعبها وليس لهذا علاقة بالمستوى التعليمي أو المستوى الحضاري الإجتماعي بل بمستوى الوعي الفردي والإدراك الحسي والذوق والأمزجة الفردية , وهذا العامل قد يُستهان به لكنه مهم جداً , فالتراكم الكمي والنوعي للتجارب المتناقضة في تناول الأشياء ومحبتها أو كراهيتها قد يولد كم من الإحباط المتواصل لدى أي من الطرفين ثم يولد الجفاء أو الكراهية لأن ما يحبه الفرد وما يكرهه هو وجوده وجوهره , وما يحبه هو ويكرهه الآخر يضيف كميات متراكمة من الكراهية شيئاً فشيئاً يؤدي أحياناً الى كراهية الآخر ونبذه . وكلما كانت المواضيع يومية كلما كان الإحباط متواصلاً وقد يتوقف عند نقطة الصفر .
إن الفقر هو الهالة السوداء التي تحيط بالعائلة في العالم وتلون حياتها باللون الأسود وكثيراً ما تتواجد عوائل فقيرة في دول غنية كما هو في الأمريكيتين , وقد يحدث الطلاق بدون إلتزامات قانونية بل على شكل الإنفصال الوجداني والمكاني .
إن ظاهرة الطلاق تتشكل في كل دول العالم بنسب مختلفة ولا فرق بين الدول الفقيرة والغنية المتحضرة أو المتخلفة , وتتراكم الأسباب في الدول المتحضرة والغنية ما بين ضعف الإنسجام الفكري والحسي وتناقض الرغبات والإتجاهات والميول الحسية والدينية والسياسية والإجتماعية , لذا نرى دولة متقدمة مثل السويد هي في مقدمة بلدان العالم في حالات الطلاق وتبلغ نسبة الطلاق فيها 64% , أما في روسيا البيضاء 68% , لاتيفيا 63% , أُوكرانيا 63% , بلجيكا 56% , فنلندا 56% , المملكة المتحدة 53% , الولايات المتحدة 47% , هنكاريا 46% , كندا 45% , النرويج 43% , فرنسا 43% , ألمانيا 41% . أما دول مثل كازاخستان 15% , أوزبكستان 12% , تركيا 6% , قبرص 13% , إيطاليا 12%  .
من هذه الإحصائيات نلاحظ أن هناك دول غنية ومتحضرة قد إرتفعت بها نسبة الطلاق ويعود هذا الى تزاحم شخصية الرجل والمرأه على القيادة الأسرية حيث ترتفع نسبة الرضى عند الأنثى وتصبح أكثر صعوبة وهذه أحدى فضائل الحضارة وتعقد الحياة الإجتماعية , كما نلاحظ أن الدول التي تلعب بها المؤسسات الدينية دوراً مهماً في المجتمع وتقوم بتوعيته بخطورة هذه الظاهرة مثل إيطاليا حيث يلعب الفاتيكان دوراً في تشديد العلاقات العائلية , كذلك الحال في تركيا وفي قبرص .
