المحرر موضوع: الشيوعييون والعمل الجماهيري (1)  (زيارة 419 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فلاح علي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 196
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشيوعييون والعمل الجماهيري
(1)
فلاح علي
ما أكدته تجارب الشعوب وتأريخها الحديث بشكل عام وتجربة الشعب العراقي بشكل خاص , ان الشيوعيين ليست لديهم فقط رغبة أو وجهة اومهمة موسمية للعمل والعلاقة مع الجماهير , وانما يمتلكون القناعة الثابتة المترسخة في الممارسة العملية في سلوك وثقافة وتربية ووجدان وضمير كل عضو منهم في الحزب . وان هذه القناعة منبثقة من رؤيتهم الفكرية والسياسية والتنظيمية التي تؤكد على أهمية وأولوية الدفاع عن مصالح الجماهير وتبني مطاليبها وتغيير واقعها الى حياة أفضل نحو التقدم والازدهار وتحقيق العدالة الاجتماعية . و مما جاء في برنامج الحزب الذي أقره المؤتمر التاسع للحزب , في الصفحة الاولى في المقدمة التالي : (تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 نتيجة لتطور نضال الشعب العراقي وحركته الوطنية والديمقراطية. إنه حزب الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر، فهو حزب يضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، ويكافح لتحقيق استقلال البلاد وسيادتها الوطنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية ومن اجل التقدم الاجتماعي والاشتراكية، ويناهض استغلال الانسان لأخيه الانسان وكل أشكال الكبت والعسف والقهر، ويكافح لتحريره منها بصورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة، ولإطلاق طاقاته الخلاقة وقدراته الكامنة المبدعة.) من هذا الموقف الفكري والسياسي في رؤية الحزب لعملية التغيير وضمان مصالح الشعب والوطن , نسج الشيوعييون علاقة متميزة مع جماهير الشعب وعاشوا معها في اعمق اعماقها في المدن والارياف . وخاضوا معها النضال السياسي ذات الطابع الجماهيري , وذلك انطلاقاً من ان الجماهير هي صاحبة المصلحة في التغيير وهي أدات التغيير , كما ان الجماهير شكلت وتشكل روافد مهمه للنشاط السياسي , وبناءً على هذه الرؤية في الترابط بين النضال السياسي وضمان مصالح الجماهير وتحقيق مطاليبها وضمان حقوقها , نشط رفاق الحزب في مجالات مختلفة للعمل الجماهيري وانخرطً  مئات الشيوعيين في كل مدن العراق في النشاط في هذا الميدان , بعضهم ساهم في تأسيس منظمات جماهيرية , مثل نقابات العمال واتحادات الطلبة والشبيبة ورابطة المرأة واتحاد الجمعيات الفلاحية في الارياف واسسوا فرق رياضية , وشاركت معهم الجماهير من فئات وطبقات اجتماعية في تشييد كيان هذه المنظمات الجماهيرية وإضطلعت بدورها في المجتمع واسهمت في النشاط السياسي الجماهيري , كما ان هناك المئات من الشيوعيين أصبحوا اعضاء في منظمات جماهيرية اخرى ونشطوا فيها مثل نقابات المعلميين والحقوقيين والفنانيين والمثقفين والمهندسيين واصحاب المهن الحرة ..... الخ . وناضل الشيوعييون في هذا الحقل الجماهيري الهام وقدموا تضحيات جسام من اجل تحقيق مطاليب هذه الفئات والطبقات الاجتماعية وضمان حقوقها وحرياتها وتضمينها في قوانين وتشريعات .
