المحرر موضوع: الليلة خمر .. قصة قصيرة مهداة لروح الفقيد: د. سعدي المالح  (زيارة 1292 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يونأن هوزايـــا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
    • مشاهدة الملف الشخصي
الليلة خمر
قصة قصيرة مهداة لروح الفقيد: د. سعدي المالح

كتبها بالسريانية وترجمها: يونان هوزايا

(1)

"الليلة خمر وغدا امر".. قالها لأصدقائه الندامى الشاعر صاحب "قفا نبكي".. أما نحن فلم نبك بل ضحكنا حتى تطايرت الدموع من مآقينا!!.. هل نعرف وجهة الأديب الراحل "سركون بولس" في "الى مدينة أين"..-   أعتقد نعم!.. إنه كان يبحث عن "جالغي بغداد".. والمقام العراقي..  وهنا شرع فريق الـ "جالغي" يعرض مهاراته.. فمروا كظل أو غيمة فوق  مذبح الأغنية.. وإمتصوا رحيق "هذه ليلتي".. ونثروه في الفضاء..أية ليلة هذه.. التي عندما "تسكن".. يملأ جلبابها الرجاء وتختزن فيها الأحلام.. هم هللوا بصوت البوق.. وبالعود والقيثارة.. وبكل النسمات نحن هللنا للرب.. وإستمرت العوائل تتقاطر.. وإستمرت جوقة الـ جالغي تبث الروح في ثنايا الليل.. فكادت المناضد والمقاعد تهتز.. و "الأقداح والمواعين" تتمايل مع النجوم..
 
(2)

إسبوع أو أسبوعان ويشتد الألم ويحط به الرحال في بيروت.. لكنه لا يهدأ!.. أصدقاء وحوارات.. وأفكار ومشاريع.. وأسبوع أو أسبوعان.. وأشياء تغدو طقوسا يومية..فنتساءل: ما أخبار الدكتور.. هل داوم في مكتبه؟أما صديقاه الأقرب "فأيو و صفرو".. فلقاءاتهم تكررت صباح مساء، وبناءا على طلب الدكتور.. يصحب هذه اللقاءات فحص الدم، الضغط، الأدوية التي يتناولها.. ذلك المساء لم يكن كغيره.. يرن هاتف "صفرو".. إنه "فأيو"..  "قد تصل.. وقد لا تصل!!"..أطبق "صفرو" جفنيه عسى أن يكون ذلك حلما.. وعسى أن تمر هذه الكأس العلقم.. إلا أنه – وبعد هنيهات- ضرب كفا بكف.. عندما شاهد صديقه قد ترجل من صهوة جواده.. وها هو ممددا أمامه..   لم يمت أنكيدو إلا عندما إوشكت آفاق صداقته مع كلكامش أن تكتمل.. أو بعد أن صارح ذاته.. أو صارحنا ذواتنا كاصدقاء.. هكذا تنضج وتكتمل الصداقة.. حاول "صفرو" أن يقول شيئا.. إلا أن بعضهم حبذ أن لا يسمع صوته المبحوح..رابي قل ما تشاء.. أو لا تقل.. فإننا نقرأ الممحي.. وماذا تقول أهم من: "إن رواية عمكا رواية قومية"..إرتجف "صفرو" إلا إن الدكتور لم يرتجف رغم الصعقة الكهربية..عندها لاحظ أصدقائه خموده.. وانكفأت الشمس تحت الغيوم..  التفتنا الى بعضنا..  من يخبر بلدته عنكاوا الرئة التي كان يتنفس بها..

(3)

إستمر هاتفي المحمول يدق.. إنهم أهلي.. لم أعر له الأهمية.. فالصوت المرتفع للفرقة الموسيقية لن يسمح لي بسماع شيء!!.. حوالينا الأجواء إحتفالية.. كل شيء يتناغم مع أيقاعات الفرقة.. وإنتظرت أن تنتهي "يا صياد السمك"..-   هلو.. إذا كنت تسمعني فإن الدكتور قد توفى..تأكدت من الموضوع.. وظل الهاتف في يدي.. مر أمام ناظري شريط سينمي.. حلقات دراسية قي عنكاوا ومدن أخرى.. وكم من اساتذة الجامعات.. ومن الأدباء والكتاب من أبناء شعبنا شاركوا فيها.. رغم إن الثقافة والفنون يشكلان نهرا عميقا، إلا أنه إمتلك السباحين، واليوم فالذي يمتلك كل هذا الحب للغتنا وأدبنا وشعبنا الموحد.. ويتصدى لنشاطات ذات مستوى.. ذلك هو السباح.. ظل الهاتف في يدي!!.. ونظرة خاطفة لأصدقائي الثلاثة الذين معي.. لاحظت إنسجامهم مع أجواء النادي.. إلا أنني لن أنسى ما سمعت.. وعلي أن أخبرهم بما حدث..وأتركهم وأتذكر أيضا صاحب الـ "قفا نبكي"..أربيل: 9 – ايار - 2014