أما ما يحدث في الدول العربية فهو إنعكاس مشوه للتناحر الأوربي العائلي , حيث أصبحت متطلبات المرأة الشكلية والحسية متزايدة والعكس صحيح لدى الرجل , ومع ترافق الأزمات السياسية والإقتصادية ينخفض مستوى التشكيل الحسي للعائلة العربية ويصبح الركض وراء ( اللقمة ) هو الأهم , وأصبحت متطلبات الرجل مرتفعة في البحث عن مستوى أعلى للوعي لدى المرأة , لكن معظم حالات الزواج في الدول العربية تقوم على أُسس عُرفية ومقاييس جمالية ثابتة , وبعد شهور الزواج الأولى يصبح الجمال الأنثوي غير كافي ويبدأ البحث عن الجمال الداخلي وحينما لا يجد الزوج هذا يصاب بالملل ويتحول هذا أحياناً الى نفور وكراهية , ومن هنا تأتي إزدواجية شخصية الرجل العربي فهو يحب ضعف الأنثى ويكرهه ويطالب بزيادة الوعي والمستوى الثقافي لدى المرأة لكنه لا يحتمله لأن هذا  يصطدم بسلطته الذكورية , فهو يرتاح للمرأة المطيعة ويحترم المرأة ذات الشخصية القوية  ولهذا هو يقترب ثم يهرب , ثم يعود يحلم بهذا النوع من النساء والذي لا يجده في زوجته , فهو يحلم ( بالمرأة السوبر ) والتي هي بمنتهى الجمال والذكاء والرقة معاً لكنه في الواقع يحمد الله على أن زوجته لا تجلب الأنظار ولا تحاوره حتى ينهار , ويُبقي زوجته على هذه الحال لسنوات ثم يتراكم لديه الإحباط من هذه المرأة حتى لا يعود يطيقها ويعيش حالماً بيوم الخلاص .
إن الحضارة العربية في وقتها الحالي قد أصبحت حضارة هشة لا تستند على قاعدة مادية تكنولوجية متطورة والتي تفرز قيماً متطورة , لذلك يقلد الفرد العربي ما يراه على الشاشة وعلى قنوات التواصل الإجتماعي وما تنقله الميديا العربية من أخبار الموضة والثقافة والعلوم , وأصبح الفرد العربي على هذا الأساس كمن يتفرج على الألعاب النارية وسط ظلام دامس ويذهب سريعاً ليجربها في بيته .
إن هناك تجارب عالمية رائعة لدول نهضت سريعاً بإقتصادها ومجتمعاتها وطورتها بشكل مدروس , دول إسلامية متحضرة مثل ( ماليزيا ) . فقد أصدرت ماليزيا قراراً بمنع عقد أي زواج إلا بعد مرور المتقدمين للزواج وإقرارهم بإجتياز ( دورات في الحياة الزوجية والأسرية ) في مجال التخطيط لوضع الأهداف للحياة الزوجية والتخطيط لأساليب زيادة المودة بين الزوجين وكيفية إدارة مشكلات الزواج وإدارة الميزانية الأسرية . وقد ساعد هذا على الإقلال من نسبة الطلاق من 30% الى 7% .
إن المشكلة الأساسية في العالم العربي هو قلة المؤثرات الإقتصادية والمعرفية الصاعدة , كما أن إدارة الدولة لحياة الأسرة العربية ضعيفة في دول مثل العراق , حيث أن مؤسسات المجتمع المدني لا تقوم بالدور الكافي لإدارة حياة الأسرة العراقية وتطويرها , كما يلعب الباحثون الإجتماعيون المرتبطون بالمحاكم القضائية دوراً كبيراً في الحث على الطلاق لأنه أصبح التجارة الرابحة لديهم , وحيث ينهمك القادة السياسيون بحل المشاكل السلطوية تتفكك العائلة العراقية بعلم وبدون علم منهم , وتوضع الحلول الغريبة للعائلة العراقية فتخرج قوانين أغرب كقوانين القرون المظلمة والتي ساد فيها العرف الهولاكي التتري وليس الديني , كألقانون الذي يسمى بـ ( القانون الجعفري ) والذي يبدو أنه قد وضع لحل المشاكل الإقتصادية للفتيات اليتيمات وللإقرار بشرعية بطالة الفتيان وتقييدهم بزواجات مبكرة جداً لإدخالهم بمعمعة المشاكل الخاصة وليتركوا جانباً  المشاكل العامة وليبقى وبرأيهم الشارع نظيفاً من الفتيان المتسكعين والفتيات المتسولات والهاويات في الحضيض , وهكذا وبرأيهم أيضاً تٌحل كل مشاكل المجتمع العراقي وهم في الحقيقة يفتحون حفر الجحيم على فتيان وفتيات العراق .