وأكد برنامج الحزب الذي أقره المؤتمر التاسع على الحقيقة التالية : (وينحاز الحزب الشيوعي العراقي إلى عالم العمل وقيمه، وإلى العاملين بسواعدهم وأفكارهم. وهو يرى أن الدفاع عن مصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تعرّضاً للتهميش والاضطهاد والاستغلال، هو الطريق المفضي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.) ان العمل الجماهيري قد احتل موقعاً اساسياً في نشاط الشيوعيين ولم يثبت  فقط في برامج وخطط الحزب, وانما تجسد في الممارسة العملية في نضاله اليومي وذلك انطلاقاً من فكر واهداف الشيوعيين في تحقيق مصالح الجماهير ولتطوير نضالها وزيادة وعيها ولأنتزاع حقوقها المدنية والمهنية الاقتصادية والاجتماعية المشروعة . يدرك الشيوعيين ان النضال الجماهيري له مفهوم واسع كما انه يكتسي بعدا سياسيا, فهو موجه أساسا ضد استغلال الجماهير ومصادرة حقوقها وحرياتها وعدم تلبية مطاليبها لتحسين اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية وحل مشكلة البطالة وتوفير الخدمات والضمان الاجتماعي والحياة الكريمة ... الخ , من هذا كانت الانظمة الدكتاتورية تشدد على مصادرة الحقوق والحريات بما فيها حرية التظاهر , وتمارس سياسة الاضطهاد والتنكيل وملاحقة الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين لأنها تدرك بشكل جيد ان الحزب هوراس حربة النضال الجماهيري وهو بوصلة نضالها والداينمو المحرك لهذا النشاط, وكماانها تدرك ان الحزب يسعى ويعمل على توجيه هذا النضال الجماهيري المطلبي لتحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في اتجاه التغيير الديمقراطي  , ان الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية والطائفية والقومية اللاديمقراطية تفهم تماماً ان الحزب  قادر على  فك شفرة اللغز الذي تخشاه هذه الانظمة بما فيها نظام المحاصصة الطائفية والقومية من الحراك الجماهيري , واللغز يكمن في التناقض بين مصالح الجماهير ومصالح النظام او الكتل المسيطرة على السلطة السياسية , هذا من جانب ومن جانب آخر نجد ان الانظمة الاستبدادية اللاديمقراطية  تسعى الى ديمومة تضليل الجماهير وتجهيلها للسيطرة عليها وقيادتها , لأنها تخشى من التغيير الديمقراطي . لهذا مرالنشاط الجماهيري بأزمات طالت مدتها خلال فترة النظام الدكتاتوري المقبور لأسباب يعرفها الجميع وبعد السقوط في عام 2003 واجهه الشيوعييون واليساريون والديمقراطيون والمنظمات الجماهيرية صعوبات كبيرة وتعثروا في اطلاق مبادرات الجماهير في النشاط السياسي الجماهيري , بعد ان حققوا نجاحات في مراحل سابقة لاقت تأيداً جماهيرياً ووطنياً واسعاً ,وعلى سبيل المثال للتأكيد على مضايقة نظام المحاصصة الطائفية للمنظمات الجماهيرية. أصدر رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري القرار رقم 8750 بمصادرة اموال الاتحاد العام لنقابات العمال , كما لم يلغي نظام المحاصصة الطائفية والقومية قرارات الدكتاتور صدام حسين المعادية للطبقة العاملة ومصالحها ومنها القرار رقم 150 لسنة 1987 , وقانون التنظيم النقابي للعمل رقم 52 لسنة 1987 ولحد هذه اللحظة يناضل اتحاد نقابات العمال لألغاء هذا القرار المجحف والمعادي لمصالح الطبقة العاملة, وهناك مضايقات كثيرة يعرفها الجميع, ان اسباب تعثر النضال الجماهيري كثيرة منها ما هو معروف هي موضوعية ومنها ما هو ذاتي  . والظروف الموضوعية هي كثيرة وضاغطة ولها فعلها القوي والتأثير المباشر على الناس وعلى نفسياتهم أول هذه الظروف الموضوعية هو نظام المحاصصة الطائفية والقومية , هذا النظام الطائفي اللاديمقراطي هو الاكثر ضغطاً ومضابقة على القوى اليسارية والديمقراطية وعلى المنظمات لجماهيرية , وهو سبب في كل أزمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية , وهو الذي أضعف النسيج الاجتماعي واشعل الحرب الاهلية في اعوام 2006 الى 2007 , وثانيهما الارهاب الذي يعتبر عامل ضاغط على نمو النشاط الجماهيري , وثالثهما المضايقة على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور , ورابعهما للصراع الاقليمي على الساحة العراقية له دور سلبي في نمو النشاط الجماهيري , حيث ان هذا الصراع الاقليمي شجع وغذى ثقافة الشحن والصراع الطائفي . لا أريد الأطالة في موضوع العوامل الموضوعية التي يعرفها الجميع فالكل يعلم بطبيعة الظرف الذي تناضل فيه قوى اليسار والديمقراطية والمنظمات الجماهيرية , ويعي مدى الصعوبات ومدى خطورتها , وهناك عوامل ذاتيه التي بأستطاعت المعنيين في العمل الجماهيري التحكم فيها  والتخلص من ثغراتها وايجاد حلول لها  ومع وجود هذه العوامل الموضوعية الضاغطة الا ان الحركة الجماهيرية الشعبية العراقية استطاعت ان تكسر هذا الحصار المفروض عليها طيلة عقد من السنيين وبالتحديد استطاعت الحركة الجماهيرية الشعبية في يوم 25-2-2011 من كسر حصار ومضايقات نظام  المحاصصة الطائفية والقومية عليها . أنقل في هذه المقالة ما جاء في التقرير السياسي المقدم الى المؤتمر الوطني التاسع للحزب حول النضال الجماهيري المطلبي الشعبي الذي تجلى في الحركات الاحتجاجية الشعبية الواسعة  حيث جاء في التقرير السياسي التالي :
الحركة الاحتجاجية وانتهاك الحريات الدستورية :
(تواصلت في انحاء البلاد الاعتصامات والتظاهرات والفعاليات الاحتجاجية والمطلبية باشكال وصيغ مختلفة. ولم يأت ذلك بمعزل عن اللوحة السياسية المعقدة في بلادنا، والازمة البنيوية وحالة الاستعصاء القائمة ، وعجز الكتل المتنفذة عن التوصل الى توافقات على حلول ومخارج لها. كما لا يمكن فصله عن المعاناة المتواصلة - المعيشية والخدمية والحياتية للمواطنين، منذ نيسان 2003. تضاف إلى ذلك مساعي التضييق على الحريات العامة وثلم هامش الديمقراطية، وتكريس المحاصصة المقيتة ، و تكميم الأفواه، في مخالفة صريحة وواضحة للدستور الذي باتت مواده، هي الاخرى، عرضة لتفسيرات الكتل على وفق هواها ومقاساتها,الى جانب تردي الاوضاع الامنية.ان حق المواطن في التظاهر وإبداء الرأي والتعبير عن المواقف، حق دستوري يفترض ان تهيأ كافة مستلزمات تطبيقه، وان توفر الحكومة وأجهزتها الحماية الكافية لمن يمارسه من المواطنين.) كما جاء في التقرير العبارة التالية : ( الا ان سلوك الحكومة واجهزتها وتعاملها مع الحركات الاحتجاجية، شكلا انتهاكا للحق الدستوري في حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، ومحاولة لقمع ممارسة المواطنين هذا الحق، بعد ان تيقنوا ان الهم الاول والاخير للكتل الحاكمة المتنفذة هو الحفاظ على مصالحها، والصراع على السلطة، وتقاسم المغانم في ما بينها، من دون اكتراث بالمواطن الذي يئن تحت وطأة ظروف قاسية، في بلد تزيد موازنته السنوية على 100 ترليون دينارعراقي.) ويختتم التقرير السياسي المقدم الى المؤتمر بالعبارة التالية تحت باب الحركة الاحتجاجية : (ومن جديد نؤكد موقفنا المعروف، ونسجل انحيازنا الى الناس في تطلعاتهم ومطالبهم المشروعة، والتزامنا حقهم في التعبير ، وادانتنا أي اجراء يهدف الى التضييق على الحريات وسلب الناس حقوقها. ومن اجل ذلك نرى ضروريا ان يشرّع قانون ينظم حق التظاهر والتعبير عن الرأي بصورة ديمقراطية، ويحفظ حق الناس الدستوري، ويمنع التجاوز عليه ومصادرته من جانب السلطات التنفيذية تحت اية ذريعة . قانون يسهل التمتع بهذا الحق، وليس تكبيله بقيود جديدة .)  من وجهة نظري ما ورد في التقرير السياسي ليس مجرد موقف سياسي وفكري وانما هو ايضاً أرث الشيوعيين المتجدد في تفعيل وتوجيه العمل الجماهيري وتوطيد العلاقة مع فئات الشعب وطبقته العاملة من اجل الدفاع عن مطاليبها وحاجاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع الديمقراطي ,وتفعيل دورها لتحقيق هذه المطاليب و خوض النضال الجماهيري معها . وهذا ما تؤكده مهام الحزب الآنية والقادمة المثبته في التقرير السياسي الذي أقره المؤتمر الوطني التاسع وما جاء في الفقرة الثالثه من المهام هو التالي :
3- الانطلاق من حقيقة ان لا فاعلية لتوجهاتنا، إن لم نحولها الى نشاط جماهيري واسع، ذي شعارات ومطالب واضحة وملموسة. وهذا يتطلب تنويع انشطتنا وفعالياتنا، والانخراط في التحركات الجماهيرية، وتوسيع علاقاتنا في مواقعها: في الاحياء السكنية والمعامل والمزارع والمدارس والجامعات والمقاهي والنوادي وغيرها، في النقابات والاتحادات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، في المدن والارياف وفي كل مكان. وهذا يستلزم ضمنا استنهاض الحركة النقابية والمهنية الديمقراطية، واضفاء زخم جديد على نشاط المنظمات الطلابية والشبابية والنسائية .
( يتبع  )
3-6-2014